عثمان بن مظعون بن حبيب القرشي أبي السائب
تاريخ الوفاة | 2 هـ |
مكان الوفاة | المدينة المنورة - الحجاز |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص القرشي الْجُمَحِيّ، يكنى أَبَا السائب. وأمه سخيلة بِنْت العنبس بْن أهبان بْن حُذَافَة بْن جمح، وهي أم السائب وعبد الله. وقال ابْن إِسْحَاق: أسلم عُثْمَان بْن مظعون بعد ثلاثة عشر رجلا، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرا. وقال ابْن إِسْحَاق، وسالم أَبُو النَّضْر: كَانَ عُثْمَان بْن مظعون أول رجل مات بالمدينة من المهاجرين بعد ما رجع من بدر، وَقَالَ غيرهما: كَانَ أول من تبعه إِبْرَاهِيم ابْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وروي من وجوه من حديث عَائِشَة وغيرها أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل عُثْمَان بْن مظعون بعد مَا مات.
توفي سنة اثنتين من الهجرة، وقيل بعد اثنين وعشرين شهرا من مقدم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة. وقيل: إنه مات على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة بعد شهوده بدرا، فلما غسل وكفن قبل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين عينيه، فلما دفن قَالَ: نعم السلف هُوَ لنا عُثْمَان بْن مظعونٍ. ولما توفي إِبْرَاهِيم ابْن النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحق بالسلف الصالح، عثمان بن مظعون.وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال ذَلِكَ حين توفيت زينب ابنته رَضِيَ اللَّهُ عنها قَالَ: الحقي بسلفنا الخير عُثْمَان بْن مظعونٍ. وأعلم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قبره بحجر، وكان يزوره. قال سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص: رد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التبتل على عُثْمَان بْن مظعون ولو أذن لَهُ لاختصينا. وكان عابدا مجتهدا من فضلاء الصحابة، وقد كَانَ هُوَ وعلي بْن أَبِي طالب وأبو ذر رَضِيَ اللَّهُ عنهم هموا أن يختصوا ويتبتلوا، فنهاهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ. ونزلت فيهم :
لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا ... 5: 93 الآية.
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: كَانَ أَوَّلُ مَنْ دُفِنَ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَرًا عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَالَ: هَذَا قَبْرُ فَرَطِنَا. وقد قيل: إن عثمان بن مظعون توفي بعد مقدم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بستة أشهرٍ، وَهَذَا إنما يكون بعد مقدمه من غزوة بدرٍ، لأنه لم يختلف فِي أَنَّهُ شهدها، وَكَانَ ممن حرم الخمر فِي الجاهلية.
وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْطٍ
قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أَحَدُ مَنْ حَرَّمَ الْخَمْرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَالَ: لا أَشْرَبُ شَرَابًا يُذْهِبُ عَقْلِي وَيُضْحِكُ بِي مَنْ هُوَ أَدْنَى مِنِّي، وَيَحْمِلُنِي عَلَى أَنْ أَنْكِحَ كَرِيمَتِي. فَلَمَّا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ أَتَى وَهُوَ بِالْعَوَالِي فَقِيلَ لَهُ: يَا عثمان. قد حرّمت الْخَمْرُ. فَقَالَ: تَبًّا لَهَا! قَدْ كَانَ بَصَرِي فِيهَا ثَاقِبًا. قال أَبُو عُمَر: فِي هَذَا نظر، لأن تحريم الخمر عِنْدَ أكثرهم بعد أحد.
قال مصعب الزُّبَيْرِيّ: أول من دفن بالبقيع عُثْمَان بْن مظعون أَبُو السائب.
رَوَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ، عَنْ أَبِيهَا، عَنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ- أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَتَشُقُّ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ فِي الْمَغَازِي، أَفَتَأْذَنُ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي الْخِصَاءِ فَأَخْتَصِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: لا، ولكن عليك يا بن مَظْعُونٍ بِالصِّيَامِ فَإِنَّهُ مَجْفَرَةٌ . وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ حِينَ مَاتَ، فَانْكَبَّ عَلَيْهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَكَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَثَرَ الْبُكَاءِ فِي عَيْنِهِ، ثُمَّ حَنَى عَلَيْهِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَرَأَوْهُ يَبْكِي، ثُمَّ حَنَى عَلَيْهِ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَلَهُ شَهِيقٌ، فَعَرَفُوا أَنَّهُ يَبْكِي، فَبَكَى الْقَوْمُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْ، إِنَّمَا هَذَا مِنَ الشَّيْطَانِ، ثُمَّ قَالَ: اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ، أَذْهِبْ عليك أبا السائب، فقد حرجت مِنْهَا وَلَمْ تَلَبَّسْ مِنْهَا بِشَيْءٍ. وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ يَحْيَى الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بزيد بن هارون، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن على بن يَزِيدَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عباس، قال: لما مات عثمان بن مَظْعُونٍ قَالَتِ امْرَأَتُهُ: هَنِيئًا لَكَ الْجَنَّةُ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ غَضَبٍ، وَقَالَ: مَا يُدْرِيكِ؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَارِسُكَ وَصَاحِبُكَ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي. فَأَشْفَقَ النَّاسُ عَلَى عُثْمَانَ، فَلَمَّا مَاتَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحقي بسلفنا الخير، عثمان بن مَظْعُونٍ، فَبَكَى النِّسَاءُ، فَجَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُسْكِتُهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْلا يَا عُمَرُ! ثُمَّ قَالَ: إِيَّاكُنَّ وَنَعِيقَ الشَّيْطَانِ، فَمَا كَانَ مِنَ الْعَيْنِ فَمِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنَ الرَّحْمَةِ، وَمَا كَانَ مِنَ الْيَدِ وَاللِّسَانِ فَمِنَ الشَّيْطَانِ. اختلف الروايات فِي المرأة قَالَ لَهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وما يدريك حين شهدت لعثمان بْن مظعون بالجنة، وقالت لَهُ: طبت هنيئا لك الجنة أَبَا السائب- على ثلاث نسوة، فقيل: كانت امرأته أم السائب، وقيل أم العلاء، الأنصارية، وَكَانَ نزل عليها، وقيل: كانت أم خارجة بن زيد. ورثته امرأته، فقالت:
يَا عين جودي بدمعٍ غير ممنون ... على رزية عُثْمَان بْن مظعون
على امرئ كَانَ فِي رضوان خالقه ... طوبى لَهُ من فقيد الشخص مدفون
طاب البقيع لَهُ سكنى وغرقده ... وأشرقت أرضه من بعد تفتين
وأورث القلب حزنا لا انقطاع لَهُ ... حَتَّى الممات وما ترقى له شونى
الاستيعاب في معرفة الأصحاب - أبو عمر يوسف بن عبد الله ابن عاصم النمري القرطبي.
عثمان بن مظعون
عثمان بْن مظعون بْن حبيب بْن وهب بْن حذافة بْن جمح بْن عَمْرو بْن هصيص بْن كعب بْن لؤي بْن غالب الْقُرَشِيّ الجمحي يكنى أبا السائب، أمه سخيلة بِنْت العنبس بْن أهبان بْن حذافة بْن جمح، وهي أم السائب، وعبد اللَّه ابني مظعون.
أسلم أول الْإِسْلَام، قَالَ ابْنُ إِسْحَاق: أسلم عثمان بْن مظعون بْعد ثلاثة عشر رجلًا، وهاجر إِلَى الحبشة هُوَ وابنه السائب الهجرة الأولى مَعَ جماعة من المسلمين، فبلغهم وهم فِي الحبشة أن قريشًا قَدْ أسلمت فعادوا.
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر بْن السمين، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يونس بْن بكير، عَنِ ابْنِ إِسْحَاق، قَالَ: فلما بلغ من بالحبشة سجود أهل مكَّة مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقبلوا، ومن شاء اللَّه منهم، وهم يرون أنهم قَدْ تابعوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما ادنوا من مكَّة بلغهم الأمر، فثقل عليهم أن يرجعوا، وتخوفوا أن يدخلوا مكَّة بغير جوار، فمكثوا حتَّى دخل كل رَجُل منهم بجوار من بعض أهل مكَّة، وقدم عثمان بْن مظعون بجوار الْوَلِيد بْن المغيرة
قَالَ ابْنُ إِسْحَاق: فحدثني صالح بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف، عَنْ أَبِيهِ عمن حدثه، قَالَ: لما رَأَى عثمان ما يلقى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه من الأذى، وهو يغدو ويروح بأمان الْوَلِيد بْن المغيرة، قَالَ عثمان: والله إن غدوي ورواحي آمنًا بجوار رَجُل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل بيتي يلقون البلاء والأذى فِي اللَّه ما لا يصيبني لنقص شديد فِي نفسي، فمضى إِلَى الْوَلِيد بْن المغيرة، فَقَالَ: يا أبا عَبْد شمس، وفت ذمتك، قَدْ كنت فِي جوارك، وَقَدْ أحببت أن أخرج مِنْهُ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلي بِهِ وأصحابه أسوة، فَقَالَ الْوَلِيد: فلعلك، يا ابْنُ أخي، أوذيت أَوْ انتهكت؟ قَالَ: لا، ولكن أرضى بجوار اللَّه، ولا أريد أن أستجير بغيره! قَالَ: فانطلق إِلَى المسجد، فاردد عَلَى جواري علانية كما أجرتك علانية! فَقَالَ: انطلق، فخرجا حتَّى أتيا المسجد، فَقَالَ الْوَلِيد: هَذَا عثمان بْن مظعون قَدْ جاء ليرد عليّ جواري، فَقَالَ عثمان: صدق، وَقَدْ وجدته وفيًا كريم الجوار، وَقَدْ أحببت أن لا أستجير بغير اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ رددت عليهم جواره، ثُمَّ انصرف عثمان بْن مظعون، ولبيد بْن رَبِيعة بْن جَعْفَر بْن كلاب القيسي فِي مجلس قريش، فجلس معهم عثمان، فَقَالَ لبيد وهو ينشدهم: ألا كل شيء ما خلا اللَّه باطل فَقَالَ عثمان: صدقت، قَالَ لبيد: وكل نعيم لا محالة زائل فَقَالَ عثمان: كذبت، فالتفت القوم إِلَيْه، فقالوا للبيد: أعد علينا، فأعاد لبيد، وأعاد لَهُ عثمان بتكذيبه مرة وبتصديقه مرة، وَإِنما يعني عثمان، إِذَا قَالَ: كذبت، يعني نعيم الجنة لا يزول، فَقَالَ لبيد: والله يا معشر قريش ما كانت مجالسكم هكذا! فقام سفيه منهم إِلَى عثمان بْنُ مظعون فلطم عينه، فاخضرت، فَقَالَ لَهُ من حوله: والله يا عثمان لقد كنت فِي ذمة منيعة وكانت عينك غنية عما لقيت! فَقَالَ عثمان: جوار اللَّه آمن وأعز وعيني الصحيحة فقرة إِلَى ما لقيت أختها ولي برسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبمن آمن معه أسوة، لا فقال الْوَلِيد: هل لك في جواري؟ فقال عثمان: لا أرب لي فِي جوار أحد إلا فِي جوار اللَّه
ثُمَّ هاجر عثمان إِلَى المدينة، وشهد بدرًا، وكان من أشد النَّاس اجتهادًا فِي العبادة، يصوم النهار ويقوم الليل، ويجتنب الشهوات، ويعتزل النساء، واستأذن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التبتل والاختصاء، فنهاه عَنْ ذَلِكَ، وهو ممن حرم الخمر عَلَى نفسه، وقَالَ: لا أشرب شرابًا يذهب عقلي، ويضحك بي من هُوَ أدنى مني.
وهو أول رَجُل مات بالمدينة من المهاجرين، مات سنة اثنتين من الهجرة، قيل: توفي بعد اثنين وعشرين شهرًا بعد شهوده بدرًا، وهو أول من دفن بالبقيع.
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ، وَهُوَ يَبْكِي، وَعَيْنَاهُ تَهْرَاقَانِ " ولما توفي إِبْرَاهِيم ابْنُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الحق بالسلف الصالح عثمان بْن مظعون "، وروى أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذاك لابنته زينب عليها السَّلام، وأعلم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قبره بحجر، وكان يزوره.
وروى ابْنُ عَبَّاس أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عَلَى عثمان بْن مظعون حين مات، فانكب عَلَيْهِ ورفع رأسه، ثُمَّ حنى الثانية، ثُمَّ حنى الثالثة، ثُمَّ رفع رأسه، وله شهيق، وقَالَ: " اذهب عنك أبا السائب، خرجت منها ولم تلبس مِنْهَا بشيء ".
وروى يُوسف بْن مهران، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، قَالَ: لما مات عثمان بْن مظعون، قَالَتْ امرأته: هنيئًا لَكَ الجنة! فنظر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نظر المغضب، وقَالَ: " وما يدريك؟ "، فقالت: يا رَسُول اللَّه فارسك وصاحبك! فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إني رَسُول اللَّه، وما أدري ما يفعل بي!".
واختلف النَّاس فِي المرأة التي قَالَ لها رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا، فقيل: كانت أم السائب زوجته، وقيل: أم العلاء الأنصارية، وكان نزل عليها، وقيل: كانت أم خارجة بْن زَيْد، وقالت امرأته ترثيه:
يا عين جودي بدمع غير ممنون عَلَى رزية عثمان بْن مظعون
عَلَى امرئ بات فِي رضوان خالقه طوبى لَهُ من فقيد الشخص مدفون
طاب البقيع لَهُ سكنى وغرقده وأشرقت أرضه من بعد تعيين
وأورث القلب حزنًا لا انقطاع لَهُ حتَّى الممات فما ترقى لَهُ شوني
وقالت أم العلاء: رَأَيْت لعثمان بْن مظعون عينًا تجري، فجئت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته، فَقَالَ: " ذاك عمله ".
أَخْرَجَهُ الثلاثة.
أسد الغابة في معرفة الصحابة - عز الدين ابن الأثير.
عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحٍ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، نا يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، نا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى بْنِ قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ، عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ قُدَامَةَ , عَنْ جَدِّهِ قُدَامَةَ , عَنْ عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ , أَنَّ عُمَرَ، أَدْرَكَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ عَلَى ثَنِيَّةِ الْإِثَابَةِ مِنَ الْعَرْجِ , فَضَغَطَتْ رَاحِلَتُهُ رَاحِلَةَ عُثْمَانَ فِي عُمْرَةٍ اعْتَمَرهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَوْجَعَتْنِي يَا غَلَقَ الْفِتْنَةِ فَقَالَ لَهُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ , مَا هَذَا الِاسْمُ؟ قَالَ: اسْمٌ ذَكَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مَرَرْتَ بِنَا يَوْمًا وَنَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: «هَذَا غَلَقُ الْفِتْنَةِ» , وَأَشَارَ بِيَدِهِ , «لَا يَزَالُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْفِتْنَةِ بَابٌ شَدِيدُ الْغَلْقِ مَا عَاشَ هَذَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ» حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ بَحْرٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نا ابْنُ عَقِيلٍ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ , أَنَّهُ اعْتَمَرَ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ
-معجم الصحابة - أبي الحسين عبد الباقي بن قانع البغدادي-
عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب الجمحيّ، ابو السائب: صحابي، كان من حكماء العرب في الجاهلية، يحرم الخمر. وأسلم بعد ثلاثة عشر رجلا، وهاجر إلى أرض الحبشة مرتين. وأراد التبتل والسياحة في الأرض زهدا بالحياة، فمنعه رسول الله، فاتخذ بيتا يتعبد فيه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فأتخذ بعضادتي البيت، وقال: يا عثمان إن الله لم يبعثني بالرهبانية (مرتين أو ثلاثا) وإن خير الدين عند الله الحنفية السمحة. وشهد بدرا. ولما مات جاءه النبي صلى الله عليه وسلم فقبله ميتاً، حتى رؤيت دموعه تسيل على خد عثمان. وهو أول من مات بالمدينة من المهاجرين وأول من دفن بالبقيع منهم .
-الاعلام للزركلي-
أبو السائب:
عثمان بن مظعون الجمحيّ، مشهور باسمه- من السابقين الأولين. تقدم في الأسماء.
الإصابة في تمييز الصحابة - أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني.