فخر الدين بن قرقاس بن معن الدرزي
تاريخ الولادة | 980 هـ |
تاريخ الوفاة | 1043 هـ |
العمر | 63 سنة |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
الامير فَخر الدّين بن قرقاس بن معن الدرزى الامير الْمَشْهُور من طَائِفَة كلهم أُمَرَاء ومسكنهم بِلَاد الشّرف وَلَهُم عراقة قديمَة ويزعمون ان نسبتهم الى معن بن زَائِدَة وَلم يثبت وَكَانَ بعض حفدة فَخر الدّين حكى لى عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول أصل آبَائِنَا من الاكراد سكنوا هَذِه الْبِلَاد فَأطلق عَلَيْهِم الدروز بِاعْتِبَار الْمُجَاورَة لَا أَنهم مِنْهُم وَهَذَا أَيْضا غير ثَابت فانهم منشأ زندقة هَذِه الْفرْقَة وكثرتهم وفخر الدّين هَذَا ولى امارة الشّرف من جَانب السلطنة بعد موت أَبِيه وَعلا شَأْنه وتدرج الى أَن جمع جمعا كَبِيرا من السكبان وَاسْتولى على بِلَاد كَثِيرَة مِنْهَا صيدا وصفد وبيروت ومافي تِلْكَ الدائرة من أقطاع كالشقيف وكسروان والمتن والغرب والجرد وَخرج عَن طَاعَة السلطنة وَلما وصل خَبره إِلَى مسامع الدولة بعثوا لمحاربته أَحْمد باشا الْحَافِظ نَائِب الشَّام وَكَثِيرًا من أُمَرَاء هَذِه النواحي فَلم يقابلهم وهرب إِلَى بِلَاد الفرنج وَأقَام بهَا سبع سِنِين إِلَى أَن عزل الْحَافِظ عَن نِيَابَة الشَّام فطلع إِلَى مستقره فِي شَوَّال سنة سبع وَعشْرين وَألف وَزَاد بعد ذَلِك فِي الطغيان والاستيلاء على الْبِلَاد بلغت أَتْبَاعه إِلَى نَحْو مائَة وَألف من الدروز والسكبان وَاسْتولى على عجلون والجولان وحوران وتدمر والحصن والمرقب وسليمة بِالْجُمْلَةِ فانه سرى حكمه من بِلَاد صفد الى انطاكية وتنبل وَلَده الامير على وَولى حُكُومَة صفد وَكَانَ وَقع بَين فَخر الدّين وَبَين بنى سَيْفا حكام طرابلس الشَّام حروب شَدِيدَة ودهمهم مرّة فنهب طرابلس وأباد كثيرا من ضواحيها وَكَانَ سَببا لخراب هاتيك الْبِلَاد ثمَّ صاهر بنى سَيْفا هُوَ وَابْنه وتزوجا مِنْهُم وَجَاء هما أَوْلَاد وَلما ولى نِيَابَة الشَّام الْوَزير مصطفى باشا بعد عَزله عَن مصر فى سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ قَصده بعسكر الشَّام وَكَانَ الشاميون قد خامروا عَلَيْهِ فَلَمَّا وَقع المصاف بَين الْفَرِيقَيْنِ بِالْقربِ من عنجر ولى الْعَسْكَر الشامى هربا فانكسر مصطفى باشا كسرة مُنكرَة وَقبض عَلَيْهِ ابْن معن وَأَخذه بعلبك مُقَيّدا فى الْبَاطِن مطلوقا فى الظَّاهِر وبقى عِنْده الى أَن وصل الْخَبَر الى دمشق فَاجْتمع علماؤها وكبراؤها وذهبوا الى ابْن معن ورجوا مِنْهُ فكاكه فَأطلق سَبيله وَقدم دمشق فانتقم مِمَّن كَانَ السَّبَب لَهُ فى الرّكُوب وَرجع فَخر الدّين الى بِلَاده وَلم يَزْدَدْ بعد ذَلِك الا عتوا وكبرا وَبَلغت شهرته الْآفَاق حَتَّى قَصده الشُّعَرَاء من كل نَاحيَة ومدحوه وَرَأَيْت مدائحه مدونة فى كتاب يبلغ مائَة ورقة وأكثرها قصائد مُطَوَّلَة وَأما المقاطيع فَلم أستحسن مِنْهَا الا هَذَا الْمَقْطُوع أنْشدهُ اياه عَطاء الله السلمونى المصرى يخاطبه بِهِ
(يراعك ان أبكيته ضحك الندى ... وعضبك ان أضحكته بَكت العدا)
(فسيمة هذاك اعْتدى قطّ رَأسه ... وسيمة هَذَا قطّ رَأس من اعْتدى)
وَلما تحقق السُّلْطَان مُرَاد مُخَالفَته وتعديه بعث لمقاتلته الْوَزير الْمَعْرُوف بالكوجك الْمُقدم ذكره وَعين مَعَه أُمَرَاء وعساكر كَثِيرَة فَركب عَلَيْهِ وَقتل أَولا ابْنه الامير عليا ثمَّ قبض آخرا عَلَيْهِ وجهزه الى طرف السلطنة فَقتله السُّلْطَان وَقد تقدم تَفْصِيل ذَلِك فى تَرْجَمَة الكوجك وَكَانَ قَتله فى سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَألف وَأنْشد بعض الادباء فى ذَلِك
(ابْن معن مَا كَانَ الا خبالا ... ضعضع الْكَوْن واستمال ومالا)
(مكن الله مِنْهُ أَحْمد باشا ... وَكفى الله الْمُؤمنِينَ القتالا)
وَرَأَيْت فى الْمَجْمُوع الذى جمعت فِيهِ مدائحه أَن وِلَادَته كَانَت فى سنة ثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَقيل فى تَارِيخ وِلَادَته خطابا لوالده
(يَا أَمِير الْجُود هنئت بِمن ... آنس الْكَوْن وَحيا الاهلا)
(قد غَدا الدّين بِهِ مفتخرا ... أرخوه فَخر دين هلا)
والدرزية طَائِفَة كَبِيرَة ينتسبون الى رجل من مولدى الاتراك يعرف بالدرزى وَقد ظهر فى زمن الْحَاكِم بِأَمْر الله العبيدى هُوَ وَرجل أعجمى يُقَال لَهُ حَمْزَة وَكَانَ الْحَاكِم لَعنه الله يدعى الالهية وَيُصَرح بالحلول والتناسخ وَيحمل النَّاس على القَوْل بذلك وَكَانَ حَمْزَة والدرزى مِمَّن وافقوه وأظهروا الدعْوَة الى عِبَادَته وَالْقَوْل بِأَن الاله حل فِيهِ وَاجْتمعَ عَلَيْهِمَا جمَاعَة كَثِيرَة من غلاة الاسماعيلية فثار عَلَيْهِم عوام المصريين فَقتلُوا أَكْثَرهم وَفرقُوا جمعهم وَذكر صَاحب مرْآة الزَّمَان أَن الدرزى الْمَذْكُور كَانَ من الباطنية مصرا على ادِّعَاء الربوبية للْحَاكِم لعنهما الله تَعَالَى وصنف لَهُ كتابا ذكر فِيهِ أَن الاله حل فى على وان روح على انْتَقَلت الى أَوْلَاده وَاحِدًا بعد وَاحِد حَتَّى انْتَقَلت الى الْحَاكِم وَتقدم بذلك عِنْد الْحَاكِم وفوض اليه الامور بِمصْر ليطيعه النَّاس فى الدعْوَة وَأَنه أظهر الْكتاب فثار عَلَيْهَا الْمُسلمُونَ وَقتلُوا جماعته وَأَرَادَ واقتله فهرب مِنْهُم واختفى عِنْد الْحَاكِم فَأعْطَاهُ مَالا عَظِيما وَقَالَ لَهُ اخْرُج الى الشَّام وانشر الدعْوَة هُنَاكَ وَفرق المَال على من أجَاب الدعْوَة فَخرج الى الشَّام وَنزل بوادى تيم الله بن ثَعْلَبَة غربى دمشق من أَعمال بانياس فَقَرَأَ الْكتاب على أَهله واستمالهم الى الْحَاكِم وَأَعْطَاهُمْ المَال وَقرر فى نُفُوسهم التناسخ وأباح لَهُم الْخمر وَالزِّنَا وَأخذ يُبِيح لَهُم الْمُحرمَات الى أَن هلك لَعنه الله تَعَالَى فَهَذَا أصل وجود الدروز والتيامنة فى هَذِه الْبِلَاد وَأما القَوْل فيهم من جِهَة الِاعْتِقَاد فهم والنصيرية والاسماعيلية على حد سَوَاء والجميع زنادقة وملاحدة وَقد صرح قاضى الْقُضَاة ابْن الْعِزّ وَالشَّيْخ برهَان الدّين بن عبد الْحق من الْحَنَفِيَّة وَالشَّيْخ صدر الدّين بن الزملكانى وَالشَّيْخ البلاطنسى وَالشَّيْخ جمال الدّين الشربينى من الشَّافِعِيَّة وَالشَّيْخ صدر الدّين بن الْوَكِيل من الْمَالِكِيَّة وَالشَّيْخ تقى الدّين بن تَيْمِية من الْحَنَابِلَة فى فتاويهم وَغَيرهم ان كفر هَؤُلَاءِ الطوائف مِمَّا اتّفق عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ وان من شكّ فى كفرهم فَهُوَ كَافِر مثلهم وانهم أكفر من الْيَهُود وَالنَّصَارَى لانهم لَا تحل مناكحتهم وَلَا تُؤْكَل ذَبَائِحهم بِخِلَاف أهل الْكتاب وانهم لَا يجوز اقرارهم فى ديار الاسلام بجزية وَلَا بِغَيْر جِزْيَة وَلَا فى حصون الْمُسلمين وَجزم الشَّيْخ ابْن تَيْمِية بِأَنَّهُم زنادقة وانهم أَشد كفرا من الْمُرْتَدين لانهم يَعْتَقِدُونَ تناسخ الارواح وحلول الاله فى على وَالْحَاكِم وَمن طالع كتبهمْ عرف حقيقتهم الخبيثة فان فِيهَا مَا يستبشع جدا وَمن جملَة معتقداتهم ان الالهية لَا تزَال تظهر فى شخص بعد شخص كَمَا ظَهرت فى على وشمعون ويوسف وفى غَيرهم بِأَنَّهَا ظَهرت بعد ذَلِك فى الْحَاكِم وَأَن كل دور يظْهر فِيهِ اله وَيَقُولُونَ هُوَ الْآن ظَاهر فى مشايخهم الَّذين يسمونهم العقال ويجحدون وجوب الصَّلَاة وَصَوْم شهر رَمَضَان وَالْحج ويسمون الصَّلَوَات الْخمس بأسماء غَيرهَا ويوالون من تَركهَا ويجعلون أَيَّام شهر رَمَضَان أَسمَاء ثَلَاثِينَ رجلا ولياليه أَسمَاء ثَلَاثِينَ امْرَأَة وَهَكَذَا يَقُولُونَ فى سَائِر الشَّرِيعَة المطهرة وَيُنْكِرُونَ قيام السَّاعَة وَخُرُوج النَّاس من قُبُورهم وَأمر الْمعَاد وَيَقُولُونَ بتناسخ الاروح وانتقالها الى أبدان الْحَيَوَانَات وان من ولد فى تِلْكَ اللَّيْلَة انْتَقَلت روح من مَاتَ فِيهَا اليه وَيَقُولُونَ ان الْعَالم أَرْوَاح تدفع وَأَرْض تبلع وَبِالْجُمْلَةِ نعتقدهم ضلال كُله وانما ذكرت حَالهم وأطلت فِيهِ لِكَثْرَة تشعب الآراء فيهم فَهَذَا يُقرر مَا هم عَلَيْهِ فى الاذهان وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق والشقيف بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْقَاف وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة تَحت ثمَّ فَاء وَيعرف بشقيف أرنون بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء الْمُهْملَة وَضم النُّون وَسُكُون الْوَاو ثمَّ نون فى الْآخِرَة قَالَ فى الْمُشْتَرك وَهُوَ اسْم رجل أضيف الشقيف اليه وَيعرف أَيْضا بالشقيف الْكَبِير وَهُوَ حصن بَين دمشق والساحل بعضه مغارة منحوتة فى الصخر وَبَعضه لَهُ سور وَهُوَ فى غَايَة الحصانة وعَلى الْقرب مِنْهُ شقيف آخر يعرف بشقيف تبرون بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة فَوق وَسُكُون الْبَاء وَضم الرَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وَنون فى الْآخِرَة وهى قلعة حَصِينَة من جِهَة الاردن على مسيرَة يَوْم من صفد فى سمت الشمَال قَالَ فى مسالك الابصار وَلَيْسَت من بِلَاد صفد وَأهل هَذَا الْعَمَل رافضة وَالله أعلم
- خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.