مالك بْن بحينة
هُوَ مَالِك بْن القشب الأزدي، من الأزد، والد عَبْد اللَّهِ بْن مَالِك ابْن بحينة، لم أجد أحدا منهم يَزِيد فِي نسب مَالِك هَذَا شيئا، وأجمعوا أَنَّهُ أزدي، وأن أمه بحينة قرشية مطلبية، من بنى المطلب ابن عبد مناف، إلا أن منهم من يَقُول: إن بحينة أم ابنه عَبْد اللَّهِ بْن مَالِك ابْن بحينة. وسنذكر عَبْد اللَّهِ بْن مَالِك بْن بحينة فِي بابه إن شاء الله تعالى، لأن لعبد الله بْن مَالِك ولأبيه جميعا صحبة، وتوفي ابْن بحينة فِي آخر خلافة مُعَاوِيَة.
الاستيعاب في معرفة الأصحاب - أبو عمر يوسف بن عبد الله ابن عاصم النمري القرطبي.
مالك بن بحينة
مالك بْن بحينة
روى حديثه حماد بْن سلمة، عن سعد بْن إِبْرَاهِيمَ، عن حَفْص بْن عَاصِم، عن مالك بْن بحينة، قَالَ: أقيمت صلاة الفجر، فقام رجل يصلي ركعتين، فأتى عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولاث بِهِ الناس، وقال: " أتصليها أربعا؟ ".
هكذا رواه شعبة، وَأَبُو عوانة، وغيرهما، عن سعد بْن إِبْرَاهِيمَ.
ورواه يونس بْن مُحَمَّد المؤدب، عن إِبْرَاهِيم بْن سعد، عن أبيه، عن حَفْص بْن عَاصِم، عن عَبْد اللَّهِ بْن مالك بْن بحينة، عن أبيه، نحوه.
والمشهور: عن عَبْد اللَّهِ بْن مالك بْن بحينة عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الصحيح: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ يَحْيَى بْنُ مَحْمُودٍ بِإِسْنَادِهِ، عن مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عن أَبِيهِ، عن حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِرَجُلٍ يُصَلِّي.." وَذَكَرَ نَحْوَهُ.
قَالَ مُسْلِمٌ: قَالَ الْقَعْنَبِيُّ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ، عن أَبِيهِ، قَالَ: وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عن أَبِيهِ خَطَأٌ.
أَخْرَجَهُ الثَّلاثَةُ وقال أَبُو عمر: هُوَ مالك بْن القِشب الأَزْدِيّ، والد عَبْد اللَّهِ بْن مالك بْن بحينة، وبحينة أمه، وهي من بني المطلب بْن عبد مناف، إلا أن منهم من يقول: إن بحينة أم ابنه عَبْد اللَّهِ، ولعبد اللَّه بْن مالك ولأبيه مالك صحبة، وتوفي ابن بحينة أيام معاوية.
أسد الغابة في معرفة الصحابة - عز الدين ابن الأثير.
مالك بن بحينة.
قال ابن عبد البرّ: لعبد اللَّه ولأبيه صحبة، وبحينة أم مالك، ومنهم من يقول: إنها أمّ ولده عبد اللَّه قال: وتوفي ابن بحينة في أيام معاوية. انتهى.
ولم يصرح بالمراد، ولكن إيراده إياه في ترجمة مالك قد يشعر بأن مراده مالك، لكنه صرح في ترجمة عبد اللَّه بأنه مراده، وهو الصواب، فقد أرّخه الجمهور في عمل مروان على المدينة، وكان ذلك في خلافة معاوية بلا ريب، وقيّد بعضهم بسنة ستّ وخمسين.
ولا أعرف لمالك شيئا يتمسك به في أنه صحابي إلا حديثين اختلف بعض الرواة فيهما هل هما لعبد اللَّه أو لمالك؟ ولا ترجم البخاري، ولا ابن أبي حاتم، ولا من تبعهما لمالك في الصحابة حتى أنّ ابن أبي حاتم رتّب آباء من اسمه مالك على الحروف، فلما ترجم حرف الباء الموحّدة بيّض، ولم يذكر أحدا.
وأوّل من ترجم لمالك بن بحينة ابن شاهين، فقال: مالك بن بحينة ولم يزد على ذلك ولم، يورد له شيئا، فتبعه ابن عبد البر كعادته، وزاد عليه ما رأيت. وها أنا أذكر شبهة من ذكره في الصحابة: قال ابن مندة: مالك بن بحينة روى حديثه سعد بن إبراهيم، عن حفص بن عاصم، عن مالك بن بحينة. والصواب عبد اللَّه بن مالك بن بحينة.
وأخرج البخاري من طريق بهز بن أسد، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن حفص ابن عاصم، عن مالك بن بحينة- أنّ النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم رأى رجلا يصلّي ركعتين، وقد أقيمت الصلاة، فقال: «أتصلّي الصّبح أربعا» ؟
وقال بعده: تابعه غندر، ومعاذ عن شعبة.
وقال ابن إسحاق، عن سعد بن إبراهيم، عن حفص، عن عبد اللَّه، وقال حماد، عن سعد، عن حفص، عن مالك.
وأخرجه مسلم عن القعنبي، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه. ومن طريق أبي عوانة عن سعد كلاهما عن حفص، عن ابن بحينة: وقال بعده: قال القعنبي: عبد اللَّه بن مالك بن بحينة، عن أبيه، وقوله: عن أبيه خطأ، بحينة هي أم عبد اللَّه: قال أبو مسعود حذف مسلم في روايته عن القعنبي قوله: عن أبيه أوّلا، ثم نبّه عليها ليبين خطأها. وأهل العراق شعبة وحماد بن سلمة وأبو عوانة وغيرهم يقولون: عن سعد، عن حفص، عن مالك بن بحينة، وأهل الحجاز يقولون: عبد اللَّه بن مالك بن بحينة، وهو الأصح.
قلت: ورواية حماد بن سلمة في هذا وقعت لنا بعلو في المعرفة لابن مندة، واختلافهم موضعين: أحدهما هل بحينة والدة مالك أو والدة عبد اللَّه، وهذا لا يستلزم إثبات صحبة مالك ولا نفيها. والثاني هل الحديث عند حفص عن مالك بن بحينة بلا واسطة، أو عن عبد اللَّه بن مالك عن أبيه أو عن عبد اللَّه بغير واسطة سواء نسبه إلى أبيه أو إلى أمه؟
أقوال أصحّها الثالث وبه جزم البخاري.
وقال النّسائي بعد أن أخرج الحديث من طريق وهب بن جرير، عن شعبة، وفيه: عن مالك بن بحينة: هذا خطأ، والصواب عن عبد اللَّه بن مالك بن بحينة.
وقال أبو مسعود أيضا خطأوالقعنبي حيثقال في روايته عن عبد اللَّه بن مالك ابن بحينة عن أبيه.
قلت: لكن وقع عند ابن مندة أنّ يونس بن محمد المؤدب وافق القعنبي، وكذا أخرجه أبو نعيم في المعرفة من طريق محمد بن خالد الواسطي، كلاهما عن إبراهيم بن سعد، ثم قال ابن مندة: والمشهور عن عبد اللَّه بن مالك بن بحينة. انتهى.
وأخرجه ابن ماجة عن أبي مروان العماني، عن إبراهيم بن سعد، فلم يقل فيه عن أبيه، ووقع الاختلاف في حديث آخر هل هو عبد اللَّه أو عن مالك؟ ففي الصحيحين من طرق عن الأعرج، عن عبد اللَّه بن بحينة حديث السهو عن التشهد الأول، منها رواية الزهري، وجعفر بن ربيعة عنه، وهي عند أصحاب السنن الثلاثة أيضا.
ومنها رواية يحيى بن سعد الأنصاري، عن الأعرج أيضا من طريق مالك عند البخاري، ومن طريق حماد بن زيد، وابن المبارك في آخرين، وكلّهم عنه، وعند النسائي من طريق عبد ربه بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان، عن مالك بن بحينة.
قلت: وكذلك أخرج الدارميّ من طريق حماد بن سلمة، وأبو نعيم في المعرفة من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن يحيى بن سعيد، عن الأعرج، عن مالك بن بحينة السكنقال النّسائيّ: هذا خطأ والصواب عن عبد اللَّه بن مالك بحينة. واللَّه أعلم.
الإصابة في تمييز الصحابة - أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني.