صالح بن إبراهيم بن خليل الدمشقي

المزور

تاريخ الولادة1090 هـ
تاريخ الوفاة1152 هـ
العمر62 سنة
مكان الولادةدمشق - سوريا
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • دمشق - سوريا

نبذة

صالح بن إبراهيم بن خليل الشهير بالمزور الحنفي الدمشقي خطيب السليمية في صالحية دمشق كان من الأدباء البارعين الأفاضل ولد تقريباً في حدود التسعين وألف بدمشق ونشأ وقرأ على الأفاضل والأجلاء وأخذ الأدب عن الأمين المحبي وانتفع به وتخرج عليه وكتب بعض تآليفه وكان عارفاً بارعاً في الأدب حسن الصوت لطيف العشرة

الترجمة

صالح بن إبراهيم بن خليل الشهير بالمزور الحنفي الدمشقي خطيب السليمية في صالحية دمشق كان من الأدباء البارعين الأفاضل ولد تقريباً في حدود التسعين وألف بدمشق ونشأ وقرأ على الأفاضل والأجلاء وأخذ الأدب عن الأمين المحبي وانتفع به وتخرج عليه وكتب بعض تآليفه وكان عارفاً بارعاً في الأدب حسن الصوت لطيف العشرة ماهراً في المويسيقى والألحان وله شعر حسن وترجمه الأديب الأمين المحبي المذكور في ذيل نفحته وذكر له من شعره وقال في وصفه هو عندي بمثابة ابني وإذا أثنيت عليه فبصالح اثني فرابطتي معه علقة علائقه وإني لا أرى غذاء روحي الا في خلائقه فإن بدا روى عيوني رواؤه وإذا تكلم أشبع خاطري أداؤه وإن غاب شمت حزني بفرحي ومتى حضر حضر سروري بمقترحي فلله من روح حياة ضمنت ضلوعه وقمر ملاحة في سماء النبل طلوعه وهو في مبدا صوب قطرته من الغمامه وباكورة خروج زهرته من الكمامه يحل من القلوب بلطفه محل الروح من الجسدونتحاسد عليه العيون والآذان فكأنما خلق لأجله الحسد وله أدب نفس وسليقه تحلى بحسن خلق وخليقة إلى خط كخط العذار أول طلوعه وصوت يدعو القلوب قسراً إلى صبوته وولوعه فكم حل بمغنى فسيح فمر فيه بمعنى فصيح وشعره عليه مسحة الحسن يوقظ بغرامياته الجفون الوسن انتهى ما قاله الأمين المحبي ومن شعره قوله
يا عين لا تهجعي فالسعد وافاك ... وزار من تعشقي ليلاً وحياك
مليحة صاغها نوراً مصورها ... فافتنت كل ذي رأى وادراك
تعلم السحر هاروت وأتقنه ... من لحظها حين أرماه باشراك
كم عاشق ضل في داجي الذوائب قد ... أهداه نور صباح من محياك
حويت جنة حسن في الخدود علا ... من فوقها عرش شعر جل عن حاكي
قوله حويت جنة حسن إلى خره استعمل العرش في الشعر والمشهور استعماله في الخد كما قيل
غدا خاله رب الجمال لأنه ... على عرش خد فوق كرسيه استوى
وأرسل رسلاً من لحاظ أعزة ... على فترة تدعو الأنام إلى الهوى
عوداً
وكنز ثغر حصين بالعقيق حوى ... جواهراً نظمت من غير أسلاك
يا طلعة البدر يا شمس النهار ويا ... غصن الرياض وذات المبسم الزاكي
تالله لا أبتغي خلاً يسامرني ... يا ظبية أسرتني عين لقياك

لا سامح الله عذالاً لنا عذلوا ... لوعاً ينوا لغدواً من بعض أسراك
وكتب إليه الفاضل الألمعي السيد مصطفى الصمادي ملغزاً بقوله
أيا فاضلاً في حل ما جاء مشكلاً ... من الرمز في لغز ولا يتوقف
ابن لي ما اسم بدؤه بدء سورة ... بحرف عظيم القدر في الذكر يعرف
ومنطوق ذاك الحرف فعل كما ترى ... ووصف لموصوف إذا ما يحرف
وإن منه تحذف أولاً ثم تقلبن ... تبين فعلا ضده الذوق يانف
وتصحيف هذا الفعل إن كنت رادفاً ... تراه يقيناً أوضح الأمر يكشف
وإن منه تحذف ثانياً ثم رابعاً ... مع القلب فاسم الشخص بالسور يوصف
وإن تقلب المقلوب أيضاً رأيته ... أتى باسم ذي روح به النفس يتلف
وصحف لذي المقلوب وافتح لأول ... تراه غدا فعلاً عن الرشد يصرف
وإن رمت قلب الأسم كلا مصحفاً ... لأوله كنت النجاة ترادف

فأجابه المترجم عن هذه الأبيات والغز في ذيلها أيضاً بقوله
أياماً جداً حاز الفصاحة والذكا ... ومن لحماه الجود والفضل يألف
سالت عن اسم ما تلا بدءه من ال ... منزل أن تتلوه لفظ مشرف
وثاني رمز فيه قد صار فكرتي ... بما بعده صفني لرؤياك تنصف
ورابعه يا مفرد العصر لم يزل ... به عيش من يشناك يا خل يوصف
وصحفه يا مفضال واترك رديفه ... وحرفه إن العين للضد تألف
وإن تحذف الحرفين للهيئة التي ... أتيت بها بدأ عدو يؤلف
وثامن رمز من يروم بجهله ... يضاهيك في فضل به صار يعرف
وما بعده وقيت من ضده وإن ... تصحف بتعريف إذا ثم يكشف
وآخر ما فيه صلاح لما مضى ... من الرمز أجلى من لآل وألطف

وسامح بما قد جئت فيه مبيناً ... لرمزك يا من للغوامض يكشف
وبين أيا مولاي ما اسم ببدئه ... لقد أقسم الرحمن إذ ما يصحف
وإن تصفه تحذف وحرفه ما بقي ... يكن آلة للبطش في الذكر تعرف
وما بعده وقيت من ضده وإن ... تصحف بتحريف إذا ثم يكسف
وإن صدره تسقط فيوم معظم ... وحرف وصحفه فوصف مشرف
وإن رابعاً منه أزلت محرفاً ... ففعل على الأجساد منه تكلف
وإن تجعل الثاني من الفعل ثالثاً ... بقلب فمركوب إذا سار يسرف
أجب يا حليف المجد وأبدي خفاء ... فكل أديب من بحارك يغرف
ولا زلت محفوظاً على رغم حاسد ... ثمار معاتي النظم بالفكر تقطف
وحين وصل إليه أجابه الصمادي من الوزن والقافية بقوله
أيا روض فضل نوره الحذق والذكا ... ومنه جنى الآداب واللطف يقطف
جوابك وفي حيث وافى بحل ما ... تضمنه لغز من الرمز يكشف
والغزلي في اسم أتى الذكر مقسماً ... به المسجد المشهور بالفضل يوصف
أو الثمر المعروف أو نفس بلدة ... كذا قال أهل العلم فيه وعرفوا
وتصحيف هذا الحرف نبت وقلبه ... به مثل ذي يضاهيك يعرف
ومنطوق حرف جاء يتلوه في الهجا ... إذا فتحوا فالفتح شانيك يردف
وإن نصف هذا الاسم تحذف محرفاً ... فتلك يدمن بحر نعماك تغرف
وإن بعد هذا الحرف بدلت أولاً ... بما بعد حرف الميم فالطيب يعرف

وإن بدأه تسقط فيوم مبارك ... وعيد بتصحيف إذا ما يحرف
وإن شئت أسقطه وحرف وصحفن ... فوصف لمحبوب به الصب يشغف
وإن آخراً تسقط وحرفته أتى ... لك السعي مشكور به دمت تسعفوإن تقطع الطرفين منه مشدداً ... وحرفته فالداء وقيت يضعف
وإن آخراً تخذف ونزلت أولاً ... بمنزله فالعيس في السير تعسف
وإن شئت صحف قلب ذا العيس وأقلبن ... وحرف فد وبطش من الوحش يرجف
وهذا جوابي وأعذر الفكر إن سها ... وسامح فمنك العفو والصفح يؤلف
ودم يا سعيد الرأي للمدح صالحاً ... بكل لسان يالكما لات توصف
ولا زلت تهدي كل عقد منضد ... من النظم يزري بالآلي وتتحف
وللمترجم أيضاً مضمناً
لقد كنت في أسر الغزال صيده ... خبيراً وفي أمري يحار ذوو اللب
إذا رمت صيد الظبي انصب في الهوى ... حبائل فكري حيث لا يشعروا صحبي
فها أنا قد عفت الغزال وصيده ... وأطلب بعدي عنه لا أبتغي قربي
وذاك لما قد قال قبلي شاعر ... فلا بد للصياد من صحبة الكلب
وتأبى نفوس الاسد ماء على الظما ... إذا كان كلب السوء يدنوه للشرب
وله أيضاً
يا معجباً في حسنهقف ريثما إن أسألكأتظن إن الحسن فر
دفى الوجود وتم لكخفض عليك عرفت آخرك القبيح وأولك
وسألت عنك فقيل لي ... من تحت غربال الفلك
وله مشجراً
خذوا بيدي يا أهيل الغرام ... فإني أسير هوى مستهام
لحا الله قلباً خلا من هوى ... وعذب بالسهد طرفاً ينام
يعيرني عاذلي في الضنى ... وما الفخر في الحب غير السقام
لعمرك يا عاذلي فاتئد ... ففي الحب موتي اقصى المرام
وله

أثر بخد معذبي فسألته ... عنه أجاب بعذب لفظ رائق
عوذت ياقوت الخدود بقطعة ... من لازورد خوف عين العاشق
وفي المعنى للأديب إبراهيم السفرجلاني
أجل في خده نظراً فإني ... غرست به البنفسج فوق ورد
ونطت به لرد العين عنه ... على الياقوت قطعة لازورد
وللمترجم

يا عاذلاً عن هوى لمياء كاعبة ... هلا عشقت رشيق القدماء نوسا
ضللت لما هويت الآن ملتحياً ... خالفت للناس في هذا وابليسا
أقول إن الشائع عن أهل الموصل إنهم لا يهوون الا المعذر وربما بالغ بعضهم فقال نحن قول إذا سمحنا في طريق المحبة بنوال لا نسمح الا لمن ينفق على عياله قال الأمين المحبي في تاريخه في ترجمة عطاء الله بن محمود الصادقي الحلبي وهذا مذهب جرى عليه الحلبيون وسال العلامة العمادي الحنفي الدمشقي العالم الشيخ أحمد ابن المنلا الحلبي بقصيدة عن ترك الميل إلى المرد والميل إلى المعذرين فأجابه بقصيدة وهي لا تشفي الغليل وكلا القصيدتين مثبتتان في ريحانة الشيخ شهاب الدين الخفاجي المصري ورأيت لأبن منقذ بيتين متعرضاً لما جرت عليه أهل الموصل مما ذكرناه بقوله
كتب العذار على صحيفة خده ... سطراً يحير ناظر المتأمل
بالغت في استخراجه فوجدته ... لا رأى الا رأى أهل الموصل
وفي ذلك قول بعضهم
وقيل محب المرد يدعى بلائط ... ويدعى بزان من يحب الغوانيا
فأحببت أهل الذقن مني تعففاً ... فلااناً لوطي ولا أنا زانيا
ولقد ترقى بعضهم فقال
أعشق المرد والنكاريش والشي ... ب عندي مثل البنين البنات
حد ما يشتهي وينكح عندي ... حيوان تحل فيه الحياة
ولأبن تميم مضمناً

ومعشر عذلوا لما ركبت على ... أحوى محاسنه قبحن فعلهم
دع يعذلوا ما استطاعوا انني رجل ... لو استطعت ركبت الناس كلهم
وترقى بعضهم فقال
كلفت به شيخاً كان مشيبه ... على وجنتيه ياسمين على ورد
أخا العقل يدري ما يراد من الفتى ... أمنت عليه من رقيب ومن ضد
وقالوا الورى قسمان في شرعة الهوى ... لسود اللحا ناس وناس إلى المرد
فقلت لهم لو كنت أصبو لأمرد ... صبوت إلى هيفاء مائسة القد
وسود اللحا أبصرت فيهم مشاركاً ... فاخترت أن أبقى بأبيضهم وحدي
وقد ذكر أن بعض الناس خرج إلى خارج بلدته يوماً للتنزه هو ورفيق له فمر على مكان وجد فيه رجلاً اختياراً بحذاء أمرد وهو يبكي ودموعه تساقط فقال له ما يبكيك فقال له جد هذا ووالده وأعمامه كلهم في عائلتي وأنا قد نكحتهم جميعاً والآن أنكح هذا فأبكي حزناً على أولاد هذا وأولاد أولاده من ينكحهم بعدي أتذكر ذلك وأبكي انتهي قلت وما ذكر من مدح العارض والعذار محمول على المبالغة في الأشعار والاقتدارات في ابراز المعاني والعبارات وايراد الابتكارات الأدبية والا فمن يفضل الملتحي على ذي الوجنة الطرية ومن يميل إلى وجنة تلطخت بالسواد ولبست لموت جمالها ثياب الحداد وذبت ورودها واكتست جلباب الشعر خدودها شتان بين خدانيق يزدري بطراوته ونكهته الورد وحمرة الشقيق وبين المخالي ومن سودت وجهه الأيام والليالي فمن ينظر للقمر وقت المحاق أو يدخر الفضة بعد الاحتراق أو يعتاض عن الآرام بالقرود أو يستبدل بالترف خشن الخدود أو يستحسن كسوف الشمس أو يستغني بعجوز الشياطين عن عروس الأنس وكل ما أبدوه ابتكارات واختراعات للأقتدار لا لمدح العارض والعذار انتهى وللمترجم وكتبه لبعض أصحابه مضمناً
يا من أفاض على الراجين سحب ندى ... من كفه فوق هم ضيقة العطن
إني قصدتك من جور الزمان فلا ... نخيب الظن وأعددها من المنن
واذكر معاهد أنس قد مضين لنا ... تحكي رياض المنى في غابر الزمن
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا ... من كان يائفهم في المنزل الخشن
فهاك ابنه فكري قد بعثت بها ... اليك مستشفعاً في رونق حسن
فأسبل عليها ذيول الستر سابغة ... واغنم ثنائي لكم في السر والعلن

والبيت المذكور ضمنه بعضهم مع الاكتفاء وهو ما حكي إن الأمير بدر الدين بيلبك خزينه دار الحضرة القاهرة كان لتاجر وذلك التاجر يحسن إليه وهو في رقه فلما باعه تنقلت به الأحوال إلى ما صار إليه وافتقر التاجر فيما بعد فحضر إليه إلى مصر وكتب إليه رقعة فيها
كنا جميعين في كد نكابده ... والقلب والطرف منا في أذى وقذا
والآن أقبلت الدنيا عليك بما ... تهوي فلا تنسني إن الكرام إذا
فأعطاه عشرة آلاف درهم وكانت وفاة صاحب الترجمة في ربيع الثاني سنة اثنين وخمسين ومائة وألف ودفن بتربة الباب الصغير رحمه الله تعالى ورثاه الأديب الشيخ عبد الله الطرابلسي مؤرخاً بقوله
على صالح يا قوم تبكي المنابر ... فقد همعت بالحزن منا المحاجر
به أفلت شمس الكمال فأرعدت ... مصيبتنا والحزن بالغم ماطر
وغيضت مياه الحزن عنك فملنا ... وحقك قلب عند فقدك صابر
وليل العنا فينا اكفهر ظلامه ... وضاقت علينا للفراق السرائر

لتبك المعالي بعد فقدك حسرة ... كما لبست ثوب الحداد المفاخر
أيا لوذعياً كان في الفضل باهراً ... ومن عيشه بالبشر والعز هامر
لقد كنت بحراً في الفضائل والذكا ... خطيباً لبيباً نور علياك ظاهر
وقمت بأعواد المنابر واعظاً ... بحسن بلاغ منه ناه وزاجر
عليك من الرحمن ألف تحية ... ورضوانه ما ناح في الروض طائر
وما قال بالحزن الجزيل مؤرخ ... على صالح يا قوم تبكي المنابر

الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل. سلك الدرر في أعيان القرن