طومان باي الجركسي الأشرفي الملك الصالح

الأشرف طومان باي

تاريخ الولادة879 هـ
تاريخ الوفاة923 هـ
العمر44 سنة
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةالقاهرة - مصر
أماكن الإقامة
  • الإسكندرية - مصر
  • الجيزة - مصر
  • القاهرة - مصر

نبذة

طومان باي: الجركسي، الأشرفي، القايتبائى، الملك الصالح؛ ابن أخى الغورى‏، آخر ملوك الجراكسة من الأتراك، تسلطن بعد قتل عمه الغورى، و استولى على مصر، فأرسل إليه السلطان سليم بن عثمان بعد أن ملك حلب و الشام و ما بينهما من البلاد بقاصد، و كتب معه ما يستميل به خاطره، و يستجلب قلبه و يعده بكل جميل إن دخل فى الطاعة و كف القتال بين المسلمين، فلم يلتفت لشى‏ء من ذلك بل قتل القاصد ، فعين طومان باى من يهجم من العساكر و الأمراء، و سيّر من المماليك الخاصكية ألفين و خمسمائة و جمع من مشايخ العربان من كمل به من سبعة آلاف خيّال، و ساروا جميعا إلى «العريش» ثم إن السلطان سليم بن عثمان أرسل إلى الوزير الأعظم سنان باشا بأربعة آلاف خيّال؛ ليلحق من قدمه من العساكر؛ و هم ألفان، عليهم الأمير محمد محمد بير بن عيسى، و قصد بتقديمهم تمهيد الطريق، فلما خشى عليهم أتبعهم بالوزير المذكور، فأدركهم فى «غزة»، فلما بلغ الجراكسة ذلك توقفوا عن الحرب،

الترجمة

طومان باي: الجركسي، الأشرفي، القايتبائى، الملك الصالح؛ ابن أخى الغورى‏، آخر ملوك الجراكسة من الأتراك، تسلطن بعد قتل عمه الغورى، و استولى على مصر، فأرسل إليه السلطان سليم بن عثمان بعد أن ملك حلب و الشام و ما بينهما من البلاد بقاصد، و كتب معه ما يستميل به خاطره، و يستجلب قلبه و يعده بكل جميل إن دخل فى الطاعة و كف القتال بين المسلمين، فلم يلتفت لشى‏ء من ذلك بل قتل القاصد ، فعين طومان باى من يهجم من العساكر و الأمراء، و سيّر من المماليك الخاصكية ألفين و خمسمائة و جمع من مشايخ العربان من كمل به من سبعة آلاف خيّال، و ساروا جميعا إلى «العريش» ثم إن السلطان سليم بن عثمان أرسل إلى الوزير الأعظم سنان باشا بأربعة آلاف خيّال؛ ليلحق من قدمه من العساكر؛ و هم ألفان، عليهم الأمير محمد محمد بير بن عيسى، و قصد بتقديمهم تمهيد الطريق، فلما خشى عليهم أتبعهم بالوزير المذكور، فأدركهم فى «غزة»، فلما بلغ الجراكسة ذلك توقفوا عن الحرب، لكنهم سعوا فى جمع‏  الناس ‏من القرى و الضواحى، فأقاموا فى «العريش» ثلاثة أيام، فجمع سنان باشا من معه من الأمراء و الأعيان فاستشارهم فى المقابلة أو الانتظار بينما يرد السلطان، فأجمعوا على المقابلة خشية من الهجوم، ففى ليلة الخميس سابع عشى جمادى الآخرة ركب سنان باشا و خرج من «غزة»، و أظهر أنه راجع لجهة «الرملة» (الرملة: مدينة عظيمة بفلسطين)، فسار طول ليلته و أصبح بالقرب من «خان يوسف»، فكان بالقرب منه عسكر الجراكسة، فلما جاء خاير بك و الغزالى إلى العسكر العثمانى هيّأ عسكره، و عين الميمنة و الميسرة، و كذلك سنان باشا جعل على ميمنة الأمير مرهاد بمن معه، و على ميسرته محمد بن عيسى، فلما رأى الغزالى ذلك عين بعض جماعة فى عسكره مع المشاة و أمرهم أن يفروا على قلعة العسكر أولا، فلما رأى سنان باشا ذلك أخرج من عسكره مقدار ألف خيّال و ماش ترمى البندق، و أمرهم أن يكونوا خلف العسكر و حوله، فلما رأى الجراكسة ذلك تربصوا و سايروا العسكر قليلا قليلا ينتهزون الفرصة، فلما نزل سنان بمحل المنزل هجم الغزالى قابلة طائفة الإنكجارية برمى البندق، ثم ركب سنان و تلاحق العسكر و التحم القتال إلى وقت المغرب، فانهزم الغزالى و قتل غالب الأمراء الذين كانوا معه، و أرسلت رؤوسهم مع من قبض عليهم أيضا إلى السلطان سليم خان، فسرّ بذلك، و ذهب الغزالى إلى مصر، و سار السلطان حتى نزل بركة الحج و تهيأ منها لفتح قلعة مصر، و أخذ البلاد، فأنفق الجراكسة المقيمون بها و غيرهم من العرب على إعانة طومان باى فبلغت عدتهم عشرين ألفا، فجمع طومان باى المدافع الكثيرة و أخرجها «للريدانية» و قررها فى الأرض، فأرسل إلى الإسكندرية و طلب من يضرب بالمدافع، فاجتمع عنده خلق كثيرون، فنزل بمخيّمه. فلما بلغ السلطان ذلك و كان قد صفّ عسكره ميمنة و ميسرة، ترك استقبال طومان باى، و سلك طريقا أخرى من على الجبل، و بادرهم برمى المدافع و البنادق، و استقبله‏ خيول الجند و فرسانها، و التحم الحرب و حميت الوطيس حتى أظلمت الدنيا، و لم تزل الجراكسة تهجم مع تلك الظلمات على العساكر العثمانية المرة بعد المرة، تكرّ و تفرّ و القتل فيهم، و هم لا يصدهم شى‏ء حتى قتل منهم جانب عظيم من أعيانهم، و قتل من العساكر العثمانية أقل من ذلك، فانكسر الجراكسة، و لم يزل عسكر السلطان خلفهم إلى أن أدخلوهم بيوتهم، فنهبت بيوتهم و أموالهم، و كان ذلك يوم الخميس تاسع عشرى ذى الحجة سلخ سنة اثنين و عشرين و تسعمائة.

و فى صبح يوم الجمعة غرة محرم سنة ثلاث و عشرين أمر السلطان فى المساجد و الجوامع بالخطبة باسمه الشريف، و بالسكة كذلك، و أقام ب «العادلية» ثلاثة أيام ثم ارتحل، و دخل البلاد، و تعدى إلى «الجيزة» و نزل بعسكره فيها، فجمع طومان باى من لقى من الجراكسة نحو سبعة الاف نفر و هجم على البلاد ليلا، و اتفق مع بعض العرب، و تبعه خلق من أهل مصر، و قتل جميع من وجد فى البلاد من العساكر العثمانية، و قصد الهجوم ليلا على السلطان سليم و من معه، و هيّأ مراكب البحر للذهاب، فلما بلغ ذلك السلطان عيّن جماعة على المقابر، و أمر العساكر بالتنبه و عدم الغفلة، فلم يقدر طومان باى على الهجوم ليلا، فبعث السلطان جماعة و أمرهم بالهجوم على مصر فهجموا؛ فكل من وجدوه من آدمى أو بهيمة قتلوه، و محل قابل للحرق أحرقوه، و أغاروا على الناس، و المصريون يقاتلونهم فى الأماكن الحصينة بالسهام و الحجارة، و استمرت الحرب ثلاثة أيام على هذا الأسلوب، فوصل السلطان بنفسه، و أغار على البلاد و رمى بالمدافع على جميع من لاقاه، و اشتد الحرب فى «الرميلة»، و هلك خلق كثيرون من الفئتين‏ ، ثم هرب طومان باى إلى جامع «الشيخونية» و حارب هناك، ثم ضجت الرعايا بطلب الأمان، و كثر الصياح منهم، فأمّنهم السلطان، و أمر بتتبع طائفة الجراكسة خاصة و استئصالهم، فلم يجد طومان باى بدا من الهرب، فخرج فى نحو عشرة أنفس هاربا لجهة الصعيد.

و قتل ذلك اليوم ما ينيف على أربعة آلاف نفس، حتى سالت الدماء، و تكدر بحر النيل، و تعفن الهواء لذلك، فعاد السلطان إلى مخيمه ب «الجيزة»، و نقل إليه من قبض من أعيان أمراء الجراكسة، و أمر بضرب أعناقهم على ضوء المشاعل.

 

ففى صبيحة ذلك اليوم دوّن ديوانا، و رتّب للعساكر و العطايا، و عيّن أرباب المناصب، فأرسل إليه الغزالى و كان قد هرب فى الوقعة الأولى من «الريدانية» إلى جهة «الصالحية»، فطلب الأمان و العفو عن ذنبه، فلما علم السلطان أنه لم يحضر الواقعة التى داخل البلد غفر له ذنبه، و طلبه فجاء تائبا مستغرفا، فأنعم عليه ببلدة «شجاع».

ثم أقام السلطان فى محله إلى ثالث عشرى المحرم، و ارتحل و صعد إلى القلعة، ثم إن طومان باى أرسل يطلب الأمان و العفو عما مضى، فقبل السلطان منه ذلك، و استمال خاطره، و أرسل بجوابه و إجابته كيخية عسكر أناضولى مصطفى حلبى و القضاة الأربعة قضاة مصر، و كتب إليه بالعهد و الأمان معهم، فلما وصلوا إليه منعه بعض المفسدين من الجراكسة و حرضوه على العصيان، فقتل مصطفى حلبى المذكور و القضاة، و أظهر عدم الانقياد، و اجتمع عنده بقية الجراكسة و طائفة من العربان، و قصد العود إلى مصر، و تعدى على المراكب، و وصل إلى قريب حتى نزل ببركة «الجيش»، فعيّن السلطان بعض الأمراء و العساكر بحربه، فتوجهوا لقتاله، و خرج السلطان أيضا بنفسه، و نزل بالقرب من النيل، فارتحل طومان باى من محله و هرب، فتبعه العسكر منازل، فعلم الأمراء أنه لا راحة لهم ما دام موجودا، فتركوا أثقالهم و سعوا فى طلبه، فأدركوه بين «الإسكندرية» و بين «رشيد»، فحصل حرب عظيم و قبض على جماعة ممن معه، فهرب هو، و توجه فى طلبه بعض الأمراء، فأدركه فى «البحيرة»، فأحاط به و قتل جميع من معه، فألقى طومان باى بنفسه فى البحر، فلما أشرف على الغرق طلب الأمان،فرموا له حبلا و تمسك به و جرّوه إلى البر و مسكوه و قيدوه، و جاءوا به إلى السلطان سليم، فقصد السلطان العفو عنه لمّا رآه، ثم تذكر جرائمه و ما فعله و علم أن الفتنة لا تنام ما دام موجودا، فأمر بشنقه، فشنق على «باب زويلة» فى إحدى و عشرين من ربيع الأول ثلاث و عشرين و تسعمائة.

فتم أمر السلطان سليم على مصر، و قد مهّد القوانين و القواعد، و اجتمع به بمصر مولانا السيد الشريف نجم الدين محمد أبو نمى؛ ابن الشريف بركات سلطان مكة، و كان إذ ذاك فى سن الثلاثة عشرة سنة، أرسل والده مهنئا للسلطان بالفتح، فأنعم عليه إنعاما عظيما، و جعل البلاد باسمه، و ذلك بالتماس أبيه، كما سيأتى ذلك فى ذكر خلافتهم إن شاء اللّه تعالى، ثم عاد السلطان قاصدا تخت مملكته «استانبول»؛ و ذلك فى سنة ست و عشرين، و قد تمهدت له البلاد، و عمّ العباد، و دخل أمر الحرمين الشريفين تحت حكمه، و خطب فيها و فى سائر هذه الأقطار باسمه، و انقضت دولة الجراكسة عن آخرها.

- الأرج المسكي في التاريخ المكي وتراجم الملوك والخلفاء/ علي بن عبد القادر الطبري -.

 

طومان باي، أبو النصر، الملقب بالملك الأشرف:
من ملوك الجراكسة بمصر. اشتراه قانصوه الغوري بمصر، وقدمه إلى الأشرف قايتباي. فلما ولي الناصر محمد بن قايتباي أعتقه، فترقى.
ولما آلت السلطنة لقانصوه الغوري، قدمه، ثم جعله (دوادارا كبيرا) وأنابه عن نفسه حين توجه من مصر، لحرب العثمانيين في حلب، سنة 922هـ وجاء الخبر بمقتل قانصوه بحلب، فاتفق الأمراء على تولية طومان باي، فبويع بالقاهرة (سنة 922 هـ والدولة في اضطراب، لخلو الخزائن من المال بسبب الحرب مع العثمانيين، ولاحتلال هؤلاء البلاد الشامية وزحفهم على مصر. فقام بأعباء الملك، ووصل الترك العثمانيون إلى غزة، فجهز جيشا، وسيره لقتالهم، فانهزم. وحشد الجموع من كل أفق، ودافع عن القاهرة دفاع البطولة، فغلب على أمره، ودخلها العثمانيون، يقودهم السلطان سليم (سنة 922 هـ 1516 م) ولم يكد السلطان العثماني يستقر حتى خرج طومان باي من مخبأه، بقوة من المماليك والعبيد، فداهموا العثمانيين ليلا، ونشبت معركة حامية (سنة 923 هـ كاد يتقلص بها ظل العثمانية. ولم يسعفه القدر، فظفر العثمانيون واختفى ثانية. فأعملوا السيف في رقاب الجراكسة حيثما وجدوهم، قال ابن إياس (وكان من الأحياء بمصر في ذلك العهد) : إن أهل مصر عانوا من الشدة والبلاء في هذه المحنة ما لم يحدث مثله من أيام غارة بختنصر البابلي على مصر، يوم هدمها وقتل من أهلها مليون إنسان. وعاد طومان باي بجيش جهزه في الصعيد، فقاتل السلطان العثماني، في قرية (وردان) بقرب الجيزة، فأخفق واختفى، فدل عليه بعض الناس فاعتقل، وأمر به السلطان سليم فاقتيد إلى باب زويلة وأعدم شنقا. وكثر أسف الناس عليه.
وكان محمود السيرة في سياسته مع الرعية، أبطل كثيرا من المظالم. ومدة سلطنته ثلاثة أشهر و 14 يوما. وبمقتله دخلت مصر في حكم الدولة العثمانية .

-الاعلام للزركلي-