أحمد بن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة

تاريخ الولادة500 هـ
تاريخ الوفاة578 هـ
العمر78 سنة
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • المغرب - المغرب

نبذة

أحد أَوْلِيَاء الله العارفين والسادات المشمرين أهل الكرامات الباهرة أَبُو الْعَبَّاس بن أبي الْحسن بن الرِّفَاعِي المغربي قدم أَبوهُ إِلَى الْعرَاق وَسكن بِبَعْض الْقرى وَتزَوج بأخت الشَّيْخ مَنْصُور الزَّاهِد ورزق مِنْهَا أَوْلَادًا مِنْهُم الشَّيْخ أَحْمد هَذَا لكنه مَاتَ وَأحمد حمل فَلَمَّا ولد رباه وأدبه خَاله مَنْصُور وَكَانَ مولده فِي الْمحرم سنة خَمْسمِائَة وتفقه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَكَانَ كِتَابه التَّنْبِيه

الترجمة

 أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن يحيى بن حَازِم بن عَليّ بن رِفَاعَة الشَّيْخ الزَّاهِد الْكَبِير

أحد أَوْلِيَاء الله العارفين والسادات المشمرين أهل الكرامات الباهرة أَبُو الْعَبَّاس بن أبي الْحسن بن الرِّفَاعِي المغربي

قدم أَبوهُ إِلَى الْعرَاق وَسكن بِبَعْض الْقرى وَتزَوج بأخت الشَّيْخ مَنْصُور الزَّاهِد ورزق مِنْهَا أَوْلَادًا مِنْهُم الشَّيْخ أَحْمد هَذَا لكنه مَاتَ وَأحمد حمل فَلَمَّا ولد رباه وأدبه خَاله مَنْصُور
وَكَانَ مولده فِي الْمحرم سنة خَمْسمِائَة
وتفقه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَكَانَ كِتَابه التَّنْبِيه
وَلَو أردنَا اسْتِيعَاب فضائله لضاق الْوَقْت وَلَكنَّا نورد مَا فِيهِ بَلَاغ
قَالَ الشَّيْخ يَعْقُوب بن كراز وَهُوَ من أخص أَصْحَاب الشَّيْخ أَحْمد كَانَ سَيِّدي أَحْمد فِي الْمجْلس فَقَالَ لأَصْحَابه أَي سادة أَقْسَمت عَلَيْكُم بالعزيز سُبْحَانَهُ من كَانَ يعلم فِي عَيْبا فليقله
فَقَامَ الشَّيْخ عمر الفاروثي فَقَالَ أَنا أعلم عيبك إِن مثلنَا من أَصْحَابك
فَبكى الشَّيْخ والفقراء
وَقَالَ أَي عمر إِن سلم الْمركب حمل من فِيهِ فِي التَّعْدِيَة
وَقيل إِن هرة نَامَتْ على كم الشَّيْخ وَجَاء وَقت الصَّلَاة فَقص كمه وَلم يزعجها وَعَاد من الصَّلَاة فَوَجَدَهَا قد قَامَت فوصل الْكمّ بِالثَّوْبِ وخيطه وَقَالَ مَا تغير شَيْء
وَعَن يَعْقُوب دخلت على سَيِّدي أَحْمد فِي يَوْم بَارِد وَقد تَوَضَّأ وَيَده ممدودة فَبَقيَ زَمَانا لَا يُحَرك يَده فتقدمت إِلَى تقبيلها فَقَالَ أَي يَعْقُوب شوشت على هَذِه الضعيفة

قلت من هِيَ
قَالَ الْبَعُوضَة كَانَت تَأْكُل رزقها من يَدي فهربت مِنْك
قَالَ ورأيته مرّة يتَكَلَّم وَيَقُول يَا مباركة مَا علمت بك أبعدتك عَن وطنك
فَنَظَرت فَإِذا جَرَادَة تعلّقت بثوبة وَهُوَ يعْتَذر إِلَيْهَا رَحْمَة لَهَا
وَقَالَ الشَّيْخ أَحْمد سلكت كل طَرِيق فَمَا رَأَيْت أقرب وَلَا أسهل وَلَا أصلح من الذل والافتقار والانكسار لتعظيم أَمر الله والشفقة على خلق الله والاقتداء بِسنة سَيِّدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَكَانَ يجمع الْحَطب ويحمله إِلَى بيُوت الأرامل وَالْمَسَاكِين وَرُبمَا كَانَ يمْلَأ المَاء لَهُم
قَالَ يَعْقُوب قَالَ لي سَيِّدي أَحْمد لما بُويِعَ مَنْصُور قيل لَهُ مَنْصُور اطلب
فَقَالَ أَصْحَابِي
فَقَالَ رجل لسيدي أَحْمد يَا سَيِّدي فَأَنت أيش
فَبكى وَقَالَ أَي فَقير وَمن أَنا فِي الْبَين ثَبت نسب واطلب مِيرَاث
فَقلت يَا سَيِّدي أقسم عَلَيْك بالعزيز أيش أَنْت
قَالَ يَعْقُوب لما اجْتمع الْقَوْم وَطلب كل وَاحِد شَيْئا دارت النّوبَة إِلَى هَذَا اللاش أَحْمد وَقيل أَي أَحْمد اطلب

قلت أَي رب علمك مُحِيط بطلبي
فكرر عَليّ القَوْل
فَقلت أَي مولَايَ أُرِيد أَلا أُرِيد وأختار أَلا يكون لي خِيَار
فَأَجَابَنِي وَصَارَ الْأَمر لَهُ
وَعَن يَعْقُوب مر سَيِّدي أَحْمد على دَار الطَّعَام فَرَأى الْكلاب يَأْكُلُون التَّمْر من القوصرة وهم يتحارشون فَوقف على الْبَاب لِئَلَّا يدْخل إِلَيْهِم أحد يؤذيهم
وَعنهُ لَو أَن عَن يَمِيني خَمْسمِائَة يروحوني بمراوح الند وَالطّيب وهم من أقرب النَّاس إِلَيّ وَعَن يساري مثلهم وهم من أبْغض النَّاس لي مَعَهم مقاريض يقرضون بهَا لحمى مَا زَاد هَؤُلَاءِ عِنْدِي وَلَا نقص هَؤُلَاءِ عِنْدِي بِمَا فَعَلُوهُ ثمَّ قَرَأَ {لكَي لَا تأسوا على مَا فاتكم وَلَا تفرحوا بِمَا آتَاكُم وَالله لَا يحب كل مختال فخور}
وَكَانَ لايجمع بَين قميصين لَا فِي شتاء وَلَا صيف وَلَا يَأْكُل إِلَّا بعد يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة أَكلَة
وأحضر بعض الأكابر مَرِيضا ليدعو لَهُ الشَّيْخ فَبَقيَ أَيَّامًا لم يكلمهُ فَقَالَ يَعْقُوب أَي سَيِّدي مَا تَدْعُو لهَذَا الْمَرِيض
فَقَالَ أَي يَعْقُوب وَعزة الْعَزِيز لِأَحْمَد كل يَوْم عَلَيْهِ حَاجَة مقضية وَمَا سَأَلته مِنْهَا حَاجَة وَاحِدَة

فَقلت أَي سَيِّدي فَتكون وَاحِدَة لهَذَا الْمَرِيض الْمِسْكِين
فَقَالَ لَا كَرَامَة وَلَا غزازة تريدني أكون سيىء الْأَدَب لي إِرَادَة وَله إِرَادَة
ثمَّ قَرَأَ {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر تبَارك الله رب الْعَالمين} أَي يَعْقُوب الرجل الْمِسْكِين المتمكن فِي أَحْوَاله إِذا سَأَلَ الله حَاجَة وقضيت لَهُ نقص تمكنه دَرَجَة
فَقلت أَرَاك تَدْعُو عقيب الصَّلَوَات وكل وَقت
قَالَ ذَاك الدُّعَاء تعبد وامتثال وَدُعَاء الْحَاجَات لَهُ شُرُوط وَهُوَ غير هَذَا الدُّعَاء
ثمَّ بعد يَوْمَيْنِ تعافى ذَاك الْمَرِيض
وَعَن يَعْقُوب وَسُئِلَ عَن أوراد سَيِّدي أَحْمد فَقَالَ كَانَ يُصَلِّي أَربع رَكْعَات بِأَلف قل هُوَ الله أحد ويستغفر كل يَوْم ألف مرّة واستغفاره أَن يَقُول {لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين} عملت سوءا وظلمت نَفسِي وأسرفت فِي أَمْرِي وَلَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت فَاغْفِر لي وَتب عَليّ إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم يَا حَيّ يَا قيوم لَا إِلَه إِلَّا أَنْت
وَذكر غير ذَلِك
توفّي يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَسبعين وَخَمْسمِائة
ومناقبة أَكثر من أَن تحصر وَقد أفرد لَهَا بعض الصلحاء كتابا يَخُصهَا

طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي

 

الإِمَامُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ العَارِفِيْن، أَبُو العباس أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى بنِ حَازِمِ بنِ عَلِيِّ بنِ رِفَاعَةَ الرِّفَاعِيُّ المَغْرِبِيُّ ثُمَّ البَطَائِحِيُّ.
قَدِمَ أَبُوْهُ مِنَ المَغْرِب، وَسكنَ البطَائِح، بقَرْيَة أُمِّ عُبَيْدَةَ. وَتَزَوَّجَ بِأُخْت مَنْصُوْر الزَّاهِد، وَرُزِق مِنْهَا الشَّيْخ أَحْمَد وَإِخْوَته.
وَكَانَ أَبُو الحَسَنِ مُقْرِئاً يَؤُمّ بِالشَّيْخ مَنْصُوْر، فَتُوُفِّيَ وَابْنه أَحْمَد حَمْلٌ. فَربّاهُ خَاله، فَقِيْلَ: كَانَ مَوْلِدُهُ فِي أَوَّلِ سَنَة خَمْس مائَة.
قِيْلَ: إِنَّهُ أَقسم عَلَى أَصْحابه إِنْ كَانَ فِيْهِ عيب يُنبِّهونه عَلَيْهِ، فَقَالَ الشَّيْخُ عُمَر الفَارُوْثِيُّ: يَا سيّدِي أَنَا أَعْلَم فِيك عَيباً. قَالَ: مَا هُوَ? قَالَ: يَا سيّدِي، عَيْبك أَننَّا مِنْ أَصْحَابك. فَبَكَى الشَّيْخ وَالفُقَرَاءُ، وَقَالَ أَيْ عُمَرُ: إِنْ سَلِمَ الْمركب، حَمَلَ مَنْ فِيْهِ.
قِيْلَ: إِنَّ هرَّة نَامت عَلَى كُمِّ الشَّيْخ أَحْمَد، وَقَامَت الصَّلاَة، فَقص كُمَّه، وَمَا أَزعجهَا، ثُمَّ قَعَدَ، فَوَصَلَهُ، وَقَالَ: مَا تَغَيَّر شَيْء.
وَقِيْلَ: تَوضَّأَ، فَنَزَلت بعوضَة على يده، فوقف لها حتى طارت.
وَعَنْهُ قَالَ: أَقْرَب الطَّرِيْق الانْكِسَار وَالذّلّ وَالافْتِقَار؛ تُعظِّم أَمر الله، وَتُشفق عَلَى خلق الله، وَتَقتدِي بِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقِيْلَ: كَانَ شَافِعِيّاً يَعرف الفِقْه. وَقِيْلَ: كَانَ يَجْمَع الْحَطب، وَيَجِيْء بِهِ إِلَى بيُوت الأَرَامل، وَيَملأُ لَهُم بِالجرَّة.
قيل لَهُ: أَيش أَنْتَ يَا سيّدِي? فَبَكَى، وَقَالَ: يَا فَقيرُ، وَمَنْ أَنَا فِي البَيْنِ، ثَبِّتْ نَسَبْ وَاطْلُب مِيْرَاث.
وَقَالَ: لَمَّا اجْتَمَع القَوْم، طلب كُلّ واحد شيء، فَقَالَ هَذَا اللاش أَحْمَد: أَيْ رَبِّ عِلْمُك مُحِيط بِي وَبطلبِي فَكُرِّرَ عليّ القَوْل. قُلْتُ: أَيْ مَوْلاَيَ، أُرِيْد أَنْ لاَ أُرِيْد، وَأَخْتارُ أَنْ لاَ يَكُوْن لِي اخْتيَار، فَأُجبت، وَصَارَ الأَمْر لَهُ وَعَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ رَأَى فَقيراً يَقتل قملَةً، فَقَالَ: لاَ وَاخذك الله، شَفَيت غَيظك?!
وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ عَنْ يَمِيْنِي جَمَاعَة يُروِّحونِي بِمرَاوح النَّدّ وَالطيب، وَهُم أَقْرَب النَّاس إِلَيَّ، وَعَنْ يَسَارِي مِثْلهُم يَقرضون لحمِي بِمقَارِيض وَهُم أَبغضُ النَّاس إِلَيَّ، مَا زَادَ هَؤُلاَءِ عِنْدِي، وَلاَ نَقص هَؤُلاَءِ عِنْدِي بِمَا فَعلُوْهُ، ثُمَّ تَلاَ: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الْحَدِيد: 23] .
وَقِيْلَ: أُحضر بَيْنَ يَدَيْهِ طبق تَمر، فَبقِي يُنقِّي لِنَفْسِهِ الحشفَ يَأْكله، وَيَقُوْلُ: أَنَا أحق بالدون، فإني مثله دون.

وَكَانَ لاَ يَجْمَع بَيْنَ لبس قمِيْصين، وَلاَ يَأْكُل إلَّا بَعْد يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ أَكلَةً، وَإِذَا غسل ثَوْبه، يَنْزِلُ فِي الشَّطّ كَمَا هُوَ قَائِم يَفْركُهُ، ثُمَّ يَقف فِي الشَّمْسِ حَتَّى يَنشف، وَإِذَا وَرد ضيفٌ، يَدور عَلَى بيُوت أَصْحَابه يَجْمَع الطَّعَام فِي مِئْزَر.
وَعَنْهُ قَالَ: الْفَقِير المتمكّن إِذَا سَأَلَ حَاجَة، وَقُضيت لَهُ، نَقَصَ تَمكُّنه دَرَجَة.
وَكَانَ لاَ يَقوم لِلرُّؤَسَاء، وَيَقُوْلُ: النَّظَر إِلَى وُجُوْهِهِم يُقسِّي القَلْب.
وَكَانَ كَثِيْرَ الاسْتِغْفَار، عَالِي المِقْدَار، رَقِيق القَلْب، غزِيْر الإِخْلاَص.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائة في جمادى الأولى رحمه الله.

سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.