أبي جعفر محمد بن علي الشلمغاني

تاريخ الوفاة322 هـ
أماكن الإقامة
  • العراق - العراق

نبذة

ابن أبي العزاقر: الزِّندِيقُ المُعَثَّرُ، أبي جَعْفَرٍ، مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الشلمغاني، الرافضي.

الترجمة

ابن أبي العزاقر:
الزِّندِيقُ المُعَثَّرُ، أبي جَعْفَرٍ، مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الشلمغاني، الرافضي.
قَالَ بِالتَّنَاسُخِ، وَبِحُلُولِ الإِلَهِيَّةِ فِيْهِ، وَأَنَّ اللهَ يَحِلُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِقَدْرِ مَا يَحْتَمِلُه، وَأَنَّهُ خَلَقَ الشَّيْءَ وَضِدَّهُ، فَحَلَّ فِي آدَمَ وَفِي إِبْلِيْسِهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا ضِدٌّ لِلآخَرِ.
وَقَالَ: إِنَّ الضِّدَّ أَقرَبُ إِلَى الشَّيْءِ مِنْ شِبْهِهِ، وَإِنَّ اللهَ يَحِلُّ فِي جَسَدِ مَنْ يَأْتِي بِالكَرَامَاتِ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ، وَإِنَّ الإِلَهِيَّةَ اجْتَمَعتْ فِي نُوْحٍ وَإِبْلِيْسِهِ، وَفِي صَالِحٍ وَعَاقِرِ النَّاقَةِ، وَفِي إِبْرَاهِيْمَ وَنُمْرُوْذَ، وَعَلِيٍّ وَإِبْلِيْسِه.
وَقَالَ: مَنِ احْتَاجَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَهُوَ إِلَهٌ.
وَسَمَّى مُوْسَى وَمُحَمَّداً الخَائِنَيْنِ؛ لأَنَّ هَارُوْنَ أَرْسَل مُوْسَى، وَعَلِيّاً أَرْسَل مُحَمَّداً، فَخَانَاهُمَا. وَإِنَّ عَلِيّاً أَمهَلَ مُحَمَّداً ثَلاَثَ مائَةِ سَنَةٍ، ثُمَّ تَذْهَبُ شَرِيْعَتُه.
وَمِنْ رَأْيِه تَرْكُ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ، وَإِبَاحَةُ كُلِّ فَرْجٍ، وَأَنَّهُ لاَ بُدَّ لِلْفَاضِلِ أَنْ يَنِيْكَ المفضول
لِيُولِجَ فِيْهِ النُّوْرَ، وَمَنِ امتَنَعَ، مُسِخَ فِي الدَّوْرِ الثَّانِي. فَرَبَطَ الجَهَلَةَ، وَتَخَرَّقَ، وَأَضَلَّ طَائِفَةً، فَأَظهَرَ أَمرَهُ أبي القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ رَوْحٍ -رَأْسُ الشِّيْعَةِ، المُلَقَّبُ بِالبَابِ- إِلَى صَاحِبِ الزَّمَانِ، فَطُلِبَ ابْنُ أَبِي العَزَاقِرِ، فَاخْتَفَى، وَتَسَحَّبَ إِلَى المَوْصِلِ، فَأَقَامَ هُنَاكَ سِنِيْنَ، وَرَجَعَ، فَظَهَرَ عَنْهُ ادِّعَاءُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَاتَّبَعَهُ الوَزِيْرُ حُسَيْنُ ابنُ الوَزِيْرِ القَاسِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ -وَزِيْرِ المُقْتَدِرِ فِيْمَا قِيْلَ- وَابْنَا بِسْطَامَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي عَوْنٍ، فَطُلِبُوا، فَتَغَيَّبُوا. فَلَمَّا كَانَ فِي شوال من سنة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ، ظَفِرَ الوَزِيْرُ ابْنُ مُقلةَ بِهَذَا، فَسَجَنَهُ، وَكَبَسَ دَارَهُ، فَوَجَدَ فِيْهَا رِقَاعاً وَكُتُباً مِمَّا يُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِيْهَا خِطَابُهُ بِمَا لاَ يخاطب به بشر، فعرضت عليه، فأقرأنها خُطُوطُهُم، وَتَنَصَّلَ مِمَّا يُقَالُ فِيْهَا، وَتَبَرَّأَ مِنْهُم، فَمَدَّ ابْنُ عَبْدُوْسٍ يَدَهُ، فَصَفَعَهُ. وَأَمَّا ابْنُ أَبِي عَوْنٍ، فَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ، فَارْتَعَدَتْ يَدُهُ، ثُمَّ قَبَّلَ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ، وَقَالَ: إِلَهِي، وَرَازِقِي، وَسَيِّدِي! فَقَالَ لَهُ الرَّاضِي بِاللهِ: قَدْ زَعَمتَ أَنَّكَ لاَ تَدَّعِي الإِلَهِيَّةَ فَمَا هَذَا؟ قَالَ: وَمَا عَلَيَّ مِنْ قَوْلِ هَذَا؟ وَاللهُ يَعْلَمُ أَنَّنِي مَا قُلْتُ لَهُ: إِنَّنِي إِلَهٌ قَطُّ. فَقَالَ ابْنُ عَبْدُوْسٍ: إِنَّهُ لَمْ يَدَّعِ إِلَهِيَّةً، إِنَّمَا ادَّعَى أَنَّهُ البَابُ إِلَى الإِمَامِ المُنْتَظَرِ. ثُمَّ إِنَّهُم أُحضِرُوا مَرَّاتٍ بِمَحْضَرِ الفُقَهَاءِ وَالقُضَاةِ، ثُمَّ فِي آخِرِ الأَمْرِ أَفْتَى العُلَمَاءُ بِإِبَاحَةِ دَمِهِ، فَأُحرِقَ فِي ذِي القَعْدَةِ مِنَ السَّنَةِ، وَضُرِبَ ابْنُ أَبِي عَوْنٍ بِالسِّيَاطِ، ثُمَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَأُحْرِقَ.
وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ أَدَبِيَّةٌ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الكُتَّابِ.
وَذَكَرنَا فِي الحَوَادِثِ: أَنَّ فِي هَذَا العَامِ ظَهَرَ الشَّلْمَغَانِيُّ. وَشَلْمَغَانُ: قَريَةٌ مِنْ قُرَى وَاسِطَ. فَشَاعَ عَنْهُ ادِّعَاءُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَأَنَّهُ يُحْيِي المَوْتَى، فَأَحْضَرَهُ ابْنُ مُقْلَةَ عِنْدَ الرَّاضِي، فَسَمِعَ كَلاَمَهُ، وَأَنْكَرَ مَا قِيْلَ عَنْهُ. وَقَالَ: لَتَنْزِلَنَّ العُقُوبَةُ عَلَى الَّذِي بَاهَلَنِي بَعْدَ ثَلاَثٍ، وَأَكْثَرُه تِسْعَةُ أَيَّامٍ، وَإِلاَّ فَدَمِي حَلاَلٌ. فَضُرِبَ ثَمَانِيْنَ سَوْطاً، ثُمَّ قُتِلَ، وَصُلِبَ.
وَقُتِلَ بِسَبِبِهِ وَزِيْرُ المُقْتَدِرِ؛ الحُسَيْنُ، اتُّهِمَ بِالزَّنْدَقَةِ. وَقُتِلَ أبي إِسْحَاقَ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ هِلاَلِ بنِ أَبِي عَوْنٍ الأَنْبَارِيُّ الكَاتِبُ.
وَقَدْ كَانَ أبي عَلِيٍّ الحُسَيْنُ -وَيُقَالُ: الجَمَّالُ- وَزَرَ لِلْمُقْتَدِرِ في سنة تِسْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَقَّبُوهُ عَمِيْدَ الدَّوْلَةِ، وَعُزِلَ بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ، وَسُجِنَ، وَعُقِدَ لَهُ مَجْلِسٌ فِي كَائِنَةِ الشَّلْمَغَانِيِّ، وَنُوْظِرَ، فَظَهَرَتْ رِقَاعُهُ يُخَاطِبُ الشَّلْمَغَانِيُّ فِيْهَا بِالإِلَهِيَّةِ، وَأَنَّهُ يُحْيِيْهِ وَيُمِيْتُهُ، وَيَسْأَلُهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ ذُنُوْبَهُ. فَأُخْرِجَتْ تِلْكَ الرِّقَاعُ، وَشَهِدَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ خَطُّهُ، فَضُرِبَتْ عُنُقُه، وَطِيْفَ بِرَأْسِهِ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. وَعَاشَ: ثَمَانِياً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.

سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن  قايمازالذهبي

 

 

محمد بن علي، أبو جعفر الشلمغاني، ويعرف بابن أبي العزاقر:
متأله مبتدع. كان في أول أمره إماميا، من الكتّاب،
وصنف كتبا منها (ماهية العصمة) و (الزاهر بالحجج العقلية) و (فضل النطق على الصمت و (البدء والمشيئة) وغير ذلك، ثم ادعى أن اللاهوت حل فيه، وأحدث شريعة جاء فيها بالغريب، ومن شريعته أن الله يحل في كل إنسان على قدره. وتبعه ناس من أعيان دولة المقتدر العباسي. وكان يقوي أمره الوزير ابن الفرات، وابنه المحسن. وأفتى علماء بغداد بإباحة دمه، فأمسكه الراضي باللَّه العباسي، فقتله وأحرق جثته مخافة أن يقدسها أتباعه. نسبته إلى (شلمغان) بنواحي واسط. وإليه تنسب الفرقة (العزاقرية) .

-الاعلام للزركلي-