عبد الله
حاجي خليفة
تاريخ الولادة | غير معروف |
تاريخ الوفاة | غير معروف |
الفترة الزمنية | بين 794 و 894 هـ |
نبذة
الترجمة
وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه عبد الله الْمَشْهُور بحاجي خَليفَة
كَانَ اصله من ولَايَة قسطموني واشتغل أَولا بالعلوم الظَّاهِرَة وأكملها ثمَّ اتَّصل الى خدمَة الشَّيْخ تَاج الدّين إِبْرَاهِيم بن بخشى فَقِيه وَحصل عِنْده طَريقَة الصُّوفِيَّة وانكشف لَهُ الْمَرَاتِب الْعَالِيَة حَتَّى اجازه للارشاد واقامه مقَامه بعد وَفَاته كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى جَامعا للعلوم والمعارف كلهَا وَكَانَ متواضعا متخشعا صَاحب اخلاق حميدة وآثار سعيدة وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي تَعْبِير الْوَاقِعَات وَكَانَ مظْهرا لِلْخَيْرَاتِ والبركات وَصَاحب عز وكرامات وَكَانَ مرجعا للْعُلَمَاء والفضلاء ومربيا للْفُقَرَاء والصلحاء وَآيَة فِي المروات والفتوة وَالْكَرم والسخاوة وَكَانَ بدنه الشريف جسيما وخلقه عَظِيما وَكَانَ لَهُ فَم بسام وَوجه بَين الْجلَال وَالْجمال قسام حُكيَ عَنهُ انه قَالَ اتى الي الشَّيْخ مُحَمَّد ابْن الْمولى الْفَاضِل خواجه زَاده وَقَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام ان وَاحِدًا من اولاد الافرنج كَانَ مَحْبُوسًا فِي قلعة مُنْذُ سبع وَعشْرين سنة قَالَ الشَّيْخ فحسبت سنه فَوَافَقت عدَّة سنه بعد بُلُوغه الْعدة الْمَذْكُورَة وَمن جملَة احواله الشَّرِيفَة ان الْمولى الْفَاضِل عَلَاء الدّين الفناري لما عزل عَن قَضَاء الْعَسْكَر اراد ان يسْلك مَسْلَك التصوف عِنْد الشَّيْخ الْمَذْكُور فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ النِّهَايَة تَابِعَة للبداية فَمن سلك المسلك الْمَذْكُور بِقطع جَمِيع الْعَوَائِق يكون سلوكه على ذَلِك فِي النِّهَايَة وَلَكِن يجوز ان يسْلك على الِاعْتِدَال وَلَا يلْزم على المريد ان يعْتَقد فِي شَيْخه الْكَرَامَة وَالْولَايَة بل يَكْفِي لَهُ ان يَعْتَقِدهُ سالكا طَرِيق الْحق واصلا اليه وجاريا على منهاج الطَّرِيقَة والشريعة ثمَّ قَالَ وَكَانَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ ان ينظر الى شَيْء كَانَ لَا يلوي عُنُقه الى ذَلِك الْجَانِب فَقَط بل يتَوَجَّه اليه بكليته قَالَ فَفِيهِ اشارة الى ان الطَّالِب يَنْبَغِي ان يتَوَجَّه الى مَطْلُوبه بكليته حَتَّى يحصل لَهُ ذَلِك وَحكي ان الْمولى الْمَذْكُور لما طلب من الشَّيْخ الْمَذْكُور الاذن بالرياضة وَترك اكل الْحَيَوَانَات قَالَ الشَّيْخ اني مَا اكلت حَيَوَانا وَمَا شربت مَاء سِتَّة اشهر فِي أَوْقَات رياضة وَمَا انتفعت بذلك بل بامتثال امْر الشَّيْخ وَمن كَلَامه الشريف ايضا ان وَاحِدًا من المريدين قَالَ لَهُ يَوْمًا رُبمَا يمر عَليّ وَقت لَا اقدر على التَّلَفُّظ بِكَلِمَة الشَّهَادَة ويخطر ببالي ان وَاحِدًا لَو قَالَ فِي احضور السُّلْطَان كل وَقت لَا سُلْطَان اكبر مِنْك يعد هَذَا سوء ادب وَمن الْمَعْلُوم انه لَا اله الا الله فَذكره فِي حُضُوره كل وَقت يكون بَعيدا عَن الادب فَقَالَ الشَّيْخ هَذَا معنى الاحسان فَمن وصل اليه يَكْفِيهِ ان يُلَاحظ حُضُور الْحق وَذَلِكَ الرجل قَالَ رُبمَا لَا أقدر على مُلَاحظَة معنى الذّكر ايضا بل لَا اقدر على الدُّعَاء فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ قَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين مَا قدرت ان ادعو الله تَعَالَى مُدَّة سِتَّة وَشهر وَقَالَ الشَّيْخ عِنْد ذَلِك الْوَقْت يكل اللِّسَان فيكفيه مُلَاحظَة حُضُور الْحق قَالَ الرجل وترتعد اعضائي قَالَ الشَّيْخ هَذَا ابْتِدَاء الْحُضُور وَلَو قدرت على الصَّيْحَة لَكَانَ ازيد وَحكي ان الْفَاضِل قَاضِي زَاده كَانَ قَاضِيا ببروسه فِي ذَلِك الْوَقْت وَقد حضر يَوْمًا عندالشيخ الْمَذْكُور فَسَأَلَهُ عَن مَذْهَب الجبرية وَمذهب اهل الْحق فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ الْجَبْر قِسْمَانِ جبر مُحَقّق وجبر مقلد اما جبر الْمُحَقق فَهُوَ تَفْوِيض اموره جَمِيعًا الى الله تَعَالَى واسقاط اخْتِيَاره بعد الِامْتِثَال بالأوامر والاجتناب عَن المناهي واما جبر الْمُقَلّد فَهُوَ تَفْوِيض اموره الى هَوَاهُ وَاتِّبَاع شهوات نَفسه واسقاط ارادته فِي الاوامر والنواهي ويتمسك بِأَنَّهُ لَيْسَ لي اخْتِيَار وقدرة بل يجْرِي على مَا كتب فِي الازل قَالَ الشَّيْخ وَهَذَا كفر ثمَّ قَالَ الشَّيْخ خرج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا على اصحابه وَبِيَدِهِ كِتَابَانِ فَقَالَ للَّذي فِي يَمِينه هَذَا كتاب من الله وَفِيه اسماء اهل الْجنَّة وَقد اجمل على آخرهَا وَقَالَ للَّذي فِي شِمَاله هَذَا كتاب من الله تَعَالَى وَفِيه اسماء أهل النَّار وَقد اجمل على آخرهَا فَقَالَ الصَّحَابَة اذن نَدع الْعَمَل فَقَالَ رَسُول الله = ص اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ وَقَالَ الشَّيْخ اراد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان لأهل الْجنَّة عَلامَة فَمن وجد فِيهِ تِلْكَ الْعَلامَة فهومن اهلها وان لأهل النَّار عَلامَة فَمن وجد فِيهِ تِلْكَ الْعَلامَة فَهُوَ من اهلها ثمَّ قَالَ وَلَا بُد لَك ان تحصل عَلامَة اهل الْجنَّة كَمَا فعل اصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ اجتهدوا فِي الْعَمَل وَلم يَتْرُكُوهُ اعْتِمَادًا على الْكتاب وَإِذا بلغت مبلغ اهل التَّحْقِيق بِاتِّبَاع شَرِيعَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَصح لَك ان تَقول لَيْسَ لي قدرَة وَلَا اخْتِيَار بل الْكل من الله تَعَالَى اما تعرف ان السّلف اجتهدوا فِي اتِّبَاع الشَّرِيعَة والاعمال الشاقة والرياضات الصعبة فَإِذا كَانَ حَالهم كَذَلِك فَمَا بالنا لَا نجتهد فِي الْعَمَل فَلَمَّا قرر الشَّيْخ هَذَا الْكَلَام قَالَ الْمولى قَاضِي زَاده صَدقْتُمْ كنت انا وَالْمولى الساميسوني يَقُول لَا نجاة الا فِي مُتَابعَة أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ الشَّيْخ الْمَذْكُور قدس سره الْعَزِيز فِي سلخ جُمَادَى الاخرة من شهور سنة ارْبَعْ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد تربة شَيْخه قدس الله أسرارهم
الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية - المؤلف: عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ.