عبد الرحمن بن أحمد بن علي المنيني

تاريخ الولادة1142 هـ
تاريخ الوفاة1172 هـ
العمر30 سنة
مكان الولادةدمشق - سوريا
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • دمشق - سوريا

نبذة

عبد الرحمن بن أحمد بن علي الحنفي المنيني الأصل الدمشقي المولد الفاضل الأديب الكامل النبيه الذكي الفطن كان حسن الأخلاق عشوراً حلو المنادمة رقيق الطبع ولد بدمشق في سنة اثنين وأربعين ومائة وألف ونشأ بها في كنف والده وقرأ على والده وانتفع به.

الترجمة

عبد الرحمن بن أحمد بن علي الحنفي المنيني الأصل الدمشقي المولد الفاضل الأديب الكامل النبيه الذكي الفطن كان حسن الأخلاق عشوراً حلو المنادمة رقيق الطبع ولد بدمشق في سنة اثنين وأربعين ومائة وألف ونشأ بها في كنف والده وقرأ على والده وانتفع به وأجازه من مصر بالمكاتبة الشيخ محمد بن سالم الحفني المصري وأخوه الشيخ يوسف والشيخ علي الصعيدي المالكي والشيخ خليل المغربي المالكي المصري والشيخ السيد أبو السعود الحنفي وفاق ونبل وبرع بالأدب ونظم الشعر وخالط الأفاضل وكانت له المحاورة الشهية والقريحة الألمعية وكان محبباً جميل الهيئة كأنما جبلت طينته باللطف وما زجت أخلاقه مدام الملاحة والظرف ومما نقل عن حسن براعته إنه كان مرة في بعض المجالس وكان المجلس اضطرب بالسرور ومذاكرة الآداب فأفضى المجلس للأنتقال إلى مذاكرة الأنفاس المعلومة عند الناس فأنشد بعض الحاضرين مخاطباً له قول القائل
نحن قوم نهوي الوجوه الحسانا ... وبها الله زادنا احسانا
فأجابه مستحضراً قول بعضهم
نزه فؤادك عنه ... النجم أقرب منه
فعظم الاضطراب ودارت كؤوس الآداب واشتهر ذلك المجلس النفيس حيث وقع له استحضار هذا البيت في جواب البيت السابق وترجمه الشيخ سعيد السمان في كتابه وقال في وصفه والنجم إذا هوى إنه مغناطيس الوجد والهوى صقلت مرآة وجهه الوسيم كما صقل صفحة النهر مرور النسيم يتمتع منه الناظر بروض حسن زاهر ويتشنف السامع بلؤلؤ رطب باهر مع رقة تستجلب الخواطر وتروح القلوب بنفحاتها العواطر وناهيك من قمر اكتمل من أول طلوعه وعدا الظرف حشوا هاله وضلوعه ومع ما فيه من الطلاوة يعطيك من طرف اللسان حلاوة بمنطق لم يحل من شائبة تعريض وكناية تؤدي إلى طويل وعريض يتكلف لها ويتصنع وتعذر من وقوعها ويتمنع وشبابه في ابانه وعذاره يحدث عن زرود وبانه وقد سلك في الشعر مسلكاً سهلاً وشرب من منهله علا ونهلا فأتى منه بما عليه يثني وعلى مقاصده غر الخناصر تثني وهاك من مصوغاته نبذا إذا أنشدت نادت المسامع حبذا حبذا انتهى ما قاله ومن شعره قوله

حين غابت ركائب الصحب عنا ... وسقانا الزمان كأس الفراق
وغدونا حيرى نكابد وجداً ... والتياعاً لشدة الاشتياق
جمعتنا الأقدار في هذه الدا ... ر نحيي معاهد الارفاق
بين باك شجواً وشاك غراماً ... وغريق بدمعه المهراق
بنفوس كادت من الشوق تقصني ... بجواها لولا ادكار التلافي
وقوله
سقياً لظل السنديانة كم مضى ... في سوحه عيش شهي المورد
حيث الربيع كسا الرياض مطارفاً ... خضراً وتوج كل غصن أملد
وسرى الصبا يجني رضاب مباسم ... الزهر الأنيق بذلك الروض الندي
والطير بين مغرد ومردد ... والماء بين مزرد ومجعد
والخيل تسبح في العجاج كأنها ... سفن جرين بمتن بحر مزبد
ترد الهياج نواضراً ويردها ... نقع التطارد في رداء أربد
حتى إذا ما أدلجت في نقعها ... هديت بصبح من طلاقة أحمد
وحين طلب من شعره الشيخ سعيد السمان أرسل له حصة منه وكتب له معها بقوله مضمناً البيت الأخير
ومصقع رام من شعري ليودعه ... ديوان من مجدهم يسمو إلى الحبك
فقلت إني وشعري كلما ارتفعت ... أشعار أهل الذكا ينحط للدرك
فقيل يكفيه فخراً أن يكون له ... راو كنا درة الأيام والفلك

أوفده منه على ندب يهذبه ... فضلاً ويثبت منه كل منسبك
فبينما الذهب الأبريز مطرحاً ... في أرضه إذ غدا تاجاً على الملك
وأرسل إلى الأديب سعيد السمان ملغزاً بقوله
يا لبيباً أفديك بين لنا ما ... اسم شيء نصيفه اسم مصر
وإذا ما صحفت كلاً من الشط ... رين يغنيك عن رضاب وخمر
جبل نصف شطره وهو لفظ ... بعد تصحيفه أتى فعل أمر
فأحبني أفديك من كل شين ... بجواب نظم والا فنثر
فأجابه والغزله بقوله
يا وحيد الأنام ذاتاً ووصفاً ... وفريداً في كل نثر وشعر
ومجيداً في كل معنى دقيق ... من بديع الكلام صائب فكر
قد أتاني من نفثك العذب نظم ... هو مغن عن رشف ثغر وخمر

ملغزاً يا فدتك في اسم إذا ما ... طاف في الصحب فاح عاطر نشره
وإذا ما أتاك يضحك زهواً ... نثر الدمع في الأكف كقطر
أعجمي لا يحسن النطق لكن ... قهقهته تبدي نفائس در
وعجيب يقوى بدون لسان ... بين أهل النهى على كل نثر
ما رأينا منه سوى نفحات ... بعبير الرياض والزهر تزري
دأبه في الأنام وهو صديق ... صدع شمل الأحباب من دون غدر
وعلى كل راحة لا تراه ... غير في راحة إذا رام يسري
لم يزل لاثماً يداغب اخرى ... بفم الاشتياق لثمة بشر
ذا جواب فيه المرام وضوحاً ... بالذي رمته كطلعة فجر
وأنا سائل أيا ابن ودادي ... فابن لي عما يجول بسري

ما اسم شيء في الأرض طوراً نراه ... ولدي الجو تارة دون نكر
شأوه في الأنام ليس بحارى ... طائع ربه بنهى وأمر
وله رنة الحزين إذا ما ... فارق الألف بعد وصل مسر
فلذا قد غدا بغير جناح ... قلبه طائر لدى الأفق قادر
يا لعمري وليس فيه قوآه ... وهو يقوي بنا على كل ضر
وإذا راحة الفتى صافحته ... راح أمناً من كل سوء وذعر
مخطئ صائب أمين خوون ... دابه ذاك عند عبد وحر
لا عد مناه من صديق عدو ... صادق كاذب بما شاء يجري
ذو انحناء على عصاه ولكن ... فعله نافذ على كل صدر
فترى الغيد شأنه في البرايا ... في محل الاطلاق من غير غدر
دائماً تعقد الخناصر في الخلق ... عليه من كل ندب أغر
لا برحت المدا صديقك تهدى ... من معاني البيان نظماً كثغر
ما أديب قد حاك من نسج فكر ... حللا من بديع لفظ كسحر
وللمترجم قوله
لأختلاس المحب من فرص الده ... ر لقاء الحبيب غب الفراق
آثر العاشق البقاء على الفو ... ت بدهر يجري شؤون المآقي
وقوله أيضاً
وأغيد زارني والليل داع ... فمزق نوره جيب الظلام
توارى البدر لما لاح شمساً ... حياء تحت أستار الغمام

وله من قصيدة مطلعها
لطير الهنا في الروض صدح المغرد ... على فنن الاقبال في روضه الندي
تغني فأنساني الغريض ومعبدا ... بمطرب ألحان وطيب تردد
وهب على زهر الربى نافح الصبا ... سحيراً فأغفى كل جفن مسهد
يمر على الأغصان وهي قويمة ... وينساب عنها وهي ذات تأود
ويكسو متون الماء درعاً مزردا ... لجيناً يحليه الأصيل بعسجد
ومعنى المصراع الأول من آخر الأبيات مأخوذ من قول الآخر
نسج الريح على الماء زرد ... ياله درعاً منيعاً لو جمد
أقول وأصله ما نقله صاحب بدائع البدائه قال روى عبد الجبار بن حمديس الصقلي قال صنع عبد الجليل بن وهبون المرسي الشاعر نزهة بوادي أشبيلية فاقمنا فيه يومنا فلما دنت الشمس من الغروب هب نسيم ضعيف غضن وجه الماء فقلت للجماعة أجيزوا حاكت الريح من الماء زرد فأجازه كل منهم بما تيسر له فقال لي أبو تمام غالب ابن رباح الحجاج كيف قلت يا أبا محمد فأعدت القسيم له فقال أي درع لقتال لو جمد انتهى ثم قال صاحب البدائع ما سبق وقد نقله ابن حمديس إلى غير هذا الوصف فقال
نثر الجو على الترب برد ... أي در لنحور لو جمد
فتناقض المعنى بذكر البرد لو جمد إذ ليس البرد الا ما جمده البرد اللهم الا أن يريد بقوله لو جمد لو دام جموده فيصح ومثل هذا قول المعتمد بن عباد يصف فوارة
ولربما سلت لنا من مائها ... سيفاً وكان عن النواظر مغمدا
طبعت لجيناً ثم زانت صفحة ... منه ولو جمدت لكان مهندا
وقد أخذ المقري هذا المعنى فقال يصف روضاً
ولو دام هذا النبت كان زبرجداً ... ولو جمدت أنهاره كان بلورا
وهذا المعنى مأخوذ من قول التونسي الأبادي من قصيدته الطائية المشهورة
الؤلؤ قطر هذا الجو أم نقط ... ما كان أحسنه لو كان يلتقط
والمعنى كثير للقدماء قال ابن الرومي في قطعة من العنب الرازقي
لو أنه يبقى على الدهور ... قرط آذان الحسان الحور انتهى
عودا إلى القصيدة
وأصبح ثغر الدهر بالأنس باسماً ... عن المطلب الأسنى وأعظم مقصد
ولامه الغراء عادت مواسماً ... بها تنجلي خود السرور بمشهدبمقدم نجل مهدت لقدومه ... معاهد مجد للسوي لم تمهد
أغر عليه اللنجابة كوكب ... يشف سناه عن معال وسؤدد
تضرع من دوح النبوة غصنه ... وماس بروض للوزارة أسعد
ومنها
فيا ابن الأولى قد شيدو البأس والندى ... لهم رتب حفت بعز سؤيد
ومن إن دهى خطب وأطلم حادث ... جلوه برأي مستنير مسدد
كرام إذا ما أدلجوا فوجوههم ... مصابيح تغني عن ذكاء وفرقد
ليهنك في أفلاك مجدك فرقد ... يلوح باقبال وسعد مؤكد
فقربه عيناً ودم وابق سالماً ... بعيش كنوار الخميلة أرغد
نسوق لك الأيام كل مسرة ... ومجد أثيل غب أنس مجدد
ولا زال نجماً في المعالي محمد ... محوطاً بعز من جنابك أحمدي
مدى الدهر ما غنى بمدحك صادح ... وما شغفت منك المعالي بأمجد
وما جاء في تاريخه حدد الهنا ... فشهر ربيع مولد لمحمد
ولما عاد من حجه أحد صدور الدولة العثمانية المولى أبو بكر الرومي نزل في العادلية عند والد المترجم فعمل له المترجم هذه التهنية مؤرخاً عامها وذلك في سنة اثنين وستين ومائة وألف وهي قوله
هناء فطير السعد غرد بالبشر ... ونم على أرد إنه أرج النشر
وصير أيام اللقاء مواسماً ... بها تنجلي خود المسرة واليسر
وأصبح روض الغصن يندي نضارة ... وكلله طل البشائر بالدر
وجرد كف البرق عضباً مهنداً ... على السحب فانهلت بدمع كما القطر
وأشرق أفق الشام وافتر بالمنى ... بها مبسم الاقبال عن شلب الشكر
وطلت دواعي اليمن فيها هواتفاً ... وغنى حلم الأنس في القضب النضر

لمقدم طود الفضل والعلم من له ... مآثر قد خطت على جبهة الدهر
جليل رقى العلياء بالفضل والندى ... وحاز مقاماً دونه هامة النسر
جواد إذا ما أخلف السحب وعدها ... رأيت له كفا بسح الندى يجري
همام لوان الليل لاذ بجاهه ... لما مزقت أثوابه راحة الفجر
هو الشهم ذو الأفضال والعلم والتقى ... أخو الرتبة القعساء والهمة لبكر
هو الماجد النحرير والأوحد الذي ... خلائقه كالزهر أو نفحة الزهر
أغر السجايا واسع الصدر رحبه ... فريد المعاني واضح المجد والفخر

إليه انتهت آمال كل مؤمل ... فعادت بأوقار الندى والثنا تسري
وباب معاليه انتحته بنو الرجا ... فأمنها مما يروع من الذعر
فما هو الا النجم في كل مشكل ... وما هو الا البدر في الهدى والقدر
له فكرة ما زال ينمو ذكاؤها ... ورأى سديد كالمهندة البتر
أما ومحياك الوسيم الذي لنا ... بخبخ الدجى فيه غناء عن البدر
وفيض أياد كالبحار وهمة ... علوت بها قدراً على الأنجم الزهر
لأنت بهذا الدهر فرد كما به ... قد انفردت في فضلها ليلة القدر
فيا أيها المولى الهمام ومن له ... محامداً دناها يجل عن الحصر
تهنأ بحج بل نهنئ نفوسنا ... بمقدم خير رافع راية النصر
بلغت به ما كنت قبل مؤملاً ... ونلت به الحظ الجزيل من الأجر
وزرت مقاماً حله أشرف الورى ... أبو القاسم الهادي الشفيع لدى الحشر
وجئت دمشق الشام حتى تشرفت ... بموطئك السامي وعزت مدى العمر
وأصبح أهلوها تمد أكفها ... بخير دعاء للجناب بلا نكر
فجوزيت عن مسعاك كل كرامة ... تسير بها الركبان في البر والبحر

فقد جاء تاريخ ببيت منضد ... ينادي بألفاظ ملئن من السحر
بأيمن عام عم بالعز والمنى ... وبالسعد والاقبال حج أبي بكر
وقد عرض المترجم هذه القصيدة على الفاضل الأديب السيد مصطفى العلواني الحموي نزيل دمشق فكتب له هذه الأبيات وأرسلها إليه وهي قوله
أشعرك يا مولى القريض أرق من ... صفاتك أم منه صفاتك ألطف
أزل اشكالي بصبح فطانة ... غدوت بها بين الأفاضل تعرف
ولا غروان تغدو وأنت أبو النهى ... وأنت ابن من منه الفضائل تغرف
وإنك غصن مثمر ضمن روضة ... معطرة منها الكمالات تقطف
بقيت لمنثور الفضائل ناظماً ... وفيها بأنوار الذكا تتصرف
وللمترجم في عين الصاحب أحد منتزهات دمشق
لما وقفنا للوداع عشية ... ما بين مسلوب الفؤاد وسالب
وجرت من الشوق المبرح أدمعي ... رق الحبيب لماء عين الصاحب
ولوالده أيضاً في ذلك
لم أنس موقفنا بعين الصاحب ... مع صاحب حبي له كالواجب

أنشدته والشوق يعبث بالنهى ... روحي الفدا شوقاً لعين الصاحب
وللماهر اللغوي الشيخ مكي الجوخي في ذلك أيضاً
يا صاحبي جد المسير ومل بنا ... نحو الرياض فذاك جل مآربي
مع صاحب يروي الفؤاد من الظما ... لتقر عيني عند عين الصاحب
ومن ذلك قول الفاضل الأديب عبد السلام المغربي نزيل دمشق
حث المدامة واسقني يا صاحبي ... كأساً يروق بماء عين الصاحب
واخبب على خيل المسرة مسرة مسرعاً ... فلنحوها طير المسرة صاح بي
وكانت وفاة المترجم في سنة اثنين وسبعين ومائة وألف ودفن بتربة مرج الدحداح رحمه الله تعالى

سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل.