سنة تسع وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة (949) هـ
وَفِي صبح يَوْم الثُّلَاثَاء من جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وأرعين كَانَ مولد سيدنَا ومولانا الشَّيْخ الْكَبِير وَالْعلم الشهير الْوَلِيّ الْعَارِف بِاللَّه شمس الشموس شهَاب الدّين أَحْمد بن الشَّيْخ القطب شيخ بن عبد الله بن الشَّيْخ القطب الْغَوْث عبد الله العيدروس أبقاه الله تَعَالَى آمين وتاريخ ذَلِك الْعَام يجمعه ولي الله شمس الشموس وَجعل هَذَا التَّارِيخ الْوَالِد وَأَنْشَأَ فِي مولده قصيدة ... لله حمدي بمولود ... طالعه سعد السُّعُود
أمحمد مُحَمَّد مَحْمُود ... عبد الآله المعبود
فَوق الْخَلَائق يسود ... بِفضل ربه يجود
يُعْطِيهِ ربه امان ... من كل حَاسِد ظمان
يفهم مَعَاني الْقُرْآن ... والمعرفة والبرهان
بِالْقَلْبِ والترجمان ... دَائِم وَهُوَ فِي شُهُود
تَارِيخه خطى ولد ... حصنت روحه بالأحد
وَقل هُوَ الله اُحْدُ ... مَحْفُوظ بِاللَّه الصَّمد
ملحوظ من عين الْأَبَد ... عناية الله الْوَدُود
يَا حَافظ أحفظ أَحْمد ... قَوْله وَفعله يحمد
وَفِي العراقب يرشد ... وَسَوْطه وَأحمد
والعيدروس الممجد ... نفحه لطفل مولودج ...
أحد أَوْلَاد الْوَالِد من السيدة الطاهرة فَاطِمَة بنت الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن ابْن عَليّ وشقيق أَخِيه علد الله كِلَاهُمَا نجل ذَلِك السَّيِّد الْكَرِيم وشبل ذَلِك الْأسد الْعَظِيم نَشأ بتريم وَدخل الْهِنْد فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة لزيارة وَالِده ثمَّ رَجَعَ إِلَى حَضرمَوْت معاوداً لوطنه وتجديد المعاهدة وَدخل الْهِنْد مرّة ثَانِيَة فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَبَقِي بهَا إِلَى الْآن ورزق الْقبُول الْعَظِيم من النَّاس وَصَارَ لَهُم فِيهِ أعتقاد وَرويت عَنهُ كرامات وَحصل لَهُ حَال غيبه عَن إحساسه وَقلت فِيهِ شعر ... أَيهَا الشهَاب المفدى ... أَنْت هُوَ الْفَرد الأوحدا
أَعْطَاك الْمُهَيْمِن منحا ... تفوق الْمنح وأزيد
الله أقامك مقصدا ... يَا فوز من لَك يقصدا
تهن بالشهود ذِي نلته ... فيا سعد من لَك يشهدَا
أتيت مراتباً بَعْضهَا إِذا نالها الشَّخْص سُودًا
فَبين الْأَوْلِيَاء بأسرهممقامك الأحمد يَا أحمدا ...
وَمَا أحسن قَول العللامة حميد بن عبد الله السندي فِيهِ ... الله أَتَاك فضل الْعلم وَالْعَمَل ... يَا أَحْمد الْخلق هَذَا غاي الأمل
مواهب لَك دون النَّاس قد خبئت فِي لوحك الْمُودع الْمَحْفُوظ فِي الْأَزَل
لله فِي الْخلق أسرار تدق وَلَا ... نكر إِذا أجمع السرَار فِي رجل
فَمن يساميك لَا ينفيك مستفلا ... وَأَنت أَنْت على رغم الحسود على
وَأَنت فِي الْفضل بَحر لَا أنتهاء لَهُ ... وَأَنت أشبه وَقت الْحلم بالحبل
والخلق مِنْك حكته رَوْضَة أنق ... تغتر أكمامها فِي زهرها الخضل
وَلم تكن عنْدك الدُّنْيَا لَهَا خطر فَلَيْسَ أهمالك الدُّنْيَا من الخطل
لَو أَن زهرتها مِنْك فِي الْكَتف وَقد ... سَأَلتهَا كنت تعطيها وَلم تسل
عَطاء من لم يضيق صَدرا بقلتها وَلَا بكثرتها تلقيه ذَا جذل
وَقد صفا الْقلب مِنْهُ عَن تكدرها ... لما تولاه قطب الْوَقْت خير ولي
شيخ الشريف ابْن عبد الله وَالِده ... فَهُوَ العريق إِذا فِي السَّادة الكمل
أطَاع خالقه فالخلق أجمعها ... فِي طوعه لم تحل عَنهُ وَلم تزل
وَكم لَهُ من كرامات قد أشتهرت ... فِي الشرق والغرب ايضاً شهرة الْمثل ...
..رَبًّا وهذب أَقْوَامًا وأرشهدهم ... فَصَارَ طبعهم مَا فِيهِ من ميل
فَأَصْبحُوا كلهم أَعْيَان وقتهم ... زأنت إِنْسَان تِلْكَ الاعين النجل
لله دَرك أَخْلَاقًا عرائسها ... تحلى محاسنها فِي أَفْخَر اللل
بقيت بَحر فيوض من جواهره ... تبدي تصاريف قد أضحى بِهن ملي
ودمت بِالْعلمِ مَشْغُولًا وملتهياً ... عَمَّا يعانيه أهل اللَّهْو من شغل
ودمت تجلى بِحِفْظ قد حفظت بِهِ ... حُدُود مِلَّة جدك خَاتم الرُّسُل
أزكى الصَّلَاة عَلَيْهِ وَالسَّلَام مَعًا ... والآل مَاعِز ذُو شرف وَصَارَ ولي ...
-النور السافر عن أخبار القرن العاشر-لمحي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس.