حسين بن موسى بن محمد التركماني الدمشقي
ابن حسن تركماني
تاريخ الوفاة | 1132 هـ |
مكان الوفاة | دمشق - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
حسين بن موسى باشا ابن محمد المعروف بابن حسن تركماني التركماني الأصل الدمشقي الميداني أحد كبراء الجند بدمشق وأعيانهم وسراتهم الأمير السخي الجواد الممدوح كان من رؤساء الأجناد وكبراء أوجاق الينكجرية المشار اليهم موصوفاً بأحسن الأوصاف ومنعوتاً بأجمل الأخلاق يكرم الأفاضل والأدباء بالجوائز الحسنة ومع هذا كان عالي الشأن والقدر وصار كتخدا جند الأوجاق المذكور واشتهر وشاع صيته وهو وأسلافه لهم قدمة في الرياسة وكانوا في الجملة زينة المواكب وطنت حصاتهم في الآفاق وربما كانوا مع توابعهم ولواحقهم وأقاربهم يقاربون ربع العسكر ودارهم في محلة باب المصلى من الدور العظيمة وأعطاهم الله القبول حتى نالوا وكثرت دولتهم ولم يزالوا في عز وجاه حتى فاق لهم الزمان وغدر بهم وفاجاهم بالمحن والرزايا ونسخ آياتهم ورض بنيان عزهم ومجدهم وجعلهم مندبة الأيامى ومجنة اليتامى وفضل منهم بقية نالوا بعض الرفعة ثم أودى بهم الدهر إلى أن قتلوا في فتنة اليرليه في زمن الوزير أسعد باشا ابن العظم حاكم دمشق وأمير الحاج والآن البقية منهم من آحاد الناس وكان موسى باشا والد المترجم بعد تنقله في مناصب الأجناد صار أميراً على الحج وحج في الناس سنتين متتابعتين وتولى امارة عجلون وفوضت إليه حكومتها ثم في ثاني سنة من امارته على الحج وقعت الفتنة والواقعة مع الأمير حمد بن رشيد أمير بلاد حوران حين نهب الحج بالعود فقتل موسى باشا في المعمعة وكأنت قتلته في سنة احدى وثمانين وألف وبقي ابن رشيد بعده مدة والطلب واقع عليه فلم يظفر به واتفق ان المقادير ساقته لأجله برحلة وقعت له إلى نواحي بغداد نزل بها عند رجل غدر به فمات وكان قتله في سنة تسعين وألف ثم ان المترجم نشأ مكتسباً للكمال والأدب وتنقل على عادتهم في الأوجاق وصار كتخدا الجند وتكرر ذلك له وكان مع ذلك فاضلاً أديباً لوذعياً شاعراً منشياً عارفاً له كمال وأدب واطلاع وينظم الشعر الباهر ومن شعره ما كتبه للشيخ محمد بن عيسى الكناني شيخ الخلوتية بدمشق وهو قوله
أنعم صباحاً أيهذا المقتدى ... بكل خير فالسعود قد بدا
ودم على نهج التقى محترما ... مكرماً وسيداً مؤيدا
كوكبك الميمون ضاء نوره ... من دونه ضاء سناء وقدا
أعنى العزيز ابن العزيز سيدي ... وعمدتي وعدتي حمدا
ابن الامام الجهبذ الذي حوى ... كل كمالات الهدى وأرشدا
مولاي عيسى من عطى ولاية ... ورتبة عالية وسؤددا
من شاع بين العالمين ذكره ... وفضله ويمنه ولا سدا
أقسم بالله العظيم انني ... لمغرم في حبه على المدا
هو أطل الرحمن تغشى قبره ... والروح والريحان ينمو سرمدا
فتى له الفضل كذا طريقه ... انجابه محمداً وأحمدا
منها
يا منهج الصدق ويا بحر الوفا ... يا من تسامى بالرشاد وارتدى
مدحك لا يحصى واني قاصر ... عن شرحه اذ منتهاه مبتدا
فامنح أخاك سيدي بدعوة ... صالحة وكن بها لي منجدا
لا زلت للأخوان كهفاً مانعا ... ومنهلاً عذباً سما وموردا
واسلم على مر الزمان مرشدا ... ما العندليب في الرياض غردا
وكتب إليه في ذيلها من نظمه أيضاً
تحية المخلص في الوداد ... حسين راجي نفحة الامداد
فان أجاز نظمه القبول ... فذاك والله هو المسؤل
مع الرجا بالعفو عن قصوره ... وعن تجافيه وعن كسوره
والحمد لله على السراء ... في كل حال وعلى صراء
وصل يا ربي على خير الورى ... محمد نبينا عالي الذرى
ومن شعره قوله مخمساً أبياتاً لبعض الأندلسيين
ومذ زادت أشواقي لنادي تهامة ... وبان اصطباري عن تلافي اميمة
شممت شذا اقبالها من نسيمة ... ولما تلاقينا على سفح رامة
وجدت بنان العامرية أحمرا
فما بال محزون الحشاشة والجوى ... ومن فرقة الأحباب للهم قد حوى
فقالت يرى خضباً وقد شفه الهوى ... ولكنني لما ألم بي النوى
بكيت دماً حتى بللت به الثرى
رويدك لا بالعتب تؤذي مسامع ... فسمعي أصم عنه ليس بسامع
فيوم القلاد معي جرى كالمشارع ... مسحت بأطراف البنان مدامعي
فعادت خضاباً بالكفوف كما ترى
لعمرك اني بين قومي كريمة ... اصول اصولي الزاكيات شهيرة
ولم ير من عاهدت في مريبة ... فلم سئت طنأبي واني بريئة
من الظن فارجع لا يغرك افترا
وله من أبيات قوله
الأهل لظل من سعاد ظليل ... وهل في رباها للمشوق مقيل
وهل نهلة من نهلة طاب ورده ... لدفع صدى الصادي يرد غليل
وشوقاً إلى سلمى ومغنى جمالها ... فهل لا إلى تلك الربوع بسبيل
بليلي ولبني ثم دعد وحاجر ... ونعمي ومي لا تخله يزول
بثنية مع سعدى هما الغيد والمها ... لهن وداد لست عنه أحول
فزينب حبي والرباب سميرتي ... لهم زادت أشواقي وعز وصول
لقد حرمت عيناي طول رقادها ... وناهيك ليل المغرمين طويل
ألم يأن للأحباب أن يرحمونني ... لمن في سويداه اللهيب جزيل
فما كل من قد يعي الحب صادق ... ولا كل خدن للعثار مقيل
وهي طويلة وكتب إلى الشيخ محمد بن عيسى المذكور في أول الترجمة مؤرخاً يهنيه بعد خروجه من خلوته بقوله
يا اماماً تهنى في خلواتك ... وتمتع بالسعد في جلواتك
يا سقى الله غيث رحماه ناد ... فيه نشر القبول من أوقاتك
ورعى الله خلوة بك زأنت ... زانها الفضل والتقى من سماتك
يا ابن من قد رقى مقاماً علياً ... كملت منه نرات صفاتك
نظرة منك يبتغيها محب ... فعساه يمد من نفحاتك
ليس يدعي لنظرة هي تسقي ... ظمأي من رحيق فيض فراتك
دمت في نعمة من الذكر تسمو ... وليكن في الأمان تاريخ ذاتك
وله غير ذلك من النظم والنثر وفي سنة ست عشرة ومائة وألف صار كتخدا جند الينكجرية فمدحه يهنيه عند ذلك الأديب عبد الحي ابن الطويل المعروف بالخال بقوله ومطلع القصيدة
لاموا ولكنهم لو عاينوا عذروا ... بل انهم عجلوا في اللوم ما صبروا
والله لو شاهدوا أوصافه وجموا ... عن نطق ميم ملام فيه وانبهروا
هذا الذي فعلت أسياف مقلته ... فعل المنايا إذا ما صادف القدر
عجبت من فعل الحاظ له فتكت ... مع ان أجفانه من نظرتي انكسروا
لا سومحت أعين للغيد انهم ... جاروا على القلب لما نحوه نظروا
كجور دهري الذي آراؤه انعكست ... كأنما قد غدا في سفله البصر
إذ الاسافل ملحوظون فيه بما ... يسرهم والأعالي عيشهم كدر
ابن اللئام من الانعام مشتهر ... وابن الكرام من الاعدام مستتر
فذاك أمواله أنسته فطرته ... وذا أماليه منها القلب ينفطر
سبحانه لا اعتراض في ارادته ... ولا على فعل هذا الوقت مصطبر
لكن ذكرى لجور الدهر تسلية ... لمن له الدهر والأيام قد غدروا
يا دهر اذ لم تباين عنك فاقره ... أشكوك مولى إليه أنت تفتقر
الكامل الندب من أوصافه اشتهرت ... في الكون حتى غدت تتلى وتستطر
الأريحي الذي فاقت مكارمه ... سيل التلاع ومنها يستحي المطر
اللوذعي ذكي القلب طيبه ... الألمعي الذي ألفاظه درر
طلاع طود المعالي حين تقصر عن ... صعوده الصيد والأوهام والفكر
سهل العريكة دارت حوله أسد ... كأنه الماء قد حفت به الشرر
ان قيل من ذا الذي تعني أقول لهم ... حسين ابن الموسى الباسل الذمر
سليل قوم بنوا للمجد أبنية ... تعلو على الشمس اذ من دونها القمر
ما قصروا في اكتساب المكرمات ولا ... تمهلوا بل على نيل العلى اقتصروا
هم الكماة السراة الصيد ان وعدوا ... وفوا وعفوا إذا ما شمتهم قدروا
ونشر طيب ثناهم دائماً أبداً ... كالمسك والمدح فيهم طيب عطرمنها
على منها كبهم سمر مثققة ... ترى المنايا بها للعمر تنتظر
وفي أكفهم بيض إذا لمعت ... انستك لمع بريق الغور ان شهروا
ترى المذاكي لهم من تحتهم ضبح ... كنفخة الصورى لما تبعث الصور
وامتدحه غيره من الأدباء وبينه وبينهم كأنت مراسلات شعرية أدبية ومطارحات ومدائح سنية فلا حاجة للتطويل ولم يزل المترجم لمناهج أسلافه يقتفي ماجداً أديباً ممدوحاً جواداً رئيساً حتى توفي وبالجملة فقد كان من رؤساء الأجناد أرباب المعارف ونبل بيتهم وسراج ليلهم وصبح دجاهم وغرة وجههم وكأنت وفاته في سابع شعبان سنة اثنين وثلاثين ومائة وألف ودفن بتربة مسجد النارنج بالميدان رحمه الله تعالى.
سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل.