عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جُوَيَّةَ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ فَزَارَةَ، وَاسْمُ فَزَارَةَ: عَمْرٌو , وَكَانَ ضَرَبَهُ أَخٌ لَهُ فَفَزَرَهُ فَسُمِّيَ فَزَارَةَ، وَكَانَ اسْمُ عُيَيْنَةَ: حُذَيْفَةُ، فَأَصَابَتْهُ لَقْوَةٌ فَجَحَظَتْ عَيْنَاهُ، فَسُمِّيَ: عُيَيْنَةَ، وَكَانَ يُكْنَى أَبَا مَالِكٍ، وَكَانَ جَدُّهُ حُذَيْفَةُ بْنُ بَدْرٍ يُقَالُ لَهُ: رَبُّ مَعْدٍ، وَجَدُّ جَدِّهِ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ ابْنُ اللَّقِيطَةِ، وَذَاكَ أَنَّ بَنِي فَزَارَةَ انْتَجَعُوا مَرَّةً وَأُمُّهُ صَبِيَّةٌ فَسَقَطَتْ، فَالْتَقَطَهَا قَوْمٌ فَرَدُّوهَا عَلَيْهِمْ فَسُمِّيَتِ: اللَّقِيطَةُ , وَنُسِبَ وَلَدُهَا إِلَيْهَا بِهَذَا فَقِيلَ: بَنُو اللَّقِيطَةِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " أَجْدَبَتْ بِلَادُ آلِ بَدْرِ بْنِ عَمْرٍو حَتَّى مَا بَقَتْ مِنْ مَالِهِمْ إِلَّا الشَّرِيدَ , وَذُكِرَتْ لَهُ سَحَابَةٌ وَقَعَتْ بِتَغْلَمِينَ إِلَى بَطْنِ نَخْلٍ، فَسَارَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ فِي آلِ بَدْرٍ نَحْوًا مِنْ مِائَةِ بَيْتٍ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى بَطْنِ نَخْلٍ، ثُمَّ هَابَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ، فَوَرَدَ الْمَدِينَةَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَبْعُدْ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ، وَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَدْنُوَ مِنْ جِوَارِكَ، فَوَادِعْنِي، فَوَادَعَهُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لَا يُغِيرُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا يُغِيرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَلَمَّا انْقَضَتِ الْمُدَّةُ انْصَرَفَ عُيَيْنَةُ وَقَوْمُهُ إِلَى بِلَادِهِمْ , قَدْ أَسْمَنُوا وَأَلْبَنُوا، وَسَمُنَ الْحَافِرُ مِنَ الصِّلِّيَانِ، وَأَعْجَبَهُمْ مِرْآةُ الْبَلَدِ، فَأَغَارَ عُيَيْنَةُ بِذَلِكَ الْحَافِرِ عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كَانَتْ بِالْغَابَةِ، فَقَالَ لَهُ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ: مَا جَزَيْتَ مُحَمَّدًا أَسْمَنْتَ فِي بِلَادِهِ، ثُمَّ غَزَوْتَهُ، قَالَ: هُوَ مَا تَرَى "قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ: وَكَانَ عُيَيْنَةُ شَرِيفًا، رُبْعٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَخُمْسٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَعَمِيَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ
-طبقات ابن سعد الطبقة الرابعة من الصحابة ممن أسلم عند فتح مكة وما بعد ذلك-
عيينة بن حصن:
بن حذيفة بن بدر بن عمرو بن جويّة»
، بالجيم، مصغرا،
ابن لوذان بن ثعلبة بن عدي فزارة الفزاري، أبو مالك.
يقال: كان اسمه حذيفة فلقب عيينة، لأنه كان أصابته شجّة فجحظت عيناه.
قال ابن السّكن: له صحبة. وكان من المؤلفة، ولم يصح له رواية.
أسلم قبل الفتح، وشهدها، وشهد حنينا، والطائف، وبعثه النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم لبني تميم فسبى بعض بني العنبر، ثم كان ممن ارتدّ في عهد أبي بكر، ومال إلى طلحة، فبايعه، ثم عاد إلى الإسلام.
وكان فيه جفاء سكّان البوادي،
قال إبراهيم النخعي: جاء عيينة بن حصن إلى النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم، وعنده عائشة، فقال: من هذه، وذلك قبل أن ينزل الحجاب، فقال: «هذه عائشة» ، فقال: ألا أنزل لك عن أمّ البنين! فغضبت عائشة، وقالت: من هذا؟ فقال النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم: «هذا الأحمق المطاع» - يعني في قومه. رواه سعيد بن منصور، عن أبي معاوية، عن الأعمش عنه، مرسلا، ورجاله ثقات.
وأخرجه الطّبرانيّ موصولا من وجه آخر، عن جرير- أن عيينة بن حصن دخل على النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم فقال- وعنده عائشة: من هذه الجالسة إلى جانبك؟ قال: «عائشة» . قال: أفلا أنزل لك عن خير منها- يعني امرأته؟ فقال له النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم: «اخرج فاستأذن» .
فقال: إنها يمين عليّ ألّا أستأذن على مضري. فقالت عائشة: من هذا؟ فذكره.
ومن طريق أبي بكر بن عيّاش، عن الأعمش، عن أبي وائل: سمعت عيينة بن حصن يقول لعبد اللَّه بن مسعود: أنا ابن الأشياخ الشّمّ. فقال له عبد اللَّه: ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
وأخرج ابن السّكن في ترجمته، من طريق عبد اللَّه بن المبارك، عن سعيد بن يزيد، عن الحارث بن يزيد، عن عيينة بن حصن، قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: «إنّ موسى عليه السّلام آجر نفسه بعفّة فرجه وشبع بطنه ... » الحديث (أخرجه ابن ماجة في السنن 2/ 817، كتاب الرهون باب 15 حديث رقم 2444، قال البوصيري في مصباح الزجاجة على زوائد ابن ماجة 2/ 817 إسناده ضعيف لأن فيه بقية وهو مدلس وليس لبقية هذا عند ابن ماجة سوى هذا الحديث وليس له شيء من بقية الكتب الخمسة. والطبراني في الكبير 17/ 135، والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 9201).
وأخرجه قاسم بن ثابت في الدلائل من هذا الوجه.
وذكر أبو حاتم السّجستانيّ في كتاب «الوصايا» أنّ حصن بن حذيفة أوصى ولده عند موته، وكانوا عشرة، قال: وكان سبب موته أن كرز بن عامر العقيلي طعنه، فاشتدّ مرضه، فقال لهم: الموت أروح مما أنا فيه، فأيّكم يطيعني؟ قالوا: كلنا، فبدأ بالأكبر، فقال: خذ سيفي هذا فضعه على صدري، ثم اتكئ عليه حتى يخرج من ظهري، فقال: يا أبتاه، هل يقتل الرجل أباه! فعرض ذلك عليهم واحدا وأحدا، فأبوا إلا عيينة، فقال له: يا أبت، أليس لك فيما تأمرني به راحة وهوى، ولك فيه مني طاعة؟ قال: بلى، قال: فمرني كيف أصنع؟
قال: ألق السيف يا بني، فإنّي أردت أن أبلوكم فأعرف أطوعكم لي في حياتي، فهو أطوع لي بعد موتي، فاذهب، أنت سيد ولدي من بعدي، ولك رياستي، فجمع بني بدر فأعلمهم ذلك، فقام عيينة بالرياسة بعد أبيه، وقتل كرزا.
وهكذا ذكر الزبير في الموفقيات.
وفي صحيح البخاريّ أن عيينة قال لابن أخيه الحرّ بن قيس: استأذن لي على عمر، فدخل عليه فقال: ما تعطي الجزل، ولا تقسم بالعدل. فغضب، وقاله له الحر بن قيس:
إن اللَّه يقول: وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ [الأعراف 199] ، فتركه بهذا الحديث أو نحوه.
وذكر ابن عبد البر أن عثمان تزوّج بنته فدخل عليه عيينة يوما فأغلظ له، فقال له عثمان: لو كان عمر ما أقدمت عليه.
وقال البخاريّ في «التّاريخ الصّغير» : حدثنا محمد بن العلاء. وقال المحامليّ في أماليه: حدثنا هارون بن عبد اللَّه، واللفظ له، قالا: حدثنا عبد الرحمن بن حميد المحاربي، حدثنا حجاج بن دينار، عن أبي عثمان، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة بن عمرو، قال: جاء الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن إلى أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه، فقال: يا خليفة رسول اللَّه، إنّ عندنا أرضا سبخة ليس فيها كلأ ولا منفعة، فإن رأيت أن تقطعناها؟ فأجابهما، وكتب لهما، وأشهد القوم وعمر ليس فيهم، فانطلقا إلى عمر ليشهداه فيه، فتناول الكتاب وتفل فيه ومحاه، فتذمّرا له وقالا له مقالة سيئة، فقال: إنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم كان يتألّفكما، والإسلام يومئذ قليل، إن اللَّه قد أعزّ الإسلام، اذهبا فاجهدا عليّ جهدكما، لا رعى اللَّه عليكما إن رعيتما، فأقبلا إلى أبي بكر وهما يتذمران، فقالا: ما ندري واللَّه، أنت الخليفة أو عمر؟ فقال: بل هو لو كان شاء، فجاء عمر وهو مغضب حتى وقف على أبي بكر، فقال: أخبرني عن هذا الّذي أقطعتهما، أرض هي لك خاصة أو للمسلمين عامة؟ قال:
بل للمسلمين عامة. قال: فما حملك على أن تخص بها هذين؟ قال: استشرت الذين حولي، فأشاروا عليّ بذلك، وقد قلت لك: إنك أقوى على هذا مني فغلبتني.
وقرأت في كتاب «الأمّ» للشّافعيّ في باب من «كتاب الزكاة» أنّ عمر قتل عيينة بن حصن على الردّة، ولم أر من ذكر ذلك غيره، فإن كان محفوظا فلا يذكر عيينة في الصحابة، لكن يحتمل أن يكون أمر بقتله، فبادر إلى الإسلام، فترك، فعاش إلى خلافة عثمان. واللَّه أعلم.
الإصابة في تمييز الصحابة - أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني.
عيينة بن حصن الفزاري
عيينة بْن حصن بْن حذيفة بْن بدر بْن عَمْرو بْن جوية بْن لوذان بْن ثعلبة بْن عدي بْن فزارة بْن ذبيان بْن بغيض بْن ريث بْن غطفان بْن سعد بْن قيس عيلان الفزاري يكنى: أبا مَالِك.
أسلم بعد الفتح، وقيل: أسلم قبل الفتح، وشهد الفتح مسلمًا، وشهد حنينًا أَوْ الطائف أيضًا، وكان من المؤلفة قلوبهم، ومن الأعراب الجفاة، وقيل: إنه دخل عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير إذن، فَقَالَ لَهُ: " أَيْنَ الإذن "؟ فَقَالَ: ما استأذنت عَلَى أحد من مضر! وكان ممن ارتد وتبع طليحة الأسدي، وقاتل معه، فأخذ أسيرًا، وحمل إِلَى أَبِي بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فكان صبيان المدينة يقولون: يا عدو اللَّه أكفرت بعد إيمانك؟ ! فيقول: ما آمنت بالله طرفة عين، فأسلم، فأطلقه أَبُو بَكْر.
وكان عيينة في الجاهلية من الجرارين، يقود عشرة آلاف.
وتزوج عثمان بْن عفان ابنته، فدخل عَلَيْهِ يومًا، فأغلظ لَهُ، فَقَالَ عثمان: لو كَانَ عُمَر ما أقدمت عَلَيْهِ بهذا، فَقَالَ: إن عُمَر أعطانا فأغنانا وأخشانا فأتقانا.
وقَالَ أَبُو وائل: سَمِعْتُ عيينة بْن حصن، يَقُولُ لعبد اللَّه بْن مَسْعُود: أَنَا ابْن الأشياخ الشم، فَقَالَ عَبْد اللَّه: ذاك يُوْسف بْن يعقوب بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم عليهم السَّلام.
وهم عم الحر بْن قيس، وكان الحر رجلًا صالحًا من أهل القرآن، لَهُ منزلة من عُمَر بْن الخطاب، فَقَالَ عيينة لابن أخيه: ألا تدخلني عَلَى هَذَا الرجل؟ قَالَ: إني أخاف أن تتكلم بكلام لا ينبغي، فَقَالَ: لا أفعل، فأدخله عَلَى عُمَر، فَقَالَ: يابْن الخطاب، والله ما تقسم بالعدل، ولا تعطي الجزل! فغضب عُمَر غضبًا شديدًا، حتَّى هُمْ أن يوقع بِهِ، فَقَالَ ابْن أخيه: يا أمير المؤمنين، إن اللَّه يَقُولُ فِي كتابه العزيز: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} ، وَإِن هَذَا لمن الجاهلين، فخلى عَنْهُ، وكان عُمَر وقافًا عند كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الثلاثة.
أسد الغابة في معرفة الصحابة - عز الدين ابن الأثير.
أبو مالك الفزاري:
عيينة بن حصن.
الإصابة في تمييز الصحابة - أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني.