الفقيه الخطيب علي بن أحمد الحسني (ترجم له في نثير الفرائد، وأثنى عليه، وقال فيه «الشريف الفقيه الخطيب الصالح». وترجم له لسان الدين في الكتيبة الكامنة في الباب الذي خصصه للخطباء والصوفية، وقال «رجل وقار وسكون له إلى الخير ركون. . . وله شعر يحيد ويجيد». ولم يذكر ميلاده ووفاته.)
[كنيته:]
يكنى: أبا الحسن، وأدركته بسنّي، ويعرف بالأحيمر، وهو من أهل مالقة.
حاله-رضي الله عنه-:
هو صدر الصدور، وواسطة الشذور، ورضيع ثدي الدين، ومعدن الورع المتين. راح في ميدان الصلاح وغدا، وتوشّح بفضل عن الفلاح وارتدى. وطلع في سماء الأدب شهابا، وبرز في ميدان الفصاحة ليثامهابا.
وهو في العلوم مشارك، وآخذ في حفظها غير تارك.
فمن قوله يمدح صاحب غرناطة السلطان إسماعيل ابن أبي سعيد فرج بن إسماعيل بن يوسف
الآن تطلب ودّها ووصالها ... من بعد ما شغلت بهجرك بالها
وأتيتها متلبّسا بروائع ... نكر بفودك أصبحت عذّالها
بيض تخيّل للنفوس نصولها ... سمرا تحوّل للنّحور نصالها
مثل الأفاعي الرّقط تنفث في الحشا ... وأرى بفودك جثّما أصلالها
5 نار تضرّم في الفؤاد حريقها ... لكن تنير مفرقيك ذبالها
جزعت لهذا الشّيب نفسي وهي ما ... زالت تهوّن كل صعب نالها
ولكم صدعت بنافذ من عزمتي ... يهماء لا يهدى العليم ضلالها
صادمت من كرب الدّنى أشتاتها ... ما خفت غربتها ولا إقلالها
ولئن تقلّص عسرتي فيء الغنى ... عنّي، فلي نفس تمدّ ظلالها
10 ما مزّقت ديباجتي عين امرئ ... عرضت عليه النّفس قطّ سؤالها!
ألقى الليالي غير هيّب صرفها … والأسد غير مجنّب أغيالها
أمشي الهوينى والعداة تمرّ بي … مرّا يطير عن الجياد نسالها
علمت لي الخلق الجميل محقّقا … وتسيء فيّ على عمى أقوالها
تبغي انثنائي، هل سمعت بنسمة ... مرّت على نجد تهز جبالها!
15 ولربّما عرضت لعيني نظرة ... يرضى الحكيم غرامها وخبالها
من غادة سرق الصّباح بهاءها ... والبدر في ليل التّمام كمالها
تهوى المجرّة أن تكون نجومها ... من حليها، وهلالها خلخالها
عرضت كما مرّت بعينك مطفل ... ترعى بناظرها الكحيل غزالها
ما نهنهت نفسي وإن ضمنت لها ... عبراتها يوم الوداع وصالها
20 من كان يأمل أن يقوم بمجلس ... حطّت به شهب السّما أثقالها
يحيى أحاديث السّراة أولى النّهى ... نصلي ويضرب في العلا أمثالها
ألقى هواه جانبا وهوت به ... وجناء تدمن في الدّجى إعمالها
منها في المدح:
ألبست دين الله حلّة آمن ... أضفت على أسرابه (زلزالها)
أنتم بني نصر نصرتم ملّة ال ... إسلام حين شكت لكم خذّالها
25 كنتم لنا أهلا ورحبتم بنا ... في العدوتين (ومنهم انزالها)
نزلت على سع ليسعد جدّها ... وأوت إلى نصر لينصر آلها
أحرزتم يوم السّقيفة قودها ... دون الأنام وقيدها وشكالها
لكن حبوتم من أجرتم منّة ... بخلافة الله التي يعشى لها
إذ تؤثرون سواكم قالت بذا ... آي الكتاب فمن يردّ مقالها؟
30 حتّى إذا عثرت ولم ينهض بها … إلاّكم بادرتم إنشالها
آويتم خير البريّة كلّها … ومغيثها ونجاتها وثمالها
من ألبس الشرف الرفيع وضيعها ... وكسا معصفرة الحجا جهّالها
ومنها:
لما تحققّت النبوّة أنّها … قد زلزلت منها الورى زلزالها
وتقاعست عن منعها أعمامها … أمّت أئمة نصرها أخوالها
35 فوثبتم مثل الليّوث لنصرها … والحرب تخطف خلفها أمثالها
فأدرتم منها زبونا أصبحت … ترمي رؤوس الملحدين ثفالها
ومنها:
«بدر» وما بدر وردم قليبها … بجنادل الطّاغوت تملأ جالها
ولكم «بأوطاس» وقد حمي الو … طيس على العدى يوم أطاح محالها
فنزعتم أرواحها، وسبيتم … أولادها، وسلبتم أموالها
وذهبتم بالمصطفى لدياركم ... وحبا سواكم شاءها وجمالها
فزتم به فوز المعلّى منحة … أحرزتم دون الأنام منالها
يا أيّها الملك الذي من ملكه … جنت الملوك جمالها وجلالها
ما زال حزبك في الورى يعلو على ... مرّ الدّهور ويعتلي أجبالها
حتّى حللت من المجادة ذروة ... ما حلّ غيرك في المجادة حالها
45 تحمي الهدى، تهمي النّدى، تولي الجدا ... وتقي الرّدى، وتري العدا أوجالها
خذها كما دارت بكاس سلافها ... حوراء تمزج باللّمى جريالها
تثني على السّحر الحلال وشاحها ... وتدير من خمر الفتون حلالها!
أعلام المغرب والأندلس في القرن الثامن - إسماعيل بن يوسف الخزرجي الأنصاري النصري المعروف بابن الأحمر.
الخطيب العدل علي بن احمد بن محمد بن احمد الحسني أبو الحسن الأحيمر : رجل وقار وسكون، له إلى الخير ركون، والى خواطره الجائلة في شعب التقى وكون، أيقن ان الله تعالى بالمرصاد، فلازم خطة الاقتصاد، إلى أن ابيض زرعه للحصاد، وعلقت طيره حبائل المصاد، وله شعر يحيد ويجيد، ويباين مبانيه التنجيد، ثم يتحلى آونة منه الجيد، فمن ذلك قوله من قصيدة:
أرى لك في الهوى نظرا مريبا ... كأن عليك عاذلا أو رقيبا
ولست بخائف في الحب شيئا ... على نفسي مخافتي المشيبا
يريني كل ما تهواه نفسي ... قبيحا مالئا عيني عيوبا
أتى منه ابن قيس لا براح ... فذق مر التأسف مستطيبا
إذا كنت تبكي فقد حب ... فما مثل الشباب حبيبا وقال أيضا من أخرى أولها:
الآن تطلب ودها ووصالها ... من بعدما شغلت بهجرك بالها
وقد استحالت فيك سيماء الصبا ... حالا يروع مثلها أمثالها
وأتيتها متلبسا بروائع ... نكر بفودك أصبحت عذالها بيض تخيل للنفوس نصولها ... سمرا تحول للنحور نصالها
مثل الأفاعي الرقط تنفث في الحشا ... وارى بفودك كمنا أصلالها
نار تضرم في الفؤاد حريقها ... لكن تشب بمفرقيك ذبالها
جزعت لهذا الشيب نفسي وهي ما ... زالت تهون كل صعب نالها
ولكم صدعت بنافذ من عزمتي ... يهماء لا يهدى الدليل خلالها
صادمت من كرب الدنا أشتاتها ... ما خفت غربتها ولا إخلالها
ولئن تقلص عسرتي فيء الغنى ... عني فلي نفس تمد ظلالها
ما مزقت ديباجتي عين امرئ ... عرضت عليه النفس قط سؤالها
ألقى الليالي غير طيب صرفها ... والاسر غير مجنب أغيالها
امشي الهوينا والعداة تمر في ... جري يطير عن الجياد نسالها
علمت لي الخلق الجميل محققا ... وتسيء في على عمى أقوالها
تبغي انثنائي هل سمعت بنسمة ... مرت على نجد تهز جبالها
ولربما عرضت لعيني نظرة ... يرضى الحكيم غرامها وخبالها
من غادة سرق الصباح بهاءها ... والبدر في ليل التمام كمالها
تهوى المجرة ان تكون نجومها ... من حليها، وهلالها خلخالها
عرضت كما مرت لعينك مطفل ... ترعى بناظرها الكحيل غزالها
ما نهنهت نفسي وان ظمئت لها ... عبراتها يوم الوداع وما لها
من كان يأمل ان يقوم بمجلس ... حطت به شهب السما أثقالها
تجني أحاديث السراة أولي النهى ... نصا وتضرب في العلا أمثالها
ألقى هواه جانبا وسرت به ... وجناء تدمن في الفلا أعمالها
وختمها بعد مدح السلطان بقوله:
يا أيها الملك الذي من ملكه ... جنت الملوك جمالها وجلالها
خذها كما دارت بكاس سلافها ... حوراء تمزج باللمى جريا لها
تثني على السحر المبين وشاحها ... وتدير من خمر الفتور حلالها
لمياء تبرز للعيون كشاطر ... والعقل يوجب حكمه إجلالها
وقفت وذو أحسابها من هاشم ... من خير سبط العالمين حيالها
ترجو رضاك وطالما أرضيتم ... آل النبي وكنتم أرضى لها
كم من يد بيضا لدينا منكم ... شكر الإله وأولياه فعالها
آويتم آسيتم واليتم ... أحللتمونا داركم وحلالها
وهجرتم لوصالنا أعداءنا ... ووصلتم لصلاتنا أوصالها
فصلوا حمانا ما استطعتم وصله ... تعطوا من أجزاء الجزاء جزالها
الكتيبة الكامنة في من لقيناه بالأندلس من شعراء المائة الثامنة - لسان الدين بن الخطيب، محمد بن عبد الله.