حسين بن محمد الدمشقي
ابن فرفرة
تاريخ الوفاة | 1067 هـ |
مكان الوفاة | تبوك - الحجاز |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
الشَّيْخ حُسَيْن بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِابْن فرفرة الدِّمَشْقِي المجذوب الصَّالح المكاشف كَانَ فِي مبدأ أمره من آحَاد الْجند الشَّامي وَتعين مُدَّة فِي بَاب قَاضِي الْقُضَاة بِدِمَشْق وَكَانَ يحضر من يطْلب إِحْضَاره للمخاصمة فاتفق أَنه عينه بعض أَرْبَاب الْحُقُوق إِلَى قَرْيَة عين ترما من قرى دمشق لاحضار رجل من أهاليها فَسَار إِلَى أَن وصل إِلَى قرب الْقرْيَة الْمَذْكُورَة فصادفته الْعِنَايَة الربانية فسلب فِي ذَلِك الْمَكَان وساح فِي تِلْكَ الدائرة مُدَّة وَظَهَرت لَهُ أَحْوَال باهرة ثمَّ سكن حَاله وَاسْتقر فِي المنارة الغربية أحد المنارات الثَّلَاث بِجَامِع بني أُميَّة واتخذها دَار مبيته وَحفظ الْقُرْآن فِي مُدَّة قَليلَة وَكَانَ يدارس بِهِ فِي السَّبع بَين العشاءين بالجامع الْمَذْكُور وَيُؤذن بالمنارة الْمَذْكُورَة للأوقات الْخَمْسَة وَكَانَ قواما بِاللَّيْلِ يقْضِي ليله فِي تِلَاوَة الْقُرْآن وَالذكر والتوحيد وَإِذا جَاءَ وَقت الثُّلُث الْأَخير يَصِيح بِصَوْت شجي وَيَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله الْملك الْحق الْمُبين مُحَمَّد رَسُول الله الصَّادِق الْوَعْد الْأمين ويكررها إِلَى أَن يطلع المؤذنون إِلَى المنارة ويبدؤون بالتسبيح والتهليل ثمَّ يُؤذن مَعَهم أَذَان الصُّبْح وَيذْهب بعد طُلُوع الشَّمْس إِلَى مَزَار بعض الصَّالِحين تَحت القلعة بِالْقربِ من جَامع يلبغا فيمكث وَحده هُنَاكَ ثمَّ يعود إِلَى المنارة الْمَذْكُورَة وَكَانَ فِي بعض الْأَحَايِين يتركع بعد الْعشَاء أَو قبلهَا فِي محراب الْحَنَابِلَة رَكْعَات كثيرات غير معتدلة وَكَانَ لَهُ نزاهة وإعراض عَن الدُّنْيَا وَرُبمَا يُعْطِيهِ بعض النَّاس شَيْئا فَيَأْخُذ مِنْهُ وَيُعْطِيه على الْفَوْر لمن يسْتَحقّهُ وَكَانَ لطيف البداهة عذب المخاطبة وَكَلَامه أَكْثَره جَوَاب وَكَانَت تعتريه أَحْوَال عَجِيبَة وحركات غَرِيبَة وَله مَنَاقِب مَشْهُورَة ومكاشفات مأثورة حدث بعض الثِّقَات عَن الْعَلامَة عبد الرَّحْمَن الْعِمَادِيّ مفتي دمشق قَالَ لما قدم الشَّيْخ يُوسُف بن أبي الْفَتْح إِلَى دمشق بعد وَفَاة السُّلْطَان عُثْمَان وَرَأس فِي دمشق كَانَ يبلغنِي عَنهُ التَّعَرُّض إِلَيّ بِبَعْض الْمَكْرُوه فَذكرت ذَلِك للسَّيِّد مُحَمَّد بن عَليّ الْمَعْرُوف بالمنير وَكَانَ من المعمر بن الصَّالِحين فَقَالَ لي الْوَقْت لحسين بن فرفرة تذكر لَهُ ذَلِك فَعرض ذَلِك عَلَيْهِ فجَاء حُسَيْن بعد يَوْمَيْنِ إِلَى درس الْمَذْكُور بالجامع الْأمَوِي والفتحي جَالس يلقِي الدَّرْس فِي الشفا للْقَاضِي عِيَاض وَمَعَهُ حرَام ملأَهُ أوخام من كناسَة الْجَامِع فَدخل ونفض مَا فِيهِ على الدَّرْس الْمَذْكُور ثمَّ خرج فَبعد شهر جَاءَ بريد يَطْلُبهُ لأمامة السُّلْطَان مُرَاد وَكَانَ أَمَامه الْمَعْرُوف بمنلا أوليا قد توفّي فِي روان فَذكر بعض خدمَة السلطنة ابْن أبي الْفَتْح وَأَنه كَانَ أَمَام الحضرة السُّلْطَانِيَّة فَأخذ من دمشق بالإكرام التَّام ثمَّ أَن الْعِمَادِيّ الْمَذْكُور قَالَ للسَّيِّد الْمُنِير ذهب الفتحي لَكِن مَا ذهبت صولته فَقَالَ لَهُ أَن الْمَقْصُود كَانَ ذَهَابه من هَذِه الْبَلدة على أَي حَالَة كَانَت وَهَذَا الأبعاد عَن الديار المقدسة إِلَى الْأَبَد وَهَكَذَا أوقع فَإِن الفتحي لم يعد بعْدهَا إِلَى دمشق وَمَات بالروم وَاتفقَ لصَاحب التَّرْجَمَة من الكرامات مَا اشْتهر انه أَتَى لدرس النَّجْم الغزى مفتي الشَّافِعِيَّة مُحدث الشَّام فِي عصره على الْإِطْلَاق وَكَانَ يقرئ صَحِيح البُخَارِيّ تَحت قبَّة النسْر من جَامع بني أُميَّة فَأخذ يُورد كلَاما خَالِيا عَن الضَّبْط وَيسْأل سُؤَالَات خَارِجَة عَن الْمَقْصُود فَقَالَ لَهُ النَّجْم اسْكُتْ فَقَالَ لَهُ بل أَنْت اسْكُتْ وَقَامَ مغضبا من مجْلِس الدَّرْس فاتفق أَن النَّجْم مرض بعد أَيَّام واعتراه طرف من الفالج فأسكت وَحضر الدَّرْس نَحْو سِتَّة أَعْوَام وَهُوَ سَاكِت ثمَّ تقرب إِلَى خاطر صَاحب التَّرْجَمَة فَانْطَلق لِسَانه بعد ذَلِك وَكَانَ يقبل يَد الْحُسَيْن وَيعْتَذر إِلَيْهِ بعْدهَا يوده وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ من أَرْبَاب الْقُلُوب وَالْأَحْوَال وَمَا زَالَ على حَالَته لَا يتَغَيَّر فِي طوره من الأطوار إِلَى أَن توجه إِلَى الْحَج فانتقل بالوفاة إِلَى رَحمَه الله تَعَالَى فِي الطَّرِيق وَدفن بِمَنْزِلَة تَبُوك وقبره ظَاهر يزوره الْحجَّاج ويتبركَون بِهِ وَكَانَت وَفَاته سنة سبع وَسِتِّينَ ألف.
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.