إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن محيي الدّين بن عَلَاء الدّين بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن سراج الدّين بن صفي الدّين بن عمر عبد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الطباخ أصل وَالِده من بَلْدَة الْخَلِيل وَإِبْرَاهِيم هَذَا ولد بِدِمَشْق وَبهَا نَشأ واشتغل فِي بداية أمره ثمَّ لحق بقاضي الْقُضَاة السَّيِّد مُحَمَّد بن مَعْلُول ولازم مِنْهُ وَولى عِنْده بعض النيابات وسافر إِلَى قسطنطينية ثمَّ عَاد إِلَى دمشق فِي حُدُود سنة أَربع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وَأخْبر بِأَنَّهُ تقاعد عَن درس بِأَرْبَعِينَ عثمانيا وَأقَام بِدِمَشْق وسعى فِي دولة سِنَان باشا الْوَزير بِدِمَشْق على شَيْء من علوفة الْعلمَاء بخزينة الشَّام فَحصل لَهُ فِي كل يَوْم مَا يقرب من سِتِّينَ عثمانيا قِطْعَة ودرس بالسليمية بصالحية دمشق وَكَانَ ملازما على الْعِبَادَة بالجامع الْأمَوِي مُدَّة طَوِيلَة لَا يبرح مِنْهُ وَكَانَ شَدِيد التعصب دَائِم المخاطبة للْعُلَمَاء وَيظْهر ذَلِك فِي صُورَة الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر فاتفق أَنه سمع النَّجْم الْغَزِّي وَهُوَ يملي تَفْسِير وَالِده الْبَدْر المنظوم فَأنْكر عَلَيْهِ وَكَانَ يُنَادي فِي الْجَامِع الْأمَوِي على رُؤْس الأشهاد بِأَعْلَى صَوته يَا معشر الْمُسلمين مَتى سَمِعْتُمْ بِأَن كَلَام الله تَعَالَى ينظم من بَحر الرجز وَكَيف ينزه الله تَعَالَى نبيه عَن الشّعْر وَيَأْتِي رجل من عُلَمَاء أمته يدْخل كَلَامه فِي الشّعْر فتصدى لمعارضته جدي المرحوم القَاضِي محب الدّين وَألف رِسَالَة فِي الرَّد عَلَيْهِ سَمَّاهَا السهْم الْمُعْتَرض فِي قلب الْمُعْتَرض وَلما وصلت إِلَيْهِ الرسَالَة شرع فِي تصنيف رِسَالَة لرد مَا رد بِهِ عَلَيْهِ وَنسب فِيهَا إِلَى الْحمق وَلَقَد وقفت عَلَيْهَا وطالعتها من أَولهَا إِلَى آخرهَا فرأيتها من هذيان الْكَلَام لِأَن غَايَته فِيهَا أَن ينْقل قَول الْمُعْتَرض ثمَّ يَقُول تَارَة من عرف مَا قلته لم يعْتَبر هَذَا القَوْل وَتارَة من عرف مَقَالَتي عَامل بالإنصاف الَّذِي هُوَ شَأْنه وَهَكَذَا لما شاعت الرسَالَة ألف الْجد رِسَالَة ثَانِيَة وسماها بِالرَّدِّ على من فجر ونبح الْبَدْر بالقامه الْحجر وَأطَال فِيهَا وَبَين زيف رِسَالَة إِبْرَاهِيم بِوُجُوه متنوعة وَكَانَ الْعَلامَة شهَاب أَحْمد العيثاوي ألف رِسَالَة أُخْرَى فِي الرَّد عَلَيْهِ والتصدي لنصرة الْبَدْر وسماها بالصمصامة المتصدية لرد الطَّائِفَة المتعدية فشاعت الرسائل بَين عُلَمَاء الشَّام ونظم الأديب أَبُو بكر بن مَنْصُور الْعمريّ أرجوزة فِي معنى اعْتِرَاض إِبْرَاهِيم على نظم الْبَدْر التَّفْسِير وَمن جملَة أبياتها يُخَاطب إِبْرَاهِيم وَيُشِير إِلَى أَنه كَانَ طباخاً لشهرته بِابْن الطباخ قَوْله
(فعد عَن مبَاحث التَّفْسِير ... وعد كَمَا كنت إِلَى الْقُدُور)
وَاتفقَ أَنه لم تطل مدَّته بعد ذَلِك حَتَّى مَاتَ وَكَانَت وَفَاته يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي شعْبَان سنة سِتّ بعد الْألف وَكَانَ أوصى أَن يدْفن فِي مَقَابِر الصُّوفِيَّة وَعين موضعا لدفنه فنفذ أَخُوهُ مُحَمَّد وَصيته وَدَفنه فِي الْمَقَابِر الْمَذْكُورَة فِي طرف الطَّرِيق على جَانب الشمَال للذاهب إِلَى جِهَة المزة فِي مُقَابلَة نهر بانياس عفى عَنهُ.
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.