حسن بن علي محمود:
طبيب، من نوابغ مصر. أصله من أسرة قديمة تسمى (بيت شلتوت) . مولده بقربة الطالبية، من ضواحي القاهرة، ووفاته في القاهرة. تعلم بمصر وألمانية وفرنسة.
وتقلب في المناصب فكان مفتش صحة مصر، ثم مديرا للصحة، فناظرا للمدرسة الطبية وطبيبا لقسم الأمراض الباطنية بمستشفى قصر العيني. له 26 كتابا، منها (الفوائد الطبية في الأمراض
الجلدية - ط) و (البواسير ومعالجتها - ط) و (الاستكشاف العصري في الدمل المصري - ط) و (الرمد الصديدي - ط) مترجم، و (الخلاصة الطبية في الأمراض الباطنية - ط) و (تحفة السامع والقاري في داء الطاعون البقري الساري - ط) ورسائل في (حمى الدنج - ط) و (الهيضة والكوليرا - ط) و (النزلة الوافدة - ط) ووضع بالفرنسية كتابا في (داء الفقاع - ط) .
-الاعلام للزركلي-
حسن باشا محمود
حسن باشا محمود ١٨٤٧–١٩٠٦م.
هو من أهل الدور الثاني للنهضة الطبية الأخيرة، باعتبار تفاوتهم في أسلوب التأليف واختلافهم في المصادر التي تلقوا العلم عنها، نبغ من بين العامة، وارتقى بجده واجتهاده حتى صار في أرقى طبقات الخاصة علمًا ووجاهة. ونبوغ العامة إلى طبقة الخاصة يكثر على الخصوص في أثناء الانتقال من عصر إلى آخر، أو من دولة إلى أخرى؛ إذ تصبح السعادة فوضى يتنازع الناس في اغتنامها فينالون منها على مقادير قواهم وحظوظهم.
ولد حسن باشا محمود في قرية صغيرة على طريق الأهرام يقال لها الطالبية، وتلقى مبادئ العلم في المدرسة الحربية، حتى إذا آن زمن الإرسالية العلمية لعام سنة ١٨٦٢م — بعد وفاة المسيو جومار — أرسلوها إلى ألمانيا، وكان صاحب الترجمة في جملة أعضائها للتفقه في الطب، فأقاموا حينًا في ميونخ يتعلمون بالألمانية، ثم أتموا دروسهم في فرنسا لأسباب أوجبت ذلك الانتقال، فعاد صاحب الترجمة إلى مصر سنة ١٨٧٠م وبيده الدبلومة الطبية، فعينته الحكومة المصرية أستاذًا للتشريح في مدرسة القصر العيني، ثم تولى تدريس علوم أخرى وراتبه يزداد والأنعام تتوالى عليه، وكان راغبًا في الشهرة فانتظم عضوًا في جمعيتين قبل رجوعه من باريس، فلما صار أستاذًا في مدرسة قصر العيني انتدبته الأكاديمية البرازيلية لعضويتها، وعين عضوًا في عدة مؤتمرات طبية، وتقلَّب في مناصب كثيرة بدوائر الأمراء، وفي الْمَعِيَّة السَّنِيَّة، وفي مصلحة الصحة والمدرسة الطبية، وما زال يرتقي في ذلك حتى تولى إدارة مجلس الصحة، ثم رئاسة مدرسة الطب. وكان كثير التفكير في العمل والسعي في التقدم، ومن مساعيه أنه أنشأ مجمعًا طبيًّا بمصر لم يطل عمره كثيرًا.
وكان مع ذلك كثير الاشتغال في الكتابة والتأليف، وله مقالات طبية وعلمية تناقلتها الجرائد والمجلات، وتباحثت بها الأندية والجمعيات. أما مؤلفاته فأكثرها منقول أو ملخص عن الألمانية، ولكنه كان كثيرًا ما يبث آراءه واختباراته فيها؛ أولها كتاب ألفه في الفرنساوية قبل رجوعه من باريس، موضوعه «داء الفقاع»، أتى فيه على تاريخ هذا الداء من أول عهد الطب إلى الآن، وذكر رأيه في كثير من أبوابه، وكان له وقع حسن عند أطباء الإفرنج.
وأكثر ما ألفه من الكتب بعد ذلك منشور بمصر في العربية؛ ككتاب الفرائد الطبية في الأمراض الجلدية، ذكر فيه كثيرًا من الأمراض الجلدية الشائعة في القطر المصري، وكتاب الخلاصة الطبية في الأمراض الباطنية، وكتاب البواسير ومعالجتها، وتحفة السامع والقاري في داء الطاعون البقري الساري، وألَّف رسائل في حمى الدنج، وحمامات حلوان، والكوليرا، والنزلة الوافدة، ومقالات كثيرة نشر أهمها في المقتطف؛ منها مقالة ضافية في النباتات المصرية، ومقالات في الزراعة بوادي النيل والحشيش، والدمل المصري، والتراخوما، والسل، غير ما نشر من قلمه في المجلات الطبية بمصر وغيرها.
وبالجملة فقد كان (رحمه الله) عاملًا نشيطًا مجتهدًا، مع رقة طباعه وسهولة أخلاقه ورغبته في خدمة وطنه بما يبلغ إليه إمكانه.
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر، تأليف جُرجي زيدان، ج/2 – ص: 273 – 275.