وَفِي لَيْلَة السبت خَامِس عشر صفر الْخَيْر سنة تسع وستين توفّي الشَّيْخ الْكَبِير والقدوة الشهير الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى أَبُو مُحَمَّد مَعْرُوف بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد مؤذ ابْن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد جمال بدوعان وَكَانَت وِلَادَته بشبام فِي لَيْلَة الْجُمُعَة حادي عشر شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ كَبِير الشَّأْن ذَا كرامات ظَاهِرَة وآيات باهرة وَبَلغنِي أَن مناقبه أفلردها بعض الْفُضَلَاء بتصنيف رَحمَه الله العه وَكَانَ من الْمَشَايِخ الْمَشْهُورين والاساتذة الْكِبَار الْمَذْكُورين بتربية المريدين وَتَخْرِيج السالكين وَكَانَ ذَا جاه عَظِيم وَقبُول عِنْد الْخَاص وَالْعَام وَسبب خُرُوجه من بَلَده إِلَى دوعان أَنه كَانَ وشي بهإلى السُّلْطَان بدر الكثيري فِي أَشْيَاء مِنْهَا فرط اعْتِقَاد النَّاس فِيهِ وامتثالهم لأوامره ونواهيه فَأمر بنفيه من الْبِلَاد بعد الاشتهار باهانته بَين الْعباد فَنُوديَ عَلَيْهِ هَذَا معبودكم يَا أهل الشَّام وَجعل فِي عُنُقه حبلاً وطيف بِهِ بَين الْأَنَام
وَمن غَرِيب الِاتِّفَاق أَن السُّلْطَان أَمر بعض أمرائه أَن يتَوَلَّى فعل ذلاك مِنْهُ بِنَفسِهِ وَكَانَ ذَلِك الشَّخْص من معتقدي الشَّيْخ الْمَذْكُور فتوقف لذَلِك فأرسل إِلَيْهِ الشَّيْخ مَعْرُوف قجس الله سره أَن أفعل مَا أمرت بِهِ وَأَنا ضمينك على اللهبالجنة فَانْظُر إللا مشْهد هَذَا الشَّيْخ الْعَظِيم الَّذِي يرى الْأَشْيَاء كلهَا من الله الْحَكِيم وَمَا وَقع عَلَيْهِ من الامتحان لَهُ فِيهِ أُسْوَة بِغَيْرِهِ من الْأَعْيَان أَرَادَ اله أَن يرفع بِهِ فِي درجاتهم ويضاعف بِسَبَبِهِ فِي ثوابهم وحسناتهم على أَن هَذِه الطَّائِفَة الْعلية كَمَا قيل فِي نعوتهم السّنيَّة انهم رَضِي الله عَنْهُم يتلذذون بالبلاء كَمَا يتلذذ غَيرهم بالنعيم وَذَلِكَ فضضل الله يؤتيه من يَشَاء وَالله ذوالفضل الْعَظِيم
وفيهَا صَار بحضرموت حريق الْبرد الْمَشْهُور سنة سبعين بعد التسْعمائَة (970) هـ
وَفِي سنة سبعين ثَانِي يَوْم من شَوَّال كَانَ السَّيْل الْعَظِيم الهائل بحضروموت الَّذِي لم يسمع بِمثلِهِ اخرب كثيرا من النخيل واهم تلكالجهة يذكرُونَهُ إِلَى الْيَوْم ويؤرخونه بِهِ وَهُوَ الْمُسَمّى عِنْدهم سيل الاكليل وَقد ضمن تَارِيخه الْفَاضِل الْفَقِيه عبد الله بن أَحْمد فلاح الْحَضْرَمِيّ فِي بَيْتَيْنِ هما سيل بوادي حَضرمَوْت أَذَاهُ عَم ... فِي سنو إكليل النُّجُوم أَخذ نسم
وضعُوا لَهُ تَارِيخ ناسب جوره ... بلقاه من يطْلب فِي أحرف ظلم ...
وَيُقَال أَنه فِي قديم الزَّمَان كَانَ وَقع سيل أَو سيلان مثله أَو قريب مِنْهُ وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
-النور السافر عن أخبار القرن العاشر-لمحي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس.