أبو يعقوب إسحق بن سليمان الإسرائيلي المصري، ثم القَيْرَواني الطبيب المشهور، المتوفى في حدود سنة عشرين وثلاثمائة. كان عالمًا حاذقًا شاع ذكره بالإسرائيلي، سكن القيروان وخدم عبيد الله المهدي بالطب وعمر عمرًا طويلًا إلى مائة مجردًا عن الأهل والأولاد، وقال: لي أربعة كتب تحيي ذكري أكثر من الولد، وهي"كتاب الحميات"، "كتاب الأغذية والأدوية"، "كتاب البول"، "كتاب الأسطقصات". وله من الكتب أيضًا "مختصر كتاب البول"، "كتاب الحدود والرسوم"، "كتاب بستان الحكمة"، "كتاب المدخل إلى المنطق" و"المدخل إلى الطب"، "كتاب النبض"، "كتاب الترياق" وغير ذلك. كذا في "عيون الأنباء".
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.
الإسرائيلي (نحو 320 هـ / 933 م)
الاسم الكامل والنسب والمولد والوفاة
إسحاق بن سليمان الإسرائيلي، أبو يعقوب.
من أهل مصر، ثم استوطن القيروان.
عاش مائة سنة ونيّف، وتوفي نحو سنة 320 هـ / 933 م، ودُفن بمقبرة اليهود بمدينة المهدية.
النشأة العلمية والتعليم
كان في بدايته يعمل كحّالًا، ثم لازم الطبيب البغدادي المسلم إسحاق بن عمران وتتلمذ له.
خدم بطبه عبيد الله المهدي، مؤسس الدولة العبيدية.
لم يتزوج قط، وكان ذا همة عالية في تحصيل العلم، وفنونه.
المشايخ والأساتذة الذين أخذ عنهم، مع تحديد البلدان
إسحاق بن عمران البغدادي المسلم النحلة (من بغداد، استوطن القيروان)
الطلاب الذين تخرّجوا على يديه أو تأثروا به، بأسمائهم وبلدانهم
أحمد بن الجزار القيرواني، الطبيب المعروف، وقد روى عنه حكايات طريفة في تاريخه.
النشاط الدعوي والتربوي
خدم عبيد الله المهدي طبيبًا، وعالج حصاته في الكُلى بدواء فيه عقارب محرقة.
أُرسل في طلبه من مصر إلى القيروان من طرف الأمير الأغلبي زيادة الله سنة 293 هـ / 905 م، وخصّه بمبلغ خمسمائة دينار.
عند قدومه، احتكّ بالأمير زيادة الله، ولاحظ ميله إلى الهزل، فأجابه في مجلسه بمجادلة تفحيمية إذ قال لأحد مناظريه:
"أنت تقول إنك حي، والكلب حي، فأنت الكلب والكلب أنت."
ومازحه الأمير زيادة الله وضحك، فأدرك إسحاق أن الأمير راغب في اللهو لا في الجد.
ثم التقى بأبي عبد الله الصنعاني، داعي المهدي، فاحترمه وسلك معه طريق الجدية، لا الهزل.
أخلاقه وسلوكه مع الطلاب والعامة والمحتاجين
وُصف بأنه طبيب فاضل، بليغ، عالِم، مشهور بالحذق والمعرفة.
لكن نُقل عنه أنه خاطب بعض عوام كتامة بقوله:
"أنتم بقر! وليس معكم من الإنسانية إلا الاسم!"
ما أدى إلى غضب أبي عبد الله الصنعاني منه، وكاد أن يأمر بقتله لولا اعتذاره.
مواقفه السياسية وخطبه
لا يُعرف له منصب رسمي في الدولة، لكنه خدم ملوكًا وأمراء بطبه.
احتكّ بزيادة الله الأغلبي، كما أُقرّب من عبيد الله المهدي، ورافق داعيه أبا عبد الله الصنعاني.
تدل مواقفه على نفور من مجالس اللهو، وانحياز للجد والوقار في حضور القيادات.
المؤلفات والرسائل
له مؤلفات في الطب والفلسفة والمنطق، ترجم كثير منها إلى اللاتينية والعبرية.
نُقل عنها في أوروبا، وأسهمت في التراث اليهودي والإسلامي على حد سواء.
من مؤلفاته:
كتاب الاستقسات
الأوائل
الأقاويل
بستان الحكيم (في الفلسفة، ضمن مسائل من العلم الإلهي)
كتاب البول – قال عنه ابن جلجل: "أشبع كتاب ألّفه مؤلف، بذّ فيه جميع المتقدمين."
اختصار لكتابه في البول
كتاب الترياق
الحدود والرسوم في المنطق والفلسفة
كتاب في الحكمة
كتاب الحميات – خمس مقالات، قال عنه ابن أبي أصيبعة: "لم يوجد في هذا المعنى كتاب أجود منه."
وقال علي بن رضوان: "جامع وجمع رجل فاضل... لا مزيد عليه."
نسخة مخطوطة منه محفوظة بمكتبة أحمد الثالث باستانبول رقم 2109 في 225 ورقة
كتاب الأغذية والأدوية المفردة – بعنوان: "أقاويل الأوائل في طبائع الأغذية وقواها"
نسخة بمكتبة السلطان محمد الفاتح باستانبول، رقم 3604، مكتوبة سنة 709 هـ / 1310 م
المدخل إلى صناعة الطب
المدخل إلى المنطق
ثناء العلماء عليه
مدحه كبار الأطباء:
ابن جلجل الأندلسي
ابن أبي أصيبعة
علي بن رضوان المصري
ووصفوه بأنه فاضل، جامع، بالغ في الإتقان والتصنيف، وسبّاق في مادة الحميات والأدوية.
الوفاة والتفاصيل الأخيرة قبلها
لم يُذكر تاريخ وفاته بدقة، لكن قُدّرت وفاته بنحو سنة 320 هـ / 933 م.
دفن بمقبرة اليهود في مدينة المهدية، بعد عمر جاوز المائة سنة.
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الأول - صفحة 47 - للكاتب محمد محفوظ