الْحسن بن أَحْمد اليمني الْمَعْرُوف بالحيمي تَرْجَمَة الْأَخ الْفَاضِل مصطفى بن فتح الله فِي مَجْمُوع لَهُ فَقَالَ فِي حَقه فائق أقرانه وسابق ميدانه وَأحد الْأَعْيَان الأفاضل الَّذين بداسنا الأقبال فِي سِيمَاهُمْ وأعرب مُبْتَدأ عمرهم عَن منتهاهم وَمِمَّنْ غَدا نجم سعادته سَابِقًا لائحا وَرَاح مسك شذاه عابقا فائحا كَانَ كَمَا أحبر بِهِ تِلْمِيذه الْعَلامَة صَالح بن الْمُهْتَدي المقيلي أما مَا فِي الْفِقْه مشاركاً فِيهِ مُشَاركَة تَامَّة وَكَانَ كَذَلِك فِي غَيره من الْعُلُوم صَاحب تَدْبِير ورياسة وَمَعْرِفَة فِي الْأُمُور المهمة مُعظما عِنْد الدولة مشارا إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ أرْسلهُ الإِمَام المتَوَكل على الله إِسْمَاعِيل بن الْقَاسِم رَسُولا إِلَى الْحَبَشَة فِي أغراض مهمة قضيت بنظرة على أحسن حَال وَألف رِسَالَة فِي الْحَبَشَة لَطِيفَة وَهُوَ وَالِد القَاضِي مُحَمَّد وَيحيى الآتى ذكرهمَا وَله شعر حسن مِنْهُ قَوْله
(فؤاد على هجر الْأَحِبَّة لَا يقوى ... وَكَيف وَربع العامرية قد أقوى)
(وصبروا وَلَكِن غاله الهجر والنوى ... فَلَا نفع للمهجور وَفِيه وَلَا جدوى)
(ولكنني قد ذبت فِي الْوَصْل بالرجا وَكم ذِي لبانات تمتّع بالرجوى ... )
(فيايها الْخلّ الَّذِي أَنا صبه ... عَلَيْك بآداب الحَدِيث الَّذِي يرْوى)
(ومنّ علينا بالترسل أنني ... رَأَيْت حَدِيث المنّ أحلى من السلوى)
وَكَانَت وَفَاته فِي سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَألف رَحمَه الله تَعَالَى
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.
الحسن بن أحمد بن صلاح اليوسفي الجمالي اليماني المعروف بالحيمي:
فاضل، من أعيان دولة الإمام المؤيد باللَّه بن القاسم وأخيه المتوكل. وكان المتوكل يوجهه في المهمات. وآخر ما بعثه به رحلة إلى سلطان الحبشة، فأقام عنده ثلاث سنوات. وجمع أخبار (رحلته - ط) في جزء، و (سيرة الحبشة - ط) وله نظم جيد. وولي حاكما ببلاد كوكبان، فأقام بمدينة شبام حمير (تحت كوكبان) إلى أن توفي .
-الاعلام للزركلي-
الْحسن بن أَحْمد بن صَلَاح اليوسفي الجمالى اليمانى الْمَعْرُوف بالحيمى
أحد أَعْيَان دولة الإمام الْمُؤَيد بِاللَّه بن الْقَاسِم وأخيه الإمام المتَوَكل على الله وَهُوَ من أكَابِر الْعلمَاء وأفاضل الأدباء وَكَانَ يقوم بالامور الْعَظِيمَة الْمُتَعَلّقَة بالدولة ثمَّ يشْتَغل بِالْعلمِ درساً وتدريساً وَكَانَ يوجهه الإمام المتَوَكل على الله في الْمُهِمَّات لفصاحته ورجاحة عقله وَقُوَّة تَدْبيره فَمن جملَة مَا بَعثه إِلَيْهِ من الْمُهِمَّات إرساله إِلَى حَضرمَوْت لما وَقع الِاخْتِلَاف بَين السلاطين آل كثير فَقَامَ بِالْأَمر أتمّ قيام وصلحت الْأُمُور بحميد رَأْيه وَجَمِيل عنايته وَوَجهه أَيْضا إِلَى سُلْطَان الْحَبَشَة لما وصلت اليه مِنْهُ كتب تَتَضَمَّن وغوبه في الإسلام وَيطْلب وُصُول جمَاعَة من آل الإمام إليه ليسلم على أَيْديهم فَتوجه في نَحْو خمسين رجلا وَركب من بندر المخاثم توجّه من هُنَالك ولاقى مشاقاً عَظِيمَة وَاسْتمرّ في الطَّرِيق سفراً وإقامة نَحْو تِسْعَة أشهر فوصل إِلَى سُلْطَان الْحَبَشَة في يَوْم عيد لِلنَّصَارَى فَدخل على السُّلْطَان لابساً شعار الإسلام من الثِّيَاب الْبيض وَكَانَ السُّلْطَان غير مربد لما أظهره في كتبه من الرغوب في الإسلام بل مُعظم قَصده المراسلة كَمَا يَفْعَله الْمُلُوك وَأَنه يُرِيد إصْلَاح الطَّرِيق فَلَمَّا اسْتَقر صَاحب التَّرْجَمَة في مَدِينَة السُّلْطَان أَضَافَهُ وَأكْرم أَصْحَابه وَأَرَادَ أَن يخلع عَلَيْهِ خلعة حَرِير خَالص وسوارين من الذَّهَب فَقَالَ لَهُ هَذَا لَا يحل في شريعتنا وَكَانَ لصَاحب التَّرْجَمَة في تِلْكَ الْبِلَاد صولة عَظِيمَة حَتَّى كَانَ أَصْحَابه يبطشون بالنصارى إِذا تعرضوا لَهُم ويضربونهم وشاع عِنْد الْحَبَشَة أَن الْعَرَب الَّذين هم أَصْحَاب المترجم لَهُ يَأْكُلُون النَّاس فزادت مهابتهم فِي صُدُورهمْ وَكَانَ أعظم معِين لَهُم على ذَلِك البنادق فإنه لَا يعرفهَا أهل الْحَبَشَة إِذْ ذَاك ولولاهى مَا قدرُوا على مُرُور الطَّرِيق فإنهم كَانُوا ينصبون عَلَيْهِم كالجراد فيرمونهم بالبنادق فيقتلون مِنْهُم وينهزمون ويفزعون لأصواتها وتأثيرها ثمَّ لما أيس صَاحب التَّرْجَمَة من إسلام السُّلْطَان طَالبه بالإذن لَهُ بِالرُّجُوعِ إِلَى ديار الْإِسْلَام فتثاقل عَنهُ ثمَّ بعد حِين أذن لَهُ وَكَانَ لايصحى من شرب الْخمر فعين لَهُ وقتاً يصل اليه للوداغ وَترك شرب الْخمر في ذَلِك الْيَوْم وَجمع وزراءه وأمراءه وأعيان دولته فَأمر صَاحب التَّرْجَمَة أَصْحَابه أَن يرموا بالبنادق عِنْد وصولهم إلى بَاب السُّلْطَان كَمَا يَفْعَله أهل الْيمن ويسمون ذَلِك تعشيرة
فَلَمَّا سمع السُّلْطَان أصوات البنادق هرب من أيوانه وهرب الوزراء وَسَائِر أَصْحَاب السُّلْطَان فَدخل صَاحب التَّرْجَمَة الدَّار ثمَّ بعد ذَلِك عَاد السُّلْطَان إلى مَكَانَهُ وَأخذ في أهبة تَوْجِيهه إلى بِلَاد الإسلام وَكَانَ جملَة بَقَائِهِ لَدَيْهِ ثَلَاث سِنِين وَرجع إلى حَضْرَة الإمام سالماً وَهَذِه الرحلة مُشْتَمِلَة على عجائب وغرئب قد جمعهَا صَاحب التَّرْجَمَة في كراريس هي بأيدي النَّاس وَمن شعره أَيَّام إقامته بِالْحَبَشَةِ هَذِه الأبيات
(على كلّ سعي في الصلاح ثَوَاب ... وكلّ اجْتِهَاد فِي الرشاد صَوَاب)
(وَلَيْسَ على الإنسان إدراك غَايَة ... وَدون مداها للعيون حجاب)
(وَلَو علم الساعون غَايَة أَمرهم ... لما كَانَ شخص بالشرور يصاب)
(فَقل لأمير الْمُؤمنِينَ لقد دَعَا ... وَحقّ لَهُ بعد الدُّعَاء يُجَاب)
(وَلَكِن دَعَا قوماً يظنون أَنهم ... رموا غَرضا في دينهم فَأَصَابُوا)
وهي أَبْيَات طَوِيلَة جَيِّدَة وَله أشعار أَيَّام إقامته هُنَالك وشعره جيد مَاتَ في شهر ذي الْحجَّة سنة 1070 سبعين وَألف
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني