يوسف القباقبيابن محمد بن تاج الدين بن محمد بن أحمد بن زكي الدين المعروف بالقباقبي الدمشقي الخزرجي الشافعي البارع الأديب الشاعر النبيل هو بعلي الأصل وجده وأقرباؤه كلهم من التجار بدمشق لكن عمه الشيخ أبو السعود كان من الفضلاء المنوه بهم ودرس بالجامع الأموي وترجمه الأمين المحبي في تاريخه وأما صاحب الترجمة فإنه كان من الأدباء ترجمه الأمين المذكور في ذيل نفحته وقال في وصفه نسيج وحده في الفضائل الجلائل وعليه من الثناء برد من رقيق الغلائل فروض أدبه صفا لمن ورد إليه بظل ظليل ضفا برد برده على عطف نسمات سرين إليه وهو الآن متخل عن التعلق بالعلائق متخلق بأحسن ما يتخلق به من الخلائق يبين المخلف من الصيب ويميز الخبيث من الطيب فهو مخلى بسكون وهدو مظنة فائدة في رواح وغدو إلى منطق تزدري عذوبته بالرضاب وطلاقة كما راق الفريد القرضاب وفيه للطافة شواهد تزف منها للمنى أبكار نواهد وشعره در من بحور نظم عقوداً في نحور ذكرت منه ما يلذ للطبع لذة الماء يشرب من أصل النبع وذكر له هذين البيتين لا غير وهما قوله
أكرم الأكرمين أنت الهى ... وشفيع الأنام أكرم خلقك
أأرى بين أكرمين مضاماً ... أو مضاعاً حاشى الوفاء وحقك
قلت وأخبرني بعض الأصحاب إن لهذين البيتين نكتة وهي إن صاحب الترجمة تقلبت به الأحوال وضاق عيشه بعدما كان من ذوي الدنيا كما تقدم حتى صار كاتباً في بعض طواحين دمشق فتفكر يوماً من الأيام بحاله وما جرى له ونظم هذين البيتين المتقدم ذكرهما فما مضى على ذلك ساعتان إلا ورجل مقبل عليه ينادي باسمه فنهض قائماً إليه وقال له ما مرادك قال مرادي أنت أن تجيب إلى فلان يعني أحد تجار الشام فذهب معه إليه فلما رآه استقبله بغاية الاكرام والابتسام وأخبره إن أحد أولاد عمه بمصر مات وانحصر إرثه فيه وخلف أموالاً عظيمة ودفعوا له المكاتيب المصرحة بذلك فجد للسفر إلى مصر ورجع منها إلى الشام في تجارة عظيمة على عادته التي كان عليها وكانت وفاته في أواخر سنة سبع عشرة ومائة وألف رحمه الله تعالى
سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل