إسحاق بن أحمد بن محمد بن علي بن غانم العلثي

أبي الفضل

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة634 هـ
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • بغداد - العراق

نبذة

إِسْحَاق بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن على بن غَانِم العلثى الإِمَام الزَّاهِد الْقدْوَة أبي الْفضل سمع من أَبى الْفَتْح ابْن شاتيل وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على ابْن كُلَيْب وَابْن الْأَخْضَر وَكَانَ قدوة صَالحا زاهدا فَقِيها عَالما أمارا بِالْمَعْرُوفِ نهاء عَن الْمُنكر لَا يخَاف أحدا إِلَّا الله وَلَا تَأْخُذهُ فى الله لومة لائم أنكر على الْخَلِيفَة النَّاصِر فَمن دونه وواجه الْخَلِيفَة وصدعه بِالْحَقِّ قَالَ بَعضهم هُوَ شيخ الْعرَاق والقائم بالإنكار على الْفُقَهَاء والفقراء وَغَيرهم فِيمَا ترخصوا فِيهِ وَقَالَ المنذرى قيل إِنَّه لم يكن فى زَمَانه مثله أَكثر إنكارا للْمُنكر مِنْهُ وَحبس على ذَلِك مُدَّة

الترجمة

إِسْحَاق بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن على بن غَانِم العلثى الإِمَام الزَّاهِد الْقدْوَة أبي الْفضل
سمع من أَبى الْفَتْح ابْن شاتيل وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على ابْن كُلَيْب وَابْن الْأَخْضَر وَكَانَ قدوة صَالحا زاهدا فَقِيها عَالما أمارا بِالْمَعْرُوفِ نهاء عَن الْمُنكر لَا يخَاف أحدا إِلَّا الله وَلَا تَأْخُذهُ فى الله لومة لائم

أنكر على الْخَلِيفَة النَّاصِر فَمن دونه وواجه الْخَلِيفَة وصدعه بِالْحَقِّ قَالَ بَعضهم هُوَ شيخ الْعرَاق والقائم بالإنكار على الْفُقَهَاء والفقراء وَغَيرهم فِيمَا ترخصوا فِيهِ
وَقَالَ المنذرى قيل إِنَّه لم يكن فى زَمَانه مثله أَكثر إنكارا للْمُنكر مِنْهُ وَحبس على ذَلِك مُدَّة
وَله رسائل كَثِيرَة إِلَى الْأَعْيَان بالإنكار عَلَيْهِم والنصح لَهُم
وَحدث وَسمع مِنْهُ جمَاعَة مِنْهُم ابْن الدواليبى
توفى فى ربيع الأول سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بالعلث

المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد - إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح، أبي إسحاق، برهان الدين.

 

 

 

إسحاق بن أحمد بنِ محمدِ بنِ غانم، العلثيُّ.
كان محدثًا فقيهًا عالمًا، زاهدًا، أمارًا بالمعروف، نهاء عن المنكر، لا يخاف أحدًا إلا الله، أنكر على الخليفة الناصر فمن دونه، وواجه الخليفة، وصدعه بالحق، وهو شيخ العراق، والقائم بالإنكار على الفقهاء والفقراء وغيرهم فيما ترخصوا فيه.
قال المنذري: قيل: إنه لم يكن في زمانه أكثر إنكارًا للمنكر منه، وحبس على ذلك مدة، وأرسل رسالة إلى ابن الجوزي بالإنكار عليه فيما يقع من كلامه من الميل إلى أهل التأويل، يقول فيها: من فلان إلى فلان، حمانا الله وإياه من الاستكبار عن قبول النصائح، ووفقنا وإياه لاتباع السلف الصالح، وبصرنا بالسنة السنية، ولا حرمنا الاهتداء باللفظات النبوية، وأعاذنا من الابتداع في الشريعة المحمدية، فلا حاجة إلى ذلك، فقد تركنا على بيضاء نقية، وأكمل الله تعالى لنا الدين، وأغنانا عن آراء المتنطعين، ففي كتاب الله وسنة رسوله مقنعٌ لكل من رغب أو رهب، رزقنا الله الاعتقاد السليم، ولا حرمنا التوفيق، فإذا حُرمه العبد، لم ينفع التعليم، وعرفنا أقدار نفوسنا، وهدانا الصراط المستقيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وفوق كل ذي علم عليم.
وبعد حمد الله تعالى، والصلاة على رسوله، فلا يخفى أن الدين النصيحة، على الخصوص للمولى الكريم، والرب الرحيم، فكم قد زل قلم، وعثر قدم، وزلق متكلم، ولا يحيطون به علمًا، قال عز من قائل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِير} [الحج: 8] وأنت يا عبد الرحمن! فما يزال يبلغني عنك، ونشاهد في كتبك المسموعة عليك تذكر كثيرًا ممن كان قبلك من العلماء بالخطأ؛ اعتقادًا منك أنك تصدع بالحق من غير محاباة، ولا بد من الجريان في ميدان النصح، إما لتنتفع إن هداك الله، وإما لتركب حجة الله عليك، ويحذر الناس قولك الفاسد، ولا يغرك كثرة اطلاعك على العلوم، فربَّ مبلَّغٍ أوعى له من سامع، وربَّ حاملِ فقهٍ لأفقه منه، ورب بحر كدرٍ ونهر صاف.
فلستَ أعلمَ من الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث قال له عمر: أتصلَّي على ابن أُبَي؟! فنزل القرآن: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84]، ولو كان لا ينكر من قل علمُه على من أكثر علمه، إذًا لتعطَّل الأمر بالمعروف، وصرنا كبني إسرائيل حيث قال الله تعالى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة: 79] بل ينكر المفضول على الفاضل، وينكر الفاجر على الولي على تقدير معرفة الولي، وإلا فأين العنقا لتطلب؟ وأين السَّمندل ليُجلب؟ ... إلى أن قال: واعلم أنه قد كثر النكير عليك من العلماء الفضلاء، والأخيار في الآفاق بمقالتك الفاسدة في الصفات، وقد أبانوا أوهام مقالتك، وحكوا عنك أنك أبيتَ النصيحة، فعندك من الأقوال التي لا تليق بالسنة ما يضيق الوقت عن ذكرها، فذُكر عنك: أنك ذكرت في الملائكة المقربين الكرام الكاتبين فصلاً - زعمت أنه مواعظ - وهو تشقيق وتفيهق، وتكلف بشيع، خلا أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكلام السلف الصالح الذي لا يخالف سنة، فعمدتَ وجعلتها مناظرة معهم، فمن أذن لك في ذلك، وهم يستغفرون للذين آمنوا، ولا يستكبرون عن عبادة الله، وقد قرن شهادتهم بشهادته قبل أولي العلم، وما كان علينا إن كان الآدمي أفضلَ منهم أم لا، فتلك مسألة أخرى ... إلى أن قال: ثم تعرضت لصفات الخالق تعالى كأنها صدرت لا من صدرِ سكن فيه احتشام العلي العظيم، ولا أملاها قلبٌ مليء بالهيبة والتعظيم، بل من وقعات النفوس المبهرجة الزيوف.
وزعمت أن طائفة من أهل السنة والأخبار نقلوها وما فهموها، وحاشاهم من ذلك، بل كفوا عن الثرثرة والتشدق، لا عجزًا - بحمد الله - عن الجدل والخصام، ولا جهلاً بطريق الكلام، إنما أمسكوا عن الخوض في ذلك عن علم ودراية؛ لا عن جهل وعماية، والعجب ممن ينتحل مذهبَ السلف، ويرى الخوض في الكلام، ثم يقدم على تفسير ما لم يره أولاً، ويقول: إذا قلنا كذا، أدى إلى كذا ... إلى أن قال: فكيف يجوز أن تتبع المتكلمين في آرائهم، وتخوض مع الخائضين فيما خاضوا فيه، ولو أن مخلوقًا وصف مخلوقًا مثله بصفات من غير رؤية ولا خبر صادق، لكان كاذبًا في إخباره.
فكيف تصفون الله تعالى بشيء ما وقفتم على صحته، بل بالظنون والواقعات؟! ثم لك في الكتاب الذي سميته: "الكشف لمشكل الصحيحين" مقالاتٌ عجيبة تحكيها عن الخطابي وغيره من المتأخرين، أطلع هؤلاء على الغيب، وأنتم تقولون: لا يجوز التقليد في هذا، ثم ذكره فلان ذكرت الكلام المحدث على الحديث، ثم قلت: والذي يقع لي، أفبهذا تقدم على الله - عز وجل -، وتقول: قال علماؤنا؟! ثم ما كفاك حتى قلت: هذا من تحريف بعض الرواة تحكما من غير دليل، وما رويت عن ثقة آخر أنه قال: غيّره الراوي، فلا ينبغي بالرواة العدول أنهم حرفوا، ولو جوزتم لهم الرواية بالمعنى، فهم أقرب إلى الإصابة منكم، وأهل البدع أيضًا كما رويتم حديثًا يتفرقون عنه يقولون: يحتمل أنه من تغيير بعض الرواة، فإذا كان المذكور في الصحيح المنقول من تحريف بعض الرواة، فقولكم ورأيكم في هذا: يحتمل أنه من رأي بعض الغواة. وتقول: قد انزعج الخطابي لهذه الألفاظ، فما الذي أزعجه دون غيره؟ ونراك تبني شيئًا ثم تنقضه، وتقول: قد قال فلان وفلان، وتنسب ذلك إلى إمامنا أحمد - رضي الله عنه -، ومذهبُه معروف في السكوت عن مثل هذا، ولا يفسره، بل صحح الحديث، ومنع من تأويله، وكثير ممن أخذ عنك العلم إذا رجع إلى بيته، علم بما في عَيْبته من العيب، وذمَّ مقالتك، وأبطلها ... إلى قوله: فاتق الله، ولا تتكلم فيه برأيك، فهذا خبر غيب لا يسمع إلا من الرسول المعصوم، فقد انتصبتم حربًا للأحاديث الصحيحة، والذين نقلوها نقلوا شرائع الإسلام، قال: لقد آذيت عباد الله، وأضللتهم، فصار شغلك نقلَ الأقوال فحسب.
وابن عقيل - رحمه الله - قد حكى أنه تاب بمحضر من علماء وقته من مثل هذه الأقوال بمدينة السلام - عمرها الله بالإسلام والسنة -، فهو بريءٌ على هذا التقدير مما يوجد بخطه، أو ينسب إليه من التأويلات والأقوال المخالفة للكتاب والسنة.
وأنا وافد الناس والعلماء والحفاظ إليك، فإما أن تنتهي عن هذه المقالات، وتتوب التوبةَ النصوح كما تابَ غيرك، وإلا كشفوا للناس أمرك، وسيروا ذلك في البلاد، وبينوا وجه الأقوال الغثة، وهذا أمر تشوور فيه، وقضي بليل، وَالأرض لا تخلو من قائم لله بحجج، والجرحُ - لا شكَّ - مقدَّم على التعديل، والله على ما نقول وكيل، وقد أعذر من أنذر. قال: وما زال أصحابنا يجهرون بصريح الحق في كل وقت ولو ضُربوا بالسيف، ولا يخافون في الله لومة لائم، ولا يبالغون بشناعة مشنع، وكذب كاذب، ولهم من الاسم العذب الهني، وتركِهم الدنيا، وإعراضِهم عنها اشتغالاً بالآخرة، ما هو معلوم معروف، ولقد سودت وجوهنا بمقالتك الفاسدة، وانفرادك بنفسك كأنك جبار من الجبابرة، ولا كرامة لك ولا نعمة، ولا نمكنك من الجهر بمخالفة السنة، ولو استقبل الرأي ما استدبر، لم يحك عنك في السهل ولا في الجبل، ولكن قدر الله وما شاء فعل، فبيننا وبينك كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: 59]، ولم يقل: إلى ابن الجوزي ... إلى أن قال: فانتبه يا مسكين قبلَ الممات، وحسِّن القولَ والعمل، فقد قرب الأجل، ولله الأمر من قبل ومن بعد. انتهى صفوة ما نقله ابن رجب من كتابه.
وللشيخ إسحق أجزاء مجموعة حديثية، وحدَّث، وسمع منه جماعة، وذكر ابن الدبيتي أنه سمع منه، وتوفي سنة 634، أظنه بالعلث - رضي الله عنه -.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.