شفيق (بك) بن منصور (باشا) بن أحمد يكن:
عالم بالقانون والرياضيات. مولده ووفاته في القاهرة. تعلم بها، ثم في سويسرة وباريس. وتقلب في المناصب إلى أن كان (مستشارا) في محكمة الاستئناف الأهلية. له كتب، منها (علم الحساب - ط) و (حساب التفاضل والتكامل - ط) و (الدروس الحسابية - ط) و (الدروس الجبرية - ط) و (دروس الهندسة - ط) و (القوزموغرافيا - ط) وترجم (تاريخ الجبرتي) إلى الفرنسية .
-الاعلام للزركلي-
شفيق بك منصور

شفيق بك منصور 1856 – 1890م
هو من نوابغ الناشئة المصرية في القرن الماضي، ولد في القاهرة سنة 1856م، وأبوه منصور باشا يكن، فربي في مهد العز والفخار، وعني والده في تعليمه فأقام مدة في مدرسة النيل، ثم في مدرسة العباسية، ثم أتقن العربية والفرنساوية والتركية على أساتذة مخصوصين.
وسافر سنة 1869م إلى باريس مع صاحب الدولة البرنس حسين باشا كامل، عم الجناب العالي، فلم يقم فيها إلا قليلا؛ لانتشاب الحرب بين الألمان والفرنساويين سنة 1870م، فعاد إلى مصر ثم رجع منها إلى سويسرا سنة 1871م، واستقر هناك ست سنوات يشتغل في العلوم الرياضية، وكان شديد الميل إليها، ودرس العلوم الطبيعية فنال منها حظا وافرا، واشتهر بين أقرانه بحل المسائل الرياضية العويصة، ثم بما كان ينشره من هذا القبيل في مجلة المقتطف، ثم ذهب إلى باريس فأقام فيها أربع سنوات قرأ في أثنائها علم القوانين، وحاز قصب السبق وامتاز على أكثر معاصريه، بما اختص به من قوة العارضة، وطلاقة اللسان، ودقة النظر، وسداد الرأي.
فعاد إلى مصر ومحبوها يتمنون لها مئات من أمثاله، ويودون أن يكون قدوة لشبانها، فلما تشكلت لجنة تحقيق جنايات حريق الإسكندرية سنة 1883م على أثر الحوادث العرابية انتدبته الحكومة المصرية وكيلا للنائب العمومي، فأظهر من الاقتدار في المسائل القانونية وطهارة الذمة وقوة الحجة ما بهر كبار المحامين ودهاة رجال الثورة في أثناء دفاعه وشروحه ومطالبته، ولم تمض برهة حتى تشكلت المحاكم الأهلية، فتعين قاضيا في محكمة الاستئناف، ثم صار وكيلا للنائب العمومي ورئيسا لنيابة محكمة الاستئناف.
وفي سنة 1887م استقال من هذا المنصب بعد أن خدم خدما ثمينة في تنظيم المحاكم وتحسين إدارتها، فتعين سنة 1888م مستشارا في محكمة الاستئناف الأهلية، وهو يعمل في منصبه ويطالع ويؤلف ويباحث ويحقق أصابته علة في عينيه حالت بينه وبين مطامعه، فشخص في ربيع عام 1890م إلى أوروبا لمعالجتهما، على أن يعرج في أثناء عودته بالآستانة ويقترن بكريمة البرنس عبد الحليم باشا، فأصابه وهو في أوروبا داء حار فيه شاركو وبوشار وغيرهما من نخبة أطباء تلك القارة، حتى قطعوا الأمل من شفائه، فأشاروا بعودته إلى مصر، فعاد فخفت وطأة المرض بدون علاج حتى نال الشفاء، لكنه ما لبث أن انتكس داؤه وعز شفاؤه حتى توفاه الله في 15 نوفمبر سنة 1890م وهو في الرابعة والثلاثين من عمره؛ فبكاه الناس لعلمه وذكائه، ولما كانوا يرجونه من أعماله وخدمه للعلم والإدارة.
على أنه ترك آثارا لا يزال أهل القطر ينتفعون بها إلى اليوم، فضلا عن انتفاعهم بما كان ينشره من نفثات أقلامه في المقتطف وغيره، وما كان يبثه بين ظهراني قومه من روح النشاط والسعي في طلب العلم.
ومن مؤلفاته كتاب التفاضل والتكامل بسط فيه قواعد هذا الفن بسطا يقربه من أفهام الطلبة، وله كتب في مبادئ الحساب والجبر والهندسة والقوسموغرافيا، اقترحت الحكومة المصرية عليه تأليفها لتدريسها في مدارسها، فكانت عمدة هذه الدروس في كل مدارس مصر.
ونقل كتاب رياض المختار وكتاب إصلاح التقويم من التركية إلى العربية، وكلاهما لصاحب الدولة مختار باشا الغازي، واشتغل في تطبيق الموسيقى العربية على العلامات الإفرنجية، وألف في ذلك رسالة مسهبة لم تنشر، وله رسالة في الفرنساوية طبق فيها الجبر على بعض المسائل الفقهية، واشتغل في شرح القانون المدني وغير ذلك.
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر، تأليف جُرجي زيدان، ج/2 – ص: 201 – 203.