عُمَرُ بنُ المُنْكَدِر بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الهُدَيْر بْنِ عَبْدِ العزَّى بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْم بْنِ مُرَّة، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ، وَهِيَ أُمُّ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَلَمْ يَكُنْ لِعُمَرَ وَلَدٌ، وَكَانَ مِنَ العبَّاد الْمُجْتَهِدِينَ.
أَخْبَرَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْمَكِّيُّ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ. قَالَ قالت أم عمر بن الْمُنْكَدِرِ: "إِنِّي لَأَحِبُّ أَنْ أَرَاكَ نَائِمًا. فَقَالَ: يَا أُمَّه إِنِّي لَأَسْتَقْبِلُ اللَّيْلَ فَيَهُولُنِي فَيُدْرِكُنِي الصبح وما قضيت حاجتي".أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَلَاءِ بن عبد الجبار، قال: حدثنا نافع ابن عُمَرَ قَالَ: "قَدِمَ رَجُلٌ بمالٍ الْمَدِينَةَ"، فَقَالَ: "دلوني على رجل من قريش أعطيه هَذَا الْمَالَ، فَدَلُّوهُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، فَأَعْطَاهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَ"، قَالَ فَقَالَ: "هَذَا وَقَدْ أَبَى فَمَنْ بَعْدَهُ؟ " قَالُوا: "لَا نَعْلَمُ بعده أحداً يشبه أَبَا بَكْرِ بْنَ الْمُنْكَدِرِ"، قَالَ: "فَأَعْطَاهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ". قَالَ فَقَالَ: "فَمَنْ بَعْدَهُمَا؟ " قَالُوا: "مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ". قَالَ: "فَأَتَاهُ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ"، قَالَ فَقَالَ الرَّجُلُ: "يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ يَلِدَكُمْ كلَّكم المُنكدر فَافْعَلُوا".
أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ لَيْثٍ، قَالَ: "ذَكَرُوا شَيْئًا فِي مَنْزِلِ عُمَرَ بْنِ الْمُنْكَدِرِ"، قَالَ: فَقَالَتْ أُمُّهُ: "قَدْ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَخَالَفَهَا عُمَرُ، فَلَمَّا ذَهَبُوا يَنْظُرُوا إِذَا الْقَوْلُ قَوْلُ عُمَرَ، وَإِذَا هُوَ أَحْفَظُ لِذَلِكَ مِنْهَا. قَالَ فَقَالَ: "يَا أُمَّه إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَضَعِي قَدَمَكِ عَلَى خَدِّي". قَالَتْ: "يَا بُنَيَّ وَمَا قُلْتُ؟ " قَالَ: "فَلَمْ يَزَلْ يَطْلُبُ إِلَيْهَا حَتَّى وَضَعَتْ قَدَمَهَا عَلَى خَدِّهِ".
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: "جَمَعَ أَبُو حَازِمٍ نَاسًا مِنْ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَأَتَوْا عُمَرَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ، فَكَلَّمَهُ أَبُو حَازِمٍ فِي أَنْ يُخَفِّفَ عَنْ نَفْسِهِ مما حمل عليها من الْعِبَادَةِ"، قَالَ فَقَالَ: "إِنِّي لَأَسْتَقْبِلُ اللَّيْلَ فَيَهُولُنِي فَإِذَا قَرَأْتُ الْقُرْآنَ أَصْدَرْتُهُ{ أنهيت قراءته} لَوْ أَوْرَدْتُهُ{ أعدت قراءته} أُخْرَى، وَإِنَّ اللَّيْلَ لَيَنْقَضِي وَمَا بَلَغْتُ حَاجَتِي".
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ [أَبِي] إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الجبَّار، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعَ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: "لَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُ عُمَرَ بْنِ الْمُنْكَدِرِ دَعَوْا لَهُ أَبَا حَازِمٍ وَقَدْ كَانَ جَزِع{ نفض صبره من شدة الوجع الذي نزل به} فَقَالَ: لَهُ أَبُو حَازِمٍ فِي ذَاكَ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَبْدُوَ لِي مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ أَكُنْ أَحْتَسِبُ قَالَ نَافِعٌ :الْآيَةُ كَانَتْ تُسْهِرُهُ أَوْ تُقْلِقُهُ، وَكَانَ وَرِعًا مُتَعَبِّدًا".
ـ الطبقات الكبرى لابن سعد البصري البغدادي ـ