بوسعيد القان بن القان محمد بن خربندا
تاريخ الوفاة | 736 هـ |
مكان الوفاة | أزبيجان - أذربيجان |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
بوسعيد ملك التتار، القان بن القان محمد بن خربندا بن أرغون بن أبغا بن هولاكو المغلي، صاحب العراق والجزيرة وأذربيجان وخراسان والروم، والناس يقولون فيه أبو سعيد، على أنه كنية، والصحيح أنه علم، هكذا رأيت كتبه التي كانت ترد على السلطان الملك الناصر محمد، يكتب على ألقابه الذهبية بوسعيد باللازورد الفائق، ويزمك بالذهب.
لما وقعت المهادنة والصلح بينه وبين صاحب مصر أراد السلطان أن يبتدئه بالمكاتبة، فبقي السلطان يطلب كاتب السر القاضي علاء الدين بن الأثير بالمكاتبة، وهو يقول له: يا خوند إن كتبنا له المملوك قد لا يكتب المملوك وإن كتبنا له والده أو أخوه فهو قبيح. ثم قال له بعد شهر: ياخوند رأيت أنا نكتب موضع الاسم ألقاب مولانا الشيخ السلطان بالطومار ذهباً، ونكتب على الكل محمد بالذهب أيضاً نسبة طغرة المناشير، فقال: هذا جيد، وجهز الكتاب على هذا الحكم، وعاد الجواب كذلك خلا بوسعيد، فإنها كانت باللازورد المليح المعدني، فقال السلطان: ونحن نكتب كذلك، فقال القاضي علاء الدين بن الأثير: ياخوند لأنا نكون قد قلدناهم، فاستمرت المكاتبة بينهما كذلك إلى أن توفي بوسعيد رحمه الله تعالى.
وكان شاباً مليحاً، لا يرى في المكارم طليحا، مسلماً، إلى الخير مسلما، معلماً بالجود وللسكون معلما، كتب الخط المنسوب، ودخل في ذلك العدد المحسوب، ورأيت خطه على ديوان أبي الطيب كأنه باكورة زهر غب القطر الطيب، وأجاد الضرب بالعود ولعب به، فكانت يمينه سحابة تقهقه منها الرعود، وصنف مذاهب في النغم ونقلت عنه، ورواها أولو النغم وتداولوها، وأصلها منه، وأبطل كثيراً من المكوس وأطلق جماعة من الحبوس، وأراق الخمور، وصمم في من شربها على أمور، وهدم ما في بغداد من الكنائس، وتتبع من له في دين الإسلام دسائس، وخلع على من أسلم من الذمه، وجعل الترغيب في الدخول للإسلام من الأمور المهمه، وأسقط ما في ممالكه من مكوس الثمار، ولم يدع فيها أحداً يتعرض لهذا السبب إلى أخذ درهم ولا دينار، وورث ذوي الأرحام، ولم يأخذ منهم لبيت المال نصيبا، وأصبح في هذه المسألة لأبي حنيفة رضي الله عنه نسيبا، إلا أنه كانت به عنة، لا يجد له منها سوى بغداد جنة، وهو كان آخر بيت هولاكو وبانقراضه انقرضوا، ونكثوا حبل الملك ونقضوا.
ولم يزل في سعة ملكه والفرح بما في فلكه إلى أن زعزع الموت أركانه، وحرك كل قلب لما رأت العين إسكانه.
وكانت وفاته رحمه الله تعالى في الأردو بأذربيجان في ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وسبع مئة، وقد أناف على الثلاثين سنة.
وكانت دولته عشرين سنة، ولم تقم بعده لملوك المغل قائمة.
وكان جلوسه على التخت في مستهل جمادى الأولى سنة سبع عشرة وسبع مئة بمدينة السلطانية، وكان عمره يومئذ إحدى عشرة سنة والله أعلم.
وكان قبل موته بسنة قد حج الركب العراقي، وكان المقدم عليه، بطلاً شجاعاً، ولم يمكن أحداً من العربان يأخذون من الركب شيئاً، فلما كانت السنة الآتية خرجت العربان على الركب ونهبوه، وأخذوا منه شيئاً كثيراً، فلما عادوا شكوا إليه، فقال: هؤلاء في مملكتنا أو في مملكة الناصر؟ فقالوا: لا في مملكة الناصر ولا مملكتك إنما هؤلاء في البرية، لا يحكم عليهم أحد، يعيشون بقائم سيفهم ممن يمر عليهم، فقال: هؤلاء فقراء، كم مقدار ما يأخذون من الركب نحن نكون نحمله إليهم من بيت المال من عندنا كل سنة، ولا ندعهم يأخذون من الرعايا شيئاً، فقالوا له: يأخذون منهم ثلاثين ألف دينار، ليراها كبيرة فيبطلها، فقال: هذا القدر ما يكفهم ولا يكفيهم، اجعلوها كل سنة ستين ألف دينار، وتكون تحمل صحبة مسفر من بيت المال من عندنا مع الركب، فمات من سنته، رحمه الله تعالى، وجرت بعده أمور يطول شرحها، ولما بلغت وفاته السلطان الملك الناصر قال: رحمه الله تعالى، والله ما بقي يجينا مثل بوسعيد.
أعيان العصر وأعوان النصر- صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى: 764هـ).