السيد شعيب الكيالي بن إسماعيل المعروف بالكيالي الشافعي الأدلبي العالم الفاضل كان أديباً أريباً محققاً هشابشاً لطيفاً عفيفاً من رآه تحقق علو نسبه ولد بأدلب سنة ست عشرة ومائة وألف وقرأ على أفاضلها ثم ارتحل إلى دمشق وقرأ على علمائهاوقدم حلب في سنة ثلاث وأربعين ونزل بالمدرسة العثمانية وقرأ على مدرسها الشيخ محمود الانطاكي ومهر في عدة من الفنون وله رسالة في التصوف سماها الدر المنضود في السير إلى الملك المعبود وشرح على صلوات بن مشيش وله مختصر في فقه ابن ادريس رضي الله عنه سماه تدريب الواثق إلى معاملة الخالق وله شرح لطيف على دالية ابن حجازي وغير ذلك وأما نسبته إلى الكيال فهو جده الأعلى ولي الله تعالى الشيخ إسماعيل الكيال البلخي الأصل قدس الله روحه له كرامات ظاهره وقبره معروف بقرية من أعمال حلب تدعى طربنا وهو إلى الآن يزار وكان صاحب الترجمة له أدبية وشعر أكثره في الجناب الرفيع صلى الله عليه وسلم فمن ذلك قوله مضمناً بيتي حسان رضي الله عنه
أهيل الود هل منكم وفاء ... وهل جرحي له منكم براء
سلبتم بالنوى قلبي ولبي ... وهل للمرء دونهما بقاء
قد استولى على كلى جواكم ... ومالي عن تعشقكم غناء
إذا ما لامني اللاحي بلوم ... أفوه له بان قل ما تشاء
هيامي ليس لي منه براح ... وصبري ليس لي عنه انثناء
فكيف وقد جبلت على هواهم ... وعهدي لا يغيره الضناء
فهم للروح إن ظمئت رواء ... وهم للعين إن رمدت جلاء
أيا سكان طيبة إن فيكم ... يطيب لي التمدح والرثاء
نأيتم عن عيوني واحتجبتم ... فهلا كان لي منكم لقاء
فبعد الدار عنكم هد حيلي ... وشيبني وما تم الصباء
على قلبي تجلى من حماكم ... حبيب قد تغشاه البهاء
جميل لا يشابهه جمال ... منير لا يقاربه سناء
يعير البدر عند التم نوراً ... وهل الا به ذاك الضياء
به الغبراء جاءت ثم قالت ... ومن مثلي فهاتي يا سماء
نبي هاشمي أبطحي ... قريشي يمازجه الزكاء
منها
وما إن جئت أمدحه بنظمي ... ولكن فيه للنظم الثناء
به الألفاظ تنفد والسجايا ... لعمر أبيك ليس لها انتهاء
رسول الله ما مدحي بواف ... وأين المدح مني والوفاء
رقيت من الكمال إلى مقام ... علي لا يقاربه علاء
وكيف وقد ملكت زمام حسن ... بشطر منه جاء الأنبياء
فأحسن منك لم ترقط عين ... وأجمل منك لم تلد النساء
ولدت مبرأ من كل عيب ... كأنك قد خلقت كما تشاء
محياك الجميل له ثناء ... لطلعتها حكتك به ذكاء
رسول الله يا غوث البرايا ... وملجأها إذا عم البلاء
شعيب قد ألم به خطوب ... يضيق الصدر عنها والفضاء
ومنها
ضعيف عاجز قلق ذليل ... له جرع الأسى أبداً غذاء
وقد فقد القوي كلا فأضحى ... وثكلى في كآبتها سواء
حزين دائماً حتى إذا ما ... جلاه الصبح كدره المساء
ومنها
له دارك رسول الله غوثاً ... إذا ما بالذنوب غدا بجاء
عليك الله صلى كل آن ... مع التسليم ما لاحت ذكاء
كذاك الآل والأصحاب جمعاً ... دواماً لا يرى لهما انقضاء
وله عدة نبويات عشقتها الأرواح والنفوس واتخذتها الأحباب تمائم فوق الرؤس وأما غزلياته فقليلة من ذلك قوله
وظبي من ظباء الأنس وافى ... بوجه يخجل البدر الاتما
وخد فيه جمر شاب ثلجاً ... فواعجبي لجمر جامع الما
وثغر قد حوي دراً وشهداً ... فواظمائي لشهد صار طلما
وجيد زانه خال كمسك ... وقد ما برا الا وأدمى
منها
سكرت ولم يكن في الحان خمر ... سوى الألحاظ حين إلي أومى
فقلت له وقلبي لم أجده ... لدي وكيف قلبي منك علما
فقال وكم لمثلك من فؤاد ... عليه قد وضعت يداً ورسما
ولكن أنت طب نفساً فإني ... أمين لا أخون العهد ظلما
وله غير ذلك وهذا ما وصلني منه وفي سنة اثنين وسبعين ومائة وألف أراد الحج من جهة مصر فأدركته الوفاة في الطريق رحمه الله تعالى
سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل.
شعيب بن إسماعيل الكيالي الإدلبي:
فاضل. ولد بإدلب، وتعلم في دمشق، وسكن حلب، ومات في طريق الحج. له (الدر المنضود) رسالة في التصوف، و (تدريب الواثق) مختصر في الفقه، و (كشف النقاب المجازي عن دالية ابن حجازي - خ) عند آل الشطي في دمشق، ذكره عبيد. وللكيالي نظم .
-الاعلام للزركلي-