شرف الدّين بن زين العابدين بن محيي الدّين بن ولي الدّين بن جمال الدّين بن القَاضِي زَكَرِيَّا بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الْأنْصَارِيّ السنيكي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَتقدم أَبوهُ الإِمَام الْجَلِيل كَانَ صَدرا من صُدُور زَمَنه مُعظما عِنْد الْعلمَاء مَقْبُول الشَّفَاعَة متقشفاً ورعاً دينا أَخذ الحَدِيث وَالْفِقْه وَغَيرهمَا عَن جمع مِنْهُم وَالِده وَأخذ عَن الشَّمْس شَوْبَرِيّ والنور الشبراملسي وَأَجَازَهُ شُيُوخه وتصدر للإقراء وَأفَاد وانتفع بِهِ خلق كثير وَألف مؤلفات عديدة مِنْهَا الطَّبَقَات ذكر فِيهَا شُيُوخه وعلماء عصره وَكَانَ لَهُ اعتناء تَامّ بِالْأَسَانِيدِ وَمَعْرِفَة الشُّيُوخ ومواليدهم ووفياتهم وَكَانَ الشبراملسي مَعَ جلالته يعظمه كثيرا وأقعد فِي آخر عمره وَانْقطع فِي بَيته فَكَانَت الطّلبَة تَأتيه وَتَأْخُذ عَنهُ وَكَانَت كتبه كَثِيرَة بِحَيْثُ أَنه اجْتمع عِنْده كتب جده شيخ الْإِسْلَام وَمن بعده من أسلافه على كثرتها وأضاف إِلَيْهَا مثلهَا شِرَاء واستكتاباً فَكَانَ إِذا أَتَاهُ أحد بِكِتَاب أَي كتاب للْبيع لَا يُخرجهُ من بَيته وَلَو بِزِيَادَة على ثمن مثله وَكَانَ حَرِيصًا على خطوط الْعلمَاء ضنيناً بهَا وَرَأَيْت بِخَط صاحبنا الْفَاضِل مصطفى ابْن فتح الله أَنه أخبرهُ أَن عِنْده من طَبَقَات السُّبْكِيّ الْكُبْرَى ثَمَانِيَة عشر نُسْخَة وَثَمَانِية وَعشْرين شرحاً على البُخَارِيّ وَأَرْبَعين تَفْسِيرا إِلَى غير ذَلِك وَلما مَاتَ تَفَرَّقت كتبه شذر مذر وَكَانَت تبَاع بالرتبيل بعد أَن كَانَ يشح بِوَرَقَة مِنْهَا قَالَ وَاتفقَ أَن شَيخنَا الْعَلامَة إِبْرَاهِيم الكوراني الْمدنِي أَرَادَ تَحْصِيل رِسَالَة لِلْحَافِظِ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي فِيمَا علق الشَّافِعِي القَوْل بِهِ على الصِّحَّة وَكَانَت مَوْجُودَة عِنْده فعول على لما تَوَجَّهت إِلَى مصر فِي استعارتها مِنْهُ وكتابتها فلازمته لأَجلهَا نَحْو شَهْرَيْن وَهُوَ يعْتَذر إليّ وَلم يُمكن تَحْصِيلهَا مِنْهُ وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ من الْعلمَاء النزهين وَكَانَت وِلَادَته فِي سنة ثَلَاثِينَ وَألف تَقْرِيبًا وَتُوفِّي فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَألف وَدفن بالقرافة الْكُبْرَى بِقرب تربة الإِمَام الشَّافِعِي عِنْد قبر جده القَاضِي زَكَرِيَّا فِي قبَّة جدوده المعروفين.
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.
شرف الدين بن زين العابدين، حفيد القاضي زكريا الأنصاري السنيكي المصري:
فاضل، من أهل مصر. له تصانيف، منها (الطبقات) ذكر فيها شيوخه وعلماء عصره. توفي في القاهرة.
-الاعلام للزركلي-