أبي يحيى عبد الله بن سعد بن أبي السرح القرشي العامري

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة37 هـ
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةعسقلان - فلسطين
أماكن الإقامة
  • عمان - الأردن
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • الرملة - فلسطين
  • عسقلان - فلسطين
  • مصر - مصر

نبذة

عبد الله بن سعد بن أبي السرح بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بْن لؤي القرشي العامري، يكنى أَبَا يَحْيَى، كذا قَالَ ابْن الكلبي فِي نسبه حَبِيب بْن جذيمة بالتخفيف . وقال مُحَمَّد بْن حَبِيب: حَبِيب بالتشديد، وكذا قَالَ أَبُو عُبَيْدَة. أسلم قبل الْفَتْح، وهاجر، وَكَانَ يكتب الوحي لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ارتد مشركا، وصار إِلَى قريش بمكة، فَقَالَ لهم: إِنِّي كنت أصرف محمدا حيث أريد، كَانَ يملي علي: «عَزِيزٌ حَكِيمٌ» ، 2: 209 فأقول: أو عليم حكيم؟ فيقول: نعم، كل صواب.

الترجمة

عبد الله بن سعد بن أبي السرح بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بْن لؤي القرشي العامري، يكنى أَبَا يَحْيَى، كذا قَالَ ابْن الكلبي فِي نسبه حَبِيب بْن جذيمة بالتخفيف . وقال مُحَمَّد بْن حَبِيب: حَبِيب بالتشديد، وكذا قَالَ أَبُو عُبَيْدَة.
أسلم قبل الْفَتْح، وهاجر، وَكَانَ يكتب الوحي لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ارتد مشركا، وصار إِلَى قريش بمكة، فَقَالَ لهم: إِنِّي كنت أصرف محمدا حيث أريد، كَانَ يملي علي: «عَزِيزٌ حَكِيمٌ» ، 2: 209 فأقول: أو عليم حكيم؟ فيقول: نعم، كل صواب. فلما كَانَ يَوْم الْفَتْح أمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتله، وقتل عَبْد اللَّهِ بْن خطل، ومقيس بْن حبابة، ولو وجدوا تحت أستار الكعبة، ففر عَبْد اللَّهِ بْن سَعْد بْن أَبِي السرح إِلَى عُثْمَان، وَكَانَ أخاه من الرضاعة، أرضعت أمه عُثْمَان، فغيبه عُثْمَان حَتَّى أتى بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بعد ما اطمأن أهل مكة، فاستأمنه لَهُ، فصمت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طويلا، ثُمَّ قَالَ: نعم. فلما انصرف عُثْمَان قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن حوله: مَا صمت إلا ليقوم إِلَيْهِ بعضكم فيضرب عنقه. وقال رجل من الأنصار: فهلا أومأت إلي يَا رَسُول اللَّهِ؟ فَقَالَ: إن النَّبِيّ لا ينبغي أن يكون لَهُ خائنة الأعين. وأسلم عَبْد اللَّهِ بْن سَعْد بْن أَبِي السرح أيام الْفَتْح، فحسن إسلامه، فلم يظهر منه شيء ينكر عَلَيْهِ بعد ذَلِكَ، وَهُوَ أحد النجباء العقلاء الكرماء من قريش، ثُمَّ ولاه عُثْمَان بعد ذَلِكَ مصر فِي سنة خمس وعشرين، وفتح على يديه إفريقية سنة سبع وعشرين، وَكَانَ فارس بني عَامِر بْن لؤي المعدود فيهم، وَكَانَ صاحب ميمنة عَمْرو بْن الْعَاص فِي افتتاحه وفي حروبه هناك كلها. وولى حرب مصر لعثمان أيضا، فلما ولاه عمان، وعزل عنها عَمْرو بْن الْعَاص جعل عَمْرو بْن الْعَاص يطعن على عُثْمَان أيضا، ويؤلب عَلَيْهِ، ويسعى فِي إفساد أمره، فلما بلغه قتل عُثْمَان وَكَانَ معتزلا بفلسطين قَالَ: إِنِّي إذا نكأت قرحةً أدميتها، أو نحو هَذَا.
حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا الدولابي، حدثنا أبو بكر الوجيهي  ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ الْوَجِيهِ، قَالَ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ انْتُقِضَتِ الإِسْكَنْدَرِيَّةُ، فَافْتَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَقَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ، وَسَبَى الذُّرِّيَةَ، فَأَمَرَ عُثْمَانُ بِرَدِّ السَّبْيِ الَّذِينَ سُبُوا مِنَ الْقُرَى إِلَى مَوَاضِعِهِمْ لِلْعَهْدِ الَّذِي كَانَ لَهُمْ، وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ نَقْضُهُمْ، وَعَزَلَ عَمْرَو  بْنَ الْعَاصِ، وَوَلَّى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَكَانَ ذَلِكَ بَدْءُ الشَّرِّ بَيْنَ عُثْمَانَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.
وأما عَبْد اللَّهِ بْن سَعْد بْن أَبِي سرح فافتتح إفريقية من مصر سنة سبع وعشرين، وغزا منها الأساود من أرض النوبة سنة إحدى وثلاثين، وَهُوَ الَّذِي هادنهم الهدنة الباقية إِلَى اليوم، وغزا الصواري فِي البحر من أرض الروم سنة أربع وثلاثين، ثُمَّ قدم على عُثْمَان. واستخلف على مصر السائب بن هشام بن عَمْرو العامري، فانتزى عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن أَبِي حذيفة بْن عُتْبَة بْن رَبِيعَة، فخلع السائب، وتأمر على مصر، ورجع عَبْد اللَّهِ بْن سَعْد من وفادته، فمنعه ابْن أَبِي حذيفة من دخول الفسطاط فمضى إِلَى عسقلان، فأقام بها حتى قتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وقيل: بل أقام بالرملة حَتَّى مات، فارا من الفتنة، ودعا ربه فَقَالَ: اللَّهمّ اجعل خاتمة عملي صلاة الصبح، فتوضأ ثُمَّ صَلَّى الصبح، فقرأ فِي الركعة الأولى بأم القرآن والعاديات، وفي الثانية بأم القرآن وسورة، ثُمَّ سلم عَنْ يمينه، وذهب يسلم عَنْ يساره، فقبض الله روحه، ذكر ذَلِكَ كله يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب وغيره، ولم يبايع لعلي ولا لمعاوية، وكانت وفاته قبل اجتماع الناس على مُعَاوِيَة، وقيل: إنه توفي بإفريقية، والصحيح أَنَّهُ توفي بعسقلان سنة ست أو سبع وثلاثين

الاستيعاب في معرفة الأصحاب - أبو عمر يوسف بن عبد الله ابن عاصم النمري القرطبي.

 

 

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ

حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، نا بِشْرُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَاضِي الْمِصِّيصَةِ , عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ شُفَيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَشْرَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٌّ , وَالزُّبَيْرُ وَغَيْرُهُمْ عَلَى جَبَلِ حِرَاءٍ , وَتَحَرَّكَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْكُنْ حِرَاءُ , فَلَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيُّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ»

-معجم الصحابة - أبي الحسين عبد الباقي بن قانع البغدادي-

 

 

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ جَذِيمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَأُمُّهُ مَهَانَةُ بِنْتُ جَابِرٍ , مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ، فَوَلَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ: مُحَمَّدًا , وَأُمُّهُ بِنْتُ حَمْزَةَ بْنِ السَّرْحِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، وَعِيَاضًا , لِأُمِّ وَلَدٍ، وَأُمَّ كُلْثُومٍ , وَأُمُّهَا مِنْ حِمْيَرَ، وَرَمْلَةَ , وَأُمُّهَا أُمُّ سَعِيدٍ بِنْتُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأُمَّ جَمِيلٍ، وَدَعْدَ، وَأُمَّ الْفَضْلِ، وَأُمَّ عَمْرٍو، لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ.

قَالُوا: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ قَدْ أَسْلَمَ قَدِيمًا، وَكَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيَ، فَرُبَّمَا أَمْلَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 181] فَكَتَبَ «عَلِيمٌ حَكِيمٌ» فَيَقْرَأُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ: «كَذَلِكَ اللَّهُ» . وَيُقِرُّهُ. فَافْتُتِنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ وَقَالَ: مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ مَا يَقُولُ، إِنِّي لَأَكْتُبُ لَهُ مَا شِئْتُ، هَذَا الَّذِي كَتَبْتُ يُوحَى إِلَيَّ كَمَا يُوحَى إِلَى مُحَمَّدٍ. وَخَرَجَ هَارِبًا مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ مُرْتَدًا، فَأَهْدَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمَهُ يَوْمَ الْفَتْحِ. فَجَاءَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَكَانَ أَخَاهُ فِي الرَّضَاعَةِ، فَقَالَ: " يَا أَخِي، إِنِّي وَاللَّهِ قَدِ اخْتَرْتُكَ عَلَى غَيْرِكَ، فَاحْبِسْنِي هَاهُنَا، وَاذْهَبْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلِّمْهُ فِيَّ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا إِنْ رَآنِي ضَرَبَ الَّذِي فِيهِ عَيْنَايَ، إِنَّ جُرْمِي أَعْظَمُ الْجُرْمِ، وَقَدْ جِئْتُكَ تَائِبًا. فَقَالَ عُثْمَانُ: بَلِ اذْهَبْ مَعِي. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَاللَّهِ لَئِنْ رَآنِي لَيَضْرِبَنَّ عُنُقِي وَلَا يُنَاظِرُنِي، قَدْ أَهْدَرَ دَمِي، وَأَصْحَابُهُ يَطْلُبُونَنِي فِي كُلِّ مَوْضِعٍ. فَقَالَ عُثْمَانُ: انْطَلِقْ مَعِي، فَلَا يَقْتُلُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمْ يُرَعْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِعُثْمَانَ آخِذٌ بِيَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ وَاقِفَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَأَقْبَلَ عُثْمَانُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّهُ كَانَتْ تَحْمِلُنِي وَتُمْشِيهِ، وَكَانَتْ تُرْضِعُنِي وَتَفْطِمُهُ، وَكَانَتْ تُلْطِفُنِي وَتَتْرُكُهُ، فَهَبْهُ لِي. فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ عُثْمَانُ كُلَّمَا أَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهِهِ اسْتَقْبَلَهُ، فَيُعِيدُ عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامَ، وَإِنَّمَا أَعْرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِرَادَةَ أَنْ يَقُومَ رَجُلٌ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَمِّنْهُ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّ لَا يَقُومُ أَحَدٌ، وَعُثْمَانُ قَدْ أَكَبَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ رَأْسَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُبَايِعُهُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» , ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: " مَا مَنَعَكُمْ أَنْ يَقُومَ رَجُلٌ مِنْكُمْ إِلَى هَذَا الْكَلْبِ فَيَقْتُلُهُ، أَوْ قَالَ: «الْفَاسِقِ» ؟ .

فَقَالَ عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ: أَلَا أَوْمَأْتَ إِلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنِّي لَأَتْبَعُ طَرْفَكَ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ، رَجَاءَ أَنْ تُشِيرَ إِلَيَّ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. وَيُقَالُ: قَالَ: هَذَا أَبُو الْيَسَرِ، وَيُقَالُ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَلَعَلَّهُمْ قَالُوهُ جَمِيعًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَا أَقْتُلُ بِالْإِشَارَةِ» , وَقَائِلٌ يَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَئِذٍ: «إِنَّ النَّبِيَّ لَا تَكُونُ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ» , فَبَايَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ كُلَّمَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفِرُّ مِنْهُ، فَقَالَ عُثْمَانُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، لَوْ تَرَى ابْنَ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ يَفِرُّ مِنْكَ كُلَّمَا رَآكَ. فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «أَوَلَمْ أُبَايِعْهُ وَأُؤَمِّنْهُ» فَقَالَ: بَلَى , أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ يَتَذَكَّرُ عَظِيمَ جُرْمِهِ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ» , فَرَجَعَ عُثْمَانُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ فَأَخْبَرَهُ، فَكَانَ يَأْتِي فَيُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النَّاسِ بَعْدَ ذَلِكَ

-طبقات ابن سعد الطبقة الرابعة من الصحابة ممن أسلم عند فتح مكة وما بعد ذلك-

 

 

عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي العامري، من بني عامر بن لؤيّ، من قريش: فاتح إفريقية، وفارس بني عامر. من أبطال الصحابة. أسلم قبل فتح مكة، وهو من أهلها. وكان من كتّاب الوحي للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وكان على ميمنة عمر وبن العاص حين افتتح مصر. وولي مصر سنة 25 هـ بعد عمرو بن العاص، فاستمر نحو 12 عاما، زحف في خلالها إلى إفريقية بجيش فيه الحسن والحسين ابنا علي، وعبد الله بن عباس، وعقبة بن نافع. ولحق بهم عبد الله بن الزبير. فافتتح ما بين طرابلس الغرب وطنجة، ودانت له إفريقية كلها. وغزوا الروم بحرا، وظفر بهم في معركة " ذات الصواري " سنة 34 هـ وعاد الى المشرق. ثم بينما كان في طريقه، بين مصر والشام، علم بمقتل عثمان وأن عليا أرسل إلى مصر واليا آخر (هو قيس بن سعد بن عبادة) فتوجه إلى الشام، قاصدا معاوية، واعتزل الحرب بينه وبين علي (بصفّين) ومات بعسقلان فجأة، وهو قائم يصلي. وهو أخو عثمان بن عفان من الرضاع. وأخباره كثيرة .

-الاعلام للزركلي-

 

 

سيدنا عبد الله بن سعد (رضي الله عنه)
هو أبو يحيى عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث القرشي العامري أخو عثمان بن عفان من الرضاعة، شهد فتح مصر واختط بها وكان صاحب الميمنة في الحرب مع عمرو بن العاص وله مواقف محمودة في الفتوح براً وبحراً وأمره عثمان على مصر وافتتح إفريقية زمن عثمان وكانت ولايته مصر سنة 25 هـ، وكان فتح إفريقية من أعظم الفتوح بلغ سهم الفارس فيه ثلاثة آلاف دينار وذلك سنة 28 هـ وقيل كانت ولايته على مصر سنة 27 هـ بعد عزل عمرو بن العاص، فغزا إفريقية ومعه العبادلة، وقيل: كانت ولايته سنة 25 هـ وغزوة إفريقية سنة سبع وكان محمود السيرة ولما وقعت الفتنة سكن عسقلان ولم يبايع لأحد. روى البغوي بإسناد صحيح عن يزيد بن أبي حبيب قال: خرج ابن أبي سرح إلى الرملة فلما كان عند الصبح قال: اللهم اجعل آخر عملي الصبح، فتوضأ ثم صلّى فسلّم عن يمينه ثم ذهب ليسلّم عن يساره فقبض الله روحه. وذكره البخاري من هذا الوجه، وأخرج السراج عن عبد العزيز بن عمران قال: مات ابن أبي سرح سنة 59 هـ في آخر سني معاوية.

شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف

 

 

عبد الله بن سعد بن أبي سرح
عَبْد اللَّهِ بْن سعد بْن أَبِي سرح بن الحارث بْن حبيب بْن جذيمة بْن مالك بْن حسل بْن عامر بْن لؤي القرشي العامري، قريش الظواهر، وليس من قريش البطاح، يكنى أبا يحيى، وهو أخو عثمان بْن عفان من الرضاعة، أرضعت أمه عثمان.
أسلم قبل الفتح، وهاجر إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان يكتب الوحي لرسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم ارتد مشركًا، وصار إِلَى قريش بمكة، فقال لهم: إني كنت أصرف محمدًا حيث أريد، كان يملي علي: عزيز حكيم، فأقول: أو عليم حكيم؟ فيقول: نعم، كل صواب.
فلما كان يَوْم الفتح أمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتله، وقتل عَبْد اللَّهِ بْن خطل، ومقيس بْن صبابة، ولو وجدوا تحت أستار الكعبة، ففر عَبْد اللَّهِ بْن سعد إِلَى عثمان بْن عفان، فغيبه عثمان حتى أتى به إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدما اطمأن أهل مكة، فاستأمنه له، فصمت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طويلًا، ثم قال: " نعم "، فلما انصرف عثمان، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن حوله: " ما صمت إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه "، فقال رجل من الأنصار: فهلا أومأت إلي يا رَسُول اللَّهِ؟ فقال: " إن النَّبِيّ لا ينبغي أن يكون له خائنة الأعين ".
وأسلم ذلك اليوم فحسن إسلامه، ولم يظهر منه بعد ذلك ما ينكر عليه، وهو أحد العقلاء الكرماء من قريش، ثم ولاه عثمان بعد ذلك مصر سنة خمس وعشرين، ففتح اللَّه عَلَى يديه إفريقية، وكان فتحًا عظيمًا بلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف مثقال، وسهم الراجل ألف مثقال، وشهد معه هذا الفتح عَبْد اللَّهِ بْن عمر، وعبد اللَّه بْن الزبير، وعبد اللَّه بْن عمرو بْن العاص، وكان فارس بني عامر بْن لؤي، وكان عَلَى ميمنة عمرو بْن العاص لما افتتح مصر، وفي حروبه هناك كلها، فلما استعمله عثمان عَلَى مصر وعزل عنها عمرًا، جعل عمرو يطعن عَلَى عثمان ويؤلب عليه، ويسعى في إفساد أمره.
وغزا عَبْد اللَّهِ بْن سعد بعد إفريقية الأساود من أرض النوبة سنة إحدى وثلاثين، وهو الذي هادنهم الهدنة الباقية إِلَى اليوم، وغزا غزوة الصواري في البحر إِلَى الروم.
ولما اختلف الناس عَلَى عثمان رضي اللَّه عنه، سار عَبْد اللَّهِ من مصر يريد عثمان، واستخلف عَلَى مصر السائب بْن هشام بْن عمرو العامري، فظهر عليه مُحَمَّد بْن أَبِي حذيفة بْن عتبة بْن ربيعة بْن أمية الأموي، فأزال عنها السائب، وتأمر عَلَى مصر، فرجع عَبْد اللَّهِ بْن سعد فمنعه مُحَمَّد بْن أَبِي حذيفة من دخول الفسطاط، فمضى إِلَى عسقلان فأقام حتى قتل عثمان، وقيل: بل أقام بالرملة حتى مات، فارًا من الفتنة، وقد ذكرنا هذه الحروب والحوادث مستقصاة في الكامل في التاريخ.
ودعا عَبْد اللَّهِ بْن سعد فقال: اللهم اجعل خاتمة عملي الصلاة، فصلى الصبح فقرأ في الركعة الأولى بأم القرآن والعاديات، وفي الثانية بأم القرآن وسورة، وسلم عن يمينه، ثم ذهب يسلم عن يساره فتوفي، ولم يبايع لعلي ولا لمعاوية، وقيل: بل شهد صفين مع معاوية، وقيل: لم يشهدها، وهو الصحيح.
وتوفي بعسقلان: سنة ست وثلاثين، وقيل: سنة سبع وثلاثين، وقيل: بقي إِلَى آخر أيام معاوية، فتوفي سنة تسع وخمسين، والأول أصح.
أخرجه الثلاثة.
قلت: قد وهم ابن منده، وَأَبُو نعيم، في نسبه، فإنهما قدما حبيبًا عَلَى الحارث، وليس بشيء، ثم قالا: جذيمة بْن نصر بْن مالك، وَإِنما جذيمة هو ابن مالك، ثم قالا: القرشي من بني معيص، وهذا وهم ثان، فإن حسلًا أخوه معيص بْن عامر، وليس باب له، ولا ابن، والصواب تقديم الحارث عَلَى حبيب، قال الزبير بْن بكار، وَإِليه انتهت المعرفة بأنساب قريش، قال: وولد عامر بْن لؤي بْن غالب: حسل بْن عامر، ومعيص بْن عامر، فولد حسل بْن عامر: مالك بْن حسل، فولد مالك بْن حسل: نصرًا، وجذيمة بْن مالك بْن حسل، ثم ذكر ولد نصر بْن مالك، ثم قال: وولد جذيمة، وهو شحام بْن مالك بْن حسل بْن عامر بْن لؤي، حبيبًا وهو ابن شحام، فولد حبيب بْن جذيمة: الحارث، فولد الحارث بْن حبيب: ربيعة، وأبا سرح، وولد أَبُو السرح بْن الحارث بْن حبيب بْن جذيمة بْن مالك بْن حسل: سعدًا، فولد: سعد عَبْد اللَّهِ بْن سعد، وكان أخا عثمان من الرضاعة.
هذا معنى ما قاله الزبير، ومثله قال ابن الكلبي.
حبيب: بضم الحاء المهملة، وتخفيف الياء تحتها نقطتان، قاله الكلبي، وابن ماكولا، وغيرهما، وقال الكلبي: إنما ثقله حسان للحاجة، وقال ابن حبيب: هو حبيب، بتشديد الياء.

أسد الغابة في معرفة الصحابة - عز الدين ابن الأثير.