عطاء الله
تاريخ الولادة | غير معروف |
تاريخ الوفاة | غير معروف |
الفترة الزمنية | بين 879 و 979 هـ |
نبذة
الترجمة
وَمِمَّنْ فَازَ بحظ الظُّهُور وَملك مقاليد الامور واتته الرياسة منقادة وجاءه الْعِزّ والسودد فَوق الْعَادة وَعَن قريب اخلق ديباج عزه الجديدان ومزق جِلْبَاب سودده ايدي الْحدثَان فَعَاد كَأَن لم يكن شيأ مَذْكُورا وَكَانَ ذَلِك فِي الْكتاب مسطورا الْمولى عَطاء الله معلم السُّلْطَان الاعظم والخاقان الاكرم السُّلْطَان سليم خَان بن السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان
نَشأ رَحمَه الله بقصبة بركي من ولَايَة ايدين صارفا لرائح عمره فِي احراز الْعُلُوم والمعارف بِحَيْثُ لَا يلويه عَن تَحْصِيلهَا عائق وَلَا صَارف وتشرف بمجالس الافاضل ومحافل الاماثل وقرا على الْعَالم الخطير والسميدع النحرير فَخر الزَّمَان عَلامَة الاوان الْمُفْتِي ابو السُّعُود وَهُوَ مدرس بمدرسة دَاوُد باشا ثمَّ على الامام الْهمام السّري القمقام قدوة المدققين اسوة الْمُحَقِّقين الْمولى سعد الله محشي تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَهُوَ قَاض بقسطنطينة حميت عَن البلية ثمَّ صَار ملازما بطرِيق الاعادة من الْمولى المشتهر باسرافيل زَاده ثمَّ درس بلدرم خَان بقصبة مدرني بِعشْرين ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الخاتونية بتوقات بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا ثَلَاثِينَ ثمَّ بمدرسة القَاضِي حسام بقسطنطينية باربعين ثمَّ نقل بِخَمْسِينَ الى مدرسة الْوَزير الْكَبِير رستم باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة وَهُوَ اول مدرس بهَا ثمَّ عين لتعليم السُّلْطَان سليم خَان وَهُوَ يَوْمئِذٍ امير بلواء مغنيسا وَلما وصلت نوبَة السلطنة الى مخدومه علت كَلمته وَارْتَفَعت مرتبته واستقام امْرَهْ واشتعل جمره حَيْثُ بَالغ فِي أكرامه وافرط فِي اعزازه واعظامه وَكَانَ يُرَاجِعهُ فِي الامور المهمة تَارَة مُكَاتبَة واخرى مشافهة وَكَانَ يَدعُوهُ الى الدَّار العامرة ويجتمع بِهِ فِي كل شهر مرَّتَيْنِ اَوْ مرّة وَلما انتظم لَهُ الْحَال على ذَلِك المنوال وورت بِهِ زِيَادَة وَحصل مُرَاده اشْتغل بايثار حَوَاشِيه وَتَقْدِيم متعلقاته وتلاميذه واوصلهم الى المناصب الجليلة فِي الازمنة القليلة وَقدم الصغار على الْمَشَايِخ الْكِبَار وَقد اشرف روض الْفَضَائِل بذلك الى الذبول وَمَال نجم المعارف الى الافول وصغت شمس الْعلم للغروب وركدت رِيحهَا بعد الهبوب فَضَجَّ النَّاس بالتضرع والابتهال الى جناب حَضْرَة المتعال فعاجله سهم الْمنية قبل حُصُول الامنية وَحل بساحته الْمنون وَسَاءَتْ بِهِ الظنون فاضحى عِبْرَة وعظة للْعَالمين وَكَانَ مثلا وسلفا للآخرين ... من ذَا الَّذِي لَا يذل الدَّهْر صعبته ... وَلَا تلين يَد الايام صعدتته ...
وَذَلِكَ فِي اوائل صفر من سنة تسع وَسبعين وَتِسْعمِائَة بعد مَا مضى من دولته مِقْدَار خمس سِنِين وَحضر جنَازَته فِي بَيته عَامَّة الْعلمَاء والوزراء وَنزل السُّلْطَان الى الْبَاب العالي واخذ باطراف نعشه الْوَزير الْكَبِير مُحَمَّد باشا وَسَائِر الوزراء والامراء الْحَاضِرين واتوا بجنازته الى جَامع السُّلْطَان سُلَيْمَان وَصلى عَلَيْهِ الْمُفْتِي ابو السُّعُود وَدفن بزاوية الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء بِمَدِينَة قسطنطينية وَفِي غَد ذَلِك الْيَوْم ورد الامر بِالزِّيَادَةِ على وظائف ابنائه وَتَعْيِين الْوَظَائِف لعدة من خُدَّامه مَا بَين رق وحر تنيف على خمسين نفسا ويروى انه رأى قبل مَرضه فِي مَنَامه كانه قَاعد فِي صدر مجْلِس حافل بِالنَّاسِ وهم مطرقون حوله وَظهر رجل على زِيّ الصُّوفِيَّة وَبِيَدِهِ عَصا فَلَمَّا قرب من الْمجْلس توجه اليه وخاطبه فَقَالَ قُم من مجلسك يَا سيىء الادب قَالَ فَلم الْتفت اليه فكرر الْخطاب ثَانِيًا فثالثا وكررت عدم الِالْتِفَات فهجم عَليّ وضربني بعصاه الَّتِي بِيَدِهِ ورفعني من مجلسي قهرا فَلَمَّا نجوت من يَده سَأَلت بعض الْحَاضِرين عَنهُ فَقَالُوا انه الشَّيْخ محيي الدّين الاسكليبي ابوه الْمُفْتِي ابو السُّعُود فانتبهت مذعورا فَوجدت فِي يَدي ثقلة وَلم يذهب الا ايام قَلَائِل حَتَّى هجمني هَذَا الْمَرَض وَلَعَلَّ السَّبَب فِي ذَلِك مَا وَقع بَينه وَبَين الْمُفْتِي الْمَزْبُور من المعاداة والمشاجرة بِسَبَب انه ظَهرت مِنْهُ اقوال الى تَخْفيف الْمُفْتِي الْمَزْبُور وازدرائه كَانَ رَحمَه الله فَاضلا ورعا دينا ذكيا قوي الطَّبْع صَحِيح الْفِكر اصيل الرَّأْي آيَة فِي التَّدْبِير وَالتَّصَرُّف الا ان فِيهِ التعصب الزَّائِد وَقد كتب رِسَالَة تشْتَمل على فنون خَمْسَة الحَدِيث وَالْفِقْه والمعاني وَالْكَلَام وَالْحكمَة وعملت لَهَا خطْبَة سنية تَتَضَمَّن غرر المدائح اولها الْحَمد لله على جميل عطائه وجزيل نعمائه الَّتِي تقاصرت صَحَائِف الايام دون احاطة آلائه وَلما وَقع نظره عَلَيْهَا وَقع فِي حيّز الِاسْتِحْسَان الا انه لم يحصل مِنْهُ طائل وَلم يفد عَنهُ اظهار الْفَضَائِل وَلَعَلَّ ذَلِك الحرمان الصَّرِيح من الاطراء الْوَاقِع فِي المديح
العقد المنظوم فِي ذكر افاضل الرّوم على هامش الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية - المؤلف: عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ.