يوسف الطباخ ابن عبد الله الشهير بالطباخ الخلوتي الدمشقي الشيخ الأستاذ الامام الورع الزاهد العابد الناصح كان من أولياء الله تعالى معتقداً عند خاصة الناس وعامتهم مع الديانة والتقوى وكف الفضول وهو في الأصل مملوك لبني الميداني التجار فوفقه الله إلى الخير فأخذ طريق الخلوتية عن الأستاذ الكبير الشيخ حسن المرجاني البطائحي المعروف بالطباخ وهو أخذها عن العارف بالله الشيخ عيسى المعروف بان كنان وتتلمذ للمذكور ثم إنه لما مرض كان له ولد فأراد خلفاؤه أن يخلفوا ولده فقال أرسلوا خلف يوسف فلما جئ به بايعه وجعله خليفة على السجادة وكان ذلك في سنة ثلاث وعشرين ومائة وألف ثم إنه استقام بها إلى أن مات وظهر منه صلاح وكرامات خارقة وبدا كالشمس في رابعة النهار وقيل إنه كان من الأبدال وصار يقيم الذكر في مدرسة السميساطية وفي جامع التوبة ويختلي في جامع تنكز في كل سنة وأقبلت الناس عليه ومما يحكي عنه إنه جاء رجل من سادات الأشراف بدمشقوكان مولعاً بشرب الخمر والفجور فمر يوماً بزقاق فرأى الشيخ يوسف المترجم والناس تهرع إليه لتقبيل يديه ويسند عون الدعاء منه فعجب لذلك وقال له لأي شيء تهرع الناس إلى تقبيل يديك وأنت جدك نصراني وأنا جدي صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم ولا أرى الناس تقبل يدي فقال له لأنك تبعت طريقة جدي وأنا تبعت طريقة جدك فأفحمه بالجواب وتاب إلى الله على يده من الفجور الذي كان يصنعه ومن شرب الخمر وصار من تلاميذه وأخذ عنه الطريق وعلى كل حال فإن الأستاذ المترجم هو الكامل المفرد توفي رحمه الله سنة تسع وخمسين ومائة وألف ودفن بتربة مرج الدحداح في الروضة واتفق إنه في تلك السنة أيضاً مات الشيخ أحمد النحلاوي فأرخ وفاتهما السيد عبد الرزاق بن محمد البهنسي بقوله
انتبه يا فؤاد كم أنت لاه ... إنما هذه الشؤون ملاهي
شقق العمر لم تزل بانطواء ... كل آن حتى يكون التناهي
واندراس الكرام يوماً فيوماً ... موقظ للأنام والطرف ساهي
وانقراض الأعيان أكبر داع ... لفساد الزمان دون اشتباه
كان بدران مشرقان بأرض الش ... ام بالفضل ما لهم من يضاهي
بهما يرفع الآله بلاء ... حيث منهم بالخير آمر ناهي
وبهم تمطر السماء انصباباً ... وبهم فجرت عيون المياه
غرباً عن دمشق حين رآها ... قد غدت منزل ارتكاب المناهي
وبها خلفاً سحاب جلال ... عجاً كان فيهما الدهر زاهي
يوسف الزاهد المطيع تولي ... حين داعي الهدى دعا بانتباه
ثم في أثره أجاب مطيعاً ... أحمد الغوث من عباد الله
في رضاء الآله عاشا وماتا ... قلت أرخه في رضاء الآله
سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل