عمرو بن جابر الجنّي: أحد من وفد على النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم من الجنّ.
روى عبد اللَّه بن أحمد في «زوائد المسند» ، والباورديّ، والحاكم، والطّبرانيّ، وابن مردويه في التفسير، من طريق مسلم بن قتيبة، حدثنا عمرو بن نبهان، حدثنا سلام أبو عيسى، حدثنا صفوان بن المعطّل، قال: خرجنا حجّاجا، فلما كنا بالعرج إذا نحن بحية تضطرب، فلم تلبث أن ماتت، فأخرج رجل منا خرقة من عيبة له فكفنها وحفر لها ودفنها، فإنّا بالمسجد الحرام إذ وقف علينا شخص، فقال: أيكم صاحب عمرو بن جابر؟ قلنا: ما نعرفه. قال: إنه الجان الّذي دفنتم، فجزاكم اللَّه خيرا، أما إنه كان آخر التسعة الذين أتوا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم يستمعون القرآن- موتا.
وروى الحكيم التّرمذيّ في نوادره، من طريق سفيان، عن أبي إسحاق، عن ثابت بن قطبة الثقفي، قال: جاء رجل إلى عبد اللَّه بن مسعود، فقال: إنا كنا في سفر فمررنا بحية مقتولة في دمها، فواريناها، فلما نزلنا أتانا نسوة أو أناس، فقال: أيكم صاحب عمرو؟
قلنا: من عمرو؟ قال: الحية التي دفنتم، أما إنه من النفر الذين استمعوا من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم القرآن. قلنا: ما شأنه؟ قال: كان حيان من الجن مسلمين ومشركين فاقتتلوا فقتل.
قلت: وروى الباورديّ قصة أخرى لآخر اسمه عمرو أيضا، وهي مغايرة لهذه، فأخرج من طريق جبير بن الحكم حدثني عمي الربيع بن زياد، حدثني أبو الأشهب العطاردي، قال: كنت قاعدا عند أبي رجاء العطاردي إذ أتاه قوم، فقالوا: إنا كنا عند الحسن البصري، فسألناه هل بقي من النفر الجن الذين كانوا استمعوا القرآن أحد؟ فقال: اذهبوا إلى أبي رجاء العطاردي، فإنه أقدم مني، فعسى أن يكون عنده علم. وأتيناك، فقال: إني خرجت حاجّا أنا ونفر من أصحابي، وكنت أنزل ناحية، فبينا أنا قائل إذا بجان أبيض، شديد البياض، يضطرب، فقدمت إليه ماء في قدح، فشرب وهو يضطرب حتى مات، فقمت إلى رداء لي جديد أبيض فشققت منه خرقة ثم غسلته ثم كفنته فيها، ثم دفنته فأعمقته، ثم ارتحلنا فسرنا إلى أن كان من الغد عند القائلة نزلنا، فبينا أنا في ناحية من أصحابي إذا أصوات كثيرة [ففزعت منها فنوديت] لا تفزع، لا تفزع، فإنما نحن من الجن، أتيناك لنشرك فيما فعلت بصاحبنا بالأمس، وهو آخر من بقي من النفر الذين كانوا يستمعون القرآن من الجنّ، واسمه عمرو.
قلت: في الخبر الأول أن صاحب القصة صفوان، وفي هذه أنه أبو رجاء، ولم يسمّ في خبر ثابت بن قطبة، فيحتمل أن يفسر بأحدهما. وفيه إشكال، لأن ظاهرهما التغاير. وقد أثبت لكل منهما الآخرية، فيمكن أن يكون الأول مقيدا [بالسبعة، والثاني بمن] استمع بناء على أنّ الاستماع كان من طائفتين مثلا.
وقد تقدم في حرف السين المهملة في سرّق أنّ عمر بن عبد العزيز دفنه، وأنه آخر من بايع، فتكون آخرية هذا مقيدة بالمبايعة، وإنما قيد به مع تأخر عمر بن عبد العزيز عمن تقدم، لأنه سيأتي في عمرو بن طارق أنه وفد وأسلم، وصلّى خلف النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم، وأن عثمان بن صالح لقيه فحدثه بذلك، وعثمان المذكور مات سنة تسع عشرة ومائتين، فإن كان الجنّي الّذي حدّثه بذلك صدق، فيحتمل الحديث رأس مائة سنة، والّذي في الصحيح الدال على أنّه رأس مائة من العام الّذي مات فيه النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم لا يبقى على وجه الأرض ممّن كان عليها حين المقالة المذكورة على الإنس بخلاف الجن. واللَّه أعلم.
الإصابة في تمييز الصحابة - أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني.
عمرو الجنّي: له قصة [مع أبي رجاء] تقدم في عمرو بن جابر ما يدلّ على أنه غيره.
الإصابة في تمييز الصحابة - أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني.