عمر بن محمد البصير المصري
تاريخ الوفاة | 1137 هـ |
مكان الوفاة | حلب - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
عمر بن محمد البصير الشافعي المصري نزيل حلب المقري المتقن العارف باختلاف القراآت ووجوهها النحوي الكامل العالم العامل قدم حلب في سنة خمسة عشر ومائة وألف فاعتنى به الرجل الخبر مصطفى الكردي العمادي وأنزله في المسجد الذي تحت الساباط في أول زقاق بني الزهرا ويعرف قديماً بدرب الديلم بالقرب من داره فكان يقرئ القرآن العظيم في المسجد المذكور وكان حديث السن وقد جمع الله فيه المحاسن والكمالات انفرد بحسن الصوت والألحان الشائقة والعلم التام بتحقيق التجويد ومخارج الحروف والاتقان وسرعة استحضار عند جمع وجوه القراآت وطول النفس لكنه كان ضنيناً بتعليم القراآت السبع لم يقرئ أحداً بذلك وكل من طلب منه الاقراء بغير قراءة حفص يسوفه ويماطله ولا يقرء أخبر تلميذه المتقن عمر بن شاهين امام الرضائية قال حفظت عليه القرآن العظيم وسنى اثنا عشر سنة والتزمت خدمته وكنت أقيم أكثر أوقاتي عنده ويأخذني معه إلى القراآت وكنت أقوده إلى مكان يريده وكان يتفرس في النجابة وبعد القراءة يعلمني الألحان من رسالة كانت عنده ويعلمني كيفية الانتقال من نغم إلى نغم ويقول إن ذلك يلزم من كان إماماً وأنت ربما تصير اماماً وكان يعلمني كيفية قراءة التحقيق والترتيل والتدوير والحدر والوقف والابتدا ويباحثني في طول النفس لأنه كان يدرج ثلاث آيات أو أربعاً من الآيات المتوسطات في نفس واحد وكان يقرأ آية المداينة في ثلاثة أنفاس من غير إخلال في الحرف ولا في مده وكان يصلي التراويح إماماً بالمولى الرئيس طه بن طه الحلبي في الرواق الفوقاني من جامع البهرامية ويقرأ جزءاً من القرآن درجاً صحيحاً يقصر المد المنفصل والامام الراتب يصلي في القبلة الصلاة المتعارفة بين أئمة التراويح فكان يسبقه الامام بالوتر فقط وكان ذكياً متيقظاً أذكى من تلميذه الشيخ محمد الدمياطي قال وجرى لي معه مرة واقعة وذلك إني أتيت يوماً لأقرأ وكنت لم أحفظ ما تلقيته وألزمني بالقراءة ولم يكن ثم أحد غيري فأخرجت مصحفاً صغير الحجم فظهر له إني أقرأ عن ظهر قلبي فأصغى إلى هنيئة ثم وثب علي ورمى بنفسه علي وقبض على المصحف من يدي فارتعت وشرع يضربني ويقول يا خبيث تدلس علي وتغش نفسك فحلفت له إني لم أفعلها إلا هذه المرة فتركني حينئذ فلما سكن روعي قبلت يده وقلت له بحياتك من أين علمت إني أقرأ بالمصحف فقال سمعت صوتك يأتي من سقف المحل فعلمت إن في يدك شيئاً يمنع مجئ الصوت مواجهة ومرة أخرى كنت أذهب معه إلى دور بعض أحبابه وكان في الطريق بالوعة إذا وصلنا إليها أخبره بها فيتخطاها فبعد مدة سترت تلك البالوعة بالطوابق فلما مررت به من ذلك الطريق بعد مدة وصل إلى موضعها وتوقف ثم تخطى قلت له لم تخطيت قال أليس هنا بالوعة قلت بلى كانت ولكنها من مدة زالت انتهى قلت ومثل ذلك ما حكى عن أبي العلا المعري شرح السقط طبعناه إنه كان سافر مع رفيق له إلى جهة فمرا في طريقهما بشجرة فلما قربامنها قال له رفيقه إياك والشجرة أمامك فانحنى حتى تجاوزها فلما رجعا من ذلك الطريق أيضاً انحنى أبو العلا لما قرب من مكان الشجرة ورفيقه ينظر إليه ويحكي عن حذق أبي العلا المذكور إنه أنشده المنازي أبياتاً بالشام فقال له أنت أشعر من بالشام ثم اتفق اجتماعهما بالعراق بعد سبع سنين فأنشده المنازي أبياتاً أخر فقال له ومن بالعراق ومثله ما حكى عن داود الحكيم الأنطاكي صاحب التذكرة وغيرها إن رجلاً دخل عليه وقال له أي شيء يقوم مقام اللحم فقال البيض فغاب عنه سنة وجاءه فرآه منهمكاً في تركيب معجون وهو يجمع أجزاءه فقال له بأي شيء يقلي فقال بالسمن وحكايات حذقه كثيرة ذكره من ترجمه ثم إنه أعنى صاحب الترجمة في آخر عمره ترك الاقراء وخرج من ذلك المسجد واشترى له داراً بالقرب من المحلة الكبرى وكانت وفاته بحلب في سنة سبع وثلاثين ومائة وألف ودفن بمقبرة العبارة خارج باب الفرج ولم يعقب غير بنت وخلف مالاً كثيراً رحمه الله تعالى.
سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل.