وَمِنْهُم الْمولى شمس الدّين احْمَد ابْن الشَّيْخ مصلح الدّين المشتهر بمعلم زَاده
كَانَ الشَّيْخ مصلح الدّين الْمَزْبُور من الْمَشَايِخ المقبولة فِي الدولة العثمانية على مَا ذكر مفصلا فِي الشقائق النعمانية يَنْتَهِي نسبه الى قطب العارفين وقدوة الواصلين الْعُمْدَة المفخم الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن ادهم قَرَأَ رَحمَه الله فِي اوان طلبه على الْمولى سعد بن عِيسَى بن امير خَان ثمَّ صَار معيدا لدرس الْمولى محيي الدّين المشتهر بِدَابَّة وَهُوَ مدرس باحدى الْمدَارِس الثمان وَكَانَ لَهُ عِنْده رُتْبَة جليلة ومنزلة جزيلة يحْكى انه مرض وَهُوَ يسكن فِي بعض الحجرات فعاده الْمولى المرحوم فِيهَا ثَلَاث مَرَّات وَلما صَار ملازما مِنْهُ درس اولا بمدرسة بايزيد باشا بِمَدِينَة بروسه بِعشْرين ثمَّ بمدرسة وَاجِد باشا بكوتاهيه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ بمدرسة القَاضِي الاسود بتره بِثَلَاثِينَ ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الخنجرية فِي بروسه باربعين ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الْمَشْهُورَة بمناستر فِي الْمَدِينَة المسفورة بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى مدرسة رودس بالوظيفة المزبورة ثمَّ عَاد الى مغنيسا بسبعين ثمَّ قلد قَضَاء حلب ثمَّ نقل الى قَضَاء بروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر فِي ولَايَة اناطولي وَبَقِي فِيهِ عدَّة اشهر فَنقل الى قَضَاء الْعَسْكَر فِي ولَايَة روم ايلي ودام فِيهِ خمس سِنِين كَانَ بَينه وَبَين عَطاء الله معلم السُّلْطَان مصاهرة واتصال فَحصل لَهُ بِسَبَبِهِ شَوْكَة العظمة والاقبال فنال مَا نَالَ من الامتعة والاموال وَلم يقدر اُحْدُ على الْمُعَارضَة وَالسُّؤَال الى ان اشرف الْمولى عَطاء الله جلبي على الْمَوْت والانتقال فَتحَرك عداهُ واغتنموا الفرصة على اذاه ودب عقاربهم وَقَامَ اباعدهم واقاربهم وَسعوا فِيهِ حَتَّى عزل وافل بدره لَكِن رفع من الْجِهَة الاخرى قدره فعين لَهُ كل يَوْم مِائَتَا دِرْهَم وَكَانَ الْعَادة والقانون فِي وَظِيفَة امثاله مائَة وَخمسين وَتُوفِّي فِي ربيع الاول سنة ثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَقد اناف عمره على سبعين سنة وقدا تفق مَوته على هَيْئَة مرضية وَصفَة رضية تدل على حسن خاتمته وسعادته فِي عاقبته يحْكى انه قَامَ ضحوة يَوْم فَتَوَضَّأ واسبغ الْوضُوء وَلبس الالبسة النظيفة وَصلى رَكْعَات واخذ بِيَدِهِ سبْحَة واضطجع على فرَاشه واشتغل بالتسبيح والتهليل فعاجله سهم الْمنية وَهُوَ على تِلْكَ الفعلة السّنيَّة فانتقل الى جوَار ربه الصَّمد وَلم يشْعر بِمَوْتِهِ من الْحَاضِرين اُحْدُ وَنقل جسده من هَذِه الرباع المانوسة الى حَظِيرَة فِي فنَاء مَسْجده الَّذِي بناه فِي مَدِينَة بروسه وَوَقع فِي هَذَا اتِّفَاق غَرِيب هُوَ اني كنت اكْتُبْ تَرْجَمَة الْمولى محيي الدّين المشتهر بعرب زَاده وَقد انْتَهَيْت الى قولي فِيهَا وارتحل راية عزه منكوسة الى دَار الْملك بروسه اذ جَاءَ وَاحِد من طلبته واخبرني بِمَوْتِهِ وَقَالَ هَذِه سفينته الَّتِي تذْهب الى بروسه كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا محققا كَامِلا مشاركا فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة مبرزا فِي الْفُنُون الشَّرْعِيَّة النقلية لَهُ بالفقه الفة أَي الفة قَادر على الافتاء بِغَيْر كلفة وَكَانَ لين الْجَانِب مجبولا على اللطف وَالْكَرم مطبوعا على احسن الشيم غير ان فِيهِ طَمَعا زَائِدا وحرصا وافرا سامحه الله اولا وآخرا
العقد المنظوم فِي ذكر افاضل الرّوم على هامش الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية - المؤلف: عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ.