الشيخ فريد الدين مسعود الأجودهني
الشيخ الكبير مسعود بن سليمان بن شعيب بن أحمد بن يوسف بن محمد ابن فرخ شاه
العمري الإمام فريد الدين الجشتي الأجودهني الولي المشهور، قدم جده شعيب إلى أرض
الهند في فتنة التتر، وولي القضاء بكهتوال من أعمال الملتان فتدير بها، وولد الشيخ فريد
الدين مسعود بها في سنة تسع وستين وخمسمائة وسافر إلى الملتان في صباه واشتغل بالعلم
على أساتذة عصره وقرأ النافع على مولانا منهاج الدين الترمذي، وأدرك بها الشيخ قطب
الدين بختيار الأوشي في سنة أربع وثمانين وخمسمائة فجاء معه إلى دهلي ولازمه مدة وأخذ
عنه الطريقة.
وقيل إنه لما أدرك الشيخ المذكور وأراد أن يصاحبه في الظعن والإقامة منعه الشيخ وحثه
على تكميل العلوم، فرحل إلى قندهار ولبث فيها خمس سنوات وأخذ العلم، ثم سافر إلى
البلاد، وأدرك الشيخ شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي والشيخ سيف الدين
الباخرزي، والشيخ سعد الدين الحموي، والشيخ بهاء الدين زكريا الملتاني وخلقاً آخرين من
المشايخ.
ثم جاء إلى دهلي وصحب الشيخ قطب الدين المذكور، ثم رحل إلى مدينة هانسي وأقام
بها انتي عشرة سنة واشتغل بالرياضة الشديدة والمجاهدة القوية فظهرت منه الخوارق
والكرامات والتصرفات العجيبة وتقاطر عليه الناس، فترك موضعه وذهب إلى كهتوال فلبث
بها زماناً، ثم لما ارتفع حاله وازدحم عليه الناس هاجر منها إلى أجودهن فتوطن بها يربي
المريدين ويرشد السالكين.
وكان من أكابر أولياء الله تعالى صاحب تصرفات عجيبة وجذب قوي، له في أحوال
الباطن شأن كبير بين المكاشفين مشهور في ظهور الآفاق ومذكور في بطون الأوراق، أخذ
عنه خلق كثير منهم الشيخ الإمام المجاهد نظام الدين محمد البدايوني والشيخ علاء الدين
علي الصابر الكليري والشيخ جمال الدين الخطيب الهانسوي والشيخ بدر الدين إسحاق
النهلوي.
قال محمد بن المبارك الحسيني الكرماني في سير الأولياء إن الشيخ نظام الدين قرأ عليه
سنة أجزاء من القرآن الكريم وشطراً من العوارف وكتاب التمهيد للشيخ أبي شكور
السالمي.
ومن كلامه: إن الله سبحانه يستحي من العبد أن يرفع يديه ويردهما خائبتين، ومنه: إن
الصوفي يصفو له كل شيء ولا يكدره شيء، وقال: الصوفي من رضي بالموجود ولا يسعى
بطلب المفقود، وقال: لو أردتم أن تبلغوا درجة الكبار فعليكم أن لا تلتفتوا إلى أبناء
الملوك! وقال: أرذل الناس من يشتغل بالأكل واللباس.
وبعث إلى السلطان غياث الدين بلبن كتاباً في شفاعة رجل فكتب: رفعت قصته إلى الله
ثم إليك فإن أعطتيه فالمعطي هو الله وأنت الشكور، وإن لم تعطه شيئاً فالمانع هو الله وأنت
المعذور- انتهى.
وله تعليقات نفيسة على عوارف المعارف، كما في كلزار أبراز، مات في خامس محرم الحرام
سنة أربع وستين وستمائة وله خمس وتسعون سنة، كما في سير الأولياء.
الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)