محمود القاضي
بقوجه افندي
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
وَمن الْعلمَاء فِي زَمَانه الْمولى مَحْمُود القَاضِي بِمَدِينَة بروسا ولد رَحمَه الله بِموضع يُقَال لَهُ سُلْطَان اوكي وَقَرَأَ على عُلَمَاء زَمَانه الْعُلُوم الْعَرَبيَّة والشرعية وَالتَّفْسِير والْحَدِيث وبرع فِي كل مِنْهَا ثمَّ استقضاه السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي بِمَدِينَة بروسا وَكَانَ قَاضِيا بهَا مُدَّة كَبِيرَة وَكَانَ رجلا عَالما صَالحا تقيا متورعا مرضِي السِّيرَة فِي قَضَائِهِ وَلِهَذَا كَانَ النَّاس يحبونه محبَّة شَدِيدَة وَكَانَ شَيخا هرما وَلِهَذَا سموهُ بقوجه افندي رُوِيَ انه لما زوج السُّلْطَان مُرَاد بنت ابْن الامير كرميان لِابْنِهِ السُّلْطَان بايزيد خَان ارسل الْمولى الْمَذْكُور مَعَ جمع كثير من الامراء الْكِرَام والخواقين الْعِظَام وَجعل الْمولى الْمَذْكُور رَئِيسا لهَؤُلَاء الْجَمَاعَة وارسله مَعَهم وَكَانَ للْمولى الْمَذْكُور ولد اسْمه مُحَمَّد وَكَانَ عَالما فَاضلا الا انه مَاتَ فِي سنّ الشَّبَاب وأعقب ولدا اسْمه مُوسَى باشا وَهُوَ حصل فِي بِلَاده بَعْضًا من الْعُلُوم وَلما سمع صيت الْعلم فِي بلادالعجم عزم ان يذهب اليها لتَحْصِيل الْعلم لكنه كتم الْعَزْم عَن اقاربه وفطنت لذَلِك اخته فَوضعت بَين كتبه شَيْئا كثيرا من حليها ليستعين فِي ديار الغربة فارتحل الى بِلَاد الْعَجم وَقَرَأَ على مَشَايِخ خُرَاسَان ثمَّ ارتحل الى مَا وَرَاء النَّهر وَقَرَأَ على علمائها ايضا وَحصل هُنَاكَ علوما كَثِيرَة وَبلغ من مَرَاتِب الْفضل اعلاها واشتهرت فضائله وَبعد صيته وَدَار على الالسنة ذكره ولقبوه بقاضي زَاده رومي واتصل بِخِدْمَة ملك سَمَرْقَنْد وَهُوَ الامير الاعظم الغ بك ابْن شاه بن الامير تيمور وَاقْبَلْ الامير الْمَذْكُور عَلَيْهِ اقبالا عَظِيما وقرا عَلَيْهِ بعض الْعُلُوم وَكَانَ الامير الْمَذْكُور محبا للعلوم الرياضية فَقَرَأَ عَلَيْهِ من الْعُلُوم الرياضية كتبا كَثِيرَة واعتنى هُوَ بالرياضة اشد اعتناء حَتَّى برع فِيهَا وفَاق على أقرانه بل على من تقدمه وَشرح اشكال التأسيس فِي الهندسة فِي سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة وَشرح كتاب الجغمني فِي الْهَيْئَة فِي سنة ارْبَعْ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَاعْتذر فِي خطبَته عَن ترك وَطنه وإقامته بسمرقند وَقَالَ ... وَلَا عيب فيهم غير ان ضيوفهم ... تلام بنسيان الاحبة والوطن ...الشريف وَلم تحصل الْمُوَافقَة بَينهمَا فَترك درسه وَقَالَ السَّيِّد الشريف فِي حَقه غلب على طبعه الرياضيات وَقَالَ هُوَ فِي حق السَّيِّد الشريف هولا يقدر على الافادة لي فِي الْعُلُوم الرياضية ثمَّ إِنَّه طالع شرح المواقف للسيدالشريف ورد كثيرا من موَاضعه لكنه لم يكْتب بل أَشَارَ فِي حَاشِيَة الْكتاب الى تِلْكَ الْمَوَاضِع بِحَلقَة رسمها بالقلم وَالْعُلَمَاء فِي بِلَاد الْعَجم يمْتَحنُونَ الطلاب بِالْوُقُوفِ على مَا قَصده من الرَّد ويحكى انه كَانَ فِي بَلْدَة سَمَرْقَنْد مدرسة مربعة لَهَا حجرات كَثِيرَة وَوَضَعُوا فِي كل ضلع مِنْهَا مَوضِع درس وعينوا لكل مَوضِع مِنْهَا مدرسا رئيسيهم الْمولى الْمَذْكُور وَكَانَ من عَادَتهم ان المدرسين مَعَ طلبتهم يَجْتَمعُونَ عِنْد الْمولى الْمَذْكُور فيقرؤن عَلَيْهِ الدَّرْس ثمَّ يذهب الْمولى الْمَذْكُور الى منزله فيدرس كل مدرس فِي مَوضِع عين لَهُ وَكَانَ يحضر الامير الغ بك فِي بعض الاحيان درس الْمولى الْمَذْكُور وَاتفقَ ان عزل الامير الْمَذْكُور وَاحِدًا من هَؤُلَاءِ المدرسين فَترك الْمولى الْمَذْكُور اياما فَظن الغ بك انه وَقعت لَهُ عارضة مزاجية فَذهب الى بَيته لعيادته فَإِذا هُوَ صَحِيح فَسَأَلَهُ عَن سَبَب تَركه الدَّرْس مُنْذُ أَيَّام فَقَالَ اني خدمت بَعْضًا من مَشَايِخ الصُّوفِيَّة فأوصاني ان لَا اتولى المناصب الدُّنْيَوِيَّة الا منصبا لَا يعْزل صَاحبه عَنهُ عَادَة فَكنت ظَنَنْت الان ان التدريس كَذَلِك فَلَمَّا علمت انه يعْزل صَاحبه عَنهُ تركته فَاعْتَذر الامير الغ بك عَن فعله وتضرع اليه فِي قبُول التدريس وَأعَاد الْمدرس الَّذِي عَزله الى مقَامه وَحلف ان لَا يعْزل بعد ذَلِك مدرسا اصلا فَقبل الْمولى الْمَذْكُور التدريس ثمَّ ان الامير الغ بك قصد رصد الْكَوَاكِب لما رأى من الخللل فِي ارصاد الْمُتَقَدِّمين فرتب مَكَان الرصد بسمرقند فتولاه اولا غياث الدّين جمشيد فَلم يلبث الا قَلِيلا حَتَّى مَاتَ ثمَّ تولاه قَاضِي زَاده الرُّومِي فتوفاه الله تَعَالَى قبل اتمامه وأكمله الْمولى عَليّ بن مُحَمَّد القوسجي وستجيء تَرْجَمته تغمدهم الله تَعَالَى بغفرانه
الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية - المؤلف: عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ.