مُحَمَّد بن عبد الْحق بن أَبى اللطف الملقب كَمَال الدّين القدسى الحنفى كَانَ فَاضلا ظريفا رَقِيق حَاشِيَة الْعشْرَة طارحا للتكلف خليعا مَاجِنًا مَقْبُول النادرة وَكَانَ كثير الاسفار قَلما يُقيم بِبَلَدِهِ رَحل الى الْقَاهِرَة وَأقَام بهَا سِنِين عديدة واشتغل على علمائها وبرع ثمَّ سَافر الى الرّوم وَطلب تدريس الْمدرسَة العثمانية بالقدس فوجهت اليه عَن الشَّيْخ زَكَرِيَّا المصرى وَتصرف بهَا وَكَانَ ينظم الشّعْر وشعره مطبوع جيد فَمِنْهُ قَوْله من تخميس
(بدا بكأس مدام والدجا حلكا ... وَعزة النَّفس أرخت فَوْقه شبكا)
(فَقلت لما أَتَى لَا يختشى دركا ... يَا بدرتم غَدا قلبى لَهُ فلكا)
(ان كنت أبذل روحى فى الْهوى فلكا ... )
وَسمعت لَهُ قصيدة فى نِهَايَة الْحسن فَلم يعلق فى خاطرى مِنْهَا الا مطْلعهَا وَهُوَ
(أهْدى الزَّمَان الى الانام نفيسا ... فَالْحق أَن نهدى اليه نفوسا)
وَقد تقدم لَهُ ثَلَاثَة أَبْيَات فى تَرْجَمَة السَّيِّد عبد الرَّحْمَن بن النَّقِيب فى تَشْبِيه القرنفل وهى فى غَايَة الْجَوْدَة وَكَانَ اعتراه مرض الفواق وَهُوَ قادم فى طَرِيق الرّوم لشدَّة الْبرد ففى ثانى يَوْم من دُخُوله الْبَيْت الْمُقَدّس توفى وَكَانَت وَفَاته فى أَوَاخِر ذى الْقعدَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَألف وَقد بلغ من الْعُمر سِتِّينَ سنة.
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.