عبد اللطيف بن أحمد الكوراني الحلبي

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة1150 هـ
مكان الولادةحلب - سوريا
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • حلب - سوريا

نبذة

السيد عبد اللطيف بن أحمد المعروف بالكوراني الحنفي الحلبي الشريف لأمه الفاضل الأديب البارع النبيه الكامل كان من محاسن الأدباء وظرفاء الأفاضل النبهاء ذو صون من الوقار مغضوض وطرف من الحياء مخفوض جميل الصفات والأفعال مسدد الآراء والأقوال.

الترجمة

السيد عبد اللطيف بن أحمد المعروف بالكوراني الحنفي الحلبي الشريف لأمه الفاضل الأديب البارع النبيه الكامل كان من محاسن الأدباء وظرفاء الأفاضل النبهاء ذو صون من الوقار مغضوض وطرف من الحياء مخفوض جميل الصفات والأفعال مسدد الآراء والأقوال ولد بحلب وبها نشأ وقرأ على أفاضلها كالمولى أبي السعود بن أحمد الكواكبي المفتي والعالم الشيخ حسن التفتازاني وغيرهما وظهر أدبه ونظم ونثر ومهر بالعلم والفنون وكانت له اليد الطولى على أحبابه ووالده كان رئيس كتاب المحكمة الكبرى بحلب لدى قاضي قضاتها واستقام بذلك مدة سنين مديدة ثم تولى افتاء الحنفية بحلب وكان فاضلاً فقيهاً وولده المترجم أولاً تعاني الكتابة في المحكمة ثم صار ايكنجي رئيس الكتاب أيضاً فلم يتعاط أمور الكتابة في المحكمة ولزم الانزوا والعبادة وكان شاعراً وشعره حسن مطبوع ومن شعره ما كتبه جواباً عن قصيدة أرسلها إليه الشيخ قاسم البكرجي الحلبي وهي قوله
جاءت تميس بقد دونه اللدن ... حوراء ما حل جفني بعدها الوسن
مهضومة الكشح عبل الردف ناعمة ... ومن سنا وجنتيها الشمس ترتهن
حوراء تختلس الأرواح طلعتها ... لها بكل فؤاد للورى سكن
ترمي لواحظها عن قوس حاجبها ... نبلاً تصون اللمى والقلب مفتتن

جلت علي كؤساً من مراشفها ... وبددت نظم در كان يكتمن
وسرت القلب إذ أبدت مسائلة ... وخاطبتني فزال الهم والحزن
فهل حكت ظبية الوادي شمائلها ... كلا ولا أطلعت صنعاً ولا عدن
مليكة الحسن قد عمت محاسنها ... كفضل مولاي ذاك الجهبذ اللسن
طود الحجي قاسم من قد سما وعلا ... به على سائر الأزمان ذا الزمن
خلال كل عويص في مباحثه ... مهذب الفهم إلا أنه فطن
لا عيب فيه سوى باهي مكارمه ... وحسن أخلاقه بالعلم يقترن
من رام شأو علاه ظل ينشدنا ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
يا روضة الأدب الغض النضير ويا ... من نظمه درر لم يخصها ثمن
أتت إلى عقود أنت صائغها ... قد رصعتها يد ما شابها وهن
من كل معنى بديع راق مبتكر ... عرائساً يعتري حسادها ضغن
وقد أجبت لعالي الأمر ممتثلاً ... لكنني في القوافي بأقل لكن
خذها اليك تجر الذيل من خجل ... وحشية في خلال الطرس تكتمن
ولا برحت مدى الأيام مبتكراً ... معاً ينادونها العقيان تمتهن
ودم بعز قرير العين مبتهجاً ... بفضلك الدهر والأحباب والوطن
ما لاح برق وما هب النسيم وما ... سقى الرياض شآبيب الحيا الدجن
وقصيدة الشيخ البكرجي المذكور هي قوله
أبعد سلمي يطيب العيش والوطن ... وهل يعود لصب ذلك الزمن
والجفن يهمي بدمع من سما مقل ... فسل محاجرها هل زارها الوسن
آهاً لأيام وصل لو تعاد لنا ... بذلت روحي لها لو أنه الثمن
أيام كان حبي فيه طوع يدي ... والعيش صاف ونجم السعد مقترن
وبيننا ما إذا فهنا به وبدا ... إلى العذول علاه الهم والحزن
فياله زمناً كان الشباب به ... في عنفوان الصبا والقلب مرتهن
بأهيف لو تبدي غصن قامته ... تطاير القلب لا يبقي له شجن
وقوس حاجبه المعوج كم رشقت ... من لحظه أسهماً قامت به فتن
ما سحر هاروت سحر عند مقلته ... كم غازلت وغزتنا وهي تكتمن

وثغره قد حوى دراً بمبسنمه ... وعند رشف لما الشهد يمتهن
وخاله عمه حسناً وزاد به ... لولاه كافور جيد منه لا يصن
والخصر منه دقيق دق في نظري ... كفهم مولاي ذاك العارف الفطن
عبد اللطيف الذي باللطف منجيل ... عن درك أوصافه قد قصر اللسن

السيد الكامل ابن الكامل ابن ذوي ال ... أفضال والعلم ندب وصفه حسن
من آل كوران بيت المجد نسل تقي ... فرع الكرام زكي الأصل مؤتمن
خدن السداد ومقدام الرشاد كذا ... أبو المعالي الذي أثرى به الزمن
بالعلم والفضل سدتم في زمانكم ... وتحسد العين في رؤياكم الأذن
قس بن ساعدة تلقاه باقلاً إذ ... ينشي الرسائل في بحث ويمتحن
سحبان يسحب ذيل الفضل منه حيا ... وأمرؤ القيس في أشعاره غبن
يا ماجداً قد حوى في المجد منزلة ... ومن حوى رتبة لم يحوها فطن
وافاك ناظمها الغر الذي حكمت ... عليه ضيق القوافي أنه الجبن
وإن تكن قصرت في مدح سيدها ... لكن بمدحك منها طابت اللسن
شنف مسامعنا من در بحرك إذ ... لا غرو فالدر في الأبحار مكتمن
وأسلم ودم وابق يا غوث الزمان لنا ... على مدى الدهر لا يزري بك الزمن
وللمترجم أيضاً
كأن ذا الدهر روض ورد ... جناه من قبلنا خصيبا
ونحن جئنا لنجتنيه ... فراعنا شوكه جديبا
وفي ذلك للشيخ قاسم البكرجي المذكور
قد اجتلى الدهر أناس مضوا ... من قبلنا كالبدر في تمه
ثم اجتلاه بعدهم فتية ... مثل هلال الشك في رسمه

ونحن لم نلق هلالاً ولا ... بدراً سوى الأكدار من غمه
وفي ذلك للأديب مصطفى بن محمد الحلبي المعروف بالبيري
لقد وردوا من قبلنا ورد دهرنا ... نميراً بأنفاس النسيم مبردا
وقد وردوا من بعدهم منه آجناً ... يعاف مساغاً حين بالحماة ارتدى
ونحن وردناه سراباً بقيعة ... يغرك مرأى وهو لا ينقع الصدى
والأصل فيه قول المتنبي
أتى الزمان بنوه في شبيبته ... فسرّهم وأتيناه على هرم
وذيله الأديب السيد حسين بن كمال الدين الأبزر الحلي فقال
وهم على كل حال أدركوا هرماً ... ونحن جئناه بعد الموت والعدم

ومن ذلك قول ابن السماح
صفا الدهر من قبلي ودرديه أتى ... فلم يصف لي مذ جئت بعدهم عمر
فجاؤا إلى الدنيا وعصرهم مضى ... وجئت وعصري من تأخره عصر
وقال أبو جعفر المحدث
لقى الناس قبلنا غرّة الده ... ر ولم نلق منه إلا الذنابي
وقال المعري
تمتع أبكار الزمان بأيده ... وجئنا بوهن بعدما خرف الدهر
فليت الفتى كالبدر جدّد عمره ... يعود هلالاً كلما فنى الشهر
وقال الآخر
كأنما الدهر ماء كان وارده ... أهل العصور وما أبقوا سوى العكر
وذكر الجاحظ الحجازي في المسهب إنه سأل عمه أبا محمد بن إبراهيم عن أفضل من لقي من الأجواد في عهد ملوك الأندلس فقال يا ابن أخي لم يقدر أن يقضي لي وطروهم في شباب أمرهم وعنفوان رغبتهم في المكارم ولكن اجتمعت بهم وأمرهم قد هرم وساءت بتغير الأحوال ظنونهم وملوا الشكر وضجوا من المروءة وشغلتهم المحن والفتن فلم يبق فيهم فضل للأفضال وكانوا كما قال أبو الطيب أتى الزمان الخ وإن يكن أتاه على الهرم فإنا أتيناه وهو في سياق الموت ومع هذا فإن الوزير أبا بكر بن عبد العزيز كان يحمل نفسه ما لا يحمله الزمان ويبسم في موضع القطوب فيظهر الرضا في حال الغضب ويجهد أن لا ينصرف عنه أحد غير راض فإن لم يستطع الفعل عوض عنه القول قلت له فالمعتمد ابن عباد كيف رأيته قال قصدته وهو مع أمير المؤمنين يوسف بن تاشفين في غزوته للنصارى فرفعت له قصيدة منها
يا ليت شعري ماذا يرتضين لمن ... ناداه يا موئلي في جحفل النادي
فلما انتهيت إلى هذا البيت قال اماماً أرتضيه لك فلست أقدر في هذا الوقت عليه ولكن خذ ما ارتضى لك الزمان وأمر خادماً له فأعطاني ما أعيش في فائدته إلى الآن قال فانصرفت به إلى المرية وكان بها سكناه والتجاؤه بها لكونها ميناً لمراكب التجار من مسلم وكافر قال فكان ابقاء ماء وجهي على يديه انتهى ولصاحب الترجمة الكوراني أشعار غير ذلك ما ذكرناها وبالجملة فقد كان من الأدباء المشاهير أهل الكمال والعرض وكانت وفاته في سنة خمسين ومائة وألف ودفن بحلب في خارج باب المقام بمقابر الصالحينوسبب ذلك إنه طولب بدين كان عليه بعنف وكان يتهم بالثروة مع إنه صفر اليدين ولكن نفسه تأبى الشكوى والتظاهر بذلك ولما مات لم تف تركته بالدين فبيع منزله في ذلك رحمه الله تعالى.