لبيد بن ربيعة بن عامر الكلابي الجعفري أبي عقيل

تاريخ الوفاة41 هـ
مكان الوفاةالكوفة - العراق
أماكن الإقامة
  • الكوفة - العراق

نبذة

لبيد بْن رَبِيعَة العامري الشاعر. أبو عُقَيْل، قدم على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة وفد قومه بنو جَعْفَر بْن كلاب بْن رَبِيعَة بْن عَامِر بْن صعصعة، فأسلم وحسن إسلامه،

الترجمة

لبيد بْن رَبِيعَة العامري الشاعر.
أبو عُقَيْل، قدم على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة وفد قومه بنو جَعْفَر بْن كلاب بْن رَبِيعَة بْن عَامِر بْن صعصعة، فأسلم وحسن إسلامه، وَهُوَ لبيد بْن رَبِيعَة بْن عَامِر بْن مَالِك بْن جَعْفَر بْن كلاب بْن رَبِيعَة بْن عَامِر بْن صعصعة. روى عَبْد الْمَلِكِ بْن عُمَيْر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أصدق كلمةٍ قالها الشاعر كلمة لبيدٍ:

«ألا كل شيءٍ مَا خلا الله باطل»
وَهُوَ شعر حسن. وفي هَذِهِ القصيدة مَا يدل على أَنَّهُ قالها فِي الإسلام. والله أعلم، وذلك قوله:
وكلّ أمري يوما سيعلم سعيه ... إذا كشفت عِنْدَ الإله المحاصل 
وقد قَالَ أكثر أهل الأخبار: إن لبيدا لم يقل شعرا منذ أسلم. وقال بعضهم: لم يقل فِي الإسلام إلا قوله:
الحمد للَّه إذ لم يأتني أجلي ... حتى اكتسيت من الإسلام سربالا
وقد قيل: إن هَذَا البيت لقردة بْن نفاثة السلولي، وَهُوَ أصح عندي، وسيأتي  فِي موضعه من كتابنا هَذَا إن شاء الله تعالى. وقال غيره: بل البيت الَّذِي قاله فِي الإسلام قوله:
مَا عاتب المرء الكريم كنفسه ... والمرء يصلحه القرين الصالح
وذكر المبرد وغيره أن لبيد بْن رَبِيعَة العامري الشاعر كَانَ شريفا فِي الجاهلية والإسلام، وَكَانَ قد نذر ألا تهب الصبا إلا نحر وأطعم، ثم نزل الكوفة، فكان الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة إذا هبت الصبا يَقُول: أعينوا أَبَا عُقَيْل على مروءته، وليس هَذَا فِي خبر المبرد. وفي خبر المبرد أن الصبا هبت يوما وَهُوَ بالكوفة مقتر مملق، فعلم بذلك الْوَلِيد بْن عقبة بْن أَبِي معيط- وَكَانَ أميرا عليها لعثمان، فخطب الناس، فَقَالَ: إنكم قد عرفتم نذر أَبِي عُقَيْل، وما وكد على نفسه، فأعينوا أخاكم. ثم نزل. فبعث إِلَيْهِ بمائة ناقة، وبعث إِلَيْهِ الناس، فقضى نذره. وفي خبر غير المبرد: فاجتمعت عنده ألف راحلة، وكتب إليه الوليد:

أرى الجزار يشحذ شفرتيه ... إذا هبت رياح أَبِي عُقَيْل
أغر الوجه أبيض عامري ... طويل الباع كالسيف الصقيل
وفي ابْن الجعفري بحلفتيه ... على العلات والمال القليل
بنحر الكوم إذ سحبت عليه ... ذبول صبا تجاوب بالأصيل
قَالَ: فلما أتاه الشعر- وَكَانَ قد ترك قول الشعر- قَالَ لابنته: أجيبيه، فقد رأيتني وما أعيا بجواب شاعر، فأنشأت تقول:
إذا هبت رياح أَبِي عقيلٍ ... دعونا عِنْدَ هبتها الوليدا

أشم الأنف أصيد عبشميا ... أعان على مروءته لبيدا
بأمثال الهضاب كأن ركبا ... عليها من بني حامٍ قعودا
أبا وهبٍ جزاك الله خيرا ... نحرناها وأطعمنا الثريدا
فعد إن الكريم لَهُ معاد ... وظني يا بن أروى أن يعودا
ثم عرضت الشعر على أبيها، فَقَالَ: أحسنت لولا أنك استزدته. فقالت:
والله مَا استزدته إلا لأنه ملك، ولو كان سوقة لم أفعل.
وقالت عَائِشَة: رحم الله لبيدا حيث يَقُول:

ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
لا ينفعون ولا يرجى خيرهم ... ويعاب قائلهم وإن لم يطرب
ويروي: وإن لم يشغب. قلت: فكيف لو أدرك زماننا هَذَا.
ولبيد بْن رَبِيعَة، وعلقمة بْن علاثة العامريان، من المؤلفة قلوبهم، وَهُوَ معدود فِي فحول الشعراء المجودين المطبوعين. ومما يستجاد من شعره قوله فِي قصيدته التي يرثي بها أخاه [أربد]:
أعاذل مَا يدريك إلا تظنيا ... إذا رحل السفار  من هُوَ راجع
أتجزع مما أحدث الدهر للفتى ... وأي كريمٍ لم تصبه القوارع
لعمرك مَا تدري الضوارب بالحصى ... ولا زاجرات الطير مَا الله صانع
وما المرء إلا كالشهاب وضوءه ... يحور رمادا بعد إذ هُوَ ساطع

وما البر إلا مضمرات من التقى ... وما المال إلا معمرات  ودائع
فقال لَهُ عُمَر بْن الخطاب يوما: يَا أَبَا عُقَيْل، أنشدني شيئا من شعرك.
فقال: مَا كنت لأقول شعرا بعد أن علمني الله البقرة وآل عِمْرَان، فزاده عُمَر فِي عطائه خمسمائة، وَكَانَ ألفين، فلما كَانَ فِي زمن مُعَاوِيَة قَالَ لَهُ مُعَاوِيَة: هذان الفودان فما بال العلاوة؟ يَعْنِي بالفودين الألفين وبالعلاوة الخمسمائة- وأراد أن يحطها، فَقَالَ: أموت الآن، فتبقى لك العلاوة والفودان.
فرق لَهُ، وترك عطاءه على حاله، فمات بعد ذَلِكَ بيسير. وقد قيل: إنه مات بالكوفة أيام الْوَلِيد بْن عقبة فِي خلافة عُثْمَان، وَهُوَ أصح، فبعث الْوَلِيد
إِلَى منزله عشرين جزورا فنحرت عَنْهُ. وقال الشَّعْبِيّ لعبد الملك: بل تعيش يَا أمير المؤمنين مَا عاش لبيد بْن رَبِيعَة، وذلك أَنَّهُ لما بلغ سبعا وسبعين سنة أنشأ يقول:

باتت تشكي إِلَى النفس مجهشة ... وقد حملتك سبعا بعد سبعينا
فإن تزادي ثلاثا تبلغي أملا ... وفي الثلاث وفاة للثمانينا
ثم عاش حَتَّى بلغ تسعين سنة، فأنشأ يقول:
كأني وقد جاوزت تسعين حجةً ... خلعت بها عَنْ منكبي ردائيا
ثم عاش حَتَّى بلغ مائة حجّة وعشرا، فأنشأ يقول:
أليس فِي مائة قد عاشها رجل ... وفي تكامل عشر بعدها عُمَر 
ثم عاش حَتَّى بلغ مائة وعشرين سنة، فأنشأ يقول:
ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هَذَا الناس كيف لبيد!
وقال مَالِك بْن أنس: بلغني أن لبيد بْن رَبِيعَة مات وَهُوَ ابْن مائة وأربعين سنة. وقيل: إنه مات وَهُوَ ابْن سبع وخمسين ومائة سنة، فِي أول خلافة مُعَاوِيَة. وقال ابْن عفير: مات لبيد سنة إحدى وأربعين من الهجرة يَوْم دخل مُعَاوِيَة الكوفة، ونزل بالنخيلة  . وَرَوَى يُوسُفُ بْنُ عَمْرٍو- وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ ابْنِ وَهْبٍ: عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: رَوَيْتُ لِلَبِيدٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ بَيْتٍ
الاستيعاب في معرفة الأصحاب - أبو عمر يوسف بن عبد الله ابن عاصم النمري القرطبي.

 

 

لبيد بن ربيعة
لبيد بْن رَبِيعة بْن عَامِر بْن مَالِك بْن جَعْفَر بْن كلاب بْن رَبِيعة بْن عَامِر بْن صعصعة العامري ثُمَّ الجعفري كَانَ شاعرًا من فحول الشعراء، وفد عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة وفد قومه بنو جَعْفَر، فأسلم وحسن إسلامه.
أنشدت لَهُ عَائِشَة رَضِي اللَّه عَنْهَا، قولُه:
ذهب الَّذِينَ يعاش فِي أكنافهم وبقيت فِي خلف كجلد الأجرب
فقالت: رحم اللَّه لبيدًا، كيف لو أدرك زماننا هَذَا! وهو حديث مسلسل، لولا التطويل لذكرناه.
وروى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلال اللَّه باطل ".
ولما أسلم لبيد ترك قول الشعر، فلم يقل غير بيت واحد، وهو قولُه:
ما عاتب المرء الكريم كنفسه والمرء يصلحه القرين الصالح
وقيل: بل قَالَ:
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي حتَّى اكتسيت من الْإِسْلَام سربالًا
وقيل: إن هَذَا البيت لغيره، وَقَدْ ذكرناه، وقيل: بل قَالَ:
وكل امرئ يومًا سيعلم سعيه إِذَا كشفت عند الإله المحاصد
وقَالَ أكثر أهل الأخبار: لم يقل شعرًا منذ أسلم.
وكان شريفًا فِي الجاهلية والإسلام، وكان قَدْ نذر أن لا تهب الصبا، إلا نحر وأطعم، ثُمَّ إنه نزل الكوفة، وكان المغيرة بْن شُعْبَة إِذَا هبت الصبا يَقُولُ: أعينوا أبا عقيل عَلَى مروءته: قيل: هبت الصبا يومًا، وهو بالكوفة، ولبيد مقتر، مملق، فعلم بذلك الْوَلِيد بْن عقبة بْن أَبِي معيط وكان أميرًا عليها، فخطب النَّاس وقَالَ: إنكم قَدْ عرفتم نذر أَبِي عقيل، وما وكد عَلَى نفسه، فأعينوا أخاكم، ثُمَّ نزل، فبعث إِلَيْه بمائة ناقة، وبعث النَّاس إِلَيْه فقضى نذره، وكتب إِلَيْه الْوَلِيد:
أرى الجزار يشحذ شفرتيه إِذَا هبت رياح أَبِي عقيل
أغر الوجه أبيض عامري طويل الباع كالسيف الصقيل
وفي ابْن الجعفري بحلفتيه عَلَى العلات والمال القليل
بنحر الكوم إِذَا سحبت عَلَيْه ذيول صبًا تجاوب بالأصيل
فلما أتاه الشعر قَالَ لابنته: أجيبيه، فقد رأيتني وما أعيا بجواب شاعر، فقالت:
إِذَا هبت رياح أَبِي عقيل دعونا عند هبتها الوليدا
أشم الأنف أصيد عبشميًا أعان عَلَى مروءته لبيدا
بأمثال الهضاب كأن ركبًا عليها من بني حام قعودًا
أبا وهب جزاك اللَّه خيرًا نحرناها وأطعمنا الثريدا
فعد إن الكريم لَهُ معاد وظني يابْن أروى أن تعودا
ثُمَّ عرضت الشعر عَلَى أبيها، فَقَالَ: قَدْ أحسنت، لولا إنك استزدتيه! فقالت: والله ما استزدته، إلا أَنَّهُ ملك، ولو كَانَ سوقة لم أفعل.
وكان لبين بْن رَبِيعة، وعلقمة بْن علاثة العامريان من المؤلفة قلوبهم، وحسن إسلامهما.
ومما يستجاد من شعره قولُه من قصيدة يرثي أخاه أربد:
أعاذل ما يدريك إلا تظنيًا إِذَا رحل السفار: من هُوَ راجع
أتجزع مما أحدث الدهر للفتى وأي كريم لم تصبه القوارع
لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى ولا زاجرات الطير ما اللَّه صانع
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه يحور رمادًا بعد ما هُوَ ساطع
وما البر إلا مضمرات من التقى وما المال إلا معمرات ودائع
وقَالَ عُمَر بْن الخطاب يومًا للبيد بْن رَبِيعة: أنشدني شيئًا من شعرك، فَقَالَ: ما كنت لأقول شعرًا بعد أن علمني اللَّه البقرة وآل عمران، فزاده عُمَر فِي عطائه خمسمائة، وكان ألفين، فلما كَانَ في زمن معاوية، قَالَ لَهُ معاوية: هذان الفودان، فما بال العلاوة؟ يعني بالفودين الألفين، وبالعلاوة الخمسمائة، وأراد أن يحطه إياها، فَقَالَ: أموت الآن وتبقى لَكَ العلاوة والفودان! فرق لَهُ وترك عطاءه عَلَى حاله، فمات بعد ذَلِكَ بيسير.
وقيل: إنه لم يدرك خلافة معاوية، وَإِنما مات بالكوفة فِي إمارة الْوَلِيد بْن عقبة عليها فِي خلافة عثمان، وهو أصح.
ولما مات بعث الْوَلِيد إِلَى منزله عشرين جزورًا، فنحرت عَنْهُ.
روى أن الشَّعْبِيّ، قَالَ لعبد الملك بْن مروان: تعيش ما عاش لبيد بْن رَبِيعة، وذلك أَنَّهُ لما بلغ سبعًا وسبعين سنة، أنشأ يَقُولُ:
باتت تشكي إليَّ النفس مجهشة وَقَدْ حملتك سبعا بعد سبعينا
فإن تزادي ثلاثًا تبلغي أملا وفي الثلاث وفاء للثمانينا
ثُمَّ عاش حتَّى بلغ تسعين، فَقَالَ:
كأني وَقَدْ جاوزت تسعين حجة خلعت بها عَنْ منكبي ردائيًا
ثُمَّ عاش حتَّى بلغ مائة وعشرًا، فَقَالَ:
أليس فِي مائة قَدْ عاشها رَجُل وفي تكامل عشر بعدها عُمَر
ثُمَّ عاش حتَّى بلغ مائة وعشرين، فَقَالَ:
ولقد سئمت من الحياة وطولها وسؤال هَذَا النَّاس كيف لبيد
وقَالَ مَالِك بْن أنس: بلغني أن لبيد بْن رَبِيعة عاش مائة وأربعين سنة.
وقيل: مات وهو ابْن مائة وسبع وخمسين سنة، وقيل: مات سنة إحدى وأربعين.
ثُمَّ دخل معاوية الكوفة، وتسلم الأمر ونزل بالنخيلة.
أَخْرَجَهُ الثلاثة.

أسد الغابة في معرفة الصحابة - عز الدين ابن الأثير.

 

 

لبيد بن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن صعصعة الكلابي الجعفري، أبو عقيل الشاعر المشهور.
قال المرزبانيّ في «معجمه» : كان فارسا شجاعا شاعرا سخيا، قال الشعر في الجاهلية دهرا، ثم أسلم، ولما كتب عمر إلى عامله بالكوفة: سل لبيدا والأغلب العجليّ ما أحدثا من الشعر في الإسلام، فقال لبيد: أبدلني اللَّه بالشعر سورة البقرة وآل عمران، فزاد عمر في عطائه، قال: ويقال: إنه ما قال في الإسلام إلا بيتا واحدا:
ما عاتب المرء اللّبيب كنفسه ... والمرء يصلحه الجليس الصالح
[الكامل] ويقال: بل قوله:
الحمد للَّه إذ لم يأتني أجلي ... حتّى لبست من الإسلام سربالا
[البسيط] ولما أسلم رجع إلى بلاد قومه، ثم نزل الكوفة حتى مات في سنة إحدى وأربعين لما دخل معاوية الكوفة، إذ صالح الحسن بن علي.
ونحوه قال العسكريّ. ودخل بنوه البادية، قال: وكان عمره مائة وخمسا وأربعين سنة منها خمس وخمسون في الإسلام وتسعون في الجاهلية.
قلت: المدة التي ذكرها في الإسلام وهم، والصواب ثلاثون وزيادة سنة أو سنتين إلا أن يكون ذلك مبنيّا على أن سنة وفاته كانت سنة نيف وستين، وهو أحد الأقوال. وقال أبو عمر: البيت الّذي أوله:
الحمد للَّه إذ لم يأتني أجلي
[البسيط] ليس للبيد، بل هو لقردة بن نفاثة، وهو القائل القصيدة المشهورة التي أولها:
ألا كلّ شيء ما خلا اللَّه باطل
[الطويل]
وقد ثبت أن النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم قال: «أصدق كلمة قالها الشّاعر كلمة لبيد» ،
فذكر هذا الشطر قال أبو عمر: في هذه القصيدة ما يدل على أنه قاله في الإسلام، وذلك قوله:
وكلّ امرئ يوما سيعلم سعيه ... إذا كشّفت عند الإله المحاصل
 [الطويل]
قلت: ولم يتعين ما قال، بل فيه دلالة على أنه كان يؤمن بالبعث مثل غيره من عقلاء الجاهلية كقسّ بن ساعدة، وزيد بن عمرو، وكيف يخفى على أبي عمر أنه قالها قبل أن يسلم مع القصة المشهورة في السير لعثمان بن مظعون مع لبيد لما أنشد قريشا هذه القصيدة بعينها، فلما قال: ألا كلّ شيء ... قال له عثمان: صدقت، فلما قال: وكلّ نعيم لا محالة زائل- قال له عثمان: كذبت، نعيم الجنة لا يزول، فغضب لبيد، وكادت قريش تضرب سيفهم على وجهه، إنما كان هذا قبل أن يسلم لبيد.
نعم، ويحتمل أن يكون زاد هذا البيت بخصوصه بعد أن أسلم، ويكون مراد من قال:
إنه لم ينظم شعرا منذ أسلم، يريد شعرا كاملا لا تكميلا لقصيدة سبق نظمه لها. وباللَّه التوفيق.
وقال أبو حاتم السّجستاني في المعمرين. عن أشياخه، قالوا: عاش لبيد مائة وعشرين سنة، وأدرك الإسلام فأسلم، قال: وسمعت الأصمعي يقول: كتب معاوية إلى زياد أن أجعل أعطيات الناس في ألفين، وكان عطاء لبيد ألفين، وخمسمائة، فقال له زياد: أبا عقيل، هذان الخراجان، فما بال هذه العلاوة؟ قال: الحق الخراجين بالعلاوة، فإنك لا تلبث إلا قليلا حتى يصير لك الخراجان والعلاوة، قال: فأكملها له زياد ولم يكملها لغيره، فلما أخذ لبيد عطاء آخر حتى مات.
وحكى الرّياشيّ، وهو في ديوان شعره، من غير رواية أبي سعيد السكري، قال: لما اشتد الجدب على مضر بدعوة النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم وفد عليه وفد قيس، وفيهم لبيد فأنشده:
أتيناك يا خير البريّة كلّها ... لترحمنا ممّا لقينا من الأزل
أتيناك والعذراء تدمى لبانها ... وقد ذهلت أمّ الصّبيّ عن الطّفل
فإن تدع بالسّقيا وبالعفو ترسل ... السّماء والأمر يبقى على الأصل
وألقى تكنّيه الشّجاع استكانة ... من الجوع صمتا لا يمرّ ولا يحلي
[الطويل] وفي الصحيحين، عن أبي هريرة- مرفوعا: أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد:
[الطويل]
ألا كلّ شيء ما خلا اللَّه باطل

ووقع في «معجم الشعراء» للمرزباني أنّ النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم قالها على المنبر.
وقال المدائني، عن أبي معشر، عن يزيد بن رومان، وغيره، قالوا: وفد من بني كلاب على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم ثلاثة عشر رجلا منهم لبيد ابن ربيعة.
وقال ابن أبي خيثمة: أسلم لبيد وحسن إسلامه. وقال هشام بن الكلبيّ، وغيره: عاش مائة وثلاثين سنة. وفي حكاية الشعبي مع عبد الملك بن مروان أنه عاش مائة وأربعين. وقال البخاريّ: قال الأويسي، عن مالك: عاش لبيد مائة وستين سنة. وأخرج ابن مندة وسعدان بن نصر في الثاني من فوائده، من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة- أنها قالت: رحم اللَّه لبيدا حيث يقول:
[الكامل] :
ذهب الّذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
قالت عائشة: فكيف لو أدرك زماننا هذا.
قال عروة: رحم اللَّه عائشة كيف لو أدركت زماننا هذا. قال هشام: رحم اللَّه عروة، كيف لو أدرك زماننا. واتصلت السلسلة هكذا إلى سعدان وإلى ابن مندة.
وقال المبرّد: لما أسلم لبيد نذر ألّا تهبّ الصبا إلا أطعم، وكان امتنع من قول الشعر، فهبّت الصبا وهو مملق، فقال لابنته: قولي شعرا، وذلك في إمرة الوليد بن عقبة على الكوفة فقالت:
إذا هبّت رياح أبي عقيل ... دعونا عند هبّتها الوليدا
[الوافر] ... الأبيات والقصة.
ومما يستجاد من شعره قوله:
وأكذب النّفس إذا حدّثتها ... إنّ صدق النّفس يزري بالأمل
[الرمل]
قال المرزبانيّ: سمع الفرزدق رجلا ينشد قول لبيد:
وجلا السّيول عن الطّلول كأنّها ... زبر تجدّ متونها أقلامها
[الكامل] فنزل عن بغلته وسجد، فقيل له: ما هذا، فقال: أنا أعرف سجدة الشعر كما يعرفون سجدة القرآن.
قلت: وعامر بن مالك جدّه إن كان هو أبو براء ملاعب الأسنة فليذكر لبيد فيمن صحب هو وأبوه وجدّه، فتقدم في حرف العين عامر بن مالك، وما قيل فيه، وتقدم في حرف الراء ربيعة بن عامر وما قيل فيه، إلا أنني لم أر من صرح بصحبة ربيعة، لكنه أدرك العصر النبوي وراسله حسان بن ثابت فاللَّه أعلم.
قال البخاريّ: قال الأويسي: حدثنا مالك، قال: عاش لبيد بن ربيعة مائة وستين سنة.
الإصابة في تمييز الصحابة - أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني.

 

 

لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ الشَّاعِرُ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ شَيْبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ , عَنْ خَارِجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: «قَدِمَ وَفْدُ بَنِي كِلَابٍ، وَهُمْ ثَلَاثَةُ عَشَرَ رَجُلًا، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ، وَفِيهِمْ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَنَزَلُوا فِي دَارِ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، ثُمَّ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ سَلَّامَ الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمُوا، وَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِ قَوْمِهِمْ»

أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: «مَاتَ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ لَيْلَةَ نَزَلَ مُعَاوِيَةُ النُّخَيْلَةَ لِمُصَالَحَةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ» . قَالَ هِشَامٌ: وَكَانَ لِلَبِيدٍ بِالْكُوفَةِ بَنُونَ فَرَجَعُوا كُلُّهُمْ إِلَى الْبَادِيَةِ أَعْرَابًا، وَكَانَ لَبِيدُ قَدْ هَاجَرَ إِلَى الْكُوفَةِ فَنَزَلَهَا وَمَاتَ بِهَا فَدُفِنَ فِي صَحْرَاءِ بَنِي جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ، وَكَانَ النَّاسُ يُدْفَنُونَ فِي صَحَارِيهِمْ

-طبقات ابن سعد الطبقة الرابعة من الصحابة ممن أسلم عند فتح مكة وما بعد ذلك-

 

 

أبو عقيل:
لبيد بن ربيعة العامري الشاعر المشهور. تقدم، وفيه قول بنته تخاطب الوليد بن عقبة:
إذا هبّت رياح أبي عقيل ... دعونا عند هبّتها الوليدا
[الوافر]
الإصابة في تمييز الصحابة - أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني.

 

 

لَبِيد بن ربيعة بن مالك، أبو عقيل العامري:
أحد الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية. من أهل عالية نجد. أدرك الإسلام، وولفد على النبي صلّى الله عليه وآله ويعد من الصحابة، ومن المؤلفة قلوبهم. وترك الشعر، فلم يقل في الإسلام إلا بيتا واحدا، قيل: هو " ما عاتب المرء الكريم كنفسه والمرء يصلحه الجليس الصالح " وسكن الكوفة، وعاش عمرا طويلا. وهو أحد أصحاب المعلقات. ومطلع معلقته:
" عفت الديار محلها فمقامها بمنى، تأبد غولها فرجامها " وكان كريما: نذر أن لا تهب الصبا إلا نحر وأطعم. جُمع بعض شعره في " ديوان - ط " صغير، ترجم إلى الألمانية .

-الاعلام للزركلي-