بديع الدين المدار الحلبي المكنبوري
تاريخ الوفاة | 844 هـ |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
الشيخ الكبير المعمر بديع الدين المدار الحلبي المكنبوري
الشيخ الكبير المعمر بديع الدين المدار الحلبي المكنبوري أحد مشاهير الشيوخ بأرض الهند ينسبون إليه من الوقائع الغريبة ما يأباه العقل والنقل، ويتنافى مع الشريعة وعقيدة التوحيد قيل إنه ولد بحلب سنة عشرين أو خمسين ومائتين من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وكان من أولاد أبي هريرة الصحابي المشهور ينتهي إليه نسبه باثنتي عشرة واسطة وقيل إنه من أولاد سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقيل غير ذلك.
في أعراسنامه: السيد بديع الدين شاه مدار ابن السيد علي الحلبي ابن السيد محمد بن عيسى بن عبد الله بن سليمان بن عبد الملك بن إسحاق بن طاهر بن عبد الرحمن بن قاسم بن ليس- هكذا في الأصل- ابن أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن زيد الفتاح بن الامام محمد الباقر عليه وعلى جده السلام.
قالوا إنه أخذ الطريقة عن الشيخ طيفور الدين الشامي عن الشيخ عين الدين الشامي عن الشيخ زين الدين المصري عن الشيخ عبد الأول السجاوندي عن الشيخ أبي الربيع المقدسي عن الشيخ عبد الله عبد الرشيد علمدار المكي عن الامام أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، كما في مهرجان تاب.
قال الشيخ أشرف بن إبراهيم السمناني في بعض رسائله إن بديع الدين كان أويسياً وإني لقيته وسافرت معه إلى الحرمين الشريفين مرة فوجدت عنده علم الكيمياء والريمياء والسيمياء والهيمياء وغيرها من العلوم الغريبة وشاهدت فيه من غرائب الآثار ما لم يكن في غيره من الأولياء، وكان له حظ وافر من السكر، انتهى، كما في لطائف أشرفي.
وقال القاضي محمود المدقق الكنتوري في الحالية: المدار هو الراسخ في العلم بذات الله وصفاته بتعليمه تعالى إياه بواسطة وبغير واسطة لثبوت المدارية للقطب المدار الذي هو الغوث الأعظم نظير لخاتم الأنبياء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم ذكر الكنتوري معنى المدارية وفصلها بما لا نذكره خوفاً من الإطالة، ثم قال فثبتت المدارية للقطب المدار أعنى السيد بديع الدين الذي هو ممن عليهم مدار العالم وهم القطب ومن بينهم القطب المدار، قال عليه الصلاة والسلام في حقهم إني لأعرف أقواماً منزلتي عند الله ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء لمكانتهم عند الله هم المتحابون في الله، إلى غير ذلك.
وأما خرافات المدارية فلا تسأل عن ذلك، قالوا: إنه ولد ببلدة حلب ثم اختلفوا في سنة ولادته فقيل عشرين أو خمسين ومائتين، وقبل اثنين وأربعين وأربعمائة، وعمر إلى ستمائة سنة أو أربعمائة سنة تقريباً، وقالوا إنه قرأ العلم على حذيفة الشامي وبرع في الكيمياء والسيمياء والريمياء والهيمياء وغيرها من العلوم الغريبة في الرابعة عشرة من سنه، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار ودخل الهند فأقام بها أياماً قليلة ثم رجع إلى بلاده وركب الفلك فغرقت في البحر وأنجاه الله سبحانه من تلك المهلكة فوصل إلى جزيرة غير معروفة ووجد فيها عبداً من عباد الرحمن فأطعمه لقيمات من يده وبشره بأنه لا يجوع أبداً ثم ألبسه الخرقة وقال: إنها لا تخلق ولا تبلى أبداً وإنها لا تتوسخ أبداً، وكان ذلك العبد رأس الملائكة اسمه سنتحنيثا، ثم وصل إلى الهند فأقام بها أياماً قليلة ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وذهب إلى الكاظمين ثم إلى بغداد ثم إلى النجف ورزق الله السيدة
نصيبة أخت السيد الإمام عبد القادر الجيلاني أولاداً ببركته ثم دار الأرض ودخل الهند مرة ثالثة ووصل إلى أجمير فلقي بها الشيخ معين الدين حسن السجزي وأقام بها قليلاً ثم رجع إلى المدينة المنورة واعتكف بها فأمره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يذهب إلى الهند فسافر إلى خراسان وبلاد العجم وتفرج بها وسلب منصب القطبية عن الشيخ نصير الدين لأنه لم يحضر عنده وتكبر ثم لما اعتذر إليه أعطاه، ثم قدم الهند ودخل كالبي فحضر لديه
القادر بن محمود أمير تلك الناحية وكان عماد الملك ملك الجن بواباً للشيخ المدار فمنعه عن الدخول عليه فرجع خائباً وأمر أن يخرج الشيخ من بلدته فخرج وغضب عليه فظهرت على جسم قادر شاه نفاطات فذهب قادر شاه إلى شيخه سراج الدين فلحس سراج الدين نفاطاته بلسانه فبرأ قادر شاه، ولما سمع الشيخ المدار ذلك غضب على سراج الدين فاشتعل جسمه ناراً حتى مات، ثم دخل الشيخ المدار بلدة جونبور فاستقبله إبراهيم الشرقي ملك الشرق وبايعه القاضي شهاب الدين الدولة آبادي ملك العلماء ثم سافر إلى كنتور فبايعه الشيخ محمود المدقق الكنتوري ثم ذهب إلى بلدة سورت ثم إلى أرض الحجاز فحج وزار ثم رجع إلى الهند ودخل مكنبور وكان بها غدير مفعم من الماء يسمع منه يا عزيز فلما وصل إليه المدار خاض الماء فلم يسمع بعد ذلك منه الصوت فبنى زاوية له في تلك الأرض وسكن بها وصدرت منه كرامات غريبة، انتهى ما في تذكرة المتقين لأمير حسن
المكنبوري.
وفي رسالة الشيخ عبد الباسط القنوجي أن الشيخ المدار لم يكن له حاجة إلى الأكل والشرب لالتذاذه بقرب الله سبحانه وكان لا يمسه النوم ولا يطرأ على ملبسه الدرن ولا يقع على جسمه الذباب وكانت تلوح على وجهه أنوار الله سبحانه فمن يراه يرى في وجهه جمال الله ولذلك يضطر إلى السجدة له، وكان الشيخ المدار يسدل على وجهه سبعة نقب ويعتزل عن الناس إلا في أوقات معينة، وكان يحيي الموتى بإذن الله ويبرئ الناس من الأمراض
الصعبة وينجح حوائجهم وينصب الأقطاب في نواحي الأرض وفيضانه يصل إلى أهل السماء كما يصل إلى أهل الأرض، والعالم كله تحت قدرته والله سبحانه يمحو قدره عن اللوح المحفوظ ويعزل الملائكة عن المناصب بقوله، إلى غير ذلك من الخرافات.
وقال الشيخ محمد أفضل بن عبد الرحمن العباسي الإله آبادي في بعض رسائله مما يجب أن يعلم في هذا المقام أن بعضاً من العلماء الكرام والعرفاء العظام وإن طعنوا في هذه السلسلة لكن طعنهم راجع إلى ما اعتاده جهلة هذه الطريقة من ترك ستر العورة وارتكاب الملاهي والمناهي.
ذكر في الكتاب الموسوم بكلزار أبرار أن هذه البدعة يعني ترك ستر العورة وأمثال ذلك حدثت في هذه الطائفة في النصف الآخر من المائة العاشرة وإلا ففي عهد الشيخ بديع الدين الملقب بشاه مدار كان التحاشي عن مخالفة ظاهر الشريعة وإفشاء أسرار الوحدة في الدرجة القصوى، ومنشأ شيوع هذه البدعة الطائفة أنه لما كان التجريد الصوري في هذه السلسلة شرط الإنابة والإجازة اكتفى أكثر، خلفاء هذه السلسلة بستر العورة وبطعام يأكلونه في كل يوم مرة ويتحاشون من جميع أجناس اللباس وألوان المأكول ويعملون بمقتضى يوم جديد ورزق جديد ويقرؤن كلمة الدنيا نوم والباقية الصوم ثم المقلدون توغلوا في ذلك حتى اكتفوا عن ستر العورة بستر العورة الغليظة إلى آخر ما ذكر في ذلك الكتاب في هذا الباب.
وذكر في حديقة الأنساب أن أرباب التشخيص اختلفوا في حق شاه مدار فرقة على أنه كان مجذوباً وخارجاً عن دائرة الشريعة والعقيدة لكن أكثر أهل التحقيق من مشايخ الهند استحسنوا مشربه ويعلمون أنه صاحب المقامات العالية، وأصحابه فرقتان: العوام فأكثرهم مائل إلى الإلحاد والزندقة، والخواص متحققون ومتخلقون بأخلاق هذه الطائفة، انتهى.
وكانت وفاته في عاشر جمادي الأولى سنة أربع وأربعين وثمانمائة وقيل سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة فدفن بمكنبور، وعلى قبره عمارة عظيمة من أبنية الملوك والسلاطين، كما في مهر جهان تاب.
الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)