محمد بن عبد الله بن أبي عامر محمد المعافري القرطبي

المنصور أبي عامر

تاريخ الولادة326 هـ
تاريخ الوفاة393 هـ
العمر67 سنة
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • إشبيلية - الأندلس
  • غرناطة - الأندلس
  • قرطبة - الأندلس

نبذة

ابْنُ أَبِي عامر : المَلِكُ المَنْصُوْرُ، حَاجِبُ المَمَالِكِ الأَنْدَلُسِيَّةِ، أَبُو عَامِرٍ، محمد بن عبد الله بن أبي عامر مُحَمَّدِ بن وَلِيْدٍ القحطَانِيُّ المَعَافِرِيُّ القُرْطُبِيُّ، القَائِمُ بِأَعبَاءِ دَوْلَةِ الخَلِيْفَةِ المَرْوَانِيِّ المُؤَيَّدِ بِاللهِ هِشَامِ بنِ الحَكَمِ أَمِيْرِ الأَنْدَلُسِ، فَإِنَّ هَذَا المُؤَيَّدَ استُخْلِف ابْنَ تِسْعِ سِنِيْنَ، وَرُدَّت مَقَالِيدُ الأُمُورِ إِلَى الحَاجِبِ هَذَا، فَيَعمَدُ إِلَى خَزَائِنِ كُتُبِ الحَكَمِ، فَأَبرَزَ مَا فِيْهَا، ثُمَّ أَفردَ مَا فِيْهَا مِنْ كُتُبِ الفَلْسَفَةِ فَأَحرقَهَا بِمَشهَدٍ مِنَ العُلَمَاءِ، وطَمَرَ كَثِيْراً مِنْهَا، وَكَانَتْ كَثِيْرَةً إِلَى الغَايَةِ، فَعَلَهُ تَقبِيحاً لِرَأْي المُستَنْصِرِ الحَكَمِ.

الترجمة

ابْنُ أَبِي عامر :
المَلِكُ المَنْصُوْرُ، حَاجِبُ المَمَالِكِ الأَنْدَلُسِيَّةِ، أَبُو عَامِرٍ، محمد بن عبد الله بن أبي عامر مُحَمَّدِ بن وَلِيْدٍ القحطَانِيُّ المَعَافِرِيُّ القُرْطُبِيُّ، القَائِمُ بِأَعبَاءِ دَوْلَةِ الخَلِيْفَةِ المَرْوَانِيِّ المُؤَيَّدِ بِاللهِ هِشَامِ بنِ الحَكَمِ أَمِيْرِ الأَنْدَلُسِ، فَإِنَّ هَذَا المُؤَيَّدَ استُخْلِف ابْنَ تِسْعِ سِنِيْنَ، وَرُدَّت مَقَالِيدُ الأُمُورِ إِلَى الحَاجِبِ هَذَا، فَيَعمَدُ إِلَى خَزَائِنِ كُتُبِ الحَكَمِ، فَأَبرَزَ مَا فِيْهَا، ثُمَّ أَفردَ مَا فِيْهَا مِنْ كُتُبِ الفَلْسَفَةِ فَأَحرقَهَا بِمَشهَدٍ مِنَ العُلَمَاءِ، وطَمَرَ كَثِيْراً مِنْهَا، وَكَانَتْ كَثِيْرَةً إِلَى الغَايَةِ، فَعَلَهُ تَقبِيحاً لِرَأْي المُستَنْصِرِ الحَكَمِ.
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً، حَازماً سَائِساً، غزَّاءً عَالِماً، جَمَّ المحاسن، كثير الفتوحات، عالي الهمَّة، عديم النظر، وسيأتي من أخباره في ترجمة المؤيد.

دَام فِي المَملكَة نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَدَانت له الجزيرة, وأمنت بِهِ، وَقَدْ وَزر لَهُ جَمَاعَة.
وَكَانَ المُؤَيَّد مَعَهُ صُورَةً بِلاَ معنَى، بَلْ كَانَ مَحجوباً لاَ يجْتَمع بِهِ أَمِيْرٌ وَلاَ كَبِيْر، بَلْ كَانَ أَبُو عَامِرٍ يدخُلُ عَلَيْهِ قصرَهُ، ثُمَّ يَخرجُ فَيَقُوْلُ: رَسمَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ بكذَا وَكَذَا، فَلاَ يُخَالفه أَحدٌ، وَإِذَا كَانَ بَعْد سَنَة أَوْ أَكْثَر، أَركبه فَرساً، وَجَعَلَ عَلَيْهِ بُرْنُساً، وَحَوْلَهُ جَوَارِيه رَاكبَات، فَلاَ يَعْرِفُه أَحد.
وَقَدْ غَزَا أَبُو عَامِرٍ فِي مدَّته نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ غَزْوَة، وَكثُر السَّبيُ, حَتَّى لأُبيعت بِنْتُ عَظِيْمٍ ذَاتُ حُسنٍ بعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، وَلَقَدْ جُمِعَ مِنْ غبار غزواته ما عُمِلَت مِنْهُ لَبِنَةٌ، وَأُلحدت عَلَى خَدِّه، أَوْ ذُرَّ ذَلِكَ عَلَى كَفنه.
توفِّي بِأَقصَى الثُّغوْرِ بِالبَطَنِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ جَوَاداً مُمَدَّحاً مِعَطَاءً.
وَتملَّك بَعْدَهُ ابْنُهُ أَبُو مَرْوَانَ عبد الملك.

سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي

 

 

 

 

المَنْصُور أَبُو عامِر
(326 - 392 هـ = 938 - 1002 م)
محمد بن عبد الله بن عامر بن محمد أبي عامر بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك المعافري القحطاني، أبو عامر، المعروف بالمنصور ابن أبي عامر:
أمير الأندلس، في دولة المؤيد الأموي. وأحد الشجعان الدهاة. أصله من الجزيرة الخضراء. قدم قرطبة شابا، طالبا للعلم فبرع. واستُخلف على قضاء كورة (ريه) ثم عهد إليه بوكالة السيدة صبح (أم هشام المؤيد) فولي النظر في أموالها وضياعها، وعظمت مكانته عندها. وولي الشرطة والسكة والمواريث، وأضيف إليه القضاء بإشبيليّة. ولما مات المستنصر الأموي كان (المؤيد) صغيرا، وخيف الاضطراب، فضمن ابن أبي عامر لأم المؤيد سكون البلاد واستقرار الملك لابنها. وقام بشؤون الدولة، وغزا، وفتح. ودامت له الإمرة 26 سنة، غزا فيها بلاد الإفرنج 56 غزاة، لم ينهزم له فيها جيش. وكانت الدعوة على المنابر في أيامه للمؤيد (وهو محتجب عن الناس) والملك لابن أبي عامر، لم يضطرب عليه شئ منه أيام حياته، لحسن سياسته وعظم هيبته. قال الذهبي: وكان المؤيد معه صورة بلا معنى.
وقال المستشرق رينو Reinaud (جال غزاة المسلمين تحت رايات المنصور في قشتالة وليون ونابارة وآراغون وكتلونية إلى أن وصلوا إلى غاشقونية Gascogne وجنوبي فرنسة، وجاست خيله في أماكن لم يكن خفق فيها علم إسلامي من قبل، وسقطت في أيدي المسلمين مدينة شانتياقب Santiago من جليقية Galice وهي أقدس معهد مسيحي في إسبانية) . ومات في إحدى غزواته بمدينة سالم، ولا يزال قبره معروفا فيها.
والإسبانيول يلفظونها مدينة سالي أو ثالي بالثاء. ونقل الصفدي أنه (بني مدينة الزاهرة بشرقي قرطبة على النهر الأعظم، محاكيا للزهراء، وبني قنطرة على النهر محاكيا الجسر الأكبر بقرطبة، وزاد في الجامع مثليه) . له شعر جيد. وأمه تميمية ولبعض العلماء تصانيف في سيرته، منها (كتاب) لابن حيان. ولمعاصرينا عبد السلام أحمد الرفاعيّ كتاب (الحاجب المنصور - ط) وعلي أدهم (المنصور الأندلسي - ط) .

-الاعلام للزركلي-

 

 

 

 

محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي عامر ابن محمد بن أبي الوليد بن يزيد بن عبد الملك المعافري، المنصور بن أبي عامر
معظّم الظّفر، وخدن السّعد، وملقى عصيّ الجدّ، وجوّ رياح الشهرة، وديوان فنون السياسة، وحجاج الدولة العبشميّة ، في التّخوم المغربية، المزيّ بالظّرف وكمال السّجية، والجهاد العظيم، العريق في بحبوحة بلاد الكفار، رحمه الله تعالى.
أوّليّته: دخل جدّه عبد الملك الأندلس مع طارق مولى موسى بن نصير في أول الداخلين من المغرب، وكان له في فتحها أثرا جميلا، وإلى ذلك أشار مادحه محمد بن حسان : [الطويل]
وكلّ عدوّ أنت تهزم عرشه ... وكلّ فتوح عنك يفتح بابها
وإنّك من عبد المليك الذي له ... حلى فتح قرطاجنّة وانتهابها
ونزل عبد الملك الجزيرة الخضراء لأول الفتح، فساد أهلها، وكثر عقبه بها؛ وتكررت فيهم النّباهة، وجاوروا الخلفاء بقرطبة. وكان والد محمد هذا، من أهل الدين والعفاف والزهد في الدنيا والقعود عن السلطان. سمع الحديث، وأدّى الفريضة، ومات منصرفا عن الحج بإطرابلس.
حاله: كان هذا الرجل بكر الدهر، وفائدة الأيام، وبيضة العمر، وفرد الخلق في اضطراد السّعد، وتملد العاجل من الحظ، حازما، داهية، مشتملا على أقطار السؤدد، هويّا إلى الأقاصي، وطموحا، سوسا حميّا، مصطنعا للرجال، جالبا للأشراف، مستميلا للقلوب، مطبقا المفاصل، مزيحا للعلل، مستبصرا في الاستبداد، خاطبا جميل الذكر، عظيم الصبر، رحيب الذّرع، طموح الطرف، جشع السيف، مهادي جياد العقاب والمثوبة، مهيبا، جزلا، منكسف اللون، مصفر الكفّ، آية الله، جلّ جلاله، في النّصر على الأعداء ومصاحبة الظّفر، وتوالي الصّنع.
نباهته: قال المؤرخ : سلك سبيل القضاء في أوّليّته، مقتفيا آثار عمومته وخؤولته، يطلب الحديث في حداثته. وكتب منه كثيرا، ولقي الجلّة من رجاله، ثم صحب الخليفة الحكم متحزّبا في زمرته، وولي له الأعمال من القضاء والإمامة، ثم استكفاه، فعدل عن سبيله، وصار في أهل الخدمة. ثم اختصّه بخدمة أمّ ولده هشام، فزاد بخاصّته لولي العهد، عزّا ومكانة من الدولة، فاحتاج الناس إليه، وغشوا بابه، وبلغ الغاية من أصحاب السلطان معه، إسعاف، وكرم لقاء، وسهولة حجاب، وحسن أخلاق، فاستطار ذكره، وعمّر بابه، وساعده الجدّ. ولمّا صار أمر المسلمين إليه، بلغ التي لا فوقها عزّا وشهرة.
الثناء عليه: قال: وفي الدولة العامرية، وأعين محمد على أمره، مع قوة سعده، بخصال مؤلفة لم تجتمع لمن قبله، منها الجود، والوقار، والجدّ والهيبة، والعدل والأمن، وحبّ العمارة، وتأمير المال، والضبط للرعية، وأخذهم بترك الجدل والخلاف والتّشغّب، من غير وهن في دينه، وصحّة الباطن، وشرح كل فضل، وجلب كلّ ما يوجب عن المنصور فيه.
غزواته وظهوره على أعدائه: واصل، رحمه الله، الغزو بنفسه، فيما يناهز خمسين غزوة، وفتح فيها البلاد، وخضد شوكة الكفر، وأذلّ الطواغيت وفضّ مصاف الكفّار، وبلغ الأعماق، وضرب على العدو الضرائب، إلى أن تلقّاه عظيم الروم بنفسه وأتحفه بابنته في سبيل الرغبة في صهره، فكانت أحظى عقائله، وأبرّت في الدين والفضل على سائر أزواجه، وعقد اثني عشر بروزا إلى تلقي ملوك الروم القادمين عليه مصطهرين بإلحاح سيفه، منكبّين على لثم سريره.

شعره: ومما يؤثر من شعره : [الطويل]
رميت بنفسي هول كلّ عظيمة ... وخاطرت والحرّ الكريم يخاطر
وما صاحبي إلّا جنان مشيّع ... وأسمر خطّيّ وأبيض باتر
ومن شيمتي أني على كلّ طالب ... أجود بمال لا تقيه المعاذر
وإني لزجّاء الجيوش إلى الوغى ... أسود تلاقيها أسود خوادر
فسدت بنفسي أهل كلّ سيادة ... وكاثرت حتى لم أجد من أكاثر
وما شدت بنيانا ولكن زيادة ... على ما بنى عبد المليك وعامر
رفعنا العوالي بالعوالي سياسة ... وأورثناها في القديم معافر
وبلغ في ملكه أقطار المغرب، إلى حدود القبلة ، وبمدينة فاس، إثر ولده المقلّد فتح تلك الأقطار، ونهد أولئك الملوك الكبار.
دخوله غرناطة: قال صاحب الديوان في الدولة العامرية، وقد مرّ ذكر المنصور، قومس الفرنجة بمدينة برشلونة: وهذه الأمة أكثر النصرانية جمعا، وأوسعها، وأوفرها من الاستعداد، وما أوطىء من الممالك والبلاد، وفتح من القواعد، وهزم من الجيوش. وقفل المنصور عنها، وهو أطمع الناس في استئصالها؛ ثم خصّهم بصائفة سنة خمس وسبعين، وهي الثالثة عشرة لغزواته؛ وقد احتفل لذلك، واستبلغ في النّفير، واستوفى أتمّ الأبّهة، وأكمل العدّة، فجعل طريقه على شرقي الأندلس؛ لاستكمال ما هنالك من الأطعمة، فسلك طريق إلبيرة، إلى بسطة، إلى تدمير؛ وعزم في هذه الغزوات بريل ملك فرنجة ونازل مدينة برجلونة؛ فدخلها عنوة يوم الاثنين النصف من صفر، سنة أربع وسبعين أو خمس بعدها.
قلت: وفي دخول المنصور بجيشه بلد إلبيرة؛ ما يحقق دعوى من ادّعى دخول المعتمدين من أهل الأندلس لذلك العهد؛ إذ كان يصحب المنصور في هذه الغزوة، من الشعراء المرتزقين بديوانه من يذكر؛ فضلا عن سائر الأصناف على ندارة هذا الصنف من الخدام؛ بالنسبة للبحر الزاخر من غيرهم.
والذي صحّ أنه حضر ذلك، أبو عبد الله محمد بن حسين الطّبني، أبو القاسم حسين بن الوليد، المعروف بابن العريف، أبو الوضّاح بن شهيد، عبد الرحمن بن أحمد، أبو العلا صاعد بن الحسن اللغوي، أبو بكر زيادة الله بن علي بن حسن اليمني، عمر بن المنجم البغدادي، أبو الحسن علي بن محمد القرشي العباسي، عبد العزيز بن الخطيب المحرود، أبو عمر يوسف بن هارون الزيّادي، موسى بن أبي طالب، مروان بن عبد الحكم بن عبد الرحمن، يحيى بن هذيل بن عبد الملك بن هذيل المكفوف، سعد بن محمد القاضي، ابن عمرون القرشي المرواني، علي النقاش البغدادي، أبو بكر يحيى بن أمية بن وهب، محمد بن إسماعيل الزبيدي، صاحب المختصر في اللغة، أحمد بن درّاح القسطليّ، متنبيّ الأندلس، أبو الفرج منيل بن منيل الأشجعي، محمد بن عبد البصير، الوزير أحمد بن عبد الملك بن شهيد، محمد بن عبد الملك بن جهور، محمد بن الحسن القرشي، من أهل المشرق، أبو عبيدة حسان بن مالك بن هاني، طاهر بن محمد المعروف بالمهنّد، محمد بن مطرّف بن شخيص، سعيد بن عبد الله الشّنتريني، وليد بن مسلمة المرادي، أغلب بن سعيد، أبو الفضل أحمد بن عبد الوهاب، أحمد بن أبي غالب الرّصافي، محمد بن مسعود البلخي، عبادة بن محمد بن ماء السماء، عبد الرحمن بن أبي الفهد الإلبيري، أبو الحسن بن المضيء البجلي الكاتب، عبد الملك بن سهل، الوزير عبد الملك بن إدريس الجزيري، قاسم بن محمد الجيّاني.
قال المؤرخ: هؤلاء من حفظته منهم، وهم أكثر من أن يحصوا، فعلى هذا يتبنى القياس في ضخامة هذا الملك، وانفساح هذا العزّ.

وفاته: توفي، رحمه الله، منصرفا من غزاته المسمّاة بقنالش والرّيد، وقد دوّخ أقطار قشتالة، ليلة الاثنين سبع وعشرين لرمضان عام اثنين وتسعين وثلاثمائة ، وقد عهد أن يدفن ببلد وفاته، بعد وصية شهيرة صدرت عنه، إلى المظفّر ولده، فدفن بمدينة سالم، التي بناها في نحر العدو من وادي الحجارة، وبقصرها، وقبره معروف إلى اليوم. وكان قد اتخذ له من غبار ثيابه الذي علاها في الجهاد، وعاء كبيرا بحديه، رحمه الله. وكتب على قبره هذا الشعر : [الكامل]
آثاره تنبيك عن أخباره ... حتى كأنّك بالعيان تراه
تالله لا يأتي الزمان بمثله ... أبدا ولا يحمي الثغور سواه
الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.