مُحَمَّد بن يحيى بن سراقَة أَبُي الْحسن العامري الْبَصْرِيّ
الْفَقِيه الفرضي الْمُحدث
صَاحب التصانيف فِي الْفِقْه والفرائض والشهادات وَأَسْمَاء الضُّعَفَاء والمتروكين
أَقَامَ بآمد مُدَّة وَدخل فِي الحَدِيث
وَذكر لَهُ أَبُو الْفَتْح الْموصِلِي بالموصل فانحدر إِلَيْهِ وَسمع مِنْهُ تصانيفه وَأخذ عَن أبي الْفَتْح كِتَابه فِي الضُّعَفَاء ثمَّ نسخه وراجع فِيهِ الدَّارَقُطْنِيّ
وروى عَن ابْن داسة والهجيمي وَابْن عباد
وَدخل فَارس وأصبهان والدينور والأهواز
وَكَانَ حَيا سنة أَرْبَعمِائَة وَأرَاهُ توفّي فِي حُدُود سنة عشر وَأَرْبَعمِائَة
وَمن الغرائب والفوائد عَنهُ
قَالَ فِي كتاب لَهُ سَمَّاهُ الْأَعْدَاد وقف عَلَيْهِ ابْن الصّلاح وَكتب مِنْهُ فَوَائِد وغرائب
مِنْهَا قَوْله الْخطب الْمُعْتَادَة عشر وسماها ثمَّ قَالَ وَكلهَا سنة إِلَّا الْجُمُعَة وخطبة عَرَفَة فهما فرضان يفْعَلَانِ قبل الصَّلَاة وَبعد الزَّوَال
قَالَ ابْن الصّلاح وَذكر هَذَا فِي مَوضِع آخر
قلت ووقفت من تصانيفه على كتاب أدب الشَّاهِد وَمَا يثبت من الْحق على الجاحد وَقد ذكر فِي خطبَته أَنه صنف قبله كتابا فِي أدب الْقُضَاة ذكر فِيهِ أَن الْوَقْف وَالْعِتْق وَالْوَلَاء لَا يجوز الشَّهَادَة عَلَيْهَا بالاستفاضة وَأَن أَبَا سعيد الْإِصْطَخْرِي جوز ذَلِك إِلَّا أَن تكون الشَّهَادَة فِي حُقُوقه وَسِيلَة وَالْولَايَة عَلَيْهِ فَلَا يجوز إِلَّا بالمعاينة وَأَن أَبَا عَليّ بن أبي هُرَيْرَة قَالَ تقبل بالاستفاضة أَنَّهَا مولاة فلَان لَا أَن فلَانا أعْتقهَا وَأَنه وقف فلَان لَا أَن فلَانا أوقفهُ
قَالَ كَمَا يقبل أَنَّهَا زَوْجَة فلَان لَا أَن فلَانا زَوجهَا لِأَنَّهَا شَهَادَة على عقد فَلَا تقبل إِلَّا بالمعاينة
قلت الَّذِي صَححهُ النَّوَوِيّ وَعَلِيهِ الْعَمَل قَول الْإِصْطَخْرِي وَتوقف الْوَالِد رَحمَه الله عَن أَن يرجح فِي الْمَسْأَلَة شَيْئا ذكر ذَلِك فِي كتاب الحلبيات
قَالَ وَيَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يتحرر مِنْهُ إِلَّا إِذا دعت الْحَاجة من إحْيَاء وقف مختف أَو انْتِزَاعه من يَد ظَالِم وَنَحْوه وَيضم إِلَيْهِ طَرِيق آخر من يَد وَنَحْوهَا
قلت وَاعْلَم أَن فِيمَا حكيته من كَلَام ابْن سراقَة عَنهُ فَوَائِد إِحْدَاهَا أَنه تضمن أَن شَرَائِط الْوَقْف لَا تثبت بالاستفاضة جزما وَهُوَ مَا أفتى بِهِ النَّوَوِيّ وَفِي كثير من الأذهان أَنه غير مَنْقُول وَهَا هُوَ مَنْقُول فِي كَلَام هَذَا الرجل الْمُتَقَدّم
وَالثَّانيَِة مَا حَكَاهُ عَن ابْن أبي هُرَيْرَة من التَّفْصِيل والمحكي عَنهُ فِي الرَّافِعِيّ وَغَيره إِنَّمَا هُوَ قَول الْإِصْطَخْرِي وَهَذَا وَجه ثَالِث مفصل حسن واستشهاده عَلَيْهِ بِالزَّوْجَةِ أَيْضا حسن فالمعروف أَن الْخلاف فِي الزَّوْجَة كالخلاف فِي الثَّلَاثَة وَفِي الرَّافِعِيّ عَن الْقفال مَا يُؤَيّد هَذَا التَّفْصِيل غير أَن فِيهِ نظرا فَلَا فرق بَين أَن يَقُول أشهد أَن فلَانا وَقفه أَو أَنه وقف فلَان وَلَا يتخيل أَنه فِيمَا إِذا قَالَ إِنَّه وَقفه شهد على العقد نَفسه فَإِن الشَّاهِد بِأَنَّهُ وقف فلَان مثله وكما شهد بِأَنَّهُ وَقفه بِالتَّسَامُعِ شهد أَنه وَقفه لَا فرق
وَالثَّالِثَة أَن التَّصْرِيح باسم الْوَاقِف لَا بُد مِنْهُ وَهُوَ مَا فِي فتاوي الْقفال وَالْبَغوِيّ أَيْضا وَذكره الْوَالِد فِي الحلبيات وَقَالَ إِنَّه قَول الْقَائِلين بِثُبُوت الْوَقْف بالاستفاضة وَالْأَمر كَذَلِك غير أَن عِنْدِي نظرا فِي هَذَا الشَّرْط وَإِن قُلْنَا بِثُبُوتِهِ بالاستفاضة فَلم لَا يثبت كَون هَذِه الأَرْض وَقفا وَإِن لم يعرف واقفها
وَمن فتاوي ابْن الصّلاح أَن الظَّاهِر ثُبُوت الشَّرْط ضمنا تبعا للشَّهَادَة بِأَصْل الْوَقْف لَا اسْتِقْلَالا
قَالَ الشَّيْخ برهَان الدّين بن الفركاح فِي تَعْلِيقه وَهُوَ أولى مِمَّا قَالَه النَّوَوِيّ
وَفِي الْحَاوِي للماوردي وَالْبَحْر للروياني عبارَة مشكلة فَنَذْكُر مَا فِي لفظ الْحَاوِي
قَالَ وَأما الْوَقْف فِي تظاهر الْخَبَر بِهِ إِذا سمع على مُرُور الْأَوْقَات فَلَا يثبت وَقفه بِسَمَاع الْخَبَر الظَّاهِر لِأَنَّهُ عَن لفظ يفْتَقر إِلَى سَمَاعه من عاقده فَلم يجز أَن يعْمل على تظاهر الْخَبَر بِهِ فَأَما ثُبُوته وَقفا مُطلقًا وَالشَّهَادَة أَن هَذَا وقف آل فلَان أوقف على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين فقد اخْتلف أَصْحَابنَا فِي ثُبُوته
انْتهى
قَالَ الشَّيْخ برهَان الدّين وَالظَّاهِر أَنه قصد أَنه لَا يشْهد بالاستفاضة أَن فلَانا قَالَ وقفت هَذَا بِخِلَاف هَذَا وقف
طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي
الحَافِظُ العَلاَّمَةُ، أَبُو الحَسَنِ، مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ سُرَاقَةَ، العَامِرِيُّ البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ دَاسَة، وَأَبِي إِسْحَاق الهُجَيْمِيِّ، وَابنِ عَبَّاد، وَطَائِفَة.
وَأَخَذَ عَنْ أَبِي الفَتْحِ الأَزْدِيّ "مُصَنَّفَهُ" فِي الضُّعَفَاءِ، ثُمَّ هَذَّبَهُ، وَرَاجَعَ فِيْهِ أَبَا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ.
وَارْتَحَلَ فِي الحَدِيْثِ إِلَى فَارِس وَأَصْبَهَان وَالدِّيْنَوَر، وَسَكَنَ آمِد مُدَّة.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّة.
لَهُ تآلِيفُ فِي الفَرَائِضِ وَالسِّجِلاَّت.
كَانَ حيًا في سنة أربع مائة.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.
مُحَمَّد بن يحيى [000 - نَحْو 410] )
ابْن سراقَة بن الغطريف العامري الْبَصْرِيّ، أَبُو الْحسن الْمَشْهُور ب: ابْن سراقَة، الْفَقِيه الفرضي.
مَشْهُور، صَاحب تصانيف فِي الْفِقْه والفرائض وَغَيرهمَا.
أَقَامَ بآمد، وَكَانَ حَيا سنة أَربع مئة، وَكَانَت لَهُ رحْلَة فِي الحَدِيث وعناية بِهِ، وَله: " تَهْذِيب كتاب الضُّعَفَاء " لأبي الْفَتْح مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْأَزْدِيّ الْموصِلِي، أَخذه عَنهُ، ثمَّ عرضه على الدَّارَقُطْنِيّ، وَذكر فِي أَوله أَنه خرج من الْبَصْرَة قَاصِدا لطلب الحَدِيث لَا يُرِيد غَيره بعد أَن كتب بهَا عَن: ابْن داسه، وَابْن عباد، والهجيمي، وَغَيرهم من شُيُوخ الحَدِيث الَّذين انْتهى إِلَيْهِم الْإِسْنَاد فِي عصرهم، فَدخل الأهواز وكورها، وَبَعض فَارس، والجبل، وأصبهان ونواحيها، ورزقه الله من ذَلِك خيرا، فَأحب معرفَة الصَّحِيح مِنْهُ وَالْبَاطِل لتَعلق أَحْكَام الشَّرْع بذلك، وَإِنَّمَا يدْرك علم ذَلِك بِمَعْرِِفَة النقلَة، ورحل إِلَى الدينور فِي طلب معرفَة الضُّعَفَاء من الروَاة وَعلم أَسمَاء الرِّجَال، ثمَّ رَحل إِلَى بَغْدَاد فَكتب بهَا، ثمَّ ذكر لَهُ أَبُو الْفَتْح الْموصِلِي بالموصل، فَرَحل إِلَيْهِ، فَسمع تصانيفه
فِي علم الحَدِيث، وَقَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابه فِي " الضُّعَفَاء "، ثمَّ انحدر إِلَى بَغْدَاد فلقي شيخ الْمُحدثين بهَا فِي عصره الإِمَام أَبَا الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ - رَحمَه الله - فَأخذ عَنهُ " معرفَة الرِّجَال "، وأملاه عَلَيْهِ فِي مُدَّة طَوِيلَة وسنين كَثِيرَة.
قلت: وَرَأَيْت لَهُ كتابا حسنا فِي " الشَّهَادَات ".
-طبقات الفقهاء الشافعية - لابن الصلاح-
محمد بن يحيى بن سراقة العامري، أبو الحسن:
فقيه فرضي. من أهل البصرة. صنف كتبا في فقه الشافعية والفرائض ورجال الحديث. ووقف ابن الصلاح على (كتاب الأعداد) له، ونقل عنه فوائد. كان حيا سنة 400 هـ قال السبكي: وأراه توفي في حدود سنة 410 قلت: ورأيت له رسالة في ورقة واحدة، في مجموع بالفاتيكان (1020. A) سماها (التفاحة في مقدمات المساحة) .
-الاعلام للزركلي-
الفقيه الحافظ محمد بن يحيى بن سُراقة العامري، تفقه بالبصرة بأبي الحسين بن اللبان الفرضي البصري.
وقد حكى الشيخ أبو إسحاق عن ابن اللبان أنه قال: ليس في الأرض فرضي إلا من أصحابي، أو أصحاب أصحابي، أو لا يحسن شيئاً وكان ابن اللبان، إماماً في الفقه والفرائض، صنف فيها كتباً كثيرة، ليس لأحد مثلها، وتفقه ابن سراقة أيضاً بالشيخ أبي حامد أحمد بن أبي الطاهر الأسفراييني، مات أبو حامد ببغداد سنة ست وأربعمائة في شوال، ومولده سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، تفقه الشيخ أبو حامد بأبي القاسم عبد العزيز بن عبد الله الدَّاركي ببغداد، ومات الداركي سنة خمس وسبعين وثلاثمائة.. أخذ الفقه عن أبي إسحاق المَرْوَزِي واسمه إبراهيم بن محمد، سكن بغداد. ومات بها سنة أربعين وثلاثمائة، وكان إمام الفقهاء ببغداد في وقته، في مدرسة ابن قتيبة، وكان القاضي فيها يؤمئذ أبو علي بن أبي هريرة، ومات بها سنة خمس وأربعين وثلاثمائة، وكانا في إمارة المستكفي بالله، وفي إمارة الطائع لله، وفي أول أيام القادر بالله وتفقه المَرْوَزِي بابن سُرَيج، وهو القاضي الإمام أحمد بن عمر بن سريج، وولي قضاء شيراز (قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي) وقال الشيخ أبو حامد الأسفراييني: نحن نجري مع أبي العباس في ظواهر الفقه دون الدقائق، مات ببغداد سنة ست وثلاثمائة في سلطنة المقتدر بالله. وتفقه ابن سريج بأبي القاسم عثمان بن سعيد بن بشارٍ الأنماطيّ ومات ببغداد سنة ثمان وثمانين ومائتين.
قال الشيخ أبو إسحاق: وكان هو السبب في نشاط الناس ببغداد لِكُتُبِ فقه مذهب الشافعي رحمه الله، وتفقه الأنماطي بالمزني وبالربيع، مات (المزني) بمصر سنة أربع وستين ومائتين، ومات الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المؤذن المرادي مولى لهم، بمصر أيضاً سنة سبعين ومائتين، وقيل سنة سبع وستين ومائتين، وهو الذي يروي كتب الشافعي.
قال الشيخ أبو إسحاق: قال الشافعي: المزني ناصر مذهبي، والربيع راويتي.
وقد سكن ابن سراقة المعافر بعد خروجه من العراق ومن مكة وكان بينه وبين المراغي منافرة والله أعلم.
طبقات فقهاء اليمن، تأليف: عمر بن علي بن سمرة الجعدي ص: 84-85-86