عبد الرحمن بن عبد القادر بن إبراهيم الكيلاني الحموي القادري

تاريخ الولادة1130 هـ
تاريخ الوفاة1172 هـ
العمر42 سنة
مكان الولادةحماة - سوريا
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • استانبول - تركيا
  • حماة - سوريا
  • دمشق - سوريا

نبذة

السيد عبد الرحمن بن عبد القادر بن إبراهيم بن شرف الدين بن أحمد بن علي الكيلاني الحنفي الحموي القادري نزيل دمشق وأحد صدورها الأعلام السيد الشريف العالم الفاضل المدقق المحقق الأديب الماهر النبيه المتفوق الناظم الناثر البارع ولد بحماه في سنة ثلاثين ومائة وألف وقدم دمشق.

الترجمة

السيد عبد الرحمن بن عبد القادر بن إبراهيم بن شرف الدين بن أحمد بن علي الكيلاني الحنفي الحموي القادري نزيل دمشق وأحد صدورها الأعلام السيد الشريف العالم الفاضل المدقق المحقق الأديب الماهر النبيه المتفوق الناظم الناثر البارع ولد بحماه في سنة ثلاثين ومائة وألف وقدم دمشق مع والده كما أسلفنا ذلك في ترجمته وقرأ على بعض الشيوخ كالشيخ أحمد المنيني والشيخ محمد الكردي نزيل دمشق والشيخ صالح الجينيني والشيخ حسن المصري نزيل دمشق والشيخ أحمد البهنسي الدمشقي وحصل الفضل والأدب وسافر إلى قسطنطينية وعاد بنقابة دمشق وتولاها غير مرة مع رتبة السليمانية المتعارفة بين الموالي ولما كان نقيباً قامت عليه رعاع الأشراف وهجموا على دراهم الكائنة بالقرب من باب القلعة وأرادوا ايقاع الضرر وتحريك الفتنة وكان ذلك باغراء بعض الأعيان ثم عزل في أثناء ذلك واستقام بداره منزوياً وتراكمت عليه الأمراض والعلل إلى أن مات ولم تطل مدته وكان جسوراً مقدماً مهاباً متكلماً ندباً محتشماً مع فضل تام وأدب وافر وأقرأ في داره بعض العلوم ودرس وبالجملة فهو أفضل من والده واخوته وكان بينه وبين والدي محبة وتودد وبينهما المطارحات الأدبية والنوارد العلمية وامتدح الوالد ببعض القصائد وترجمه الأديب الشيخ سعيد السمان في كتابه وقال في وصفه أديب مستوثق عري النبوة ومستنشق عرف الأبوة انتقى من جوهر الأدب انتقاه وارتقى منه ذرى عز مرتقاه وغاص في بحر اقتنائه وعرف وجه اعتنائه فصقلت مرآة أفكاره كما صقل النسيم صفحة النهر في أبكاره انتهى مقاله ومن شعره قوله من قصيدة امتدح بها جده الاستاذ سيدنا الشيخ عبد القادر الكيلاني رضي الله تعالى عنه.
برق على الروم من أفق العراق سرى ... وهنا فلم تغتمض أجفاننا بكرى
دعا القلوب لنار الوجد فاستبقت ... تسوق أشجانها تلقاءه رمرا
وواصل الومض من حر الجوى شهب ... وبث في الأفق من أناته شررا
وكاد يحرق أحشائي بلاعجها ... لولا سحائب دمع وبلها انهمرا
تهمي اشتياقاً إلى دار السلام ثرى ... من أصبح الكون من أنفاسه عطرا
قطب الجلالة محيي الدين من سطعت ... أنواره وجلت عزماته الغبرا
الباز الأشهب عبد القادر الأسد ... الهصور من وجمت منه أسود شرى
الهاشمي المنتمي من عنصر الحسن ... السبط الشريف الذي من ظهره ظهرا
سلالة السيد المحض ابن فاطمة ... بنت الحسين الذي في كربلا صبرا
سليل ذي الغار خير الصحب قاطبة ... من أم موسى أبيه الطيب السيرا
فرع الأطائب أصحاب الكساء ومن ... للمستميح عباب بالهدى زخرا
خير النبيين وأبناه وفاطمة ... والمرتضي رابع الأصحاب والأمرا
هذا هو المحتد الوضاح والنسب ... الرفيع والعنصر السامي الذي بهرا
هذا الفخار الذي صلصاله مزجت ... أجزاؤه بحياة الوحي واختمرا
جرثومة من وشيج المصطفى نشأت ... وأطلعت للهدى في أفقها قمرا
بدر تبلج للارشاد شارقه ... فلم يدع في سبيل الرشد معتكرا
وقال مشطراً أبيات الطغرائي
بالله يا ريح إن مكنت ثانية ... وقد فضضت ختاماً من شذا الزهر
من أن تهبي بكافور ممسكة ... من صدغه فأقيمي فيه واستتري
وراقبي غفلة منه لتنتهزي ... من وصله نهزة عزت على البشر
وأثملي حبه رياً لتغتنمي ... لي فرصة فتعودي منه بالظفر
وباكري عذب ورد من مقبله ... فيه الأقاحي وفيه ناصر الدرر
كيما يصح عليل فيك مرشفه ... مقابل الطيب بين الطعم والخصر
ولا تمسي عذاريه فتفتضحي ... فيما تنم عليك وجنة القمر
وأخشين باللمس ما توشي غدائره ... بنفحة المسك بين الورد والصدر
وإن قدرت على تشويش طرته ... فسرحي جعدها من نفحة السكر
وإن ذكرت غراماً هاج كامنه ... فشوشيها ولا تبقي ولا تذري
ثم اسلكي بين برديه على عجل ... كما سرى في فؤادي رقة الحور
واستمنحي المسك من ذاك الغدير لنا ... واستبضعي الطيب وائتيني على قدر
ونيهيني قبيل الصبح وانتفضى ... على مغاني نفح العنبر العطر
وانعشيني وخصيني بأعطر ما ... علي والليل في وشك من السحر
لعل نفحة طيب منك ثانية ... يكسو بها ها فؤادي أشرف الخبر
والنفس تختال في جلباب نشأتها ... تقضي لبانة قلب عامراً لوطر
وقال أيضاً مشطراً
وأغيد ينميه إلى العرب لفظه ... وللروم وجه البدر لاح على الكرد
رنا فرمى قلبي كليماً وكيف لا ... وناظره الفتاك يعزي إلى الهندي
تجرعت كأس الصبر من رقبائه ... تجرع ظامي النفس صد عن الورد
وحملت ما رضوي يدك لبعضه ... لساعة وصل منه أحلى من الشهد
وهاونت أعماماً له وخؤولة ... خداعاً لصيد الظبي في أجمة الأسد
فمالوا لسلمي إذ جنحت لسلمهم ... سوى واحد منهم غيور على الخد
كنقطة مسك أودعت جلنارة ... والا كلحظ في السجنجل مسود
فلله منها روضة أنف ذكت ... رأيت بها غرس البنفسج في الورد
وله
يقول أصحابي بي ليسلو خاطر ... عن الطارف المسلوب مني لك البشرى
فإن المجاري قد تجف شراعها ... ولا بد من أوب المياه إلى المجرى
فقلت أجل لكن لوقت طلوعها ... ترى شطها من ساكنيها غدا قفرا
فقالوا طلوع الشمس يتلو غروبها ... وإن عقيب العسر ينتظر اليسرا
فقلت نعم لكن ربي قد قضى ... لكل مني وقتاً وقدره قدرا
وبعد فظني بالآله بأنه ... سيحدث حقاً بعد ذلك لي أمرا
ويمنح من ينتاب هامر جوده ... ركام سعود ودقه يكشف الضرا
وله راداً على بيتي القسطلاني
لعمرك ما طيب الأصول بنافع ... وليس يضر العكس إذ كنت ذا رشد
كفى حجة عندي يزيد مخالفاً ... لأصل وفرع في التعاكس والطرد
وبيتا القسطلاني هما قوله
إذا طاب أصل المرء طابت فروعه ... ومن غلط جاءت يد الشوك بالورد
وقد يخبث الفرع الذي طاب أصله ... ليظهر صنع الله في العكس والطرد
وللمترجم
أنار أفلاك فضلي منك شمس هدى ... وغبت عني فلم أبصر سوى الحلك
هب إنك الشمس في العرفان مشرقة ... فهل سمعت بهجر الشمس للفلك
وقال في خيلان بوجه شنيع
قد أطلع الشمس في أفق الجبين ضحى ... ومن سنا فرقه أبدى لنا قمرا
فأدهش الزهر في الأفلاك إذ بزغت ... منه الأشعة تغشي كل من نظرا
وإذ رأت فلك الأزرار في عطل ... اللبات مستنكفاً تقليده الدررا
هوت لتنضيده حتى إذا اقتربت ... ولم يرعها لهيب النار مستعرا
مدت لظاه شواظ النور فانتثرت ... خيلان حسن بمرآة الجمال ترى
كانت دراري فلما جاوزت وهج ... الوجنات صارت له مسكاً زكا عطرا
ومن نثره ما قاله وهو في الروم
وكنت في منتدى أحد مداره الرؤساء وحوله من الأفاضل جلساء فسلكنا من الحديث لحباً وشعاباً وسردنا مزايا كل علم باباً باباً وأنا أسترسل إلى أن سرى به من نجد إلى غور وأرتاح إلى اقتطافه من يانع ونور حتى انتهى إلى علم الأدب ونسل للطعن في الشعر من كل حدب فقلت رويدك يا مولاي فإني أملأ لعقد الكرب في المعارضة دلاي فقال أما تقرأ ما في كتاب الله المكنون والشعراء يتبعهم الغاوون فقلت لعمرك إن الله استخزن القرآن فوادي وطالما أحرزت قصب السق في حلبة معانيه جيادي ولو بلغ السيد في تصفحه الثنيا لصرفه تضلعه إلى الرعيا وعلى مولاي النظر في دلائلالاعجاز لعبد القاهر وفيما سرده في فخامة الشعر من البراهين الزواهر فإنها شمس الحق التي لم تترك للشبه غيهباً والجدد الذي من ظفر به لا يعدل به مذهباً فأورد نثراً مضمون هذه الأبيات الآتية فافندجت في معارضتها زنداً بنور التوفيق وأريه واندفعت أنقل عن الفحول ما يندحض به هذا الشك المنحول ورب الندى بحر فضل عجاج وسيح وأكف علمه ثجاج وهو طوراً يسر حسواً في أرتغا وتارة يستدل بما يخيل إنه الصواب به أبتغي حتى حصحص الحق عياناً وانقلبت عصاه ثعباناً وسطع نور الحق أبلج واستفل الباطل وهو لجلج فألقى إلى السيد الحبر باقليد التسليم بعد أن أثلج الصدر بتحقيقات تخالها ممزوجة بتسنيم فأحببت أن أعارض الأبيات التي أستدل بفحواها وبرهن على وهن معزاها بمناظرة دونها نظر المتردم ومطعن الناقد المترسم من أرباب الفطن السليمة وأصحاب النحيزة الكريمة وهذه الأبيات المستدل بها
انظر إلى الشعراء أفنوا دهرهم ... في وصف كل حبيبة وحبيب
ومضوا ولم يحظوا بوصل منهما ... بتأسف وتلهب ونحيب
وحظى بوصل كل من وصفوا له ... فكأنهم قواد في الترغيب
لكنما القواد تظفر بالعطا ... وهم بمقت الناس والتكذيب
وهذا نص المعارضة
يا من تعرض للقريض وأهله ... بزخارف البهتان غير مصيب
هلا نهاك عن الهجا ما أودعت ... بانت سعاد وبدؤها بنسيب
أرأيت كعباً قد رمي بقيادة ... بحلي سعاد ووصفها المحبوب
لو كان حقاً ما ادعيت لصده ... المختار عن مدح وعن تشبيب
ولما أجيز ببردة لو تشتري ... شريت بأغلى مهجة وقلوب
وبشعر حسان الفصيح محجة ... تهدي الضلال مهايع التصويب
وبقرض مولانا على رابع ... الأصحاب ردع عن هجنا مكذوب
وأذكر لمقول لو مننت وربما ... للمصطفى وحنانه المرغوب
وأذكر لأن من البيان وشعره ... حكماً وسحراً تلق دفع مريب
ولكل مجتهد أمام قدر ووا ... شعراً صفا عن وصمة التكذيب
ولقد روينا عن هضاب العلم و ... الأعلام أشعار راحلت كضريب
فالبعض منها يحتوي حكماً زكت ... والبعض حاول رائق التشبيب
وتغزل الشعراء في مستبهم ... ذاتاً كاسماً ليس بالمحجوب
والشعر منه محرم نحو الذي ... أعجمت معربه يمين غيوب
فليبك من عدم البلاغة نفسه ... بتفجع وتوجع ونحيب
خذها معارضة بغر دلائل ... تروي خصوم البحتري وحبيب
ما اسم المعارضة أقتضي شيأً وقد ... ذبت عن الاعراض ذب مصيب
أطلعت شارقها بأفق فصاحة ... شمساً تسامت عن خنوس غروب
وللأديب عبد الله الطرابلسي من هذا القبيل قوله
خل بيني وبين نظم القريض ... إن فيه شفاء كل مريض
فهو عوني لهجو كل لئيم ... وامتداح لذي النوال المفيض
لي يراع يراع كل هزبر ... منه إذ فاق فتك سمر وبيض
غرر تشبه العقود نظاماً ... أشرقت شمسها بأفق العروض
وقواف تفوق حلي العذارى ... قد تحلت وما بها من غموض
لعبت بالنهى كنفثة سحر ... ما لمن رام سبقها من نهوض
من عذيري من فعل وقت مسئ ... عامل الحبر دائماً بالنقيض
كل غمر مقامه في الثريا ... والأديب الأريب تحت الحضيض
آفتي فطنني وكل غيي ... هو في عيشه بروض أريض
وللمترجم مادحاً اسعد باشا ابن العظم والي دمشق الشام وأمير الحاج مؤرخاً قدوم مولود له وذاكراً واقعته مع الجند بقوله
تبسم ثغر السعد عن شنب النصر ... فضاء به أفق المسرة والبشر
وأصبح روض الشرع في الشام ناضراً ... وقد كاد يذوي من ضرام ذوي الخسر
وشمنا بروق العدل تلمع في الضحى ... أشعتها ترمي الخوارج بالقهر
هم فتية عاثوا الديار وأفسدوا ... فليسوا يروا الأثمالى من الخمر
فكم بنت خدر قد أماطوا لثامها ... وكان محياها خفياً عن الخدر
وكم قد أراقوا من دماء تجاهراً ... وكم سلبوا ما لا يضيق عن الحصر
وكم أشهروا في المصر عضباً ليلجئوا ... لطاعة ما ناموا عن النهى والأمر
وكم قاتل عمداً ترتب قتله ... أجاروه من سيف الشريعة بالقسر
وكم عطلوا الشرع الشريف بجورهم ... أسفاهاً وقالوا الحق بالبيض والسمر
وكم تخذوا ليل الصيام لمنكر ... ولم تثنهم عن اثمهم ليلة القدر
تراهم نشاوى بالمعازف والطلا ... عكوفاً على متن الشوارع للفجر
وكم من فتى لا يعرف الصوم منهم ... يفاخر بالافطار في محفل الكثر
وكم روجوا سوق الغسوق بقينة ... ولم ينج منهم ساكنوا المدن والبر
وكم لهم فعل شهير اساءة ... فمن رام احصاء يمثله بالقطر
وكم أنذروا ممن يحيق بهم غدا ... سيوف انتقام الله ذي البطش والقهر
وكم قد أجابوا إن ساحة عزنا ... حمتها ليوث بالسريجية البتر
وكم مدت الأيدي إلى الله من فتى ... باهلاكهم والليل منسدل الستر
سقاهم شراب الحتف من سيف أسعد ... الوزير الكبير المخلص السر والجهر
وروى سيوف العدل منهم وطالما ... تشكت وقال النصر يأتي مع الصبر
ألم تعلمي إن الآله مراقب ... فيجزي ذوي الحسنى ويجزي ذوي القدر
وغيرة شأني كل لحظ تحثني ... لما رمت لكن كل شيء على قدر
ولما أراد الله ثل عروشهم ... وسخره ولانا الوزير لذا الأجر
توشح بالحزم السديد وجاءهم ... بصوب عقاب للرقاب جزا الأصر
وقام بعبء الحكم يحبي معالماً ... من الدين آلت للدروس وللدثر
وحاق بهم من كل فج حسامه ... وصيرهم أشلاء مطعمة النسر
وشن عليهم بأسه كل غارة ... ففروا حيارى للجبال وللوكر
يزعم نجاة أرغم الله أنفهم ... ولم يعلموا إن لا مفر من الصقر
وقد حلهم سقت من الله مهلك ... فمن فر من حد فللحد والقبر
وهذا وزير الشام ليث غضنفر ... تسلوت لديه فتكة السهل والوعر
وعما قليل يتبع الخلف من مضى ... ويصدقكم أخباره باهر الخير
جزاك آله الخلق عن أهل جلق ... وكل بلاد الله مستعظم الأجر
وله مشطراً أبيات ابن يزيد الزبيدي بقوله
طلعت من الحمام تمسح وجهها ... من جوهر الأنداء تحت نقاب
بمخضب نمت نوافح رشحه ... عن مثل ماء الورد بالعناب
والماء يقطر من ذوائب شعرها ... الساجي كرشح من لجين مذاب
وعقارب الأصداغ تهمل بالندى ... كالطل يسقط من جناح غراب
فكأنما الشمس المنيرة في الضحى ... ما ضم منها معجز الجلباب
بزغت تواري بالحجاب فقلت قد ... طلعت علينا من خلال سحاب
وكتب إلى والدي حين كان هو بالروم قوله
الجناب الذي انعقدت على أوحديته خناصر الاساتذة وطود الفضل الذيقصرت عن درك شأوه الجهابذة من طبق الآفاق بمحامده وأدب الفحول بقرى فضائل موائده وضم إلى جرثومة النسب الهاشمي سجايا الندى الحاتمي وإلى صفاء الحسب بهاء الظرف والأدب وإلى خيم المروة شهامة الفتوة وإلى علو الهمة الشامخة كرم المجادة الباذخة وقرن بين وجاهة المهابة وأنس التواضع والنجابة وأضاف حميد الأخلاق إلى طيب عنصر الأعراق حتى أغتدي الفضل عليه مقصوراً والكمال في صفاته محصوراً ونادت معاليه لطلاب الفضائل إذ أعياهم حجابها هلموا ألم تعلموا إن مدينة العلم على بابها ابقاء الله وصدر الكمال بقلائد فضله حالي وأفق العلى مستنير بمجده العالي ما هطلت السحابة وألقت أرواقها وأنبتت الأفنان أوراقها إن الجوارح مني كلهن فم عند الدعاء إذا ما قلت آميناً أهدي إليه تحيات لها عرف نسائم الروض إذ هبت ولطائم مسك أرين وتبت أو تسليمات ألطف من ماء الغمام وأرق من حباب ألحاظ المستهام وشوقاً لا شوق سعدي ولبنى ولا شوق صريع بني عامر وليلى وهو الشوق حتى يستوي القرب والبعاد ويستولي على الرقاد والتهويم السهاد فحبذا حديث نسيم اخلاء وحليف غرام أو داء اجلاء لعمرك إنه مهر عرائس الأرواح وتقدمة بشريات نفائس الأرواح لو تضمه جله ولا أقول كله صفحات الصحف وإني لي باصطباح كأس أنف على إنه وأن صار من بداهة الساعة وانتظم في أسلاك عفو اليراعة فأنى لي بافشاء أسرار الحبيب ووده ونشر مطوى مكنون عهده
لا لا أبوح بحب بثنة إنها ... أخذت علي مواثقاً وعهودا
كلا فذاك أمر ما إليه سبيل ... فديني في الحب كما قيل
واياك واسم العامرية انني ... أغار عليها من فم المتكلم
فلا جرم إن ذلك أوجب خزن الأسرار محافظة والعياذ بالله سبحانه من أن تزلف الألفة بابصار الأغيار والمرجو تنميق الطروس بتجير آثار صحتكم وارسال جواب ما حررناه لحضرتكم وقدمناه لديكم سابقاً والسلام وله من قصيدة مطلعها
سل الحسن عما تحتويه شمائله ... فما الحسن الا ذاته ومخائله
وما هو الأفاضح الشمس في الضحى ... وما البدر الا ما تزر غلائله
وما حمرة الياقوت الا زكاة ما ... حوى خده الزاهي وزكاه عامله
وما خاله الا رشيد بطيبه ... على حبه صبا أضلت قوافله
وما البرق يحكي منه غير مباسم ... بها يهتدي الساري وهن دلائله
وما الدر في العقد الثمين مشابهاً ... نظام دراري القول إذ هو قائله
وما صدغه لا الدجى وجبينه ... صباح مسرات سعود أصائله
وما الكوكب الدري لالاء نوره ... بأبهى سنا من عنقه جل جاعله
وما خصره الا نحول محبه ... وما ردفه الا الكثيب يماثله
وما قده الا الأراك إذا انثنى ... ترنحه ريح الصبا وشمائله
وما وصفه من مدنف بمفيده ... نوالاً كما هاج الحمام بلابله
يقولون حاكي الريم والليث سطوة ... ولطفاً فقلنا بل تفوق فضائله
فن أين للآرام لطف طباعه ... ومن أين للآساد ما هو فاعله
وما فتك عضب من كمي على العدى ... بأعظم من لحظ لصب يجائله
يفوق سهم اللحظ والريش جفنه ... فيجرح قلب الصب وهو يغازله
فيا طيب وقت ضم شملاً يقربه ... إذا العيش عض والشباب أوائله
ونور الربا قد كللته يد الندى ... وروض المنى قد نضرته خمائله
وأغصانه تشكو الشمال مرنحاً ... ونرثي لشكواها عليها بلابله
وقد نسجت أيدي النسيم وأبدعت ... دروعاً من الماء الزكي مناهله
ومزق جيب السرد منها صوارم ... تضتها عليه ما تحوك جداوله
وحيث الدجى والزهر تحكي لآلئاً ... على نطع فيروز وشته عوامله
وحيث وميض البرق في طرة الدجى ... كآراء فتح الله فيما ينازله
همام زكا أصلاً وفعلاً ومحتداً ... فربع المعالي الأشرفون قبائله
هو البحر الا أنه من مكارم ... ولجته الاسعاف والجود ساحله
منها
فأقبلت المداح من كل جانب ... على انها لم تحص فيها فواضله
وأنى يحيط الواصفون بوصفه ... وكيف بضبط القطر ينهل وابله
فلا زال كهفاً للأنام وملجأ ... وأحبابه تعلو وينحط عاذله
وله غير ذلك من النظم والنثر وكانت وفاته في دمشق سنة اثنين وسبعين ومائة وألف ودفن بتربة الباب الصغير رحمه الله تعالى
سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل.