الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلى وكاتب الأشغال السلطانية
علي بن محمد بن أحمد بن موسى بن سعود الخزاعي (ترجم له ابن الأحمر في مستودع العلامة «62 - 64»، واسم جده فيه «مسعود»، وقال إن نفرا من آبائه تولوا القضاء بالأندلس، وإن والده انتقل من الاندلس، واستقر بتلمسان. وذكر ابن الاحمر أن المترجم به كتب في حضرة بني عبد الوادي أولا، ثم استقر كاتب أشغال في حضرة بني مرين. وتحدث عنه ابن خلدون في «التعريف 43» وفسر عبارة كاتب الأشغال السلطانية حين وصفه بأنه «صاحب ديوان العساكر». وقد أسندت إليه كتابه العلامة بالإضافة إلى منصبه السابق في دولة السلطان أبي سالم إبراهيم بن أبي الحسن المريني. وانظر في ترجمته درة الحجال وجذوة الاقتباس لابن القاضي.).
[كنيته:]
يكنى أبا الحسن، وأدركته ورأيته. ومسقط رأسه تلمسان، وأصل سلفه من الأندلس من بني سعود. والقادم من الأندلس على تلمسان أبوه محمد.
ووالد جده الفقيه موسى بن سعود ولي قضاء أدله بالأندلس في دولة أسلافنا الملوك بني نصر. ثم ولي بها القضاء بعده ابنه الفقيه أحمد؛ ثم ارتحل أحمد إلى غرناطة فاستوطنها، واستخدمه جدّنا أمير المسلمين أبو عبد الله محمد الفقيه ابن جدنا أمير المسلمين الغالب بالله أبي عبد الله محمد صاحب الدبوس ابن جدنا الأمير أبي الحجاج يوسف الشهير بالأحمر ابن جدنا أمير المؤمنين المنصور بالله أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن خميس بن نصر الخزرجي، في الأشغال السلطانية، ثم ارتحل عن الأندلس إلى بر العدوة، واستقر بتلمسان هو وولده محمد، فاستوطنها إلى أن توفي بها.
واستكتب الملوك من بني زيان بحضرتهم من تلمسان لولده محمد وقلده وزارته السلطان أبو زيان محمد بن السلطان عثمان ابن السلطان يغمراسن بن زيان. ثم قلده منهم كتابة الأشغال السلطانية أمير المؤمنين العادل بالله أبو تاشفين عبد الرحمن، ثم استكتب بنو زيان بحضرتهم ابنه الفقيه أبو الحسن علي هذا وقلده منهم خطة الأشغال السّلطانية أمير المسلمين المتوكل على الله أبو سعيد عثمان بن عبد الرحمن بن الأمير يحيى بن أمير المسلمين يغمراسن بن زيان.
واستكتبه أيضا في الأشغال السلطانية بالحضرة المرينية أمير المؤمنين المتوكل على الله أبو عنان فارس بن أمير المسلمين أبي الحسن علي بن أمير المسلمين أبي سعيد عثمان بن أمير المسلمين أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق، وابنه أمير المؤمنين السعيد بالله أبو يحيى أبو بكر، وعمه أمير المسلمين المستعين بالله أبو سالم إبراهيم، وهو الذي قلده خطة القلم الأعلى مضافة إلى الأشغال [السلطانية] بطول دولته.
وقلده أيضا منهم الأشغال أمير المؤمنين المتوكل على الله أبو زيان محمد، وعمه أمير المؤمنين أبو فارس عبد العزيز، وابنه أمير المسلمين السعيد بالله أبو زيان محمد.
حاله-أكرمه الله-:
هو فارس ميدان الحساب، وحامل راية الآداب والأنساب، ورئيس النحويين وعلم اللغويين. ولديه من الأصول حظ وافر، كما وجه الفروع له سافر. وخطه ينسي ابن مقلة في تنميقه، وشعره يسكت المرقش في تزويقه.
وقدمه في الكرماء أرسخ من أبي قبيس وفضله ينسى فضل الأمير دبيس!
أنشدني لنفسه يمدح ملك المغرب أمير المؤمنين المتوكل على الله أبو عنان:
هو الدّين عزّ اليوم بالنّصر جانبه ... وذلّ مناويه وهان مناصبه
وكنّا من الإشفاق في مدلهمّة ... تجلّت بمرآك السّني غياهبه
وربّ غويّ كان يخفي نفاقه ... وفي ساعة (الإيجاف) دبت عقاربه
أذقهم وبال البغي إنّ قتالهم ... جهاد ولا عهد لديهم تراقبه
وأرسل عليهم من جيوشك عارضا ... بصائبة النشّاب يمطر حاصبه
هو اللّيل والزّرق الطّوال نجومه ... هو السّيل والبيض القصار مذانبه
إذا أمّ أرضا دوّختها سلاهبه ... وإن رام أمرا وصّلته قواضبه
وقد وثقت طير الفلاة بغارة ... لحوم الأعادي فهي ممّن تصاحبه
وكم لك من يوم أبدت به العدا ... بألسنة الأغماد تتلى مناقبه
10 إذا خطّ رمح الخطّ في معرك الوغى ... أتاك ظهير الفتح والنّصر كاتبه
أقام بك الله الخلافة بعد ما ... وهت وعماد الدّين إذ هدّ جانبه
وناضلت عن دين الهدى غير مقصر ... فعزّ، ولولا أنت عزّ مغالبه
فتنتجع الأملاك غيث يمينكم ... فيرجع كل مثنيات حقائبه
وكم ملك سوغته الملك منعما ... فلما بغى قامت عليه نوادبه!
15 تسالم من قد أوجب الشّرع سلمه ... وتقطع في نصر الهدى من يناصبه
فيا سعد من سالمتموه فقد نجا ... ويا ويل من كانت مرين تحاربه
فهل من قبيل لم يسده أميرهم ... وهل من بلاد لم تسدها كتائبه
أجلّتك أملاك الزّمان لعلمهم ... بأنّك شمس والملوك كواكبه!
وأنفذ كل رسله لمقامكم ... ونيل رضاكم سؤله ومآربه
20 فدم لرجا راج وتأمين خائف ... ونصرة مظلوم تضيق مذاهبه
وأيّدك الرحمن فيما ترومه ... ويسّر من قهر العدا ما تطالبه
أعلام المغرب والأندلس في القرن الثامن - إسماعيل بن يوسف الخزرجي الأنصاري النصري المعروف بابن الأحمر.