أحمد بن محمد بن عثمان الدمشقي صفي الدين
ابن الحريري
تاريخ الوفاة | 757 هـ |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان صفي الدّين ابْن القَاضِي شمس الدّين ابْن الحريري كَانَ شكلاً ضخماً مفرطاً فِي السّمن لَهُ نَوَادِر مضحكة من نمط مَا يحْكى عَن جحا وَكَانَ السُّلْطَان أنعم عَلَيْهِ بتدريس الصالحية بِبَاب الْبَرِيد بِدِمَشْق إِكْرَاما لوالده وأحضره إِلَى الْقَاهِرَة ليخلع عَلَيْهِ فطلع وَالِده وَقَالَ للسُّلْطَان وَلَدي هَذَا لَا يصلح للتدريس فَقَالَ السُّلْطَان لهَذَا أَنا أوليه وَمن نوادره أَنه قَالَ لغلامه يَوْمًا وَقد عثرت بِهِ بغلته لَا تعلق عَلَيْهَا ثَلَاثَة أَيَّام عُقُوبَة لَهَا فجَاء إِلَيْهِ فِي آخر النَّهَار فَقَالَ إِذا لم نعلق عَلَيْهَا تحمر فَقَالَ علق عَلَيْهَا وَلَا تقل لَهَا إِنِّي أَذِنت وَمِنْهَا أَن أَبَاهُ أحضر لَهُ حاسباً يُعلمهُ فَقَالَ وَاحِد فِي وَاحِد وَاحِد فَقَالَ هُوَ لَا نسلم بل اثْنَيْنِ فَقَالَ لَهُ الْمعلم يَا سَيِّدي المُرَاد وَاحِد إِذا عد مرّة وَاحِدَة فَهُوَ وَاحِد فَقَالَ صدقت ظهر فَقَالَ لَهُ اثْنَان فِي وَاحِد اثْنَان فَقَالَ لَا نسلم بل ثَلَاثَة فَبين لَهُ كَمَا بَين فِي الأول فَقَالَ صدقت ظهر ثمَّ قَالَ وَاحِد فِي ثَلَاثَة ثَلَاثَة فَقَالَ لَا نسلم بل أَرْبَعَة فَأَعَادَ عَلَيْهِ فطال ذَلِك على الْمعلم فَتَركه وَمِنْهَا أَنه دخل إِلَى الْمدرسَة فَرَأى الشَّيْخ نجم الدّين القحفازي خَارِجا من الطَّهَارَة فَقَالَ يَا مَوْلَانَا آنستم محلكم فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ نجم الدّين قبحك الله قَالَ عماد الدّين ابْن كثير كَانَ عبل الْبدن جدا بسذاجة وتغفل ببلادة ويسند إِلَيْهِ أَشْيَاء وَمَعَ ذَلِك فَكَانَ فِيهِ دين وتحرى فِيمَا يباشره ورئاسة وَلم يزل تدريس الصادرية بِيَدِهِ إِلَى أَن مَاتَ فِي شهر ربيع الأول سنة 757
-الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني-
أحمد بن محمد بن عثمان
القاضي صفيّ الدين بن قاضي القضاة شمس الدين الحريري الحَنَفي، وسيأتي ذِكر والده في المحمدين إن شاء الله تعالى.
كان هذا القاضي صفيّ الدين شكِلاً ضخماً مفرطاً يخطئ العاقل إذا جاء في الاستفهام عنه ب مَنْ، له نوادر مُضحكة ما قَرِحَ بمثلها جُحا، ومتى سُمعتْ كان الثاني على الأول مرجَّحاً، أعجوبة من الأعاجيب، وأحدوثة لم يُسمع بمثلها إلا وظنّ أنها من الأكاذيب، يتداول الناس أخبارها، ويتشوَّفون إلى أن يَسمعوا علماءَها بذلك وأحْبارها، إلا أنه كان يَنطوي على ديانة، ويجعل الخوف من ربّه عِيانه.
ولم يزل على حاله إلى أن حلّت به الدُّرخمين، وصدق في عدمه الحَدْس والتخمين.
وتوفي رحمه الله تعالى في نهار السبت تاسع عشر ربيع الأول سنة سبع وخمسين وسبع مئة.
كان مدرّساً بالمدرسة الصادرية بباب البريد بدمشق، وبيده، على غالب ظنّي، إمامة الظاهرية داخل دمشق الحنفية.
طلبة السلطان إلى مصر وولاّه التدريس فقال والده: هذا ابني ما يصلح، فقال السلطان: لهذا الملاك أنا أولّيه، وألبسه تشريفاً، وأعاده إلى دمشق.
وله غرائب تُحكى عنه؛ منها: انه تأذّى من بغلةٍ كانت عنده يركبها، فقال للغلام: لا تعلّق عليها شيئاً هذه الثلاثة أيام، فجاء إليه وقال: هذه البغلة إذا لم تأكل عليقها تحمَرُ، فقال له: علّق عليها ولا تقل إنك قلت شيئاً.
ولامه بعض الناس في كبرها وأن يستبدل بها، فقال: لا والله هذه أشمّ فيها روائح الوالد، يعني أنها من خَيْله.
ومناه أنه كان في يوم طينٍ راكب البغلة وهو مارّ في الطريق، فرأى قاضي القضاة نجم الدين بن صَصْرى متوجّهاً إلى الجامع الأموي ماشياً، فرجع بين يديه بالبغلة يحجُبه وهو يقول له: يا مولانا ارجع حسبنا الله، فيقول: الله الله يا مولانا قاضي القضاة، ولم يزل حتى وقع حافر البغلة في طين وفَقَس عليه، فطلع من ذلك ما جعل ثياب قاضي القضاة شهرة، فقال له: ارجع يا مولانا فقد حصل المقصود.
ومنها أن والده أحضر له شيخاً يقرئه النحو، فلازمه مُدّة، فأراد والده امتحانه يوماً، فقال له: " قنديل " اسم أو فعل أو حرف؟ فقال: فعل، فقال: لمَ قلت إنه فعل؟ قال: لأنه يحسن دخول قد عليه. فقال له: كيف يكون ذلك؟ فقال: لأنك تقول قِد قنديل يعني بكسر القاف مِنْ قِد يُريد فعل أمر من الوقيد.
ومنها أنه أراد أن يُشغّله في الحساب، فأحضر إليه من يقرئه ذلك فقال له الشيخ: أحد في أحد أحد، فقال هو: لا نُسلّم، أحدٌ في أحد اثنين. فقال الشيخ: يا سيّدي أحد مرّة واحدة، فقال: نعم، ظهر، فقال الشيخ: اثنان في أحد اثنان، فقال: نُسلّم. اثنان في أحد ثلاثة، فقال الشيخ: لا نسلم، أحد في ثلاثة أربعة، فقال الشيخ: يا سيّدي المراد أحد ثلاث مرّات، فقال: نعم ظهر، ولم يزل الشيخ إلى أن قال: اثنان في اثنين أربعة، فقال: هذا مسلَّمٌ، فقال له الشيخ: اثنان في ثلاثة سنة، فقال: لا نُسلّم، اثنان في ثلاثة خمسة، فقال الشيخ: يا سيدي المراد اثنان ثلاث مرات، فقال: نعم ظهر، فقال الشيخ: اثنان في أربعة ثمانية، فقال: لا نسلّم، اثنان في أربعة ستة، فنفر الشيخ وقال: إنْ سلّمت وإلا، الله لا يُقدّر لم تسلّم، ومضى وتركه.
ومناه أنه دخل يوماً إلى المدرسة الصادرية، فرأى الشيخ نجم الدين القحفازي خارجاً من بيت الطهارة، فقال له: يا مولانا آنستم محلّكم، فقال الشيخ نجم الدين: قبحك الله.
ومنها أنه شكا لطبيب يوماً سمنه، وما يجده من البلغم، فقال له: يا مولانا تعانَ الرياضة كل يوم بُكرةً إما أن تعالج بشيء ثقيل، فقال: ما أقدر فقال: خذ قوس كُبّاد ومُدّه كل يوم بكرة عشرين ثلاثين مرّة، فقال: هذه نعم، ومضى إلى القوّاسين وطلب قوس كبّاد، فأحضر إليه ذلك، فذاقه بلسانه وردّه، وقال: هذا ما هو الغرض، قيل له: لأي شيء، قال: ما هو حامض مثل الكبّاد.
وحكاياته كثيرة، وهذا القَدْر منها كافٍ.
أعيان العصر وأعوان النصر- صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى: 764هـ).