الفقيه الكاتب شعيب بن محمد ابن أبي مدين شعيب بن مخلوف العثماني:
[كنيته:]
يكنى أبا مدين، وأدركته.
وهو ابن أخي الفقيه الوزير الحاجب الكاتب صاحب القلم الأعلى عبد الله بن أبي مدين المذكور أولا. وكان أبوه محمد قد كتب [73/ب] العلامة لأمير المسلمين أبي سعيد عثمان بن أمير المسلمين يعقوب بن عبد الحق.
وشعيب هذا كتب في الحضرة المرينية، وامتحنه أمير المسلمين أبو الحسن-رحمه الله-وأسكنه دار السجن سنين طائلة.
حاله-رحمه الله تعالى-:
كان ممن أصفق الإجماع على براعة نظمه، وتوقع في الأسماع إجادة فهمه.
كثير الارتياح إلى الآداب، شديد الكلف بمعرفة الأنساب. عظيم الثروة، عميم الحظوة. وكان في الدار السلطانية رفيع الجاه، ثم إن الدهر أضاعه وألجاه. والدّهر لا يبقي على حال، وتصرفاته كم لها من قبيح أفعال. وقلب له المجنّ، وأورثه بجوره المحن! وسكن السجن من قبل السلطان، لأمر أبغضه الله، وأحبه الشيطان!
فمن قوله-رحمه الله تعالى-:
كم بات طيفك بالزوراء يغريني ... وأسهم الوجد لا تخطي وتصميني
لياليا سلفت نادمت سدفتها ... يغيب في اللّيل أحيانا ويبريني
كم وقفة لي في أطلالهم سحرا ... حيّيت فيها نسيما كان يحييني
ونشقة من نسيم الرّند نمّ بها ... عرف الصّبا نفحت بالخرّد العين
رصدتّهم في النّقا والجزع من إضم ... رصد العبيد لأبواب السّلاطين!
آها لها نظرة ما إن شعرت بها ... حتّى عراني حبل غير مأمون
يا ساكن الجزع أعياني النّدا فمتى ... أراك يوما من الدّنيا تلبّيني؟
من لي بنظرة خلس في محاسنه ... أجني بها الورد بل كلّ الرّياحين
ظبي تفلّت من نعمان ثم غدا ... يزري بأهل النّهى والعقل والدّين
لو أنّني بعت دنياي وزخرفها ... بنظرة منه ما بيعي بمغبون!
ولو بذلت له نفسي وما ملكت ... للمحة عرضت ما كان بالدوّن
فقيس ليلى وغيلان وشيعته ... وكلّ ما رسموا من وجدهم دوني
أعلام المغرب والأندلس في القرن الثامن - إسماعيل بن يوسف الخزرجي الأنصاري النصري المعروف بابن الأحمر.