وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الشريف عبد الرحيم العباسي
ولد بِمصْر وقرا على عُلَمَاء عصره وَحصل الْعُلُوم الادبية وَعلم البلاغة والْحَدِيث وَالتَّفْسِير وَأخذ من عُلَمَاء الحَدِيث هُنَاكَ وَحصل سندا عَالِيا وأتى مَدِينَة قسطنطينية فِي زمن السُّلْطَان بايزيدخان مَعَ رَسُول اتاه من قبل السُّلْطَان الغوري ملك مصر وَكَانَ القَاضِي بالعسكر وقتئذ ابْن الْمُؤَيد الْفَاضِل فزاره الشريف الْمَزْبُور وأكرمه غَايَة الاكرام وَكَانَ لَهُ شرح للْبُخَارِيّ اهداه الى السُّلْطَان بايزيد خَان فاعطاه السُّلْطَان جَائِزَة سنية وَأَعْطَاهُ الْمدرسَة الَّتِي بناها بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ ليقرىء فِيهَا الحَدِيث فَلم يرض الشريف وَرغب فِي الذّهاب الى الوطن وَلما انقرضت دولة السُّلْطَان الغوري بِمصْر اتى الى مَدِينَة قسطنطينية ثَانِيًا وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسُونَ درهما بطرِيق التقاعد واقام فِي قسطنطينية مُدَّة كَبِيرَة الى ان توفّي فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَقد قرب سنة من مائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما بالعلوم الادبية كلهَا والْحَدِيث وَالتَّفْسِير وَكَانَت لَهُ يَد طولى وَسَنَد عَال فِي علم الحَدِيث وَكَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة بالتواريخ والمحاضرات والقصائد الْعَرَبيَّة وَكَانَ لَهُ إنْشَاء بليغ ونظم حسن وَخط مليح وَمن نظمه رَحمَه الله تَعَالَى ... مَالِي ارى احبابنا فِي النَّاس ... صَارُوا كَمثل حبابنا فِي الكاس
صور تروقك عِنْد أول نظرة ... كَاللُّؤْلُؤِ المتناسق الاجناس
واذا اعدت الطّرف فيهم لم تَجِد ... شَيْئا وَصَارَ رخاؤهم للياس ...
وَمن نظمه رَحمَه الله تَعَالَى ايضا عِنْد شَيْبه ... ارعشني الدَّهْر أَي رعش ... والدهر ذُو قُوَّة وبطش
قد كنت امشي وَلست اعيا ... فاليوم اعيا وَلست امشي ...
وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى صَاحب خلق عَظِيم وَصَاحب بشاشة وَوجه بسام بَين الْجمال والجلال قسام وَكَانَ لطيف المحاورة حُلْو المحاضرة عَجِيب النادرة متواضعا متخشعا اديبا لبيبا يبجل الصَّغِير كَمَا يوقر الْكَبِير وَكَانَ كريم الطَّبْع سخي النَّفس مُبَارَكًا مَقْبُولًا وَجُمْلَة القَوْل فِيهِ انه كَانَ بركَة من بَرَكَات الله تَعَالَى فِي الارض وَله من القصائد الْعَرَبيَّة والمنشآت مَالا يُحْصى وَله شرح للْبُخَارِيّ مُخْتَصر مُفِيد وَله شرح شَوَاهِد التخليص سَمَّاهُ بمعاهد التَّنْصِيص فِي شرح شَوَاهِد التَّلْخِيص وَقد استدرك فِي كثير من الْمَوَاضِع على الشُّرَّاح روح الله روحه وَزَاد فِي اعلى غرف الْجنان فتوحه
الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية - المؤلف: عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ.
عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن أحمد، أبو الفتح العباسي:
عالم بالأدب، من المشتغلين بالحديث.
ولد ونشأ بمصر، وذهب إلى القسطنطينية مع رسول من قبل السلطان الغوري إلى السلطان بايزيد، فعرض عليه بايزيد تدريس الحديث في عاصمته، فاعتذر، وعاد إلى مصر. فلما
انقرضت دولة الغوري انتقل إلى القسطنطينية وأقام إلى أن توفي بها. من كتبه (معاهد التنصيص في شرح شواهد التلخيص - ط) أربعة أجزاء، و (فيض الباري بشرح غريب صحيح البخاري -خ) و (نظم الوشاح على شواهد تلخيص المفتاح) .
-الاعلام للزركلي-