محمد بن عبد الله بن الإمام شرف الدين الكوكباني:
شاعر غزل، من بيت مجد وإمامة في كوكبان (باليمن) أورد المحبي نموذجا حسنا من شعره.
له (نظم كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب) و (نظم نظام العريب في لغة الأعاريب) و (ديوان شعر - خ) جمعه السيد عيسى بن لطف الله .
-الاعلام للزركلي-
مُحَمَّد بن عبد الله بن الامام شرف الدّين من أَعْيَان مُلُوك كوكبان الْمَشْهُورين بِالْفَضْلِ نَشأ فى حجر الْخلَافَة والامامة ودرج فى حجرات الْعلم والورع وَطلب الْعلم عَن جهد وجد حَتَّى انْتهى الى أقْصَى غَايَة وجد لم يزل لاهجا بطلابه مغرى باكتسابه حَتَّى الْحق الاصاغر بالاكابر وَغدا كل كَبِير لَهُ صاغر وَعقد عَلَيْهِ عِنْد ذكر الْعلمَاء بالخناصر فَمَا من فن من الْفُنُون الا وَقد بلغ غَايَته القصوى وفاز بقدحه الْمُعَلَّى ذكره السَّيِّد الْعَلامَة أَحْمد بن حميد الدّين فى كِتَابه ترويح المشوق فَقَالَ هُوَ الْعَلامَة الذى يسْتَغْرق مدحه الْكَلَام وتحفى فى قطع مَسَافَة أوراقه جاريات الاقلام وتطأطئ البلغاء رُؤْسهمْ عِنْد سَمَاعه ان نظم قَالَ النظام لَا محَالة ان جَوْهَر عقدك الْفَرد أَو نثر قَالَ الْفَاضِل انت ملك الْكَلَام ومولاه وَأَنا العَبْد أوجد قَالَ المزاح رعتنى بجدك وَقَالَ القاضى السعيد مَا أرى السعد الا بجدك وَجدك وَمَا هُوَ الا سُورَة النُّور فى الشعرا وَالْآيَة الْبَيِّنَة الَّتِى حام الافاضل يتلونها زمرا وَقد تتبع سيدى عِيسَى بن لطف الله تقاصير نظمه الذى يطْرَح عِنْده شعر ابْن مطروح ونظمها فى أحسن سلك وَهل يقوم جسم الفصاحة الا بِالروحِ رحم الله وَجهه ونضره والى سَبِيل الْجنَّة يسره فَمِنْهَا
(يَا رَاقِد اللَّيْل لم يشْعر بِمن سهرا ... أَسهرت عينى فعينى لَا تذوق كرا)
(تنام عَنى وأجفانى مؤرقة ... عبراء مَا مرها نوم وَلَا عبرا)
(سلبت عقلى وأودعت الْهوى كبدى ... يَا منيتى وملكت السّمع والبصرا)
(فأنثنى وَاضِعا كفاعلى كبد ... حرا وكفا يكف الدمع حِين جرى)
(يدنى لى الْوَهم غصنا مِنْك أعشقه ... حَتَّى أكاد أناجيه اذا خطرا)
(وَأَرْفَع الْكَفّ أَشْكُو مَا أكابده ... أَقُول أَنْت بحالى يَا عليم ترا)
(ادعو اذى جننى ليل ولى مقل ... تفيض دمعا وقلب ذاب واستعرا)
(لَا واخذ الله من اهوى بجفوته ... وَلَا ملا مثل قلبى قلبه شررا)
(وَلَا ثناه الْهوى وجدا وَلَا اكتحلت ... عَيناهُ مثل عيونى فى الدجا سهرا)
(رق النسيم لتبريح الصبابة بى ... لما انثنى ذيله من أدمعى خضرًا)
(والبرق شقّ جُيُوب السحب عَن كبدى ... والرعد حن وأبكى دمعى المطرا)
(يَا صاحبى ان لى سرا أكاتمه ... أخفيته من نسيم الرّيح حِين سرا)
(ان كنت تضمن لى أَن لاتبوح بِهِ ... سَمِعت من سرى الْمكنون مَا استترا)
(غزيل الْحلَّة الفيحاء أرشقنى ... من لَحْظَة بسهام راشها وَبرا)
(رمانى الرَّمية الاولى فَقلت بِلَا ... عمد رمانى فأصمانى وَمَا شعرًا)
(وَحين فَوق لى سهميه ثَانِيه ... بَكَيْت نفسى واستبكيت من حضرا)
هَذَا من قَول مهيار
(رمى الرَّمية الاولى فَقلت مجرب ... وكررها أُخْرَى فأحسست يَا لشر)
(بَكَيْت نفسى لعلمى أَن مقلته ... لَا يقتلنى ظلما وسوف ترى)
(ممتع الْوَصْل لَا يُرْجَى تواصله ... لوزاره الصب فى طيف لما صَدرا
(لَا تَسْتَطِيع صبا نجد اذا خطرت ... تهدى الى الصب من أكافه خَبرا)
(ربيب ملك كَانَ الله صوره ... ملكا وخيره بَين الورى الصورا)
(مهفهف الْقد لَا يطفى لظى كبدى ... الا ارتشا فى لماه الْبَارِد العطرا)
(أغن يكسر جفنيه على حور ... يذيب نفسى ونفسى تعشق الحورا)
(بدر على غُصْن بَان فى محبته ... أكاد أعشق غُصْن البان والقمرا)
(أقبل الدّرّ من عشقى لمبسمه ... لما رَأَيْت ثنايا ثغره دررا)
(عَلَيْهِ كل هِلَال ينحنى أسفا ... وكل بدر حَيا من وَجهه استترا)
(والنرجس الغض غض الطّرف حِين رنا ... واحمر ورد الربى من خَدّه خضرًا)
(ذكرته حِين فاحت لى معنبرة ... ريح الصِّبَا وسرى لى سرها سحرًا)
(يأيها الْقَمَر السارى اذا خطرت ... اليك عَيناهُ واستحل بك السمرا)
(أبلغه يَا بدر قل مضناك أودعنى ... أهْدى اليك سَلاما طيبا عطرا)
(يمسى سميرى ويبكى من صبابته ... شوقا اليك ويرعى الانجم الزهرا)
(عَسى أَخُوك اذا أخْبرته خبرى ... يرثى لحالى فحالى شجو من نظرا)
وَله سامحه الله تَعَالَى
(نسمات النسيم من نعْمَان ... وابتسام الوميض باللمعان)
(سعرا نَار مهجتى وأنارا ... شجو قلبى وهيجا أشجانى)
(ذكرانى بعصر وصل تقضى ... آه لهفى لفوت مَا ذكرانى)
(هَا شبابى مضى وَمَا نلْت وصلا ... أَيْن منى شباب عمر ثانى)
(يَا خليلى خليانى فَمَا بى ... من غرام أذاب قلبى كفانى)
(لَا تحلا باللوم عقد عهودى ... واعذرانى بِاللَّه أَو فاعذلانى)
(فبسمعى من ذَلِك اللوم وقر ... قد أجبْت الغرام لما دعانى)
(قسما بِالْحَطِيمِ وَالْحجر وَالْبَيْت الْعَظِيم الْمقبل الاركان ... )
(وبمن حل عقد عهدى وَمن قد ... حل منى هَوَاهُ كل مَكَان)
(وبعصر الشَّبَاب عذر التصابى ... وعفافى اذا وصلت الغوانى)
(وبعصيانى الملام مُطيعًا ... لغرامى وَهَذِه أيمانى)
(اننى قد حملت من مثقلات الصد مَالا يطيقه الثَّقَلَان ... )
(يَا مرِيدا لسلوتى كف عَنى ... فَعَن الْحبّ لَيْسَ يثنى عنانى)
(انا حلف الْهوى رَضِيع الصبابات حلف الغرام والأشجان ... )
(بَين قلبى وسلوتى مثل مَا بَين حسان الْوُجُوه والاحسان ... )
(فاسترح عاذلى ودعنى أعانى ... من تباريح لوعتى مَا أعانى)
(لَا تلمسنى وَمثل نَفسك عاملنى فان الانسان كالانسان ... )
(أَنْت بدرى وان تجاهلت مَا يفعل وجد بذى هوى ولهان ... )
(لست لَا والغرام تجْهَل شَأْنًا ... لمحب وان تجاهلت شانى)
(أَنْت اما مغالط لى والا ... فغيور أَو حَاسِد أَو شانى)
وَمن // جيد شعره // قَوْله
(يَا طلعة الْبَدْر فى ديجور اغلاس ... وَيَا هلالا على غُصْن من الآس)
(يَا من كتمت الْهوى صونا لَهُ فاذا ... فاهوا بِذكر اسْمه غالطت جلاسى)
(يَا من اذا ضربت فى حبه عنقى ... مَا مَال الا اليه مسرعا راسى)
(يَا منية الْقلب مَا عَنى أَتَاك فقد ... أوحشتنى يَا حبيبى بعد ايناس)
(فقد أتانى حَدِيث مِنْك آربنى ... وَزَاد وَالله من همى ووسواسى)
(أذاب نفسى مِمَّا جَاءَ مِنْك فَلَو ... لَا أدمعى أحرقتنى نَار أنفاسى)
(وَحين عَايَنت صبرى عَنْك مُمْتَنعا ... وَبت أتضرب أَخْمَاسًا بأسداس)
(كتبت وَالِد مَعَ يمحو مَا تخط يدى ... حَتَّى بَكت لى اقلامى وقرطاسى)
(فاعطف على مستهام عاشق دنف ... بَين الرَّجَاء لطيف مِنْك والياس)
(مَاذَا الصدود الذى مَا كنت آنفة ... مَتى يلين لما بى قَلْبك القاسى)
(لَو ان لى سَاعَة أَشْكُو عَلَيْك بهَا ... حالى وَقد نَام حسادى وحراسى)
(مالى أملك نفسى من يعذبها ... بالصد عَنى ومالى أذكر النَّاس)
(يَا نَاس هَل لى مجير من هوى رشأ ... مهفهف كقضيب البان مياس)
(أذاب قلبى وسل النّوم من مقلى ... بفاتن فاتر الاجفان نُعَاس)
(من لى بزورته جنح الظلام وَقد ... غَابَ الرَّقِيب ونامت أعين النَّاس)
(أَمْسَى أعانقه ضما الى كبدى ... مَا فى العناق وَمَا فى الضَّم من باس)
(وأنثنى عِنْد رشفى خمر مبسمه ... شكرا وأسكر من مَا رِيقه الكاسى)
(عَسى الذى قد قضى بالحب يجمعنا ... يَا طلعة الْبَدْر فى ديجور أغلاس)
وَقَوله
(نفسى الْفِدَاء لشادن ... مر الجفا حُلْو المراشف)
(قاسى الْفُؤَاد أعَار أَغْصَان النقالين المعاطف ... )
(لهبت بِنَار صدوده ... كبدى ودمع الْعين ذارف)
(وممتع كالغصن دون لِقَائِه خوض المتالف ... )
(من وَصله وصدوده ... أَنا دَائِما راج وخائف)
(فعلت بِنَا ألحاظه ... مَا تفعل الاسد الرواعف)
(متجاهل عَمَّا يقاسى فِيهِ قلبى وَهُوَ عَارِف ... )
وَله غير ذَلِك مِمَّا يروق ويشوق وَكَانَت وَفَاته فى جُمَادَى الاولى سنة عشرَة بعد الألف
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.