عبد الله بن عمر بن عبد الله بن أحمد محزمة
تاريخ الوفاة | 972 هـ |
مكان الوفاة | عدن - اليمن |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
وفيهَا فِي لَيْلَة الإثنثن لعشر لَيَال مَضَت من شهر رَجَب الْحَرَام توفّي الْفَقِيه الْعَلامَة عبد الله بن الْفَقِيه الصُّوفِي عمر بن الإِمَام الْعَلامَة عبد الله ابْن أَحْمد محزمة بعدن وعمره خمس وَسِتُّونَ سة وَكَانَ آيَة فِي الْعلم خُصُوصا الْفِقْه والفلك أَخذ عَن وَالِده الْفَقِيه الْوَلِيّ عمر وَعَمه الْعَلامَة طيب وَالْقَاضِي العلامة عبد الله بن أَحْمد أَبَا سرومي وَكَانَ يَقُول إِنِّي اسْتَفَدْت وَالْقَاضِي الْعَلامَة عبد الله بن أَحْمد أَبَا سرومي وَكَانَ يقول إني اسْتَفَدْت من هَذَا الْوَلَد أَكثر مِمَّا اسْتَفَادَ مني وجد واجتهد حَتَّى برع وانتصب للتدريس وَالْفَتْوَى وَصَارَ عُمْدَة يرجع إِلَى فتواه وانتهت إِلَيْهِ رئاسة الْعلم وَالْفَتْوَى وَصَارَ عُمْدَة يرجع إِلَى فتواه وانتهت إِلَيْهِ رئاسة الْعلم وَالْفَتْوَى فِي جَمِيع جِهَات الْيمن وَقصد بالفتاوي من الْجِهَات النازظحة والأقاليم الْبَعِيدَة وكان عمه الطّيب يَقُول لَا أَسْتَطِيع مَا يَسْتَطِيع عَلَيْهِ ابْن أخي فِي حل المشكلات وتحرير الجوابات على الْمسَائِل العويصات الغامضات
وَكَانَ الشيخ الإِمَام الْعَلامَة جمال الدّين مُحَمَّد بن الإِمَام عبد الْقَادِر الحباني يعظمه جدا ويرجحه على وَالِده وَكَانَ مُعظم تَحْصِيله عَلَيْهِ وَجل انتفاعه بِهِ وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ أَيْضا من الْعلمَاء والأعلام وشيوخ الْإِسْلَام سيدنَا وَشَيخنَا الشيخ العلامة الصَّالح الْفَقِيه مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم أَبَا جَابر ومدحه الأديب أَبُو زَكَرِيَّا الدِّمَشْقِي ببيتين وهما ... ياعمري الأَصْل أَنْت مالكي ... ونافعي بفضله بَين الْبشر.. هَا قد رفعت مسندي اليكم ... لمَالِك لنافع لِابْنِ عمر ...
وَبِالْجُمْلَةِ فَكَلَامه وأبحاثه فِي كتبه وأجوبته تدل على قُوَّة فطنته وغزارة مادته وَكَانَ مَعَ ذَلِك يغلب عَلَيْهِ الْحَرَارَة حَتَّى عى طلبه وَكَانَ فِيهِ على مَا قيل باو مفرط والكمكال لله وَكَانَ فصيحاً بليغاً فَاضلا فِي الْأَدَب نادرة الْوَقْت فِي النّظر والنثر وَكَانَ قد ولي قَضَاء مَدِينَة الشحر مرَّتَيْنِ وَفِي آخر عمره أَقَامَ بعدن وَولي بهَا مشيخة التدريس فِي مَوَاضِع مُتعَدِّدَة وَمن تصانيفه كتاب ينْكث فيه على شرح الْمِنْهَاج للشَّيْخ ابْن حجر الهيتمي فِي مجلدين وفتاوي كَبِيرَة في مجلد ضخم والمصباح شرح الْعدة وَالسِّلَاح وَشرح الرحبية وذيل على طَبَقَات الشَّافِعِيَّة للأسنوي ورسالتين فِي الفلكم والميقات ورسالة فِي الرّبع الْمُجيب وَغير ذَلِك وَمن شعره ... قلت سَلام الله من مغرم ... مَا أَن سلا عَنْكُم فَقَالُوا سلا
فَقلت هَل ترْضونَ لي وَقْفَة ... قَالُوا فَمَا تطلب قلت اكلا ...
وَمِنْه وَقد بلغه موت بعض أَصْحَابه بالشحر ... لَئِن صَحَّ هَذَا الْعلم فالشحر بعدكم ... حرَام علينا ظلها وفناها
وَكَيف يُقيم الْمَرْء فِي سوح بَلْدَة ... وَقد كَانَ مِنْهَا مَوتهَا وفناها ...
وَمِنْه ... يَا قريب الْفرج عَبدك ... على الْبَاب وَاقِف
كلما آيس ترجى ... من جنابك لطائف ...
وَمِنْه ... يَا سادة عودوني كل مكرمَة ... لَا تقطعوا الْبر عَن مملوككم وصلوا
وجملوا الْحَال فالدنيا مجاملة ... وَالْخَيْر أبقى وكل المَال مُسْتَقل ...
وَمِنْه ... لَا تنس من لم ينس ذكرك سَاعَة ... وَانْظُر إِلَيْهِ بِعَين ود واعطف
أوليس مَنْسُوبا اليك وَأَنه ... فرض عَلَيْك عرفت أم لم تعرف ...
وَمِنْه ... وقائلة صف لي متيما ... اضربه طول النَّوَى كَيفَ حَاله.. فَقلت على نَوْعَيْنِ إِمَّا نَهَاره ... وَأما ليله لَا كرى لَهُ ...
وَمِنْه قَالَه ببدر الْموضع الْمُبَارك الْمَشْهُور ... ذكرت فِي بدر بَدْرِي عِنْدَمَا غربت ... شمس النَّهَار وضآء الْبَدْر بالأفق
فَقيل بدرك هَذَا قلت بَينهمَا ... فرق وَشَاهده فِي اللَّيْل والشفق
وَمِنْه هَذَانِ البيتان وَقد ضمنهما قَول أبي تَمام السَّيْف اصدق أنباء من الْكتب ... الْوَاو من صُدْغه فِي الْعَطف يطعمني ... وَالسيف من لحظه يومي إِلَى العطب
فحين مَا حرت قَامَ الهجر يشدني ... السَّيْف أصدق أنباء من الْكتب ...
وَأَيْضًا هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وَقد ضمنهما قَوْله أَيْضا سيد قومهالمتغابي ... قَالَت أَرَاك من الذكا فِي غَايَة ... جلت عنالإسهاب والاطناب
فعلام تبدي فِي الْأُمُور تغابياً ... فأجبت سيد قومه المتغابي ...
وَأَيْضًا هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وضمنهما قَول المتنبي لكل امرء من دهره مَا تعودا ... وعاذله أبدت لفقري توجعاً ... وَقَالَت أَتَاك الْفقر من جَانب الندا
فَقلت لَهَا لَا تطمعي فِي تغيري ... لكل امْرِئ من دهره مَا تعودا ...
وَأَيْضًا هذَيْن الْبَيْتَيْنِ فِي الاقتباس ... وَيَا لكهف من محاجر فتية ... فنون الصبابة من وَصفهم
ترى الشَّمْس شمس البها والكمال ... تمر تزاور عَن كفهم ...
فَائِدَة تتَعَلَّق بالاقتباس
ذكرهَا السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَات بعد أَن أورد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ للاستاذ أبي مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ فِي الاقتباس وهما ... يَا من عدا ثمَّ اعْتدى ثمَّ اقْتَرَف ... ثمَّ انْتهى ثمَّ ارعوى ثمَّ اعْترف
اُبْشُرْ بقول الله فِي آيَاته ... إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف ...
قَالَ وَاسْتِعْمَال مثل هَذَا الاقتباس فِي شعره فَائِدَة فَإِنَّهُ جليل الْقدر وَالنَّاس ينهون عَن هَذَا وَرُبمَا أدّى بحث بَعضهم إِلَى أَنه لَا يجوز وَقيل إِنَّمَا ذَلِك يَفْعَله الشُّعَرَاء الَّذين هم فِي كل اد يهيمون ويثبون على الْأَلْفَاظ وثبة من لَا يُبَالِي وَهَذَا الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور من أَئِمَّة الدّين وَقد فعل هَذَا والحافظ أسْند هذَيْن الْبَيْتَيْنِ فِي كتاب السّنَن
فَائِدَة أُخْرَى
فِي اصْطِلَاح أهل الْمعَانِي وَالْبَيَان أَنه إِذا ذكر الْمُتَكَلّم ناظما أَو ثائرا فِي كَلَامه كَلَام غَيره لَا على حكايته فَإِن كَانَ ذَلِك الْكَلَام من عِبَارَات الْقُرْآن أَو الحَدِيث فَهُوَ الاقتباس وَإِن كَانَ شعرًا فهوالتضمين على اصْطِلَاح الْمُتَأَخِّرين وَإِن كَانَ الْمُتَأَخر نظم نثراً فَهُوَ العقد وَإِن كَانَ نثر نظما فَهُوَ الْحل وإنكان أَشَارَ إِلَى كَلَام غَيره ايمآء لَا تَصْرِيحًا فَهُوَ التلميح وَهِي خَمْسَة فنون الإقتباس والضمين وَالْعقد والحل والتلميح وَمن شعره أَيْضا هَذِه القصيدة الْمُشْتَملَة على المواعظ الجامعة والوصايا النافعة هِيَ ... زم الركاب وحلها عَن عقلهَا ... ودجع المطايا ترتمي فِي سبلها
وابعد عَن الأوطان فِي طلب الْعلَا ... واترك ديار الذل عَنْك وخلها
لَا ترض من دون النُّجُوم بمنزل ... وترق من طل لطائل ويكها
لَا ترجعن الْقَهْقَرِي مثل الَّتِي ... نقضت وحلت بعد عزم عزلها
واسمع أخي نصيحة من نَاصح ... إِن النَّصِيحَة لَيْسَ يخفى فَضلهَا
انْظُر إِلَى الله الْكَرِيم ولذ بِهِ ... واقصده فِي جلّ الْأُمُور وقلها
وَإِذا الْأُمُور تضايقت وتعقدت ... فاضرع إِلَيْهِ فَإِنَّهُ المرجو لَهَا
واجهد على الْخيرَات تحط بخيرها ... وَاحْذَرْ يفوتك فَرضهَا أونفلها
ودع الْمعاصِي والغوايا واستقل ... فَالله يقبل من أناب إذالها
وَالنَّفس ان تَدْعُو فَخَالف أمرهَا ... ودع الْهوى إِن الْهوى من فعلهَا
فَإِذا بدا لَك من رفيقك زلَّة ... فَاغْفِر وَلَا تجزي المسئ بِمِثْلِهَا
والرفق رافق فِي أمورك واصطبر ... فالصبر من خير العرى واجلها
وَإِذا بليت بِشدَّة فَاثْبتْ لَهَا ... حَتَّى ترى مُسْتَبْشِرًا بمحلها
نظرا إِلَى أَن الْمُقدر كَائِن ... فعلام تجزع يَا فَتى من أجلهَا
.. والصدق فَالْزَمْ فِي حَدِيثك كُله ... والوعد أوف بِهِ فَذَاك اجلها
واترك مصاحبة الكذوب وَمن ... تكن عاداته عِنْد النميمة حملهَا
وتغاض عَن عيب الْأَنَام فَإِن من ... يطْلب معايبها رَمَاه بنبلها
عود لسَانك على كل قَول طيب ... فَالْقَوْل من عقل الرِّجَال ونبلها
واحفظ حُقُوق الْوَالِدين وقم بهَا ... والأهل وَالْأَصْحَاب واحمل ثقلهَا
وترق فِي الْعليا إِلَى غاياتها ... فيجمعك الْخيرَات تجمع شملها
وانصب لكسب المَال كي تَكْفِي بِهِ ... متن اللئام فِي الِاحْتِيَاج لبذلها
فركوبك الْأَهْوَال فِي تَحْصِيله ... عين الرِّجَال أَن تكن من رجلهَا
بِالْمَالِ يصفو الدّين وَالدُّنْيَا مَعًا ... وَالْمَال فِي أَيدي اللرجال كعقلها
فِيهِ المكارم والمآثر فِي الورى ... وَبِه الصلات الناميات وَوَصلهَا
فانهض لَهُ ودع الكسالة إِنَّهَا بئس الضجيج فَلَا تنم فِي ظلهاواحذر كَلَام عِصَابَة من عجزها ... رضيت لِبَاس الافتقار وذلها
تحتج فِي تفضيله بادلة ... جهلت حقائق شَرطهَا فِي نفلها
إِن كنت تقوى أَن تقوم بشرطها ... طُوبَى وَإِلَّا عد عَنْهَا لأَهْلهَا
فالفقر كَاد يكون كفرا فِي الورى ... قد فَقَالَ ذَلِك فِي خَاتم رطلها
وَالنَّهْي عَن جمع الحطام مَحَله ... من لَيْسَ يقْصد عِنْد ذَلِك عدلها
أما الَّذِي يَنْوِي الْحَلَال لكَي يصن ... عَن وَجهه وَلَكِن يمن بفضلها
من غير ماحرص وَغير تكاثر ... فثوابه مُتَعَيّن قَاصد لَهَا ...
-النور السافر عن أخبار القرن العاشر-لمحي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس.