أسعد بن عبد الرحمن بن أبي الجود البتروني الحلبي
تاريخ الوفاة | 1093 هـ |
مكان الوفاة | استانبول - تركيا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
السَّيِّد أسعد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي الْجُود بن عبد الرَّحْمَن وَتقدم تَمام النّسَب فِي تَرْجَمَة إِبْرَاهِيم بن أبي الْيمن البتروني الْحلَبِي الأديب البارع الحلو الْعبارَة قَرَأَ ودأب بموطنه ثمَّ خرج فِي صباه إِلَى الرّوم فسلك طَرِيق الْقَضَاء وَدخل دمشق ومصر وحظي فِي دُنْيَاهُ كثيرا وسمت همته حَتَّى ولي إِفْتَاء الْحَنَفِيَّة بحلب عَن مفتيها الْعَلامَة مُحَمَّد بن حسن الكواكبي مُدَّة يسيرَة وَبعد ذَلِك ترقى فِي مناصب الْقَضَاء بالقصبات حَتَّى ولي أرقاها وَمَات وَهُوَ مَعْزُول عَن ازنكميد وَكَانَ فَاضلا أديباً حسن الْهَيْئَة فكهاً لطيف المحاورة شرِيف النَّفس متواضعاً وَفِيه تودد وَبشر وانبساط وَهُوَ مَعَ ذَلِك شَاعِر مطبوع إِلَّا أَن شعره قَلِيل وأغلبه فِي الهجاء وَكَانَ فِي هَذَا الْبَاب أعجب مَا سمع يخترع كل معنى غَرِيب ومضمون عَجِيب وَأما وقائعه وَمَا جرياته فَهِيَ من أعذب مَا يحاضر بِهِ وَكنت وَأَنا بالروم أسمع أشعاره وَوَقَائعه وَلم تتفق لي رُؤْيَته مَعَ الْمُجَاورَة وَقرب الْمحل إِلَّا بعد مُدَّة ثمَّ إِنِّي لَزِمت مَجْلِسه وَكنت مشغوفاً بملازمته ومؤانسته مستعذباً أسلوبه ومدحته بقصيدة مطْلعهَا
(حنانيك هَل يلوي الحبيب المماطل ... فتنجح آمال وتقضى وَسَائِل)
وَهِي طَوِيلَة جدا فَلَا حَاجَة إِلَى إيرادها وَمِمَّا أَخَذته من شعره قَوْله وَكتب بهَا إِلَى السَّيِّد مُوسَى الرامحمداني
(قد حل أَمر عجب ... شيب بفودي يلْعَب)
(نجومه لَا تغرب ... فَأَيْنَ أَيْن الْمَهْرَب)
(أَرْجُو بَقَاء مَعَه ... مَا أَنا إِلَّا أشعب)
(هَذَا الشَّبَاب قد مضى ... وَبَان مني الأطيب)
(هَل عيشة تصفو لمن ... قد غَابَ عَنهُ الطَّرب)
(دهر أرانا عجبا ... وكل يَوْم رَجَب)
(أندب أَيَّامًا مَضَت ... فِيهَا صفالي المشرب)
(فِي حلب بسادة ... قد خدمتهم رتب)
(من كل سمح ماجد ... تخجل مِنْهُ السحب)
(أفناهم الْمَوْت الَّذِي ... لكل بكر يخْطب)
(وَمَا بهَا بعد هم ... من للمعاني ينْسب)
(سوى جهول سفلَة ... عَن كل فضل يحجب)
(وَهُوَ إِذا أملته ... كلب عقور كلب)
(أسْتَغْفر الله بهَا ... استاذنا الْمُهَذّب)
(مُوسَى الَّذِي لفضله ... مد رواق مَذْهَب)
(حَلَال كل مُشكل ... وحاتم إِذْ يهب)
(إِن جرى فِي مُحكم ... يخال قسا يخْطب)
(وَقد حوى معاليا ... تنحط عَنْهَا الشهب)
(من سادة أحسابهم ... تنطق عَنْهَا الْكتب)
(مولَايَ أَشْكُو غربَة ... طَالب وَعز الْمطلب)
(وَتَحْت أذيال الدجى ... حاملة لَا تنجب)
(أَلا بأولاد الزِّنَا ... هَذَا لعمري الْعجب)
(إليكها خريدة ... منالها يستصعب)
(جآذر الرّوم لَهَا ... تسْجد أَو تنتسب)
(فَاسْلَمْ وَدم فِي رفْعَة ... للسعد فِيهَا كَوْكَب)
(مَا حركت متيما ... وَرْقَاء حِين تندب)
فَأَجَابَهُ عَنْهَا بقوله
(مَا الدَّهْر الأعجب ... فَمِنْهُ لَا تستعجب)
(أعمارنا تنتهب ... يَوْمًا فيوما تذْهب)
(وَنحن نَلْهُو أبدا ... فِي غَفلَة وَنَلْعَب)
(أَواه من يَوْم يجي ... وشمسه لَا تغرب)
(صائلة فِيهِ المنى ... بصولة لَا تغلب)
(تسطو على أَرْوَاحنَا ... فَأَيْنَ أَيْن الْمَهْرَب)
(تَبًّا لدنيانا الَّتِي ... لم يصف فِيهَا المشرب)
(كم سيد غرّت بِهِ ... وَأرَاهُ لحد أحدب)
(للدّود فِيهِ مرتع ... وللهوام ملعب)
(وَالْوَيْل يَوْم الْعرض إِن ... لم ينج منا المذنب)
(وَمن لظى نَار بهَا ... أَجْسَادنَا تلتهب)
(لَا عمل يُرْجَى وَلَا ... غوث إِلَيْهِ ينْسب)
(إِلَّا الْكَرِيم رَبنَا ... وَمن بِهِ نحتسب)
(مَعَ الشَّفِيع من إِلَى ... جنابه ننتسب)
(مُحَمَّد خير الورى ... مقصدنا وَالْمطلب)
(الْحَمد لله فَلَا ... يكون مَا لَا يكْتب)
(وَالْخَيْر فِيمَا اخْتَارَهُ ... حتم علينا يجب)
(نَسْأَلهُ يبْقى لنا ... سيدنَا الْمُهَذّب)
(أسعد من سَاد الورى ... بِهِ وساد الْعَرَب)
(جَوْهَرَة العقد الَّذِي ... جوهره الْمُنْتَخب)
(نجل الألى تجملت ... بهم قَدِيما حلب)
(علما وحلماً وتقى ... وحسبٍ وَنسب)
(يخجل من أخلاقه ... زهر سقته السحب)
(وَمن جميل صنعه ... لَهُ الْمَعَالِي تخْطب)
(طلق الْمحيا بهج ... مبجل محجب)
(ولطف أنفاس الصِّبَا ... إِلَى علاهُ ينْسب)
(وَمن الْمجد يجاريه ... فَلَا يصوّب)
(زيد بنانا كَفه ... إِن ضَاقَ عَمَّا يهب)
(فسبب صوب جوده ... يخجل مِنْهُ الصيب)
(لم يحل خل غَيره ... مودّد محبب)
وَله غير ذَلِك وابتلي فِي آخر أمره بِمَرَض المراقيا وعالجه مُدَّة وَكَانَ بِسَبَبِهِ كثير الْمُرَاجَعَة للأطباء وَكتب الطِّبّ حَتَّى صَار لَهُ فِي الطِّبّ مهارة كُلية ثمَّ بعد مُدَّة قوي عَلَيْهِ الْمَرَض فَكَانَ سَبَب هَلَاكه وَتُوفِّي بقسطنطينية وَدفن بهَا وَكَانَت وَفَاته فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَألف
- خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.