بهادر الأمير سيف الدين الناصري الدمرتاشي.
كان قد ورد إلى البلاد صحبة تمرتاش، فرآه السلطان فأحبه، ولما قتل تمرتاش أخذه السلطان وقربه وبالغ في تقديمه، فلامه الأمير سيف الدين بكتمر الساقي، وقال: ياخوند، كل واحد من مماليكك يقعد في خدمتك ما شاء الله حتى تقدمه لإمرة عشرة، ثم تنقله لإمرة أربعين، وبعد مدة حتى يكون أمير مئة، فخالفه وأعطاه إمرة مئة، وقدمه على ألف، وزوجه إحدى بناته، وصار أحد الأربعة الذين يبيتون ليلة بعد ليلة عند السلطان، وهم: قوصون وبشتاك وطغاي تمر وبهادر الناصري، ولم يزل عنده إلى أن مرض، وطالت به علته وابتلي برمد أزمن، وقرحة طولت، ولازمه إنسان مغربي غريب البلاد، وعالجه بأشياء لم يوافقه الأطباء عليها، فلزم بيته وامتنع من الطلوع إلى القلعة إلا في الأحيان.
وكان شكلاً ظريفا، محبوباً إلى القلوب طريفا، ولم تكن عيناه متركه، ولا أفعالها للقلوب محركه، وله قامة مديده، ومحاسن هيفها عديده، إلا أن رمد عينيه أصدأ سيوف جفونها، وغير فتكات ظباها التي أغمدتها في جفونها، وكواه المغربي على جنبه فأنكاه، وكان سنه يضحك في السعادة فأبكاه، ولم يزل على ذلك إلى أن تولى السلطان الملك الصالح إسماعيل فاستحوذ على الملك لكونه زوج أخت السلطان، وسكن في الأشرفية دار قوصون، وصار الأمر والنهي والحل والعقد له، وأخرج الأمير علاء الدين الطنبغا المارداني إلى نيابة حماة.
ولما نقل الأمير سيف الدين طقزتمر من نيابة حلب إلى نيابة دمشق نقل الأمير علاء الدين الطنبغا إلى نيابة حلب، وأخرج الأمير سيف الدين يلبغا اليحيوي إلى نيابة حماة.
ولم يزل على حاله إلى أن أخذ في ليله، وعدم حوله وحيله، فبات وما أصبح، وخسر ما كان ظنه يربح، وذلك في أوائل شوال سنة ثلاث وأربعين وسبع مئة، رحمه الله تعالى.
أعيان العصر وأعوان النصر- صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى: 764هـ).