محمد بن عبد الحق العقيلي

تاريخ الوفاة993 هـ
مكان الوفاةمكة المكرمة - الحجاز
أماكن الإقامة
  • مكة المكرمة - الحجاز

نبذة

وفيهَا توفّي الشَّيْخ الْعَلامَة مُحَمَّد بن عبد الْحق الْعقيلِيّ الْمَالِكِي بِمَكَّة وَكَانَ قد تربى فِي حجر الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة على ابْن مُحَمَّد البكرى المالكى وَأخذ عَنهُ وَقَرَأَ عيله فَهُوَ من أجل تلاميذته وَلِهَذَا اوصى إِلَيْهِ وَقت وَفَاته بتربية

الترجمة

وفيهَا توفّي الشَّيْخ الْعَلامَة مُحَمَّد بن عبد الْحق الْعقيلِيّ الْمَالِكِي بِمَكَّة وَكَانَ قد تربى فِي حجر الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة على ابْن مُحَمَّد البكرى المالكى وَأخذ عَنهُ وَقَرَأَ عيله فَهُوَ من أجل تلاميذته وَلِهَذَا اوصى إِلَيْهِ وَقت وَفَاته بتربية وَلَده صاحبنا الشَّيْخ الْعَلامَة أَحْمد بن على البكرى فاخذ عَنهُ وَقَرَأَ عَلَيْهِ حَتَّى برع وانْتهى إِلَى مَا انْتهى إِلَيْهِ رَحمَه الله آمين وَسمعت صاحبنا الشَّيْخ الْعَلامَة أَحْمد بن عَليّ البسكري قَالَ سَمِعت شَيخنَا جمال الدّين مُحَمَّد بن عبد الْحق الْمَالِكِي يَقُول إِن الشَّيْخ الْكَبِير الرباني الْعَارِف بِاللَّه مُحَمَّد بن عراق أرسل إِلَى الشَّيْخ الْعَلامَة أَحْمد بن عبد الْغفار الْمَالِكِي أَن يتْرك شرب القهوة فِيمَا بَين النَّاس ويشربها فِي خلْوَة وان يتْرك السماع وَأَن يتْرك لعب الشطرنج فَقَالَ لَهُ السيخ أَحْمد بن عبد الْغفار اما مَا أَمرتنِي بِهِ من ترك شرب القهوة فِيمَا بَين النَّاس وشربها فِي الخلوه فَكَانَ الأولى أَن تامرنى بعكس ذَلِك وَأما مَا أَمرتنِي بِهِ من ترك السماع فَلَا سمع وَلَا طَاعَة فِي ذَلِك وَأما مَا أَمرتنِي بِهِ من ترك لعب الشطرنج فَهُوَ حق وَصدق غبير أَنى ابْتليت بِهَذَا الدَّاء فاسأل الله لي تَعْجِيل الدَّوَاء وَالسَّلَام
قلت وَكَانَ تِلْمِيذه سيدنَا وصاحبنا الشَّيْخ أَحْمد الْمَذْكُور من أهل الْعلم وَالصَّلَاح مُتبعا للْكتاب وَالسّنة سالكا على النهج السّلف الصَّالح متصفا بالعفاف قانعا باكفاف لَا ترى فى أَكثر الْأَوْقَات إِلَّا مَشْغُولًا بمطالقة أَو كِتَابَة مظْهرا للجمالة لَهُ جملَة مصنفات مِنْهَا رِسَالَة فِي القهوة مفيدة جدا وَكَانَ كف بَصَره قبل وَفَاته بِقَلِيل وَكَانَت وَفَاته فِي لَيْلَة السبت ثَالِث عشر شهر ربيع الثَّانِي سنة تسع بعد الْألف باحمد اباد وعمره سَبْعُونَ سنة رَحمَه الله وَمن شعره
.. أَقْسَمت بِاللَّه مَا حَالَتْ مودتكم ... يَوْمًا وَلَا حلت عَن عهدى وميثاقى ... وَلَا تنقست أنفاساً ارددها ... إِلَّا وَفِي ضمنهَا دمعي وأشواقي ... وَقد لسعت بحيات الْفِرَاق وَلم ... أجد لذذاتى ترياقا وَلَا راقى ... غير العدعاء بَان الله يجمعنا ... فِي سوحه كرماً من غير عواق ...
وَمِنْه أَيْضا فِي صدر رِسَالَة أرسل بهَا إِلَى بعض أَصْحَابه بِمَكَّة المشرفة ... وحياة من حل الْحطيم وزمزما ... والمروتين وَمن بِذَاكَ الْوَادي ... مَا حلت عَن حبكم وَلَو أنني ... حاولت ذَاك لما اطاع فُؤَادِي ...
وَمِنْه ... تدارك أَيهَا الساقى نقوسا ... ترقت والهموم الى التراق ... بِنِعْمَة شادن توحي يَدَاهُ ... إِلَى الأوتار آيَات اشتياق ... فَقُمْ نملا صحائفنا سُرُورًا ... بِشرب وَالْتزم واعتناق ...
وَمِنْه ... إِذا الْعشْرُونَ من شعْبَان وافت ... تهَيَّأ الصّيام وللقيام ... وَلَا تكسل عَن الطَّاعَات فِيهِ ... فَهَذَا الْوَقْت وَقت الاغتنام ... فشهر الصَّوْم قد وافاك حَقًا ... بِكُل المكرمات على الدَّوَام ...
وَمِنْه ... إِلَّا قُولُوا لمن قد زَاد طَعنا ... وعد وانا وَلَا يخْشَى رقيبه ... سِهَام اللَّيْل قد قربت مدجاها ... تنبه انها تأتى قَرْيَة ... تيقظ من مَنَامك واخش مِنْهَا ... وحقق انها تَأتي مصيبه ...
وَمِنْه ... لله مجْلِس انس ... حاوي جَمِيع المحاسن ... قد تمّ حسنا وظرفاً ... فَانْظُر إِلَيْهِ وعاين ...
وَمِنْه مُعَارضا قَول من قَالَ مدحا فى صَحِيح البخارى ... صَحِيح البخارى لَو انصفوا ... لما خطّ إِلَّا بِمَاء الذَّهَب فَقَالَ رَحمَه الله ... صَحِيح البخارى لَو انصفوا ... لما خطّ إِلَّا بِمَاء الْبَصَر ... وَمَا ذَاك إِلَّا لضبط الْأُصُول ... وَعدل الروَاة ينْقل الْخَبَر ... وَفِيه عُلُوم الورى جمة ... تضمنها قَول خير الْبشر ... وَقد فاق فضلا على غَيره ... فأضحى إِمَامًا لكتب الْأَثر ... هُوَ الْبَحْر علما فَإِن خضنه ... ظَفرت بكثر الْهدى والدرر ... فُلَانُهُ درسا وَلَا تبتغى ... بِهِ غَيره فى المَاء وَالْبكْر ... فقد قَالَ قوم لَهُم خبْرَة ... هُوَ الْبُرْء من أَمر خطر ... لدنبا وَأُخْرَى وَفِي كل مَا ... ترجي وتبغي بِهِ من وطر ... لجامعه رَحْمَة دَائِما ... كقطر السَّمَاء ورمش النّظر ... وعد الرمال وَمَاء الْبحار ... وعد الطُّيُور وَنبت الشّجر ... الى الْحَشْر والنشر والملتقى ... بدار الْبَقَاء وَحسن الْمقر ... وناظمها يرتجي دَعْوَة ... من الصحب بِالْخَيرِ عِنْد النّظر ... وصل آلهي على الْمُصْطَفى ... وَمن نوره فاق ضوء الْقَمَر ... وَآل وَصَحب وأتباعهم ... وَمن جَاءَ من بعدهمْ فِي الْأَثر
وَمِنْه تخميس على هَذِه القصيدة الْعَظِيمَة وَهُوَ هَذَا ... يَا من لَدَيْهِ العَبْد حَقًا يخضع ... وَالروح مِنْهُ والجوارح نضرع ... يَدْعُوك عِنْد الكرب فضلا تدفع ... يامن يرى مَا فى الضَّمِير وَيسمع ...
أَنْت المعبد لكل مَا ينوقع ... أَنِّي تعبت من الذُّنُوب وثقلها ... هِيَ كالجبال فَلَا أُطِيق لنقلها ... فامتنن على بمحوها ويغسلها ... بامن يُرْجَى للشدائد كلهَا ...
يَا من إِلَيْهِ المشتكى والمفزع ... يَا رب بالفرقان ثمَّ بلم يكن ... هون على الحادثات لكى نهن ... هَا عَبدك العاصى تحقق لايظن ... يَا من خَزَائِن ملكه فِي قَول كن
امين فَإِن الْخَيْر عِنْد أجمع ... يَا رب طاعاتي إِلَيْك قَليلَة ... يَا رب أوزارى على ثَقيلَة
.. مَا لى ملاذ لَا وَلَا لى حِيلَة ... مَالِي سوى فقري إِلَيْك وَسِيلَة
وبالافتقار إِلَيْك فقري أدفَع ... كَيفَ السُّؤَال حقيرة وذليلة ... وبضاعة التَّقْوَى لذى قَليلَة ... وعوائد الافضال مِنْك جزيلة ... مَالِي سوى فقرى اليك وَسِيلَة
فلئن رددت فَأَي بَاب أَقرع ... يَا رب عَبدك يشتكي من سقمه ... يَا رب من يَرْجُو لشدَّة غمه ... إِن أَنْت تدفع عَظِيم ملمة ... فَمن الذى أَدْعُو وَمَا هتف باسمه
إِن كَانَ فضلك عَن فقيرك يمْنَع ... يَا رب هَذَا العَبْد اصيح راجيا ... عفوا من الْمَاضِي وَمَا هُوَ آتِيَا ... وَتَكون عني فِي الْقِيَامَة رَاضِيا ... لَو دعك أَن تقنط عاضاة
الْفضل أجزل والمواهب أوسع فَائِدَة
ذكر ابْن جمَاعَة وَابْن عَسَاكِر والسهيلي أَن الأبيات السَّبْعَة الَّتِي أَولهَا يَا من يرى فِي الضَّمِير وَيسمع فِي خاصيتها الْإِجَابَة زَاد ابْن جمَاعَة وَرَأى ذَلِك مَنْقُولًا بِخَط النَّوَوِيّ عَن بعض العارفين وَمِنْه أَيْضا تخميس هَذِه الأبيات الْمَشْهُورَة الْبركَة وَهُوَ هَذَا ... توسل بِالنَّبِيِّ وبالوصى ... وبالحسين والشهم الزكي ... وَكم لله من فضل وَفِي ... وَكم لله من لطف خَفِي
يدق خفاه عَن فهم الذكي ... إِلَيْهِ تَوَجُّهِي فِي كل دهر ... عَلَيْهِ توكلي فِي كل أَمر ... فكم من شدَّة ذهبت وفقر ... وَكم يسر أَتَى من بعد عسر
فَفرج كربَة الْقلب الشجي ... فشكراً للَّذي فلق الصباحا ... فكم من أزمة عَنَّا ازاحا ... وَكم هم تعاظم ثمَّ رَاحا ... لَا وَكم أَمر تَاء بِهِ صباحا
وتأتيك المسرة بالْعَشي ... إِلَى كم يَا جهول تزيد لؤما ... وَمَا لَك لَا تفيق الدَّهْر نوماً ...
.. دع الأوطان يَا خلى وقوما ... إِذا ضَاقَتْ بك الْأَحْوَال يَوْمًا ...
فثق بِالْوَاحِدِ الْفَرد الْعلي ... إِذا ضَاقَ الفضاء وكل رحب ... عَلَيْك بِكُل حَادِثَة وخطب ... وَلم يجد الحبيب وكل صحب ... توسل بِالنَّبِيِّ فَكل صَعب ... يهون إِذا توسل بالنبى ... إِذا لم تلق بالإخوان منعا ... وضاق الْقلب بالأهوال ذرعا ... توسل بالنبى تنَال ... وبالصديق والفاروق جمعا ...
وَذي النورين وَالْمولى عَليّ ... زمَان فِيهِ للأعداء أَمر ... وجسم فِيهِ للالآم قهر ... فَكُن يَا قلب ثبتاً فِيك صَبر ... وَلَا تحزن إِذا مَا ضَاقَ صدر ...
فكم لله من لطف خَفِي ... رويداً يَا زمَان فكم تعنت ... فروحي نَحْو وَادي الْخيف حنت ... وَنَفْسِي نَحْو خير الرُّسُل أَنْت ... عَلَيْهِ صَلَاة رَبِّي مَا تغنت ...حمامات على ورق رُوِيَ
وَمِنْه تخميس على بَيْتِي شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي ... يَا رب كم من نعْمَة أسديتها ... يَا رب كم من رَحْمَة أرسلتها ... شكرا لفضلك كم ذنُوب غفرتها ... يَا رب أَعْضَاء السُّجُود عتقتها ...
من فضلك الوافي وَأَنت الواقي ... بِشِرَاك أَعْضَاء السُّجُود لَك الهنا ... بِالْعَفو والغفران جَاءَ شرعنا ... وَلَقَد عتقت الْبَعْض منا رَبنَا ... وَالْعِتْق يسري بالغنا يَا ذَا الْغِنَا ... فَامْنُنْ على الفانى بِعِتْق البافى
وَمِنْه أَيْضا تخميس على هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وهما للشَّيْخ عبد الْمُعْطى أَبَا كثير ... أَدْعُوك يَا رب فِي الأصباح والأشراق ... تمنن علينا من النيرَان بالاعتاق ... وتبسط الرزق يَا وهاب يَا خلاق ... يَا مَالك الْملك يَا فتاح يَا رزاق ...
يامن تكفل الْخلق بالارزاق ... فرج علينا الهي كل أَمر ضَاقَ ... وأمنن برزق وسيع فائض دفاق ... 
يَا رب عَيْشًا هنيا صافياً قد راق ... يَا رب عطفا علينا مِنْك بالاشفاق ...
وَفِيه يَقُول الشَّيْخ الْفَاضِل النحرير عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد الدبير أديب عصره وفريد دهره ... وأفا الْكتاب من الملاذ البكرى ... أزرى حلاوته بطعم السكرِي ... فَغَدَوْت من فرحي بِهِ ومسرتي ... نشوان رَاح فِي ثِيَاب تبخرى ... حصلت بِهِ الى النسيم منورا ... أمينة مثل الصَّباح المسفر ... يَا سَيِّدي خلي صديقي قدوتي ... مسدي إِلَيّ مواهباً لم تصغر ... يَا جَامعا للْعلم طراً والعلى ... وَجَمِيل شيم لَا يشنه ممترى ... أَنْت الذى خضت الْعُلُوم باسرها ... وَبَلغت قصواها وَلَيْسَ بمنكر ... يَا وَارِثا شرفا الْفَضِيلَة كَابِرًا ... عَن كَابر حَقًا بمثلك مفخري ... أَعنِي شهَاب الدّين من فاق الورى ... بِالْفَضْلِ وَالْأَدب الْأَغَر الأنور ... مذ غبت عَنى لم أزل لَك ذَاكِرًا ... بمناقب لَك وَالثنَاء الأعطري ... هَل عطفة مِنْك يَا خل برأفة ... فجواي نَام والتسلي مزدري ... وَالله اسْأَل جمع شَمل عَاجل ... فدعاء ظهر الْغَيْب صَاح مُؤثر ... أبقاك رَبِّي للأفادة دَائِما ... بالمصطفى الهادى الْأمين وجيدر ... وللشيخ عبد اللَّطِيف الْمَذْكُور فِيهِ جملَة قصائد مِنْهَا قصيدته الَّتِي يَقُول فِيهَا ... أَعنِي بِهِ أَحْمد الْمُخْتَار سيرته ... خلقا وخلقا سة اه لَا يُسَاوِيه ... شهَاب الدّين نجل عَليّ البسكري بَلَدا ... الْمَالِكِي مذهبا من ذَا يساميه ... قد خصّه بجزيل الْفضل خالقه ... بسر طي معَان فِي معاليه ... لَهُ بديع بَيَان فِي الْخطاب يرى ... وجيز لفظ وَقد جلت مَعَانِيه ... فكم جلا دررا تسمو الذرارى من ... أَبْيَات أفكاره الْمَخْصُوص من فِيهِ ... أخباره قد أَتَت فِي الْحَال تخبر عَن ... مَاض ومستقب من أَمر باريه ... حَدِيثه الْحسن العالي رِوَايَته ... أعلت لسامعه شَأْنًا وَرَاوِيه ...وَمِنْهَا قصيدته الَّتِي يَقُول فِيهَا ... شيخ الزَّمَان البسكري المقتدى ... فَالله يَكْفِيهِ الصوارف مَا بقى ...
-النور السافر عن أخبار القرن العاشر-لمحي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس.